1/01/2023

26/03/2024_kh

01/12/2021

khaled_flare

02/06/2022_hema

29/05/2022_fareed

fareed_02/02/2024

END_shaher_08/02/2024

29_02_2023

Ah_k_n_06_08_2023

END_tusk_04/01/2024

hossam_02_03_2023

END_vista_04/03/2024

END 14/4/2024

END 20/03/2024_9699

END_26/04/2024

END 3/04/2024

Kamal_Kahraba-END 12/04/2024

-END 17/04/2024

25/01/2022

QueenSro

06_08_2023_Ah_k_n

END_tusk_04/01/2024

9699_20_03_2024

END_Ibrahim_Abde_05/02/2024

END14/4/2024

END_14/04/2024

END_26/04/2024

END 3/04/2024

END golden_17/04/2024

 الـجـروب الـرسـمى لـلـمـنـتـدى FaceBook | Official Group 


شـريـط الاهـداءات


بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود [ هذا القسم مخصص لمختلف المواضيع البعيدة كليا عن مجال الألعاب ]

موضوع مغلق
قديم 24-10-2013, 02:34 AM   #1

GeneralPu
عضو مميز



الصورة الرمزية GeneralPu


• الانـتـسـاب » Jun 2012
• رقـم العـضـويـة » 101701
• المشـــاركـات » 771
• الـدولـة » Mansoura
• الـهـوايـة » Drugs :D
• اسـم الـسـيـرفـر » Gemini
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 1046
GeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـع

GeneralPu غير متواجد حالياً

1511  



(2) المخابرات والجاسوسية ( خاص بالمسابقة)






يشرفني ان اقدم لكم الموضوع الخاص بمسابقة افضل موضوع ويتكلم عن .....

المخابرات والجاسوسية


المخابرات العامة المصرية



تاريخ الإنشاء :

أنشئ الجهاز بعد ثورة يوليو 1952 لكي ينهض بحال الإستخبارات المصرية، فأصدر الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر (1918 - 1970) القرار بإنشاء مخابرات في عام 1954 وأسند إلى زكريا محي الدين مهمة إنشاء جهاز مخابرات قوي لحماية الأمن القومي المصري. ولكن البداية الحقيقية له كانت مع تولي صلاح نصر رئاسته عام 1957 حيث قام بتأسيس مخابرات قويه واعتمد على منهجه من جاؤوا من بعده، وقد قام بإنشاء مبنى منفصل للجهاز وإنشاء وحدات منفصلة للراديو والكمبيوتر والتزوير والخداع لتغطية نفقات عمل الجهاز الباهظة في ذلك لوقت.وتكون تبعية الجهاز لرئيس الجمهوريه مباشره.

قام صلاح نصر بإنشاء "شركة النصر للإستيراد والتصدير" لتكون ستارا لأعمال المخابرات المصرية، بالإضافة إلى الاستفادة منها في تمويل عملياته. بمرور الوقت تضخمت الشركة واستقلت عن الجهاز وأصبحت ذات إدارة منفصلة ولكن من الواضح أن المخابرات المصرية تملك شركات أخرى داخل مصر أغلبها للسياحة والطيران والمقاولات.

حتى وقت قريب كانت تعتبر شخصية رئيس المخابرات المصرية سرية وغير معروفة إلا لكبار قيادات الجيش ولرئيس الجمهورية بالطبع، الذي يقوم بتعيينه بقرار جمهوري، ولكن قام الرئيس الحالي اللواء عمر سليمان بكسر هذا التقليد حيث أعلنت الصحافة اسمه عدة مرات قبل أن يصبح شخصية معروفة بعد مصاحبته للرئيس مبارك في جولاته إلى فلسطين والولايات المتحدة.

رؤساء المخابرات العامة منذ إنشائها :
زكريا محيي الدين 1954 - 1954
علي صبري 1954 - 1957
صلاح نصر 1957 - 1967
أمين هويدي 1967 - 1970
محمد حافظ إسماعيل 1970
أحمد كامل 1970 - 1971
أحمد إسماعيل علي 1971 - 1972
(رئيس مجهول) 1972 - 1978
محمد سعيد الماحي 1978 - 1981
فؤاد نصار 1981 - 1983
رفعت عثمان جبريل 1983 - 1986
كمال حسن علي 1986 - 1989
عمر نجم 1989 - 1991
نور الدين عفيفي 1991 - 1993
عمر سليمان 1993 - إلى الآن.

حالة الهيئة الحالية :

بالرغم من توقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، إلا أن المخابرات العامة المصرية تكشف جواسيس يعملون لصالح إسرائيل داخل مصر، إلا أن إسرائيل لا يحدث فيها العكس.




الجواسيس

1- رفعت الجمال




لم يتوقع احد تلك العاصفة التى هبت داخل اسرائيل بحثا وسعيا لمعرفة حقيقة الشخصية التى اعلنت المخابرات العامة المصرية عام 1988 بانها قد عاشت داخل اسرائيل لسنوات طوال امدت خلالها جهاز المخابرات المصرى بمعلومات مهمة كما انها شكلت وجندت داخل المجتمع الاسرائيلى نفسه اكبر شبكه تجسس شهدتها منطقة الشرق الاوسط.
وكان اسم (رأفت الهجان) هو الاسم المعلن البديل للمواطن المصرى المسلم (رفعت على سليمان الجمال) ابن دمياط والذى ارتحل الى اسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية عام 1954 حاملا روحه على كفة.

وحقق الجمال نجاحات باهرة وبه استطاعت المخابرات المصرية ان تثبت عمليا كذب اسطورة التالق التى تدعيها اسرائيل لجهاز مخابراتها.
وفور اعلان القاهرة لهذة العملية المذهلة طالبت الصحفية الاسرائيلية "سمادر بيرى" - فى موضوع نشرته بجريدة يدعوت احرونوت الاسرائيلية - آيسر هريتيل مدير المخابرات الاسرائيلية فى هذا الوقت ان ينفى ما اعلنته المخابرات المصرية واكدت لمدير المخابرات الاسرائيلية ان هذة المعلومات التى اعلنتها القاهرة تثبت تفوق المخابرات العربية المصرية فى اشهر عملية تجسس داخل اسرائيل ولمدة تقرب من العشرين عاما.

واستهدفت الصحفية من نشر هذا الموضوع عرض الحقيقة كاملة ، حقيقة ذلك الرجل الذى عاش بينهم وزود بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب يونيو 1967 وكان له دور فعال للغاية فى الاعداد لحرب اكتوبر 1973 بعد ان زود مصر بادق التفاصيل عن خط برليف ، كما انه كون امبراطورية سياحية داخل اسرائيل ولم يكشف احد امره .
وجاء الرد الرسمى من جانب المخابرات الاسرائيلية : ان هذة المعلومات التى اعلنت عنها المخابرات المصرية ما هى الا نسج خيال وروايه بالغة التعقيد .. وان على المصريين ان يفخروا بنجاحهم!

وبينما يلهث الكل وراء اى معلومة للتأكد من الحقيقة عن هذا المجهول المقيد فى السجلات الاسرائيلية باسم "جاك بيتون" بصفته اسرائيلى ويهودى ، نشرت صحيفة "الجيروزاليم بوست" الاسرائيلية موضوعا موسعا بعد ان وصلت الى الدكتور "ايميرى فريد" شريك الجمال فى شركتة السياحية "سي تورز" وبعد ان عرضوا علية صورة الجمال التى نشرتها القاهرة شعر بالذهول واكد انها لشريكة "جاك بيتون" الذى شاركه لمدة سبع سنوات وانه كان بجواره مع جمع كبير من صفوة المجتمع الاسرائيلى عندما رشح لعضوية الكنيست الاسرائيلى ممثلا لحزب "مباى" الاسرائيلى "حزب عمال الارض" ولكنه لم يرغب فى ذلك.

وفور ان فجرت صحيفة "الجيروزاليم بوست" حقيقة الجاسوس المصرى وانه شخصية حقيقية وليست من نسج خيال المصريين كما ادعى مدير الموساد حصلت الصحيفة ايضا على بيانات رسمية من السجلات الاسرائيلية مفادها ان "جاك بيتون" يهودى مصرى من مواليد المنصورة عام 1919 وصل الى اسرائيل عام 1955 وغادرها للمرة الاخيرة عام 1973 .
واضافت الصحيفة بعد التحرى ان "جاك بيتون" او "رفعت الجمال" رجل الاعمال الاسرائيلى استطاع ان ينشئ علاقات صداقه مع عديد من القيادات فى اسرائيل منها "جولدا مائير" رئيسة الوزراء ، و"موشى ديان" وزير الدفاع .

وخلصت الصحيفة الى حقيقة ليس بها ادنى شك :
"جاك بيتون" ما هو الا رجل مصرى مسلم دفعت به المخابرات المصرية الى اسرائيل واسمه الحقيقى "رفعت على سليمان الجمال" من ابناء مدينة دمياط بمصر.
وفور هذة المعلومات الدقيقة التقطت الصحف العالمية اطراف الخيط فقالت صحيفة "الاوبزرفر" البريطانية الواسعة الانتشار : ان "الجمال" عبقرية مصرية استطاع ان يحقق اهداف بلاده .. ونجح فى ان يعود الى وطنه سالما ويموت طبيعيا على فراشه.



ولد رفعت الجمال فى الأول من يوليو 1927 بمدينة طنطا وكان الأبن الأصغر للحاج على سليمان الجمال تاجر الفحم وكان له اخوين اشقاء هما لبيب ونزيهه اضافة الى اخ غير شقيق هو سامى، وكان والده يحمل لقب (أفندي) اما والدته فكانت من أسرة عريقة وكانت تتحدث الإنجليزية والفرنسية.

لم ينعم "رفعت" بوالده طويلا اذ توفى والده وهو بعد فى التاسعة من عمره عام 1936 وكانت شقيقته نزيهه فى الحادية عشر ولبيب فى الثالثة عشر، اما سامي فكان فى الثالثة والعشرين، ولم يكن لهم اى مصدر للرزق فاتفق الاعمام والعمات على حل كان منطقيا فى هذة الظروف وهو ان يلتحق الصبيين (رفعت ولبيب) بورشة للنجارة حيث كانت مدينة دمياط منذ القدم وحتى الان مشهورة بصناعة الاخشاب الا ان الشقيق الاكبر سامى رفض الفكرة من اساسها واقترح ان ينتقل الاولاد الثلاثة وامهم معه الى القاهرة ليتعلموا فى مدارسها ويكفل لهم راتبه المتواضع حياه كريمة، وكان سامي مدرسا للغة الإنجليزية وكان مسئولا عن تعليم أخوة الملكة فريدة اللغة الإنجليزية.

وفى القاهرة التحقت نزيهة بمدرسة ثانوية للبنات والتحق لبيب بمدرسة تجارية متوسطة، اما رفعت فالتحق بمدرسة ابتدائية وبعد اتمامه لها التحق ايضا بمدرسة تجارية وكان وقتها يتقن التحدث باللغتين الانجليزية والفرنسية ، وبرغم محاولات سامى ان يخلق من رفعت رجلا منضبطا ومستقيما الا ان رفعت كان على النقيض من اخية سامى فقد كان يهوى اللهو والمسرح والسينما بل انه استطاع ان يقنع الممثل الكبير بشارة وكيم بموهبته ومثل معه بالفعل في ثلاثة افلام.

وفي عام 1943 تزوجت نزيهة من الملازم اول احمد شفيق في حين سافرت امه الى دكرنس للإقامة مع أخوها ليجد رفعت نفسه محروما فجأة من امه وأخته التى كان يحبها كثيرا، ووجد نفسه فجأة مطالبا بتحمل أعباء نفسه ومن ثم وعلى سبيل الإحتجاج رسب عمدا فى امتحان العام الدراسي الثالث بمدرسته التجارية وفي هذا الوقت تزوج شقيقه سامي من ابنه محرم فهيم نقيب المحامين فى ذلك الوقت، في حين انشغل لبيب بعمله، ولما كان هناك ملاحق للراسبين فى الامتحان النهائي ومع ثورة الجميع على رفعت ومطالبته بالنجاح في الملاحق الا انه كان مصرا .. ورسب للمرة الثانية.

وفي العام التالي نجح رفعت فى الامتحان ولم يعد امامه الا عام واحد على التخرج وبالفعل تخرج في عام 1946 فى الوقت الذى كان فيه قد انضم الى عالم السينما.
الا انه احس ان الوقت قد حان لكي ينتقل لمجال آخر، وربما كان يريد وقتها الهروب من (بيتي) تلك الراقصة التى تعرف عليها، فتقدم بطلب لشركة بترول اجنبية تعمل بالبحر الأحمر للعمل كمحاسب واختارته الشركة برغم العدد الكبير للمتقدمين ربما نظرا لإتقانه الإنجليزية والفرنسية، وانتقل بالفعل الى رأس غارب حيث بقى لمده خمسة عشر شهرا تعلم خلالها كل ما امكنه عن اعمال البترول واقام علاقات متعدده مع مهندسين اجانب، وفي هذه الأثناء توفيت والدته بدكرنس.

وفي عام 1947 قرر رئيسه نقله الى المركز الرئيسي بالقاهرة ولما كان لا يرغب في العودة الى القاهرة آنذاك إذ انه لن يستطيع ان يكون قريبا من أخته نزيهة وأبناءها وفي الوقت نفسه لا يستطيع رؤيتها مع سوء علاقته بزوجها فقد رفض الترقية.
وانتقل الى الإسكندرية للعمل في شركة كيماويات كان رئيسها قد فاتحه أكثر من مرة للعمل لديه، وسر منه صاحب الشركة كثيرا نظرا لإجتهاده وكان يعامله كإبن له وهو الشئ الذى كان يفتقده رفعت كثيرا.

وفي عام 1949 طلب منه صاحب الشركة السفر الى القاهرة لأنه غير مطمئن للمدير هناك وطلب منه مراجعه اعماله.
وسافر رفعت الى القاهره وراجع اعمال مدير الفرع فلم يجد ما يثير الريبه وتسلم منه الخزانه وراجع ما فيها دون ان يدري انه يمتلك مفتاحا ثانيا لها، وفي اليوم التالي اكتشف ضياع الف جنيه من الخزانه واصبح هو من الناحية الرسمية المسئول عن ضياع المبلغ، واتصل مدير الفرع برئيس الشركة بلإسكندرية وابلغه انه عثر على المبلغ في غرفته وهو ما لم يحدث، وعاد رفعت الى الإسكندرية وقال له رئيسه انه يصدقه لكنه لا يستطيع الإبقاء عليه فى وظيفته تجنبا لإجراء اى تحقيقات رسمية لكنه ايضا رتب له عمل آخر مع صديق له يدير شركة ملاحه بحرية .. ولم يكن امام رفعت خيار اخر.







وبدأ رفعت العمل كمساعد لضابط الحسابات على سفينة الشحن "حورس"، وبعد أسبوعين من العمل غادر مصر لأول مرة في حياته على متن السفينة. وطافت "حورس" طويلا بين الموانئ؛ نابولي، جنوة، مارسيليا، برشلونة، جبل طارق، طنجة .. وفي النهاية رست السفينة في ميناء ليفربول الإنجليزي لعمل بعض الإصلاحات وكان مقررا أن تتجه بعد ذلك إلى بومباي الهندية.

ولما كان من المفترض أن تبقى السفينة لمدة ليست بالقصيرة في ليفربول فقد بدأ رفعت في أستكشاف المكان وتولت الأقدار أمر تعارفه بـ "جودي موريس" وهي فتاة انجليزية ذكرته كثيرا ببيتي التى كان يعرفها في مصر، غير أن جودي كانت تختلف كثيرا فقد كان والدها شخصية نقابية هامة في انجلترا.

ولما أصبحت "حورس" جاهزة للرحيل تمسكت جودي برفعت وطالبته بالبقاء معها لبعض الوقت لكنه لم يكن مستعدا لخسارة وظيفته أو البقاء في انجلترا بطريقة غير مشروعة، غير أن جودي أوضحت له أن كثيرا من البحارة يضطرون إلى إستئصال الزائدة الدودية وبذلك يتخلفون عن اللحاق بسفنهم وينتظرون إلى أن تعود مرة آخرى كما أن والدها يستطيع مساعدته في الحصول على تصريح إقامة ومن ثم أدعى رفعت الألم وأجرى عملية إستئصال الزائدة الدودية وهو لا يشكو حقيقة منها بأي ألم!

وعقب تماثله للشفاء التحق بالعمل لدى والد جودي في الميناء بعد أن رتب له الوالد تصريحا بالعمل.

وسارت الأمور طبيعية بعض الوقت إلى أن شعر رفعت أن الأمور تتطور في غير صالحه خاصة بعد أن تعلقت جودي به كثيرا وأعلنت صراحة رغبتها في الزواج منه، ولما كان قد أيقن أنها لا تصلح له كزوجه فقد أنتهز أول فرصة حينما عادت "حورس" إلى ليفربول ليودعها عائدا إلى حياة البحر.

وفي مارس 1950 عاد رفعت الجمال إلى مصر. عاد ليجد نفسه لم يتغير كثيرا فقد وجد نفسه كما رحل عنها؛ بلا أسرة أو عائلة. ولذلك لم يلبث أن رحل مرة آخرى على متن سفينة ترفع العلم الفرنسي. وبعد أربعة أيام من الإبحار وصلت السفينة إلى مارسيليا حيث واصل رفعت هوايته في إستكشاف الأماكن، ومن مارسيليا أنتقل إلى العاصمة الفرنسية باريس حيث واجه خطر الترحيل لأنه لم يكن يمتلك تأشيرة إقامة.

ومن باريس أستقل رفعت القطار إلى العاصمة الإنجليزية لندن زاعما أنه مضطر لاستشارة الطبيب الذى أجرى له استئصال الزائدة الدودية وحصل بموجب ذلك على تأشيرة دخول لمدة أسبوعين ولم يكن من الممكن بالنسبة إليه أن يكون في انجلترا دون أن يعرج على ليفربول لرؤية جودي التى بكت من الفرحة حينما رأته متصورة أنه عاد من أجلها.

وهناك ساعده قس مسيحي، كان قد طلب منه في زيارته الأولى لليفربول أن يعلمه ما يعرفه عن الإسلام، في الحصول على وظيفة جيدة في وكالة سفريات تدعى "سلتيك تورز".

وأظهر رفعت كفاءة كبيرة في عمله الجديد ونجح في إقناع رئيسه في محاولة الحصول على موافقة السفارة المصرية بلندن على أن تتولى "سلتيك تورز" تنظيم سفر الدبلوماسيين المصريين والحاصلين على منح دراسية من وإلى انجلترا وأقتنع رئيسه ونجح رفعت في مهمته وعاد إلى الوكالة بعقد مربح بلغت عمولته عنه 2000 جنيه استرليني وهو مبلغ رهيب بالنسبة لهذا الزمن.

وقبل أن تمر خمسة شهور على هذه الصفقة زادت أرباح وكالة السفريات وزادت مدخراته إلى 5000 جنيه استرليني وضعها في بنك أمريكان أكسبريس مقابل شيكات سياحية بنفس القيمة.

وفكر رفعت في تكرار تجربته مع السفارة المصرية في نيويورك وأقنع رئيسه بالفكرة وسافر بالفعل على الفور إلى نيويورك. لكنه لم يكن يعلم أنه لن يعود مرة آخرى




2- ايلى كوهين




الياهو بن شاؤول كوهين يهودي من اصل سوري حلبي، ‏ولد بالإسكندرية التى هاجر اليها احد اجداده سنة 1924.

وفي عام 1944 انضم ايلي كوهين الى منظمة الشباب اليهودي الصهيوني في الإسكندرية وبدا متحمسا للسياسة الصهيونية وسياستها العدوانية على البلاد العربية،‏ وفي سنة‏ وبعد حرب 1948 اخذ يدعو مع غيره من اعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين الى فلسطين وبالفعل في عام 1949‏ هاجر أبواه وثلاثة من أشقاءه إلي إسرائيل بينما تخلف هو في الإسكندرية ‏.‏

وقبل ان يهاجر الى اسرائيل عمل تحت قيادة إبراهام دار وهو أحد كبار الجواسيس الإسرائيليين الذي وصل إلى مصر ليباشر دوره في التجسس ومساعدة اليهود علي الهجرة وتجنيد العملاء‏،‏ واتخذ الجاسوس اسم جون دارلينج‏ وشكل شبكة للمخابرات الإسرائيلية بمصر نفذت سلسلة من التفجيرات ببعض المنشأت الأمريكية في القاهرة والإسكندرية‏ بهدف افساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية و في عام 1954 تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون، وبعد انتهاء عمليات التحقيق‏ كان أيلي كوهين قد تمكن من إقناع المحققين ببراءة صفحته إلي أن خرج من مصر‏ عام 1955‏ حيث التحق هناك بالوحدة رقم ‏131‏ بجهاز أمان لمخابرات جيش الدفاع الإسرائيلي‏ ثم أعيد إلي مصر‏ ولكنه كان تحت عيون المخابرات المصرية‏ التي لم تنس ماضيه فاعتقلته مع بدء العدوان الثلاثي ضد مصر في أكتوبر ‏1956.‏

وبعد الإفراج عنه هاجر إلي إسرائيل عام 1957‏,‏ حيث استقر به المقام محاسبا في بعض الشركات‏,‏ وانقطعت صلته مع "أمان" لفترة من الوقت‏,‏ ولكنها استؤنفت عندما طرد من عمله‏ وعمل لفترة كمترجم في وزارة الدفاع الإسرائيلية ولما ضاق به الحال استقال وتزوج من يهودية من أصل مغربي عام 1959.

وقد رأت المخابرات الإسرائيلية في ايلي كوهين مشروع جاسوس جيد فتم إعداده في البداية لكي يعمل في مصر‏,‏ ولكن الخطة ما لبثت أن عدلت‏,‏ ورأي أن أنسب مجال لنشاطه التجسسي هو دمشق‏.‏
وبدأ الإعداد الدقيق لكي يقوم بدوره الجديد‏,‏ ولم تكن هناك صعوبة في تدريبه علي التكلم باللهجة السورية‏,‏ لأنه كان يجيد العربية بحكم نشأته في الإسكندرية‏.‏

ورتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقه يبدو بها مسلما يحمل اسم كامل أمين ثابت هاجر وعائلته الى الاسكندرية ثم سافر عمه الى الارجنتين عام 1946 حيث لحق به كامل وعائلته عام 1947 وفي عام 1952 توفى والده في الارجنتين بالسكتة القلبية كما توفيت والدته بعد ستة اشهر وبقى كامل وحده هناك يعمل في تجارة الأقمشة.

وتم تدريبه على كيفية استخدام اجهزة الارسال والاستقبال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري كما راح يدرس في الوقت نفسه كل اخبار سوريا ويحفظ اسماء رجالها السياسيين والبارزين في عالم الاقتصاد والتجارة. مع تعليمه اصول الايات القرآنية وتعاليم الدين الإسلامي.

وفي‏ 3‏ فبراير ‏1961‏ غادر ايلي كوهين إسرائيل إلي زيوريخ‏,‏ ومنها حجز تذكرة سفر إلي العاصمة التشيلية سنتياجو باسم كامل أمين ثابت‏,‏ ولكنه تخلف في بيونس ايرس حيث كانت هناك تسهيلات معدة سلفا لكي يدخل الأرجنتين بدون تدقيق في شخصيته الجديدة‏.‏

وفي الارجنتين استقبله عميل اسرائيلي يحمل اسم ابراهام حيث نصحه بتعلم اللغة الاسبانية حتى لا يفتضح امره وبالفعل تعلم كوهين اللغة الاسبانية وكان ابراهام يمده بالمال ويطلعه على كل ما يجب ان يعرفه لكي ينجح في مهمته.

وبمساعدة بعض العملاء تم تعيين كوهين في شركة للنقل وظل كوهين لمدة تقترب من العام يبني وجوده في العاصمة الأرجنتينية كرجل أعمال سوري ناجح‏ فكون لنفسه هوية لا يرقى إليها الشك,‏ واكتسب وضعا متميزا لدي الجالية العربية في الأرجنتين‏,‏ باعتباره قوميا سوريا شديد الحماس لوطنه وأصبح شخصية مرموقة في كل ندوات العرب واحتفالاتهم‏،‏ وسهل له ذلك إقامة صداقات وطيدة مع الدبلوماسيين السوريين وبالذات مع الملحق العسكري بالسفارة السورية‏,‏ العقيد أمين الحافظ.

وخلال المآدب الفاخرة التي اعتاد كوهين أو كامل أمين ثابت إقامتها في كل مناسبة وغير مناسبة‏,‏ ليكون الدبلوماسيون السوريون علي رأس الضيوف‏,‏ لم يكن يخفي حنينه إلي الوطن الحبيب‏,‏ ورغبته في زيارة دمشق‏ لذلك لم يكن غريبا ان يرحل اليها بعد ان وصلته الاشارة من المخابرات الاسرائيلية ووصل اليها بالفعل في يناير ‏1962 حاملا معه الآت دقيقية للتجسس,‏ ومزودا بعدد غير قليل من التوصيات الرسمية وغير الرسمية لأكبر عدد من الشخصيات المهمة في سوريا‏,‏ مع الإشادة بنوع خاص إلي الروح الوطنية العالية التي يتميز بها‏,‏ والتي تستحق أن يكون محل ترحيب واهتمام من المسئولين في سوريا‏.‏

وبالطبع‏,‏ لم يفت كوهين أن يمر علي تل أبيب قبل وصوله إلي دمشق‏,‏ ولكن ذلك تطلب منه القيام بدورة واسعة بين عواصم أوروبا قبل أن ينزل في مطار دمشق وسط هالة من الترحيب والاحتفال‏.‏ و أعلن الجاسوس انه قرر تصفية كل أعماله العالقة في الأرجنتين ليظل في دمشق مدعيا الحب لوطن لم ينتمي اليه يوما.

وبعد أقل من شهرين من استقراره في دمشق‏,‏ تلقت أجهزة الاستقبال في أمان أولي رسائله التجسسية التي لم تنقطع علي مدي ما يقرب من ثلاث سنوات‏,‏ بمعدل رسالتين علي الأقل كل أسبوع‏.‏

وفي الشهور الأولي تمكن كوهين أو كامل من إقامة شبكة واسعة من العلاقات المهمة‏‏ مع ضباط الجيش و المسئولين الحربيين‏.‏
وكان من الأمور المعتادة أن يقوم بزيارة أصدقائه في مقار عملهم‏,‏ ولم يكن مستهجنا أن يتحدثوا معه بحرية عن تكتيكاتهم في حالة نشوب الحرب مع إسرائيل‏,‏ وأن يجيبوا بدقة علي أي سؤال فني يتعلق بطائرات الميج أو السوخوي‏,‏ أو الغواصات التي وصلت حديثا من الاتحاد السوفيتي أو الفرق بين الدبابة تي ـ‏52‏ وتي ـ‏54‏... الخ من أمور كانت محل اهتمامه كجاسوس.

وبالطبع كانت هذه المعلومات تصل أولا بأول إلي إسرائيل‏,‏ ومعها قوائم بأسماء و تحركات الضباط السوريين بين مختلف المواقع والوحدات‏.‏

وفي سبتمبر‏1962‏ صحبه أحد أصدقائه في جولة داخل التحصينات الدفاعية بمرتفعات الجولان‏..‏ وقد تمكن من تصوير جميع التحصينات بواسطة آلة التصوير الدقيقة المثبتة في ساعة يده‏,‏ وهي احدي ثمار التعاون الوثيق بين المخابرات الإسرائيلية والأمريكية.

‏ومع أن صور هذه المواقع سبق أن تزودت بها إسرائيل عن طريق وسائل الاستطلاع الجوي الأمريكية‏,‏ إلا أن مطابقتها علي رسائل كوهين كانت لها أهمية خاصة‏ سواء من حيث تأكيد صحتها‏,‏ أو من حيث الثقة في مدي قدرات الجاسوس الإسرائيلي‏.‏

وفي عام ‏1964,‏ عقب ضم جهاز أمان إلي الموساد‏,‏ زود كوهين قادته في تل أبيب بتفصيلات وافية للخطط الدفاعية السورية في منطقة القنيطرة‏,‏ وفي تقرير آخر أبلغهم بوصول صفقة دبابات روسية من طراز تي ـ‏54,‏ وأماكن توزيعها‏,‏ وكذلك تفاصيل الخطة السورية التي أعدت بمعرفة الخبراء الروس لاجتياح الجزء الشمالي من إسرائيل في حالة نشوب الحرب‏.‏

وازداد نجاح ايلي كوهين خاصة مع بإغداقه الأموال على حزب البعث وتجمعت حوله السلطه واقترب من ان يرشح رئيسا للحزب او للوزراء!.




وهناك اكثر من رواية حول سقوط ايلي كوهين نجم المجتمع السوري لكن الرواية الأصح هي تلك التى يذكرها رفعت الجمال الجاسوس المصري الشهير بنفسه..

"... شاهدته مره في سهرة عائلية حضرها مسئولون في الموساد وعرفوني به انه رجل اعمال اسرائيلي في امريكا ويغدق على اسرائيل بالتبرعات المالية.. ولم يكن هناك اى مجال للشك في الصديق اليهودي الغني، وكنت على علاقة صداقة مع طبيبة شابه من اصل مغربي اسمها (ليلى) وفي زيارة لها بمنزلها شاهدت صورة صديقنا اليهودي الغني مع امرأة جميلة وطفلين فسألتها من هذا؟ قالت انه ايلي كوهين زوج شقيقتي ناديا وهو باحث في وزارة الدفاع وموفد للعمل في بعض السفارات الإسرائيلية في الخارج، .. لم تغب المعلومة عن ذهني كما انها لم تكن على قدر كبير من الأهمية العاجلة، وفي أكتوبر عام 1964 كنت في رحلة عمل للاتفاق على افواج سياحية في روما وفق تعلمات المخابرات المصرية وفي الشركة السياحية وجدت بعض المجلات والصحف ووقعت عيناي على صورة ايلي كوهين فقرأت المكتوب أسفل الصورة، (الفريق اول على عامر والوفد المرافق له بصحبة القادة العسكريين في سوريا والعضو القيادي لحزب البعث العربي الإشتراكي كامل امين ثابت) وكان كامل هذا هو ايلي كوهين الذي سهرت معه في اسرائيل وتجمعت الخيوط في عقلي فحصلت على نسخة من هذه الجريدة اللبنانية من محل بيع الصحف بالفندق وفي المساء التقيت مع (قلب الأسد) محمد نسيم رجل المهام الصعبة في المخابرات المصرية وسألته هل يسمح لي ان اعمل خارج نطاق إسرائيل؟ فنظر لي بعيون ثاقبة..
- ماذا ؟
- قلت: خارج اسرائيل.
- قال: اوضح.
- قلت: كامل امين ثابت احد قيادات حزب البعث السوري هو ايلي كوهين الاسرائيلي مزروع في سوريا واخشى ان يتولى هناك منصبا كبيرا.
- قال: ما هي ادلتك؟
- قلت: هذه الصورة ولقائي معه في تل ابيب ثم ان صديقة لي اعترفت انه يعمل في جيش الدفاع.
ابتسم قلب الأسد واوهمني انه يعرف هذه المعلومة فأصبت بإحباط شديد ثم اقترب من النافذة وعاد فجأة واقترب مني وقال..
- لو صدقت توقعاتك يا رفعت لسجلنا هذا بإسمك ضمن الأعمال النادرة في ملفات المخابرات المصرية.."

وعقب هذا اللقاء طار رجال المخابرات المصرية شرقا وغربا للتأكد من المعلومة وفي مكتب مدير المخابرات في ذلك الوقت السيد صلاح نصر تجمعت الحقائق وقابل مدير المخابرات الرئيس جمال عبد الناصر ثم طار في نفس الليلة بطائرة خاصة الى دمشق حاملا ملفا ضخما وخاصا الى الرئيس السوري أمين حافظ.

وتم القبض على ايلي كوهين وسط دهشة الجميع واعدم هناك في 18 مايو 1965.

يقول رفعت الجمال..
" حضرت جنازته في اسرائيل بين رجال الموساد بعد ان اعلنت الصحف العربية نبأ القبض عليه وشاركت الأصدقاء السوريين الحزن عليه والمهم لسقوط (نجمنا) الأسطوري ايلي كوهين".




3-الجاسوس الاسطوره ( د/ ريتشارد سورج )







اسم قد يبدو مجهولاً وغير مألوف، إذا ما وضعته أمام أي قارئ عادي، في أي مكان في العالم، ولكنه يحتل، في تاريخ الجاسوسية، مكانة فريدة ومرموقة، لم ينافسه فيها أحد قط؛ فهو الجاسوس الوحيد عبر التاريخ، الذي كان لدوره الفعّال الفضل، في حسم نتائج حرب عالمية كاملة..الحرب العالمية الثانية..أو بمعنى أدق، كان (سورج)، على الرغم من نهايته، أنجح جاسوس عرفه التاريخ، حتى لحظتنا هذه، قياساً بما حققه من نتائج في مهمته...

والكتاب الذي نستعرضه هذه المرّة، والذي يحوي قصة الجاسوس الاسطورى (سورج)، أو (سيرجي)، كما يطلق عليه السوفيت، كتاب صدر في ستينات القرن العشرين، وبالتحديد في شهر يونيو 1966م، عن دار القاهرة للطباعة والنشر، تحت عنوان ( الرجل ذو الوجوه الثلاثة)، وهو مترجم عن كتاب بنفس الاسم، للألماني (هانز أوتو مسنر)، أصدرته، في نفس السنة، يناير 1966م، شركة (راينهارت) للنشر في (نيويورك)....
وكان سبب اختيار المؤلف للعنوان، هو أن (سورج) كانت له ثلاث شخصيات، ووثقت به ثلاث حكومات أجنبية، خدع بمنتهى المهارة اثنتين منها، ومنح إخلاصه وولاءه كله للثالثة، لذا فقد اعتبره المؤلف صاحب ثلاثة وجوه ..
والمؤلف نفسه كان ملحقاً صغيراً، في السفارة الألمانية في (طوكيو)، قبيل الحرب العالمية الثانية، ولقد كان (سورج)، وبعض أفراد شبكته الجاسوسية، ضيوفاً في حفل زواجه، وكان بعضهم من أقرب الناس إليه، ولكنه لم يعرف أبداً حقيقة (سورج)، حتى مابعد نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945)...
ولقد راح (مسنر) يجمع المعلومات، من هنا وهناك، من الصحفيين، والزملاء، والمراسلين، حتى أمكنه أن يكتب تاريخ (سورج) كله تقريباً، إلى الحد الذي جعل كتابه أحد المراجع المهمة، لما يعرف الآن باسم (فن الجاسوسية)...
ونكتفي هنا بالحديث عن المؤلف؛ لنعود إلى صاحب الشخصية الرئيسية في الكتاب...إلى (سورج)..


(ريتشارد سورج)






ففي الملفات الرسمية، وصف (سورج) بأنه صاحب شخصية فريدة مبهرة، وثقافة واسعة، وذكاء مفرط، وجرأة وبراعة كادت كلها تبلغ حد الكمال..هذا بالإضافة إلى حس مرهف، وقدرة مدهشة على فهم واستيعاب من أمامه، وسبر أغواره، والغوص في أعماقه حتى النخاع..كذلك كان (سورج) يستطيع فهم من أمامه، وكشف طبيعته، وإجادة التعامل معه، بعد دقائق قليلة من لقائه الأوَّل به..ويالها من موهبة خارقة، وجدت مستقرّها تماماً...وهذا بالنسبة لطبيعتة الشخصية..
أما بالنسبة لمهاراته العملية، ومواهبه القيادية المدهشة، فحدِّث ولا حرج..فبدقته وقوة شخصيته، أدار (سورج) أقوى وأنجح وأكمل شبكات الجاسوسية، داخل (الصين) و(اليابان)، خلال الحرب العالمية الثانية..
ولكن حتى هذا ليس سبب شهرته وأستاذيته، في عالم الجاسوسية، الذي لا تتوقَّف الصراعات فيه لحظة واحدة، في الحرب، وفي السلم أيضاً، وإنما تعود شهرته الفائقة، وأستاذيته المبهرة، التي أسهبت عشرات الكتب والمراجع في وصفها، والإشادة بها، والانبهار بخطوطها، طوال أكثر من نصف قرن من الزمان، إلى أنه الجاسوس الوحيد، في تاريخ الجاسوسية كله، الذي كان لنجاحه الفضل الأوَّل، في تغيير مسار حرب طاحنة رهيبة..
و(ريتشارد سورج) هذا هو الابن الثاني لمهندس ألماني، عمل في حقول بترول الإمبراطور، وحفيد (أدولف سورج)، السكرتير الخاص للمفكِّر (كارل ماركس)، وأحد الذين اعتنقوا الشيوعية منذ مولدها..
ولأنه كان يشعر بالعار، كل العار، بسبب هذا، فقد بذل والد (سورج) قصارى جهده؛ ليمحو من ذاكرته تماما أمر اعتناق والده للشيوعية، ولدفع الآخرين إلى نسيان هذا أيضاً، وتمنى لو استطاع أن يمحوه من مجرى الزمن أيضاً، حتى إنه ألحق ابنه (ريتشارد) بإحدى الفرق العسكرية الألمانية، إبان الحرب العالمية الأولى، كدليل قاطع على ولائه، وانتمائه لألمانيا وإمبراطورها، وقائدها، وأفكارها, ولكل ما يرتبط بها، ولو بأدنى رابطة أو صلة..
وعلى الرغم من أن (ريتشارد) قد أبلى بلاءً حسناً خلال الحرب الأولى، استحق معه التقدير والثناء من رؤسائه، بل والترقية المحدودة أيضاً، إلا أن عقله كان يستهجن ويحتقر القتال المباشر، والاشتباك الواضح الصريح، ويعتبر كليهما وسيلة من لا عقل له، ويبني في أعماقه فكراً آخر، ومستقبلاً مختلفاً..
وبعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، بدأ (سورج) في تحويل فكره وطموحاته إلى واقع عملي، وحقيقة ملموسة..
ومن جامعات (كييل) و(هامبورج)، حصل (ريتشارد سورج) على درجة الدكتوراه، في العلوم السياسية، عام 1920م، وفي اليوم نفسه، وقبل حتى أن يجف حبر شهادة الدكتوراه، كان يملأ استمارة الالتحاق بالحزب الشيوعي الألماني في (هامبورج)..وكان هذا أحد الأخطاء الكبيرة في حياته..
فالواقع أن هذا القرار كان وبالاً على رأس (سورج)، وخاصة في تلك الفترة، التي تدهور خلالها الاقتصاد الألماني، وشارف الانهيار، وبات الحصول على وظيفة ثابتة ومحترمة من رابع المستحيلات، حتى بالنسبة لعبقري يحمل شهادة الدكتوراه مثله..
وهكذا تنقَّل (سورج) من وظيفة بسيطة إلى أخرى، ومن مدرِّس ابتدائي، إلى موظف في منجم للفحم، وإلى منزل حقير، في حي صغير، من أحياء (هامبورج) البسيطة..
ولكنه كان يشعر في أعماقه أن هذه ليست حتماً نهاية المطاف، وأن القدر مازال يدخر له الأفضل..
ولقد كان على حق تماماً، فقد كان القدر ينتظره هناك..في ليلة باردة..جداً.
نقطة التحوّل في حياة (ريتشارد سورج)، أشهر وأنجح جواسيس الحرب العالمية الثانية، كانت تكمن في ذلك اللقاء المثير، الذي باغته على نحو غير متوقّع، في منتصف ليلة من ليالي الشتاء الباردة، في قلب العاصمة الألمانية (برلين)..
ففي تلك الليلة، فوجئ (سورج) بزيارة من واحد من أهم، وأشهر، وأخطر الرجال، في تلك الفترة العصيبة، من تاريخ (ألمانيا)... (هنري تولمان)، رئيس الشرطة السرية للحزب الشيوعي الألماني، والرجل الذي اشتهر بقسوته وبروده وصرامته، ونظراته القادرة على تجميد الدم، في عروق أشجع الشجعان..
وداخل منزل (سورج) الحقير، التقى به (تولمان) وشرح له أن (موسكو) تهتم به كثيراً، وتتابع حماسه للمبادئ الشيوعية، ثم أخبره في النهاية أن عليه أن يسافر إلى (موسكو)، العاصمة الحمراء؛ ليلتقي ببعض المسؤولين هناك.. وسافر (سورج) إلى (موسكو)..وهناك التقى بالرفيق (ديمتري مانولسكي)، رئيس قسم المخابرات الأجنبية في (الكومنترن)، وخضع معه لعدد من الاختبارات والدراسات، لم يفصح عنها الكتاب، ولكنها انتهت بعودته إلى (هامبورج)، وقد أصبح أحد العاملين في ذلك العالم الغامض المثير..


عالم الجاسوسية

كانت مهمته الرئيسية هي جمع المعلومات السياسية، من كل مكان يذهب إليه، ورصد ردود الأفعال العالمية، تجاه التطورات الاجتماعية والاقتصادية السريعة والعنيفة، التي تحدث في (ألمانيا) النازية، وأنه في سبيل نجاح هذا، لابد وأن يخفي تماماً ميوله الشيوعية، ويتجنَّب حتى الإشارة إليها، بل والبدء في معارضتها، ومحاربتها، والاختلاف معها تمام الاختلاف، لو أُثير الأمر بأية صورة من الصور..
وعلى الرغم من أن القاعدة، في عالم المخابرات هي أن ينبهر العميل بالجهاز، إلا أن (سورج) قد هزم هذه القاعدة، وعكسها تماماً..
فلقد برع (سورج) في مهمته، وقام بها خير قيام، وبموهبة مدهشة، وبراعة منقطعة النظير، طوال خمس سنوات كاملة، تلقَّى خلالها الكثير من التدريبات، واكتسب عشرات المهارات والخبرات، وهضمها كلها بسرعة مذهلة، أبهرت السوفيت تماماً..
كما تحوَّل (سورج) إلى جامعة شاملة في العلوم واللغات، وأجاد بطلاقة تامة، الإنجليزية، والفرنسية، والروسية، واليابانية، مع عدد لا بأس به من اللهجات الصينية..
باختصار، لم تمض تلك السنوات الخمس، حتى أصبح (ريتشارد سورج) واحداً من تلك الفئة النادرة في عالم الجاسوسية..
الفئة التي تحمل لقب (جاسوس كفء) وعبر (أوروبا)، ومن خلال عمله كمراسل صحفي متجوِّل، راح (سورج) يمارس عمله، لينهال سيل من المعلومات المهمة والخطيرة، على السوفيت، الذين تضاعف انبهارهم بكفاءة جاسوسهم وقدراته، فقرَّروا تطوير العملية كلها، ونقله إلى مرتبة أكبر مرتبة العميل الخاص جداً..
وفي (موسكو)، التقى (سورج) بالكولونيل (بالدن)، رئيس المخابرات السوفيتية، الذي أعلنه بالترقية، وبما تعنيه أدبياً ومالياً، ثم أسند إليه أولى مهماته القوية..
لقد طلب منه السفر إلى (شنغهاي) في (الصين)، وجمع كل المعلومات الممكنة عن جنرال شاب، وهو (شيانج كاي شيك)، والعمل على إعادة تأهيل شبكة جاسوسية مهلهلة هناك..
وسافر (سورج) إلى (شنغهاي)..
وهناك التقى بأفراد شبكة الجاسوسية (المهلهلة)، وأخبرهم بصرامة أنه رئيسهم الجديد، وبدأ يضع قواعد العمل الجديدة، في نفس الوقت الذي راح يجمع فيه المعلومات عن (شيك)..
ومرة أخرى، أثار انبهار المخابرات السوفيتية ورجالها..
فقد حصل (سورج) على كل المعلومات المطلوبة، وأعاد بناء الشبكة، التي أُطلق عليها اسم (وحدة الصين)، والتي بدأ أفرادها يتساءلون، في دهشة وانبهار، عن رئيسهم الجديد، الذي لا ينام أبداً، والذي يعمل بنشاط جمّ، دون توقُّف أو هوادة، والذي قام بخطوة بالغة الجرأة، إلى الحد الذي أذهلهم جميعاً، وجعلهم يتعاملون معه بتقدير واحترام ومهابة بلا حدود، وكأنه إله الجاسوسية نفسه..
فلقد أقنع (سورج) القنصل الأمريكي بتأجير حجرتين من منزله لرجل أعمال واقتصاد ألماني، يُدعى (فريدريك مانهايم)، والذي لم يكن في الواقع سوى جاسوس آخر، وخبير في الاتصالات اللاسلكية، يعمل لحساب السوفيت، ويُدعى (ماكس كلوس)، وكانت حقائبه، التي انتقلت إلى منزل القنصل الأمريكي، تحوي جهاز الاتصال اللاسلكي، الذي ظلّ يبث الأسرار والمعلومات إلى (موسكو)، طوال عامين كاملين، دون أن يدرك الأمريكيون دورهم في هذا !!..
وبعد نجاحه المذهل، في إحياء (وحدة الصين)، التي تحوّلت من وحدة مهلهلة، إلى واحدة من أقوى وحدات الجاسوسية السوفيتية، في العالم أجمع، قرّر السوفيت استغلال مهارات وكفاءة (سورج)، في مجال حيوي آخر..
وانطلق (سورج) ليقتحم صحافة النازي، في قلب(برلين) نفسها، مؤيّداً بشهادة اثنين من أصدقائه، الذين أشادا ببراعته وأمانته، وإخلاصه المتناهي لعمله..
وكانت خطوة بالغة الجرأة منه بالفعل!!..
إذ كان يكفي أن يقوم جهاز (الجستابو) بتحريات جادة عنه، لينكشف أمره، وتفتضح خدعته، ويسقط في قبضة أشرس جهاز أمني، في ذلك الحين..
ولكن من حسن الحظ، أن (الجستابو) كان آنذاك مشغولاً بما بدا له أكثر أهمية..
لقد اكتفى بشهادة الرجلين، وبالشهادات التي نالها (سورج)، وتركه يعمل في منصب كبير الصحفيين والمراسلين الألمان، لجريدة (زيتونج)، الناطقة بلسان الحزب النازي، ويسافر إلى أقرب حليف للنازية، في ذلك الحين إلى (طوكيو) مباشرة وهناك بدأت مرحلة جديدة وخطيرة للغاية.
في (طوكيو)، بدأ (سورج) طريقه بلعب أهم دور، في قصة أي جاسوس حذر، في أرض جديدة دور الجاسوس النائم..
ومصطلح الجاسوس النائم هذا يستخدم لوصف جاسوس، تم زرعه في منطقة الهدف، أثناء مروره بمرحلة التوطين الأولى، التي يسعى خلالها لتثبيت أقدامه، في المجتمع الجديد، ومد جذوره في أعماقه، ويحظر عليه تماماً التورُّط في أي عمل تجسُسي خلال تلك المرحلة، مهما كانت المغريات؛ نظراً لاحتمال دفع أمر ما تحت يمينه، لكشف هويته، وتحديد حقيقة انتمائه..
لذا فلم يمارس (سورج) أية أعمال جاسوسية على الإطلاق، في الفترة الأولى، وإنما اكتفى بمد جذوره في المجتمع الياباني، وتوطيد صلاته واتصالاته، وإقامة جسور من الثقة والصداقة، بينه وبين أبرز العناصر السياسية، والاقتصادية، والعسكرية في (اليابان)، وعندما استقر به المقام، واطمأن إلى قوة ثباته في المجتمع الياباني، بدأ (سورج) في بناء شبكة الجاسوسية الجديدة..
وعلى الرغم من أن الشرطة السرية اليابانية (الكمبتاي)، كانت شديدة النشاط في تلك الفترة، وتتعامل مع كل الأجانب باعتبارهم جواسيس، إلا أن (ريتشارد سورج) قد تجاوز فترة التوطين الأولى، ونجح في إقامة صداقات وعلاقات قوية متينة، داخل المجتمع الياباني، بل وداخل (الكمبتاي) نفسه، مما ساعده على الخروج من مرحلة الكمون إلى مرحلة النشاط، والبدء في تنفيذ خطة تواجده الرئيسية..








وخلال فترة محدودة، أنشأ (سورج) شبكة قوية فعَّالة، راحت (موسكو) تتابع أخبارها بمنتهى الاهتمام الممزوج بالحذر، خاصة وأن (سورج) قد حدَّد مصروفاتها الشهرية بثلاثة آلاف دولار، وهو مبلغ هائل في ذلك الحين..
ولكن سرعان ما أدركت (موسكو) أن شبكة (سورج) تستحق هذا..
بل وما هو أكثر منه أيضاً..
فقد حقَّقت الشبكة اليابانية أوَّل انتصاراتها، عندما التقط أحد أفرادها، وهو الثري الياباني (أوزاكي)، محضر اجتماعات لجنة الدراسات الصينية، التي تحدَّثت عن رغبة (اليابان) في احتلال (منشوريا) الصينية..
ولقد حدث الغزو الياباني بالفعل، وكانت كارثة عسكرية على كل المستويات، إذ لم ينجح اليابانيون في احتلال (منشوريا) فحسب، وإنما أمكنهم احتلال شمال (الصين) كله أيضاً، وفرض هيمنتهم وسيطرتهم على مساحة واسعة من الأراضي الإستراتيجية..
وهنا، أدرك السوفيت أهمية وخطورة شبكة (سورج) اليابانية وبلا تردّد منحوا قائدها كل ما طلبه ثم فجّر (سورج) مفاجأة جديدة..
لقد أبلغ السوفيت أن الجيش الياباني في سبيله إلى الثورة، في فبراير 1936م، ثم لم تلبث ثورة الجيش أن حدثت، في التوقيت نفسه، وحملت في التاريخ اسم (حادث فبراير)..
وهنا تأكَّد السوفيت من أهمية عميلهم وقوته، وبراعته المذهلة في جمع وتحليل أخطر وأدق المعلومات..
وكان من الطبيعي -والحال هكذا- أن يتم تصنيفه باعتباره عميل نادر، على أعلى درجة من الأهمية والخطورة، وأن يتم إطلاع (ستالين) نفسه على تطورات عمله، أوّلاً بأوّل..
وخلال الأشهر التالية، توالت معلومات (سورج) وتحليلاته، على نحو مدهش، فأخبر (موسكو) باتفاقية التعاون العسكري، بين (طوكيو)
و(برلين)، وأيد قوله هذه المرّة بصور المستندات، الدالة على هذا وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، عام 1939م، كان (سورج) أشهر وأقوى وأخطر جاسوس للمخابرات السوفيتية، في العالم كله، وكانت الشبكة اليابانية التي أقامها، هي أنشط شبكات الجاسوسية، ليس في تلك الفترة، وإنما في تاريخ المخابرات كله..
وعلى الرغم من اتفاقية الدفاع المشترك، التي وقَّعها (هتلر) مع (موسكو)، وصلت معلومات إلى السوفيت، من عميلهم الفذ (ريتشارد سورج)، تحمل مفاجأة مذهلة ومفزعة معلومات تؤكِّد أن (ألمانيا) ستهاجم الاتحاد السوفيتي قريباً..
وعلى الرغم من ثقتهم التامة في عميلهم (سورج)، شكك بعض قادة الجيش السوفيتي في المعلومة، وبدا لهم أنه من غير المنطقي أن يشن (هتلر) حرباً على (روسيا)، في الوقت الذي انشغلت فيه قواته كلها بضرب العاصمة البريطانية (لندن)، لدفع الأسد البريطاني إلى الانهيار والاستسلام..
وفي الثاني والعشرين من يوينو 1941م، بدأ (هتلر) بالفعل عمليته (بارباروسا)؛ لغزو الاتحاد السوفيتي..
وهنا انمحت آخر ذرة شك، في براعة (سورج) وكفاءته، ودقة ما يرسله من معلومات..
وهنا أيضاً، بلغ نشاط الشبكة اليابانية ذروته، وراحت معلوماتها تنهال على (موسكو)؛ لتنقل إليها أسرار اليابانيين أوَّلاً بأوَّل؛ إذ كان أخشى ما تخشاه (موسكو)، هو أن يستغل اليابانيون حربها مع النازيين، للانقضاض عليها من الخلف..ونشطت شبكة (سورج) بكل قوتها، للبحث عن جواب هذا التساؤل القلق..وعلى الرغم من حذره الغريزي، ودقته الفائقة، وشكوكه اللامتناهية، في كل من يتعامل معه، وقع (سورج) في الخطأ الذي يمكن أن يقع فيه أي رجل، مهما بلغت هويته..لقد التقى ذات يوم بالراقصة اليابانية الفاتنة (كيومي)، وانبهر بها، وبجمالها الفتّان، وسحرها الطاغي، وأطلق لغريزته العنان معها، على الرغم من أنه لم يبد من قبل أبداً أدنى اهتمام بمثل هذه الأمور، حتى أنه لم ينتبه إلى أمر بالغ الأهمية والخطورة..
لقد كانت (كيومي) تعمل في الواقع، لحساب مكتب الجاسوسية المضادة الياباني..ولكن، وكجاسوس خبير ومحترف، واصل (سورج) عشق (كيومي)، دون أن يمنعه هذا من مواصلة عمله، بنفس الدقة والاهتمام، متحدياً كل المخاطر كالمعتاد..ثم فجأة وقعت في يده أخطر معلومة، يمكن أن يحصل عليها جاسوس على الإطلاق..معلومة من مصادر عسكرية يابانية مطلِّعة، تؤكِّد أن (اليابان) لا تنوي أبداً خوض الحرب، في الجبهة السيبيرية، مكتفية بحروبها في (الصين) و(الهند الصينية)..وكانت هذه المعلومة تساوي الكثير..والكثير جداً..
مع وصول هذه المعلومة الخطيرة إلى (موسكو)، ومع ثقتها الشديدة في قوة عميلها (سورج) وخطورته، نظراً لتاريخه السابق كله، اتخذت القيادة السوفيتية قراراً بالغ الأهمية والخطورة..
لقد قرَّر قادة السوفيت سحب ما يقرب من مليوني جندي، من الجبهة السيبيرية، مع كل معداتهم، ودفعهم لمواجهة الألمان في الغرب..وكان أخطر قرار تم اتخاذه، في تاريخ الحرب العالمية الثانية على الإطلاق؛ إذ أنه يترك الجبهة اليابانية عارية تماماً، ويلقي بثقل السوفيت كله على الجبهة الألمانية..
وكانت نقطة تحوّل حاسمة، ليس في مسار محاولة الألمان لغزو الاتحاد السوفيتي فحسب، ولكن في مسار الحرب العالمية الثانية كلها..لقد انهزمت (ألمانيا) النازية، أمام جنود (موسكو) وتراجعت، وظلت تتراجع وتتراجع خلال السنوات التالية، حتى انهزمت هزيمة ساحقة في النهاية، واندحرت على الجليد السوفيتي، وانهارت قياداتها، والسوفيت يدفعونها أمامهم، حتى (برلين) نفسها..وكانت الهزيمة ساحقة ماحقة، في ذلك الحين، هوى معها الرايخ الثالث من حالق، وتحطّمت أسطورته بمنتهى العنف، حتى أن الفوهلر العظيم (أدولف هتلر) آثر الانتحار، على الوقوع في قبضة السوفيت أو البريطانيين..
أما (سورج) نفسه، فبعد أن حقَّق أعظم انتصاراته، وأبلغ المخابرات السوفيتية بأعظم معلومة، في الحرب العالمية الثانية كلها، وقع في خطأ بسيط، تخلّى خلاله عن حذره الأسطوري، الذي لازمه طيلة عمره..
لقد قرأ ورقة تحوي بعض الأسرار العسكرية، أمام (كيومي)، ثم مزّقها وألقى بها في سلة القمامة، على الرغم من أن ألف باء الجاسوسية، يحتم حرق الورقة، أو التخلُّص منها بأية وسيلة حاسمة، ويحذر تماماً من إلقائها في سلة المهملات، أو وسط القمامة..وانتبهت (كيومي) للأمر..
ولأنها عميلة مخلصة ومحترفة، قامت (كيومي) بواجبها، وأبلغت الكولونيل (أوزاكي)، الذي أمر رجاله بجمع كل قصاصة ورق، في سلة قمامة (سورج)، وفرزها، وتجميعها، وإعادة لصقها..ثم واجهه بتلك الورقة، قبل شروق شمس اليوم التالي..وهكذا سقط (سورج)..وسقطت شبكته اليابانية كلها..المدهش للغاية، أن تلك المعلومة الأخيرة، التي لم يجد (سورج) الوقت لإرسالها إلى (موسكو)، في تلك الفترة، والتي ألقي القبض عليه بسببها، كانت أيضاً كفيلة بتغيير مسار الحرب كلها..
كانت معلومة تقول: إن الطائرات اليابانية تعتزم الهجوم على ميناء (بيرل هاربور) الأمريكي، فجر السادس من نوفمبر التالي..وعند محاكمة (سورج)، بدا شامخاً قوياً مهيباً كعادته، وبدت نظراته حادة صارمة، تخيف وترهب قضاته أنفسهم، حتى وهو يتلقَّى مع (أوزاكي) الحكم بإعدامهما رمياً بالرصاص..
وفى السابع من نوفمبر 1944م، تم تنفيذ حكم الإعدام في الدكتور (ريتشارد سورج)، خبير العلوم السياسية، ومراسل جريدة (زيتونج)، والجاسوس السوفيتي، الذي حمل لقباً فريداً، بين كل الجواسيس، الذين عرفهم التاريخ..لقب (الأستاذ)..
ونُكّست الأعلام في الاتحاد السوفيتي كله، حداداً على مصرعه..وتم إصدار طابع بريد يحمل صورته..ولكن هذا لم يحسم أسطورته..فلسبب ما بدأ يتردّد خفية أن (سورج) لم يلق مصرعه فعلياً، وأن اليابانيين قد أطلقوا سراحه، بموجب صفقة ما...ولم تؤيد اليابان هذا أو تنفِه، ولكن الراقصة الفاتنة (كيومي) أنهت فقرتها ذات ليلة بفزع شديد، لتخبر صديقاتها، وهي ترتجف في رعب، أن (سورج) بين روّاد الحانة، وأنه عاد ليقتلها، جزاء ما فعلته به..
ولم يصدّقها أحد.وماتت (كيومي) في حادث غامض ذات ليلة تالية، لتترك خلفها لغزاً يرتبط بأخطر الجواسيس (سورج)..(ريتشارد سورج) ..صاحب الوجوه الثلاثة الغامضة






لفجانج لوتس



قال عنه الإسرائيليون انه من أخطر العملاء الذين خدموا تحت مظلة الموساد على الجبهة المصرية في عقد الستينيات، ذلك العقد الذي شهد أوج الصراع الاستخباراتي بين القاهرة وتل أبيب، ورغم خطورته المزعومة تلك، لم يسمع عنه كثيرون، ولم تسلط عليه الأضواء مثلما حدث مع عملاء آخرين مثل إيلي كوهين الذي خدم في الجبهة السورية، وتحدث هو عن نفسه في كتاب حقق مبيعات متواضعة للغاية وأسماه«جاسوس الشمبانيا»، دون أن يوضح على وجه التحديد العلاقة بين الاسم والمسمى! في عام 1978، أجري معه حوار في مدينة ميونيخ الألمانية، وكاد يبكي هماً من الفقر المدقع الذي يعيش فيه بعد أن أهمله الإسرائيليون إهمالا أشعره بأنه«*** عجوز فقد حاسة الشم»، إنه الألماني اليهودي «ولفجانج لوتس»،



فمن هو وماذا فعل فى مصر
ولد ولفجانج لوتس في مدينة مانهايم الألمانية عام 1921، كان والده مخرجا مسرحيا، والأم ممثلة، لم يكن هناك أي إشارات تدل على أن الأبوين من أصل يهودي، بل وأكد بعض المقربين منهما أنهما لم ينتميا إلى أي ديانة من الأصل، ولعل هذا هو سبب عدم اهتمام الأبوين بإجراء عملية الختان للابن، ومسألة عدم الختان تلك كانت أولى المزايا التي رشحت ولفجانج للعمل في صفوف الاستخبارات الإسرائيلية فيما بعد وعلى نحو ما سنرى لاحقا.

إلى فلسطيــن
انفصل الزوجان عام 1931، وارتحلت الأم ومعها ابنها في سن العاشرة إلى فلسطين عام 1931 في أعقاب اعتلاء هتلر منصة الحكم في ألمانيا، وفي تل أبيب، لم تجدالأم وسيلة للعيش سوى أن تمارس مهنتها كممثلة مسرحية، في حين التحق الابن بمدرسة « بين شين» الزراعية، ويبدو أن استقرار الابن مع أمه في فلسطين قد شجعه على تغيير اسمه. فصار «زئيف جو أريحا» بعد أن كان ولفجانج لوتس، وبعد فترة من الوقت، صار زئيف«مدربا للخيول وخبيرا في شؤون الفروسية»، وحين بلغ سن الخامسة عشرة، انضم إلى عصابات «الهاجانا»، وفوضت إليه العديد من المهام كان من بينها حماية الحافلة المدرعة وسيلة المواصلات الوحيدة التي تقل أبناء اليهود إلى المدرسة الزراعية «بين شين»، كما انضم إلى فرق الخيالة التي تدور في نوبات الحراسة المستمرة حول أسوار المدرسة ذاتها حماية لها من أي أعمال مقاومة من جانب الفلسطينيين.
واندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939، ولتمكنه من اللغتين الإنجليزية والألمانية، إلى جانب إجادته للعبرية والعربية، كان«زئيف» صيدا ثميناً استطاعت القوات البريطانية الإيقاع به في شباكها من جملة العناصر الصهيونية المتطرفة الأخرى التي خدمت في صفوف البريطانيين إبان الحرب، وبعد انضمامه إلى القوات الإنجليزية، أرسل زئيف إلى مصر، كانت المهمة الأساسية التي أوكلت إليه هي استجواب الأسرى الألمان الذين وقعوا في أيدي القوات البريطانية.
وبعد أن عاد إلى فلسطين، انخرط على الفور في أنشطة تهريب الأسلحة لعصابات الهاجانا، وعقب إعلان قيام الدولة الصهيونية في مايو 1948، خدم زئيف في قوات الدفاع الإسرائيلية برتبة ملازم أول، وشارك في العديد من العمليات العسكرية التي شنها الإسرائيليون بعد إعلان دولتهم، ومن بينها عمليات الاشتباك مع العرب في منطقة لاترون، وظل يخدم في صفوف الجيش الإسرائيلي حتى ترقى لرتبة«لواء»، وقاد كتيبة مشاة كان لها دور ضمن القوات الإسرائيلية التي شاركت في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.

النازي السابق
بعد انتهاء أزمة السويس بفترة قصيرة، بدأت الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)الاتصال بزئيف وبحثت معه إمكانية انضمامه إليها، خاصة وأن ملامح وجهه لاتدل على أنه إسرائيلي، فعلى حد تذكره :«كنت أشقر اللون، قصيراً وممتلئاً، وملامحي تدل على أنني ضابط سابق في الجيش الألماني»، كان صاحب عينين زرقاوين، وبلكنته الألمانية، كان باستطاعته ارتداء قناع زائف ينم عن مواطن ألماني مائة في المائة، علاوة على ذلك، ورث زئيف عن أمه مهارة التمثيل، وبما أنه غير مختون، بات من السهل تجنيده وإرساله إلى مصر كمواطن ألماني دون الشك في يهوديته.
لدى بلوغه سن الخامسة والثلاثين، رأى زئيف أن عمله في الجيش لا يوفر له مستقبلا آمنا، ومع علمه بصعوبة تدريبات الموساد وما تحمله من مشاق ومتاعب جسدية ونفسية، قبل عرض الموساد بروح متفائلة مندفعة.
وبدأ العمل، كان المطلوب منه في البداية هو إقناع الجهات التي سينقل نشاطه إليها بأنه«ضابط نازي سابق»، مع إزالة أي شكوك قد تحوم حوله على أنه «يهودي»، ولعمل الغطاء الذي سيتستر من ورائه في أنشطته التجسسية، أرسل زئيف إلى ألمانيا الغربية، وهناك، من المفترض أن يتحرك ولفجانج تحت قناع«رجل أعمال ألماني خدم في جيش هتلر في دول شمال أفريقيا، فضلا عن أحد عشر عاما قضاها في أستراليا يربي خيول السباق»، مقدمة لابد منها قبل الانتقال إلى مصر، والتي سيقوم فيها باختراق الجالية الألمانية التي تعيش وتعمل في مصر.

الألمان في مصر
خاض زئيف دورات تدريبية مكثفة ومجهدة استمرت عدة أشهر، فضلا عن دورات في التاريخ والسياسة والثقافة المصرية، وفي مطلع عام 1957، صدر القرار بإرسال زئيف إلى مصر لتجميع معلومات عن الأسلحة الروسية التي حصلت عليها الحكومةالمصرية في عهد جمال عبد الناصر، لكن السبب الآخر لهذه الزيارة، وربما الأهم، هو زرع عميل على مستوى عال في مصر ليقوم بنشاط تجسسي دائم، وقد جاء هذا القرارفي أعقاب التقارير المستمرة التي تتناول التأثير المتزايد للمستشارين الألمان الذين دعاهم عبد الناصر لزيارة مصر، وتدعي بعض التقارير أن غالبية هؤلاءالمستشارين كانوا من النازيين السابقين، وقيل إن عبد الناصر رغب في دعوة العلماء والمهندسين والأطباء وخبراء الأمن من ألمانيا إلى مصر ليشغلوا مواقع حساسة تسمح لهم بالمشاركة في وضع خطط ومشاريع التنمية والتصنيع التي كان يحلم بتحقيقها، أكثر من ذلك أن الموساد كان يترقب بقلق وتوتر بالغين اشتراك العلماء الألمان في صناعة الصاروخ المصري، كان يريد معرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات الدقيقة، وعلى زئيف أن يوفر تلك المعلومات!


إلى مصر
وفي نوفمبر 1959، سافر زئيف إلى ألمانيا، وقضى عاما كاملا في التنقل بين المدن الألمانية كنوع من التمويه والإفلات من أي أعين قد تتربص به، وأخيرا،انتقل إلى مصر، البعض يقول في ديسمبر 1960 وآخرون يزعمون في يناير 1961، وما إن وطأت قدماه مصر، بدأ في الاتصال بالشخصيات الألمانية، ذهب إلى نوادي الفروسية، وسرعان ما اكتشف أن شخصية عسكرية مصرية مرموقة (....)، تتردد على أحد هذه النوادي، كثف زئيف زياراته إلى هذا النادي (....)، وسرعان ما تعرف على هذه الشخصية العسكرية، قدم نفسه على أنه من عشاق رياضة الخيل، ومربي محترف لسلالات خيول السباق، ولم يمض وقت طويل إلا وقد تطور التعارف وصارصداقة حميمة.
بعد فترة، ذاع صيت رجل الأعمال الألماني الثري الذي وفد إلى مصر مؤخرا ويتردد على نوادي الفروسية، في الوقت نفسه، قدم زئيف نفسه لأبناء جاليته الألمانية، وبدأ يتلقى دعوات إلى حفلات تجتمع فيها الشخصيات البارزة من المصريين والألمان، أما الشخصية العسكرية المرموقة، فصارت تقابل زئيف يوميا ليمارسا معا رياضةركوب الخيل.
وبعد ستة أشهر، عاد«زئيف» إلى أوربا لإبلاغ الإسرائيليين بنتائج زيارته إلى مصر، بدأت بعد ذلك ترتيبات العودة إلى مصر مجددا ومعه مبلغ كبير من المال وجهاز إرسال يتصل من خلاله سرا برؤسائه في تل أبيب، عاد إلى القاهرة وقد نال لقب« عين تل أبيب في القاهرة»، وصار جنبا إلى جنب العميل الإسرائيلي إيلي كوهين ( رجل الموساد في دمشق) محط اهتمام كل العاملين في جهاز الموساد.
لكن قبل عودته إلى القاهرة، وقع حادث في غاية الغرابة بالنسبة لجاسوس يعمل في نفس موقف وظروف زئيف.
كان زئيف قد تزوج في إسرائيل، إلا أن تجربة زواجه لم يكتب لها النجاح، وأصيبت بحالة«جمود» بينه وبين زوجته دون أن ينفصل عنها، وظل زئيف على هذا الحال دون أن يرتبط بأي امرأة أخرى، لكن لدى عودته من باريس إلى القاهرة في يونيو عام 1961، قابل زئيف امرأة قال عنها«آية من الجمال»، كان اسمها فالتراود مارثا نيومان، لاجئة من ألمانيا الشرقية تعيش في أمريكا، وكانت في طريقها من باريس إلى ألمانيا لزيارة أبويها.

تصرف غريب
بعد أسبوعين فقط من تعارفهما، تزوج زئيف على فالتراود، تصرف غريب ومتهور من شخص يعمل في مجال الجاسوسية ومدرب على كافة وسائل الحيطة والحذر، لم يرجع زئيف إلى رؤسائه في تل أبيب قبل أن يتخذ قرار الزواج، بل وسارع بأخذ عروسه معه إلى القاهرة، الأمر الذي سيتطور على نحو يجعل فالتراود تساومه بعد أن يفصح لها عن طبيعة عمله في القاهرة.
ازداد الموقف تعقدا وسوءا عندما أخبر زئيف امرأته أنه يعمل كجاسوس لصالح إسرائيل في مصر، ونظرا لشدة حاجة الموساد إلى وجود عميل له في مصر، اضطرالإسرائيليون إلى الموافقة على الاستمرار في التعامل مع زئيف رغم فداحة الفخ الذي أوقع فيه نفسه.
ويقول بعض الباحثين في سيرة ولفجانج لوتس ان هناك تقارير غير مؤكدة تفيد بأن فالتراود كانت جزءاً من الغطاء الذي مارس من خلاله زئيف دوره في مصر، وأن الاستخبارات الألمانية الغربية هي التي دفعت بتلك المرأة في طريقه كجزء من خطط التعاون المشتركة بين الاستخبارات الألمانية الغربية والإسرائيلية.
وأياً كان وجه الحقيقة، ارتبط زئيف بفالتراود، وهي بدورها لم تتردد في الزواج منه، بل والاشتراك معه في أعمال التجسس فور أن أفصح لها عن هويته الحقيقية!
وعاد زئيف إلى مصر في صيف 1961، وتلته فالتراود بعد أسابيع قليلة، وكان في استقبال زئيف بالمطار الشخصية الأمنية المرموقة، حيث اتفق الاثنان على إقامة حفل صغير احتفالاً بعودته إلى مصر، وفي الحفل، انفرد زئيف بنفسه وقام بإرسال أول رسالة أثيرية إلى تل أبيب عبر الجهاز اللاسلكي الذي كان يخفيه في مكان ما من منزله.

مع الرجل الثاني
كان زئيف ينفق الأموال بلا حساب، ينفقها على شراء الهدايا وإقامة الحفلات الصاخبة لأصدقائه من أبناء الجالية الألمانية في مصر، هذا إلى جانب الإنفاق على تربية الخيول التي تعطيه المبرر المنطقي الوحيد لبقائه في مصر وتردده على نوادي علية القوم، وجنبا إلى جنب زوجته التي رافقته في كل زياراته وتحركاته، تشعبت علاقات الاثنين بكبار الشخصيات الألمانية التي تعمل كخبراء في الحكومة المصرية، بل وصلت تلك العلاقات إلى حد التعرف على اثنين من أهم الشخصيات العسكرية المصرية، وكلاهما يشغلان مراكز حساسة في الاستخبارات العسكرية المصرية، كان أحد هاتين الشخصيتين (.......) مسؤولا عن قواعد الصواريخ والمصانع العسكرية، وبالتالي كان«مسؤولا عن حماية كافة الإنشاءات العسكرية التي يسعى زئيف إلى رصدها وكشفها للموساد في تل أبيب»، وتقول بعض التقارير ان زئيف كان على علاقة بالرجل الثاني (.....) في الحكومة المصرية، وكان له دور«غير مقصود» في تعريف العميل الإسرائيلي بقرارات رسمية في غاية الخطورة قبل أن تصل حتى إلى كبار المسؤولين في الحكومة المصرية.
وترسخت العلاقات بين زئيف وأبناء الجالية الألمانية في مصر، حتى أنه صارصديقا أثيرا ومقربا لعدد كبير منهم. وأثمرت علاقات زئيف مع كبار الشخصيات العسكرية المصرية والخبراء الألمان في التعرف على معلومات مثلت للإسرائيليين قيمة لا حد لها، وكان من بينها القواعد العسكرية السرية بالقرب من قناة السويس، بل ووصلت إليه معلومات عن المطارات التي تخزن فيها طائرات الميج التي كانت تستوردها مصر من روسيا، وأيضا معلومات عن الطيارين ومراكز الاتصالات وحظائر الطائرات.
في نفس التوقيت، حاول الإسرائيليون الحصول على معلومات عن قاعدة الصواريخ الروسية« سام»( صواريخ أرض جو) التي كان يبنيها المهندسون العسكريون المصريون بالقرب من قناة السويس، وتحديدا في مدينة الإسماعيلية، كانت مهمة مستحيلة على عميل متواضع إلى حد ما مثل زئيف، لكنه غامر واندفع وحاول الاقتراب من تلك المنطقة، فوقع في أيدي رجال الأمن المصريين، وتظاهر بأنه لا يعرف طبيعة المكان الموجود فيه، وبعد اتصالات عديدة مع معارفه من الألمان والمصريين، أطلق سراحه ولكن بعد أن قرر المصريون «توظيفه» بشكل ما في صراعهم ضد الإسرائيليين.
الطعم
فقد تعمد المصريون أن يتحدثوا أمامه عن خطة الخلط بين الطائرات الحقيقية والمزيفة في المطارات العسكرية المصرية، بهدف نقل تلك المعلومة إلى القوات الجوية الإسرائيلية الأمر الذي يسبب لها إرباكا في أي خطط محتملة لضرب المطارات المصرية، بلع زئيف الطعم بعد أن أبدى أمام المصريين إعجابه بذكائهم وطريقتهم في العمل، وعلى الفور أرسل إلى الإسرائيليين تقريرا مفصلا عن هذا الأمر.
في مطلع الستينيات، كان رئيس الموساد إيسار هاريل مشغولا للغاية بخطورة وضع العلماء الألمان في مصر والذين يعملون على تطوير برامج الصواريخ أرض أرض، كان الإسرائيليون يراقبون عن بعد وبكل خوف تفاصيل هذا البرنامج الذي يشكل تهديدا استراتيجيا لمنظومة الدفاع الإسرائيلية، وعليه، كلف زئيف بتجميع معلومات عن هذا البرنامج.
قبل أن يصله هذا التكليف، لم يكن زئيف قد جمع عن العلماء الألمان في مصر سوى النذر اليسير من المعلومات، لكن بعد ستة أسابيع من التكليف، طار زئيف إلى باريس حاملا معه قائمة مطولة بكل العلماء والخبراء الألمان العاملين في مصر، ضمت القائمة أيضا عناوين وأماكن تجمع هؤلاء الألمان، فضلا عن معلومات حول عائلاتهم في كل من النمسا وألمانيا ( كان يستقي معلوماته كما يبدو من أبناء الجالية الألمانية ذاتها والتي جمعته بهم صلات قوية للغاية)، وعلاوة على ذلك، حصل زئيف على معلومات عن دور كل عالم وخبير ألماني في مصانع التسليح المصرية، ومن المعلومات التفصيلية التي نقلها إلى تل أبيب، علم الإسرائيليون أن المصريين يواجهون صعوبات جمة في«إيجاد نظام توجيه يمكن الوثوق به».

غادر القاهرة.. وإلا
ومع تزايد القلق الإسرائيلي من تواجد الألمان في مصر، قررت تل أبيب شن حملة تهديد ضد العلماء الألمان العاملين في المنشآت المصرية، وكان زئيف الذراع التي تولت إرسال خطابات التهديد بالقتل إليهم في عقر دارهم، وفي رسالة موجهة إلى أحد هؤلاء العلماء، جاء :«نكتب إليك كي نخبرك بأن اسمك قد أدرج في القائمة السوداء التي تضم كافة أسماء العلماء الألمان العاملين في مصر، نود منك أن تنظر بعين الاهتمام إلى أمان أسرتك، زوجتك إليزابيث وطفليك الاثنين نيلس وترودي، من مصلحتك أن تتوقف عن العمل في المصانع الحربية المصرية».
وفي خريف 1964، كانت السياسة الخارجية المصرية قد أخذت منحى مختلفا، حيث بدأ المصريون الاعتماد على المساعدات الاقتصادية والعسكرية من روسيا، وانطلاقا من هذا التوجه، طلب الروس من عبد الناصر دعوة رئيس ألمانيا الشرقية لزيارة القاهرة، اعترضت ألمانيا الغربية، إلا أن المصريين كانوا قد عقدوا العزم على توطيد علاقاتهم مع الروس ولو على حساب الألمان الغربيين، وبالفعل، وجهت الدعوة لرئيس ألمانيا الشرقية لزيارة مصر، وكان ذلك في شتاء 1965، أكثر من هذا أن الروس بدأوا يشتكون من أنشطة الاستخبارات الألمانية الغربية التي تعمل في صف المخابرات الأمريكية ال «سي آي أيه»، وقرر عبد الناصر التعاون مع الروس وإظهار عدم خضوعه لأي ضغوط من جانب الألمان الغربيين، وبها، أمر «بإلقاء القبض على حوالي 30 ألمانيا غربيا يعيشون في القاهرة»، وكان من بين هؤلاء ولفجانج وزوجته وحمويه اللذين كانا في ذلك الوقت يجريان زيارة خاطفة لمصر.
إجراء شكلي قال المصريون للسفارة الألمانية أن عملية القبض تلك ليست سوى إجراء شكلي، وسيتم إطلاق سراح جميع المقبوض عليهم بعد انتهاء زيارة رئيس ألمانيا الشرقية ( فالتر أولبريشت)، وبالطبع، لم يكن زئيف على علم بالدافع من وراء إلقاء القبض عليه، وظن أن المصريين قد كشفوا أنشطة التجسس التي يمارسها على الأراضي المصرية، وأول ما خطر بباله، زوجته الألمانية ( كان الموساد قد حذره من قبل من مغبة الارتباط بها)، فشك في أمرها، ومما زاد من شكوكه أن إلقاء القبض عليه تم بعد مجيء حمويه لزيارة مصر، ومع تنامي تلك الشكوك، قرر العميل الإسرائيلي ولفجانج لوتس التعاون مع المصريين!!
بدأت جلسات استجواب ولفجانج كإجراء روتيني تتبعه السلطات المصرية، ومع توالي الأسئلة وحياد ملامح الوجه التي بدت على المستجوب المصري، لم يجد زئيف نفسه إلا وهو يفصح له بكل ما يعرفه عن مصر من أول لحظة وطئت قدماه مطار القاهرة، الغريب في الأمر حقا أن المستجوب المصري لم يبد أي تأثر أو اندهاش، الأمر الذي أكد لزئيف شكوكه من أنه وقع بالفعل في المصيدة، قال له المستجوب:«أريد أن أعرف المكان الذي تخفي فيه أدوات التجسس التي تستخدمها»، ثم تابع في لهجة ثابتة تنم عن حضور الذهن ومع التظاهر وكأنه ملم بكل شيء عن المتهم، قال: «إننا نعرف كل شيء، وحتى لا نضيع الوقت، وقتنا ووقتك، من الأفضل لك أن تعترف بكل شيء الآن».

في الحمام
رد زئيف على المستجوب قائلا له: «ستجد جهاز إرسال في دورة المياه»، وأضاف موضحا أنه يلجأ إلى إخفاء متفجرات وأفلام دقيقة الحجم في علب الصابون داخل دورة المياه، ولدى تفتيش منزله، عثر المصريون بالفعل على تلك الأشياء، فضلا عن 75 ألف دولار كان يحتفظ بها العميل الإسرائيلي في فئات نقدية متنوعة من الدولارالأمريكي.
ولكن بفضل مهارات التمثيل وبرود أعصابه، استطاع ولفجانج أن يخلط في اعترافاته بين الحقائق والأكاذيب، فادعى أنه يعمل لصالح الإسرائيليين بعد أن مارسوا عليه ضغوطا هائلة، وأنه استجاب لتلك الضغوط لضعف في تكوينه الشخصي ورغبته العارمة في امتلاك إسطبل للخيول.
ربما صدق المصريون تلك الاعترافات، وربما شكوا في بعض جوانبها، والدليل على ذلك أن زئيف حاول تخليص زوجته فالتراود وأبويها من أي تهم تجسس موجهة إليهم، إلا أن المصريين أصروا على التشكيك في وجودهم في مصر ولم يصدقوا ما قاله زئيف عنهم، من جانب آخر، تأكد المصريون من أن وفلجانج ليس يهودي الأصل بعد أن أجروا عليه كشفا صحيا تبين لهم فيه أن المتهم غير«مختون».
ومع كل.، طلب منه المصريون اعترافات كاملة عن كل الاتصالات والعلاقات التي أقامها في مصر، وخصوصا مع مدربيه والأشخاص الذين دربهم على ركوب الخيل.
وتزداد الأمور سوءا بالنسبة لوفجانج حين تصل إلى السلطات المصرية رسالة من محام ألماني كان وكيلا عن الضحايا الألمان الذين تعرضوا للتهديدات الإسرائيلية إبان إقامتهم في مصر، في تلك الرسالة، أكد المحامي الألماني بما لا يدع مجالا للشك أن والدة ولفجانح يهودية الأصل وقد ارتحلت إلى فلسطين في أوائل الثلاثينيات، فضلا عن معلومات حول الفترة التي قضاها ولفجانج في خدمة جيش الدفاع الإسرائيلي، أقسم ولوفجانج أن كل هذه المعلومات ملفقة وغير صحيحة وأنها محاولة للنيل والانتقام منه.
إلا أن القضاء المصري كان له كلمة أخرى، ففي الحادي والعشرين من أغسطس عام1965، حكم على ولفجانج لوتس بالسجن مدى الحياة مع الأشغال الشاقة المؤبدة، في حين حكم على زوجته فالتراود بالسجن لمدة ثلاث سنوات فقط!





جمعة الشوان



اليونان والموساد

حاول العمل في القاهرة في السوق السوداء عن طريق بيع المواد التموينية والتي كان محظور التجارة فيها لظروف البلد الاقتصادية السيئة حتى انغلقت كل الأبواب في وجه فاضطر إلى السفر إلى اليونان لمقابلة رجل أعمال هناك ذكر في المسلسل باسم باندانيدس وهو يملك العديد من سفن الشحن ويدين للهوان بحوال 2000 جنيه ولكنه لم يكن موجود في اليونان كخطة من الموساد كي يعاني الهوان ويوافق على أي شيء وفي اليونان قابل الهوان الريس زكريا (هو اللواء عبد السلام المحجوب محافظ الإسكندرية الاسبق) بالمخابرات العامة وحاول إقناعه بالعودة ولكن الهوان لم يستمع له. وبعد مرور الوقت قرر الهوان العودة إلى مصر لولا انه عرف أن باندانيدس قد عاد وذهب لزيارته وهناك قام بندانيدس باعطائه عمل على إحدى سفنه والذاهبة إلى بريستون بإنجلترا.

وهناك تعرف على جوجو الفتاة اليهودية والتي احبها واغرته للعمل معها وطبعا كان ذلك تخطيطا من الموساد، بعد سفر السفينة التي كان يعمل عليها لم يكن امامه سوى العمل بالشركة التي يملكها والد جوجو وبها قابله أحد رجال الموساد على أنه سوري واسمه أبو داود (في الحقيقة شمعون بيريز رئيس إسرائيل ورئيس وزرائها فيما بعد) يعمل بالشركة وطلب منه ان يعود إلى مصر ويجمع بعض المعلومات عن السفن الموجودة بالقناة.

وعندما عاد الهوان إلى مصر قام بفتح محل بقالة لبيع المواد الغذائية واخذ يجمع المعلومات التي طلبت منه ولكن الشك في قلبه اخذ في التزايد فذهب إلى مقر المخابرات العامة المصرية وهناك التقى بالضابط مدحت والذي عرفه بالريس زكريا وحكى له بكل ما لاقاه، وهنا قرر التعاون مع المخابرات المصرية لتلقين الموساد درساً.

عمله مع المخابرات

وبدأ تعاون الهوان مع الإسرائيليين ومعرفة ما يريدونه وأخبارهم بما يريده المصريين مما جعله جاسوسا هاما بالنسبة للإسرائيليين، وبعد حرب أكتوبر المجيدة زادت حاجتهم إلى الهوان وسرعة إرسال المعلومات ولذلك قرروا إعطائه أحدث أجهزة الإرسال في العالم والذي كان أحدها بالفعل موجود بمصر ولم تستطع المخابرات في القبض على حامله وهنا قرر الهوان الذهاب إلى إسرائيل للحصول على الجهاز وهناك قاموا بعرضه على جهاز كشف الكذب والذي تدرب عليه جيدا مما جعله ينجح في خداعهم جميعا ليحصل على اصغر جهاز إرسال تم اختراعه في ذلك الوقت ليكون جاسوسا دائما في مصر. بمجرد وصوله إلى أرض مصر وفي الميعاد المحدد للإرسال قام بإرسال رسالة موجهه من المخابرات المصرية إلى الموساد يشكرهم فيها على الحصول على جهاز الإرسال. وهنا انتهت مهمة أحمد الهوان.

وقد قام الموساد بمحاولة القضاء على جوجو التي وقعت في حب الهوان بجرعة زائدة من المخدرات ولكنها لم تمت ومن هنا قررت الانتقام فساعدت المخابرات المصرية على تأمين الهوان بإسرائيل والاتصال به في الوقت المناسب. وقد أتت جوجو لمصر وأسلمت وسمت نفسها فاطمة وقامت المخابرات المصرية بتمويل عملية زوجة الهوان في مصر على يد طبيب أجنبي متخصص كان في زيارة لمصر للقيام بعدد من العمليات الجراحية وقد نجحت العملية يوم العبور الكبير في السادس من أكتوبر عام 1973 وقد عاش الهوان حاليا في منطقة المهندسين بالقاهرة وبالتحديد في شارع الرشيد المتفرع من شارع أحمد عرابي.









رجال المخابرات

محمد نسيم




نجم من عالم مغاير للذى نعرفه ... عامله يلفه الغموض و تحيطه السرية
بجدران و حجب ... اللقاء هذه المرة مع رجل المخابرات المصرى الفذ اللواء
(محمد نسيم) والذى اشتهر فى أروقة جهاز المخابرات بلقب (نسيم قلب الأسد)
.. هذه الشخصية الفريدة .. وكيل المخابرات العامة الأسبق بمصر .. ووكيل
أول وزارة السياحة المصرية فى نهاية الثمانينات هذا الرجل الأسطورة
المجهول دورا وعظمة لدى الكثرة الغالبة من أبناء مصر .. مصر التى فداها
وذاد عن حياضها كأكمل ما يكون الجهاد .. رحمه الله من فارس .. ورحمه الله
من عقلية جبارة ..


لقد حاولت أن أجمع أكبر قدر من المعلومات عن الرجل ... لكنى لم أحصل على الكثير .. ولهذا أترككم مع ما استطعت أن أجمعه ..


من هو .. ؟!!

هو أحد ضباط الجيش المصري الذين انضموا لتنظيم الضباط الأحرار .. وشارك
ضمن الصف الثانى من رجال الثورة .. ومع بدء التفكير فى انشاء جهاز مخابرات
مصري فى أوائل عام 1954م .. قام الرئيس المصري جمال عبد الناصر بتكليف أحد
رجال الثورة وهو فتحى الديب بتولى هذا الأمر فنشأت لجنة تابعة للجيش تقوم
بأعمال التجسس والتخابر .. ثم تطور الأمر مع ازياد الحاجة الى جهاز
مخابرات محترف على نفس النسق العالمى الذى ظهر فى الحرب العالمية الثانية
.. والذى كانت لأجهزة المخابرات الفضل الأول ان لم يكن الوحيد فى انهائها
لصالح الحلفاء .. أسند الرئيس جمال عبد الناصر الأمر اى زكريا محيي الدين
وعلى صبري .. ليخرج الى الوجود جهاز المخابرات المصري .. ولكنه ولأنه جهاز
ما زال يبحث عن هوية الاحتراف .. لذا تكلف انشاؤه من الجهد والوقت ما يفوق
التصور فى وسط أجهزة معادية عملاقة كالموساد الذى تأسس قبل اعلان دولة
اسرائيل أساسا وكان رجاله وضباطه من المحترفين الذين خاضوا غمار الحرب
العالمية الثانية واكتسبوا الخبرة الطاغية التى افتقد اليها المصريون ..
لكن .. ولأن المقاتل المصري بطبعه كاره للهزيمة والاستسلام ولا يعرف معنى
المستحيل .. تمكن الرعيل الأول من الضباط الذين كونوا لبنة الجهاز الأولى
من جمع الكثير من المراجع وكتابات الخبراء وعكفوا بصبر مدهش على دراستها
واستخلاص ذلك العلم الغزير نحتا فى الصخر .. وكان هذا الرعيل .. عدد من
ضباط القوات المسلحة الشبان من من يمتلكون شجاعة وجسارة المقاتلين مع
الذكاء الفطرى .. ومنهم على سبيل المثال .. فتحى الديب .. وعبد المحسن
فائق .. وحسن بلبل .. وعبد العزيز الطودى .. وصلاح نصر وبطلنا .. البكباشي
" المقدم " فى ذلك الوقت .. محمد نسيم



كان محمد نسيم من ذلك الطراز من الرجال الذى يمتلك قلب أسد كما أطلق عليه
رفاقه .. وعقل الثعلب .. وصبر الجمال .. واصرار الأفيال .. كان نادرا بحق
.. رحمه الله وطيب ثراه .. وعندما تولى اللواء صلاح محمد نصر الشهير بصلاح
نصر رياسة جهاز المخابرات العامة كان محمد نسيم أحد مديري العمليات
بالجهاز ورجل المهام الصعبة ويكفي لبيان مدى سمعته الخرافية أن رئيس
الجمهورية كان يتصل به مباشرة فى عدد من العمليات فائقة الحساسية وما
أكثرها فى ذلك الوقت .. وفى بداية الستينيات كان جهاز المخابرات العامة
مكتمل البناء .. وخاض العديد من العمليات العملاقة فى تاريخه ضد المخابرات
الاسرائيلية والأمريكية .. وللحق .. فان انشاء الجهاز على صورته تلك ..
كان لجهود رجاله وادارة صلاح نصر رئيس الجهاز على الرغم من انحرافه فيما
بعد نتيجة للسلطة المطلقة التى تمتع بها فى ظل حماية المشير عبد الحكيم
عامر نائب رئيس الجمهورية وقائد الجيش المصري وبطل فضيحة النكسة المريرة




رفعت الجمال

وكانت أولى عمليات محمد نسيم التى أكسبته سمعته الرهيبة بين رفاقه ..
اعادة تأهيل العميل المصري الأشهر " رفعت الجمال " الشهير باسم " رأفت
الهجان " . كان رفعت الجمال قد سافرالى اسرائيل فى منتصف الخمسينيات
واستقر بها بعد أن نجح فى زرعه رجل المخابرات العتيد اللواء " عبد المحسن
فائق " المعروف باسم " محسن ممتاز فى المسلسل الشهير الذى حكى قصتة ..
ومنذ أن تم زرعه فى اسرائيل وحتى بداية الستينيات لم تستفد منه المخابرات
المصرية شيئا الا المعلومات التى أرسلها فى حرب العدوان الثلاثي .. وللحق
فلم يكن هذا تقصيرا من رفعت الجمال .. أو معلمه عبد المحسن فائق .. بل
كانت الظروف أقوى منهما لضعف الامكانيات التدريبية التى تلاقاها رفعت وكان
جهاز المخابرات لم يزل وليدا فى ذلك الوقت ..

وعلم المخابرات تطور تطورا مدهشا وسريعا عبر السنوات الخمس التى أمضاها
رفعت فى اسرائيل فكانت الحاجة ماسة الى رجل مخابرات من طراز فذ يتمكن أولا
من السيطرة على رفعت الجمال صاحب الشخصية شديدة العناد ويقوم بملئ الفراغ
الذى تركه اللواء عبد المحسن فائق فى أعماقه .. وذلك حتى يتمكن من اقناعه
بمواصلة التدريب والعمل ..

وكان ضابط الحالة الذى تولى عملية الجمال هو عبد العزيز الطورى الشهير
باسم " عزيز الجبالى " .. وبعد دراسة عميقة لشخصية رفعت .. ومع استحالة
عودة اللواء عبد المحسن فائق من مقر عمله فى الولايات المتحدة فى ذلك
الوقت .. لم يجد عبد العزيز الطورى الا قلب الأسد محمد نسيم المعروف
بصرامته وشخصيته القوية ونبوغه الفائق وهو النموذج المماثل لعبد المحسن
فائق ..

وتم اللقاء بين قلب الأسد وبين رفعت .. ولم تمض ساعات على لقائهما الا
وكان محمد نسيم وهو بالمناسبة الشهير باسم " نديم هاشم " فى مسلسل " رأفت
الهجان .. وقام بدورة باقتدار بالغ الفنان المصري نبيل الحلفاوى فى واحد
من أعظم أدواره على الاطلاق لا سيما وأن نبيل الحلفاوى كان يشبه اللواء
محمد نسيم فى الشكل والأداء الى درجة مذهلة ..

لم تمض ساعات على اللقاء بين العملاقين رفعت ونسيم .. الا وكان نسيم قد
ألقي بغياهب شخصيته الفريدة فى وجه المتمرد النابغة رفعت الجمال ..

وكان رفعت الجمال قد أبصر بعيونه عبر المعايشة لليهود . كيفية التقدم
المدهش هم فى مجال الأمن .. وكان فى أمس الحاجة الى من يريه تفوق بلاده ..
وقد كان .. تمكن نسيم عبر التدريبات المكثفة من اقناع رفعت بمدى التقدم
المدهش الذى أحرزه المصريون على الاسرائيليين فى المواجهات المباشرة
بينهما ..

وبعد أسبوعين من التدريب المستمر والشاق ..

خرج رفعت الجمال فى مستوى ضابط حالة وهو المستوى الأعلى لأى عميل مدنى فى
نظم المخابرات .. ووقع تحت الاشراف المباشر لعبد العزيز الطورى وللتدريب
على يد محمد نسيم لتكتسب مصر كما رهيبا من المعلومات باغة السرية التى
أرسلها رفعت لا سيما بعد تمكنه من بسط علاقاته ونفوذه فى مجتمع تل أبيب
بتعليمات نسيم عبر شركة " سي تورز " والمعروفة باسم " ماجى تورز " وفى قلب
تل أبيب واصل نجم المجتمع الاسرائيلي " جاك بيتون " وهو الاسم المستعار
لرفعت الجمال وهو الاسم الذى عرف فى المسلسل بـ " دافيد شارل سمحون " ..
وبلغت علاقاته حدا جعله صديقا شخصيا للجنرال موشي ديان وجولدا مائير رئيسة
الوزارة الشهيرة .. كل هذا بفضل نبوغ رفعت الشخصي .. وبراعة معلمه الفذ "
محمد نسيم " .. ومن قبل هذا وذاك النصرة الالهية لأناس نصروا الله ورسوله
صلى الله عليه وسلم


الصدمة ..

كانت نكسة 67 .. مدمرة فى آثارها الى حد رهيب على العالم العربي أجمع ..
الا أنها كانت ذات تأثير صاعق على الأسود الرابضة فى عرين المخابرات
العامة المصرية الكائن فى حى حدائق القبة بالقاهرة الواقع خلف قصر القبة
الشهير .. ولكى تتأملوا الأثر وتقدروه .. يكفي أن تعلموا أن مصر كلها ذاقت
الهزيمة الا هذا الجهاز كان هو المنتصر على أى مقياس منطقي .. فقد تكفل
رجاله ونجومه وعلى رأسهم رفعت الجمال بمعرفة كل التفاصيل الدقيقة والخرائط
لخطة الحرب العسكرية فى 67 .. وقاموا بارسالها الى قيادتهم السياسية
المغيبة .. ليفاجئ الأبطال بالنكسة وهم الذين كادوا يعطون قياداتهم أسماء
الجنود والقادة من العدو اسما اسما لو طلبوا اليهم ذلك .. ولكن لعوامل
كثيرة .. ليس هذا مكانها وقعت الواقعة وانهزمت مصر هزيمة ساحقة كادت تعبر
بها حافة اليأس لولا توفيق الله والارادة الفولاذية التى قدت من الصخر ..
وبدأت معارك الاستنزاف .. وتزلزلت القوات الاسرائيلية بكم العمليات
الصادمة التى انتقت عيون أسلحة ورجال العدو مع المعلومات الغزيرة التى
تولاها الرجال فى المخابرات العامة .. وذلك بعد تطهير الجهاز من قياداته
المنحرفة .. وتولى محمد نسيم وأمين هويدى مسئولية اعادة الأمور الى نصابها
فى جهاز المخابرات العامة عقب النكسة .. وأرسل عبد الناصر الذى كاد الندم
يقتله .. الى محمد نسيم .. وتواعدا بالحديث وتقاسما الهم سويا ليتذكر عبد
الناصر مدى قدرة الأسد الرابض أمامه وذكره باحدى عملياته التى لاقت شهرة
واسعة على الرغم من سرية أعمال المخابرات فى العادة ..



عملية عبد الحميد السراج ..

على عبد الحميد السراج .. ضابط جيش سورى .. معروف جدا .. فهو أحد الضباط
الوطنيين النوابغ فى سوريا والذى نأى بنفسه عن كم الانقلابات الرهيبة التى
تتابعت فى سوريا على يد حسنى الزعيم .. وأدب الشيشيكلى .. وسامى الحناوى
.. ومصطفي حمدون .. وغيرهم من نجوم انقلابات سوريا العسكرية فى الفترة
التى أعقبت التحرير على يد شكرى القويتلى .. وبدأ ظهور عبد الحميد السراج
عقب التزامه بالخط الوطنى .. قبيل الوحدة مع سوريا .. ولمع اسمه فى مصر
عند عبد الناصر نفسه عقب قيامه باسداء جميل العمر الى مصر كلها .. وهو
الجميل الذى لم تنسه له مصر وقيادتها .. فعبد الحميد السراج هو رجل
المخابرات العسكرية السورى الذى تولى تدمير خطوط أنابيب البترول الممتدة
من العراق عبر سوريا الى سواحل البحر المتوسط لتصب فى الناقلات البريطانية
لتغذية احتياجات بريطانيا من البترول ... وكانت هذه العملية أثناء تعرض
مصر للعدوان الثلاثي .. ليصبح تدمير خطوط أنابيب البترول الشعرة التى قصمت
ظهر البعير وكان البعير هنا هو أنتونى ايدن رئيس الحكومة البريطانية والذى
قدم استقالته عقب فشل عدوان السويس عام 56 ..

وكان طبيعيا مع بدء الوحدة المصرية السورية عام 1959م .. أن يلمع نجم عبد
الحميد السراج أكثر وأكثر فتدرج فى السلطة حتى ولاه عبد الناصر نيابة
القسم الشمالى وهو سوريا ليصبح نائبا لرئيس الجمهورية السورية ومع العلاقة
الوثيقة التى جمعته بعبد الناصر خاصة بعد عملية أنابيب البترول وأيضا كشفه
للمؤامرة التى استهدفت حياة عبد الناصر أثناء زيارته لسوريا عقب الوحدة ..
من هذا كله تمكن عبد الحميد السراج من السيطرة ليس فقط على الأمن الداخلى
كوزير للداخلية فى الاقليم الشمالى وتولى نيابة الرياسة بل سيطر أيضا على
المخابرات وأجهزة الاقتصاد والتنظيم السياسي الوحيد وهو الاتحاد الاشتراكى
ليصبح عبد الحميد السراج أقوى رجل فى سوريا بأكملها ..

ولأن السلطة المطلقة مفسدة فى كل الأحوال .. فقد تغلبت أجواء السلطة على
نقاء السراج .. لتتدهور الأمر أكثر وأكثر خاصة بعد فشل الوحدة المصرية
السورية عام 1961 م .. وأتت نهاية عبد الحميد السراج على يد الانقلاب الذى
أطاح به من قمة الحكم السورى .. عندما غفل عن ضابط الجيش السورى ومدير
مكتب عبد الحكيم عامر الذى كان يتولى الرياسة فى الاقليم الشمالى للوحدة
وكان هذا الضابط هو عبد الكريم النحلاوى .. والذى استهان به السراج فتمكن
النحلاوى من قيادة تنظيم سري فى الجيشش ضده وأطاح به وطرد عبد الحكيم عامر
من سوريا فى فضيحة مدوية .. ليتم اعتقال السراج فى أبشع المعتقلات السورية
وهو " سجن المزة " وكان وقع الصدمة مدمرا على عبد الناصر ..

الا أنه سلم بالأمر الواقع ونفض موضوع الوحدة مؤقتا وألقي بصره على مصير السراج المظلم فى أيدى خصومه المتعدديبن ..



فالسراج كان له أعداء فى القوات المسلحة السورية وهى منفذة الانقلاب عليه
.. وله عداوات رهيبة فى لبنان نتيجة لتدخله فى الشأن اللبنانى عندما اقتضت
الظروف ذلك .. وله عداء قديم وثأر رهيب عند أصحاب مؤامرة اغتيال عبد
الناصر .. اضافة الى عداء تقليدى من الموساد والمخابرات الأمريكية
ورجالهما بلبنان .. فلك عزيزى القارئ أن تتخيل كيفية المصيدة التى وقع
فيها السراج .. ولك أن تتخيل أكثر .. كيف يمكن تحقيق المستحيل وانقاذه
منها .. أرسل عبد الناصر الى محمد نسيم وكلفه بانقاذ السراج مهما كان
الثمن ..

وكلمة مهما كان الثمن فى عرف العمل المخابراتى تعنى أنه لا مستحيل ..
وسافر نسيم منفردا الى لبنان لهذا الغرض .. وفى تلك اللحظة كان السراج
يهرب من سجن المزة الرهيب بمعاونة عدد من ضباط الجيش الذين كانوا لا
يزالون على ولائهم للسراج .. وانتقل فيما يشبه المعجزة وعبر رحلة شاقة
ووعرة الى لبنان ليلقي خبر هروبه قد سبقه الى لبنان وعشرات الذئاب الجائعة
فى انتظاره .. وكشف الموساد وجود نسيم فى لبنان .. وكذلك كشفه اللبنانيون
.. وغيرهم .. وتعرض فى تلك المهمة فقط لتسع محاولات اغتيال نجا منها جميعا
كان آخرها عن طريق وضع قنبلة فى أنبوب العادم بسيارته وكانت تلك المحاولة
غير قابلة للفشل لأن تلغيم السيارات كان من المعروف أنه يكون عن طريق
تلغيم المقعد أو المحرك أو جسم السيارة السفلى .. أما وضع القنبلة فى
أنبوب العادم فهو الابتكار غير قابل للكشف .. ومع ذلك فقد اكتشفها نسيم ..
وفشلت المحاولة .. بل ونجح فى الخروج بالسراج من لبنان الى مصر وللأسف
الشديد فكيفية الخروج ما زالت قيد السرية الى يومنا هذا .. ونال السراج
مكانه فى مصر آمنا مطمئنا ..



تذكر عبد الناصر قصة هذه العملية وهو يتحدث الى نسيم .. وكان نسيم يتساءل
عن سبب استدعائه ليقول له عبد الناصر أنه رقد طريح الفراش بعد اعلان
اسرائيل عن بدء عمليات التنقيب عن البترول فى سيناء فى اشارة واضحة الى أن
سيناء قد أصبحت اسرائيلية لتذل القيادة المصرية .. وبرقت عينا نسيم غضبا
.. وعاجله عبد الناصر وهو يقول له فى مرارة .. " الحفار يا نسيم " .. فنهض
نسيم واقفا .. وقال له فى حزم " أمرك يا سيادة الرئيس " .. وبدأت عملية
الحاج ..


عملية الحاج

كانت واقعة نية اسرائيل التنقيب عن البترول فى سيناء كما سبق القول نية
سياسية لا اقتصادية .. وقد بعثت الى احدى الشركات الكندية لاستقدام أحد
أكبر الحفارات فى العالم لاستخدامه فى التنقيب وهو الحفار " كينتج " ..
وقد خططت اسرائيل بدقة لهذه العملية .. وقامت عمدا باستيراد هذا الحفار
الكندى والذى تجره قاطرة هولندية وعليه بحار بريطانى .. لكى تعجز مصر عن
ضرب الحفار بالطيران عند اقترابه من البحر الأحمر .. لأن مصر اذا غامرت
بضرب الحفار علانية فمعنى هذا أنها استعدت عليها ثلاث دول كبري على الأقل
.. ولأنها تعلم تماما أن المخابرات العامة لن تترك الحفار .. فقد احتاطت
للأمر وقامت بتأمين الخطوط الملاحية للحفار القادم عبر المحيط الأطلنطى
الى رأس الرجاء الصالح ثم البحر الأحمر .. وقامت بانتقاء خطوط سير ملاحية
بالغة السرية وغير مألوفة .. كما جند الموساد رجاله وأجهزته بمعاونة
المخابرات المركزية الأمريكية لمصاحبة الرحلة وحماية الحفار .. لكن من قال
ان المصريين يعرفون المستحيل .. شكل محمد نسيم فريق عمل من أفضل رجال
المخابرات العامة وخبراء الملاحة وضباط القوات البحرية .. لتبدأ عمليه
الحاج .. وكان سبب تسميتها مزامنه أحداثها لموسم الحج وقام محمد نسيم
بتجنيد عملاء المخابرات العامة فى الدول التى سيمر الحفار عبر سواحلها
وأعطى أوامر بضرورة التفرغ لهذه العملية .. وقام باستقدام فريق من أكفأ
رجال الضفادع البشرية التابع للبحرية المصرية .. حيث استقرت الخطة على زرع
متفجرات شديدة التدمير فى قلب البريمة الرئيسية للحفار لابطال مفعوله ..
وبدأت لعبة القط والفأر بين نسيم ورجال الموساد .. وهناك .. فى أبيدجان
الميناء الشهير لدولة ساحل العاج .. كان الحفار قد ألقي مراسيه بأمان
للراحة .. وعلى الفور وبناء على الاستنتاجات المسبقة بعقله الفذ الذى أدرك
أن أبيدجان هى الميناء المثالى الذى سيرسو عنده الحفار .. قام بحمل
المتفجرات بنفسه ودار بها عبر أوربا وساحل افريقيا الشمالى وحط رحاله فى
أبيدجان ولا أحد يعرف كيف تمكن من عبور مطارات خمس أو ست دول وهو يحمل هذه
المتفجرات ..

وكان فريق العمل أبطال البحرية قد سلك طريقا مماثلا عبر عدة عواصم أوربية
حتى أبيدجان .. وفى فجر يوم العملية وصل الفوج الأول من الضفادع البشرية
.. وبينما الكل فى انتظار الفوج الثانى علم محمد نسيم من مصادره فى
أبيدجان أن الحفار فى طريقه لمغادرة ساحل العاج صباح اليوم التالى ..
ليطير عقل محمد نسيم .. ويتخذ قراره بتنفيذ العملية بنصف الفريق فحسب ..
وكان الحل السريع أن يكتفي نسيم بزرع المتفجرات تحت البريمة الرئيسية وأحد
الأعمدة فحسب بديلا عن الخطة الرئيسية بتفجير البريمة والأعمدة الثلاثة

وفى الفجر .. تسلل الأبطال تحت اشراف نسيم الى موقع الحفار وخلال ساعة
واحدة كانت المتفجرات فى أماكنها .. ومضبوطة التوقيت على السابعة صباحا ..
وخلال هذه الفترة أشرف نسيم بسرعة فائقة على سفر مجموعة العمل خارج ساحل
العاج واستقبال المجموعة التى كان مقررا وصولها فى الصباح لتحط فى أبيدجان
بطريقة الترانزيت وتكمل رحلتها خارج أبيدجان ..

وبقي نسيم وحده ينتظر نتيجة العملية .. ومن شرفة فندقه المطل على البحر
أخذ يعد الدقائق والثوانى التى تمضي ببطء قاتل .. حتى التقا عقربا الساعة
عند السابعة صباحا ليتعالى دوى الانفجارات من قلب البحر .. ويصبح الحفار
أثرا بعد عين فى الانفجار الذى هز أبيدجان .. لكنه كان كالموسيقي
الكلاسيكية فى أذنى نسيم ... والذى تأمل الحفار المحطم .. لترتسم ابتسامة
نصر مشرقة ومألوفة على الوجه الأسمر الصارم ..

وبعدها توجه نسيم الى أحدى مكاتب البريد ليرسل تلغرافا الى جمال عبد الناصر يقول له كلمتين فحسب " مبروك الحج "



هذا هو محمد نسيم أو نديم هاشم كما عرفه المشاهدون العرب فى المسلسل
التليفزيونى الشهير " رأفت الهجان " والذى كتب قصته الأديب الراحل صالح
مرسي وأخرجه المخرج يحيي العلمى .. لتنفجر الحماسة فى الشعوب العربية من
المحيط الى الخليج اعجابا بهؤلاء الأبطال الذين قدموا لأوطانهم أسمى معانى
الفداء ولم ينتظروا حتى مجرد كلمة شكر ..

أسود المخابرات العامة المصرية الأفذاذ .. العاملون فى صمت .. النائمون فى قلب الخطر .. رواد العظمة ..

ونجمهم رجل المستحيل محمد نسيم الذى اتخذ دوره الى جوار زملائه فى حرب
أكتوبر ليتمكن جهاز المخابرات العامة من احاطة ترتيبات الحرب بالسرية
الكاملة حتى ساعة الصفر القاتلة للعدو .. لتخرج المراجع العالمية معترفة
بانتصار المخابرات العامة المصرية على جهاز المخابرات الأمريكى والسوفياتى
والاسرائيلي والبريطانى ..



عندما يترجل الفارس

ومع بداية الثمانينيات .. وبعد عشرات العمليات الناجحة وشهرة واسعة ..
نالها الفهد الأسمر المصري اللواء محمد نسيم .. اعتزل البطل العمل السري
ليخرج من جهاز المخابرات الى وظيفة مدنية كوكيل لوزارة السياحة المصرية ..
وفى عام 1998م .. أسلم الفارس البطل .. روحه وجاد بأنفاسه الأخيرة بعد
رحلة مثمرة فى محراب البطولة تتوارى الى جوارها صفحات التاريخ خجلا ..
وتقدم جنازة البطل كبار رجال الدولة .. والعامة فى ميدان التحريرالذى يقع
فيه مسجد عمر مكرم الذى خرج منه جثمان البطل .. وتساءل العامة فى فضول ..
وهم يلقون نظرة على اللافته التى يحملها الجنود فى مقدمة الجنازة وتحمل
اسم البطل .. ترى من يكون محمد نسيم ؟؟







اللواء / عمر سليمان





متواضع.. هاديء.. له حضور.. متدين. هكذا يصف الأصدقاء والأعداء اللواء عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات المصري، غير أن الصفة الأقرب هي أنه اطفائي ممتاز للأزمات. وعلى غير عادة السياسيين ورجال السلطة في عشق الإعلام، فإن المسؤول المصري قد يسوؤه ان تتركز عدسات التلفزيون والمصورين الصحافيين عليه، بل يود أن ينجز المهمات الموكلة إليه بهدوء موقناً أن السرية تعزز فرص النجاح.

ليس غريباً على جهاز المخابرات المصري بأكمله أن يكون عزوفاً عن العلنية، فقد مرت سنوات طويلة كان الجهاز فيها مصنعاً للأبطال الحقيقيين الذين لايعرفهم أحد. لم يكن رفعت الجمال ابرزهم وإن حظي بالشهرة. وكان الهدف وقتها هو اثبات ان «الموساد» الاسرائيلي ليس اللاعب الاستخباراتي «رقم 1» في المنطقة وأن ما يشاع عنه مجرد أساطير زائفة ليست بأفضل حال من أسطورة جيش اسرائيلي الذي لا يقهر.

واذا كانت أسطورة «جيش الدفاع» قد انتهت بعبور القناة في حرب اكتوبر 1973، وجرى سحقها تماماً بالهروب من لبنان في مايو 2000، فإن اسطورة «الموساد» لقيت المصير نفسه بكشف جزء يسير من ملفات المخابرات المصرية.

وبسبب مواصفاته الشخصية، يحظى عمر سليمان بالتقدير والاعجاب والثقة من كل من يتعامل معهم. فمن النادر ان تجتمع لدى شخص واحد ثقة كاملة بالدرجة ذاتها من أطراف متعادية كما هي الحال مع «حماس» و«الجهاد» والسلطة الفلسطينية والأجهزة الأميركية والاسرائيلية في وقت واحد وهذا الأمر يجعله وسيطاً كاملاً.

في عصر عبدالناصر كان جهاز المخابرات المصرية حضوره الطاغي على المستويين الداخلي والخارجي، غير أن هذا الأمر تبدل على يد السادات ابتداء من منتصف السبعينات ووصل البعض إلى حد وصف ماجرى اثناء تولي رئاسة كمال حسن علي بأنه «تكسير لجهاز المخابرات»، لكن عمر سليمان أعاد للجهاز بريقه وحضوره، وبشكل ارقى مما كان في السابق، فلم يعد هيئة سلطوية ضاغطة في الداخل على انفاس المعارضين أو المنتقدين.

وانما تدخل كثيرا ليطفيء اللهب الداخلي. وبعدما تحول الصراع بين جماعات العنف في الصعيد وأجهزة وزارة الداخلية الى ثأر متبادل، اعاد جهاز المخابرات الأمور الى نصابها، فقلل من تجاوزات وسطوة مباحث أمن الدولة. ولعب دوراً في اطلاق كثيرين من السجناء على ذمة جماعات العنف، واوجد حالة من التراضي العام أو التصالح بين المواطن والسلطة في المناطق المشتعلة، خاصة في صعيد مصر.

وبسبب الغموض الذي يلف اللواء عمر سليمان، فإن اكثرية المصريين لا تعرف ابسط المعلومات الشخصية عنه، أو أين خدم في صمت قبل ان يعرف البسطاء في الشارع اسمه او يشاهدوا صورته عبر الصحف وهو الذى لم تبدأ صلتة بعالم الاستخبارات إلا في منتصف الثمانينات حينما عين قائدا للمخابرات العسكرية عام 1983 وفي عام 1993تسلم رئاسة جهاز المخابرات العامة ليصبح أول رئيس مخابرات يعرف اسمه وتنشر صورته على الملأ .


اللواء / عمر سليمان

وحتى العام 2003 لم يكن رئيس المخابرات العامة المصرية عمر سليمان معروفاً سوى في أوساط المخابرات المختلفة ولحفنة من كبار المسؤولين في المنطقة، فالرجل الذي يدير أقوى وأهم جهاز استخبارات في العالم العربي منذ سنوات حافظ على الصورة المعروفة لرجل المخابرات، التي تتسم بالغموض والابتعاد عن الأضواء.

وطيلة السنوات الأخيرة ظل ينظر لسليمان في مصر باعتباره الرجل القوي بعد الرئيس حسني مبارك، وهو الرجل الثقة والساعد الأيمن له، ويميل بعض المراقبين إلى اعتباره نائبا لمبارك عمليا، حتى وان لم يعين في المنصب رسميا، ويرى البعض أنه رجل الظل الذي يمسك بالكثير من أطراف خيوط اللعبة السياسية الداخلية والخارجية في مصر فى حين يرى البعض انه «أهمّ» رجل في مصر او «الحاكم السرّي»، وبحسب خبراء بما يدور في قصر الرئاسة، يشيرون إلى أنه وخمسة من رجاله المختارين، يشكلون مجلس الحكم الذي يدير البلاد ويتّخذ القرارات المهمة والمصيرية، وهو أول من يقابلهم الرئيس حسني مبارك وآخر من يتشاور معهم قبل النوم ، لم يعد عمر سليمان مجرد مدير مخابرات مقرب من مبارك، بل أصبح «الرجل القوى» أو «رجل الظل» أو «الرجل الثاني». كلها مسميات حامت حول الشخصية التي تعاملت معها الصحافة المصرية بمنطق الكتمان المبالغ فيه، رغم ان الصحافة الغربية والاسرائيلية كانت مهتمة به الى حد كبير. ولم تجرؤ صحيفة مصرية على نشر صورة عمر سليمان الا نقلاً عن الصحافة الاسرائيلية، هذا قبل ان يخرج من الكواليس ويؤدي ادواراً علنية سواء في رحلات مكوكية بين القاهرة وغزة أو بعد ذلك في دارفور واليمن أو على مستوى العلاقة المتذبذبة بين نظام مبارك والولايات المتحدة.

أما في الواقع الامني والسياسي الحاليين فإن عمر سليمان، هو المسؤول عن ملف إدارة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي من جانب مصر، فهو المسؤول الأول عن تقديم المشورة للفلسطينيين، سواء في التقديرات السياسية أو بشأن تنفيذ الاصلاحات الأمنية، ووكانت فكرة توحيد أجهزة الامن، الجيش والمخابرات الفلسطينية، في ثلاثة أو اربعة أطر فقط هي فكرة مصرية وتحديداً فكرة سليمان شخصياً هذا بالاضافة الى تولية لملف العلاقات مع السودان خلال فترة التوتر منتصف التسعينات والتى كانت بمثابة اولى ملفاته الخارجية بعد تولية منصب رئيس جهاز المخابرات.

ولا يبالغ المرء إذا أشار إلى أن هناك ما يشبه الاتفاق الضمني غير المعلن بين شتى الفرقاء والاتجاهات السياسية في مصر على اعتبار أن سليمان رجل وطني قبل كل شيء، يؤمن تماماً بأن مصر ينبغي أن تلعب الدور الأساسي في الشرق الاوسط، لهذا يعتبر "الإرهابَ" علي اختلاف منابعه تهديداً رئيسياً ليس لاستقرار الشرق الأوسط فحسب، بل ولاستقرار النظام المصري ذاته ، بل وتذهب بعض التحليلات الغربية لتوجهاته ابعد من ذلك بوصف ميوله بانها اميل إلى جمهورية عسكرية على الطريقة التركية الجيش فيها حامي النظام ومصر فيها زعيمة للمنطقة .

وفي القاهرة فإنه على الرغم من أن الناس يتحسبون كثيراً في التطرق لأي شأن يخص المخابرات العامة باعتبارها الكيان الامني الاكثر غموضا وحساسية، غير أن اللواء عمر سليمان يكاد يكون المسؤول الوحيد في مصر الذي لا تهاجمه الصحف المعارضة، ولا تمتدحه نظائرها الحكومية ولم تكن تشير إليه من قريب ولا من بعيد، قبل أن تضطره مهامه في الوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل الي الظهور من خلف اسوار الظل الحديدية التي يصنعها رؤساء الجهاز الامني المصري او ضباطه حول انفسهم عادة.

وتختلف المخابرات العامة المصرية عن مثيلاتها من أجهزة الاستخبارات الغربية كونها ليست قوية خارج مصر فحسب، ولكنها أيضاً تحظي بمهابة شديدة يكتنفها الاحترام داخل حدودها بصفة خاصة، ومع ذلك فإنه خلافا لرؤساء جهاز المخابرات السابقين وكبار ضباطه الذين كانت شخصياتهم مجهولة إلى حد كبير لعامة المصريين ولم يعرفوا سوي البعض منهم إلا بعد رحيلهم عن مناصبهم او عن الحياة بأكملها، فإن شخصية عمر سليمان أصبحت معروفة لحد كبير لأغلب المصريين بعد أن قرر الرئيس مبارك أن يعهد إليه بمهام الوساطة في تسهيل المفاوضات والاتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين .

في عام 1995، كانت الحرب بين الدولة والجماعات الإسلامية على أشدها، ولأن الأجهزة تمكنت من محاصرة العنف في مصر، بدأ مطاردون مصريون في الخارج يخططون لعمليات مثل مهاجمة السفارات، وبحاسته الأمنية، إضافة إلى المعلومات التي توافرت لديه عن اتجاه عدد من الأفغان المصريين إلى منطقة القرن الافريقي، طلب من الرئيس مبارك ان يستخدم سيارة مصفحة خلال زيارته لأديس أبابا لحضور قمة أفريقية، ورغم تهوين عدد من مستشاري الرئيس من الخطر الذي يدعو مبارك لاستخدام مصفحة، إلا أن عمر سليمان أصر على وجهة نظره ورغم اعتراضات البروتوكول الدبلوماسي، الا ان خطة سليمان نفذت وكان هو بنفسه في جوار الرئيس في المصفحة التي لم يخترقها وابل النيران..

واتضح ان حدس رئيس جهاز المخابرات الذي لم يكن قد اكمل عامين في منصبه كان صحيحاً، فقد حدثت محاولة اغتيال نجا منها الرئيس بفضل نصيحة عمر سليمان، ولو كان الرئيس وسليمان نفسه الذي ركب إلى جواره يستقلان سيارة عادية. ربما لتغير الأمر.

وفي تحقيق لصحيفة "هيرالد تريبيون" رسمت "بورتريه" كامل له، قالت فيه إن سليمان من مواليد 1935، وعين رئيسا لجهاز المخابرات العامة في العام 1993، وقد لمع نجمه في العام 1995، بعد أن أشار على الرئيس مبارك أن يصحب معه سيارته الليموزين المصفحة ضد الرصاص والقنابل وهو في طريقه لزيارة العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لحضور مؤتمر القمة الإفريقي .

وتمضي احدى الصحيفة الإسرائيلية قائلة إن عمر سليمان نفسه كان مع الرئيس مبارك داخل السيارة "علي الارجح" عند تعرضها للهجوم بالنيران من مجموعة من الأصوليين المتطرفين، بعد مغادرتها مطار أديس أبابا بقليل، وقد فشلت المحاولة ولكن صدقت نصيحة سليمان لمبارك وأصبح الرئيس مدركا بعدها أن أمنه يستقر في أيد أمينة، وأن الرجل موضع ثقة لا حدود لها .

ولأنه كتوم وله ميزات نادرة، فقد أصبح موضع ثقة مطلقة لمبارك، وهذا مكنه من ان يعرب عن كل ما يعتقده بشكل صريح من دون مواربة، وهذه الميزة جنبت مصر الاقدام على تغييرات كان يمكن ان تجلب سخطاً شعبياً.

ورغم ان المعارضة المصرية كثيراً ما تصب غضبها على رجال السلطة، إلا أن عمر سليمان استثناء من هذا، فهم يكنون له الاحترام ويرون أنه بسبب ماضيه العسكري يمثل صمام أمان ، فقد شغل منصب قائد لواء ثم قائد فِرقة فرئيس لفرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة ورئيس أركان منطقة ثم مدير للمخابرات العسكرية و شارك فى حرب اليمن وحرب 1967 وحرب اكتوبر 1973 وان لم يتم الافصاح عن تفاصيل اعماله في اي من تلك الحروب ، كذلك لم يكشف النقاب عن الدور الذى اضطلع به فى حرب الخليج 1991 وان كان له فيها دور كبير، وهو الوحيد من بين رؤساء المخابرات المصرية الذى يحمل لقب وزير .



الوزير / عمر سليمان

الرجل الغامض عمر سليمان :

ترجع جذور اللواء عمر سليمان إلى محافظة (قنا) في أقصى جنوب مصر، فقد ولد عمر سليمان عام 1935، وتوجه للقاهرة عام 1954 ولم يكن عمره قد تجاوز 19 عاماً ليلتحق بالكلية الحربية، وبعد تخرجه أوفده جمال عبد الناصر للحصول على تدريب مُتقدم في أكاديمية فرونز العسكرية بموسكو. ومُنتصف الثمانينيات أثبت تفوقه كخبير استراتيجي عسكري وحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من جامعتي عين شمس والقاهرة ، بعدها تولى ادارة المخابرات الحربية، قبل أن يتولى لاحقاً رئاسة جهاز المخابرات العامة الذي يتبع رئاسة الجمهورية مباشرة .

وفي ملف خاص عنه وصفته صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية بأنه يبدو للوهلة الأولى "ضابط مخابرات تقليدياً" أصلع الشعر، متوسط الطول، لا يثير الانتباه بصورة خاصة ، لكن الذين التقوه يقولون إن المرء يلاحظ عينيه السوداوين ونظرته الثاقبة، وأنه لا يميل إلى الكلام كثيراً، و عندما يتحدث فصوته هادئً ومنضبطً وكلماته متزنة، وتنسب الصحيفة الإسرائيلية إلى من تصفه بشخص تعرّف عليه، قوله إنه"شخص يترك إنطباعاً قوياً يملك ما يسميه العرب الوقار أو السمو ويتمتع بحضور قوي ومصداقية واضحة" .

وكما قالت صحيفة «لوس انجليس تايمز» الاميركية، فان «عمر سليمان يمسك اهم ملفات الامن السياسي في مصر، فقد كان هو العقل المدبر الذي يقف وراء تفتيت الجماعات الارهابية التي اجتاحت مصر في التسعينيات. وصار هو من يتولّى ملف القضية الفلسطينية، إحدى اهم القضايا الاستراتيجية فى السياسة المصرية» و يمد خيوطاً مع اطراف متعدّدة في المنطقة والعالم وهو الرجل قليل الكلام، الذى لا يتحدث ولا يراه احد خارج مكتبه الذي ينافس مكتب الرؤساء ، والذى طلب منه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أن يعود ودفعته «معادين للشيوعية». هذه القصة رواها أحد زملاء دفعة سليمان في «فرونزو» لصحافية أميركية اهتمت بتفاصيل حياة الرجل .

ويقول عنه جورج تينيت مدير "السي آي أي" السابق فى مذكراته «في قلب العاصفة» ترأس عمر سليمان جهاز الاستخبارات المصرية منذ سنوات وهو كلواء ورئيس للاستخبارات، طويل القامة ذو مظهر ملكي، يتمتع بالوقار والهيبة قوي جداً، ويتحدّث بتمهّل شديد كما أنّه وجذّاب و صريح تماماً في عالم مملوء بالظلال مباشر في كلامه شديد البأس ودؤوب وطالما عمل بعيداً عن الأضواء في محاولة لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين و لطالما كان سليمان دائماً في المكان والزمان يقتحم الأزمات بجرأة وصلابة لإقرار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عندما كان الجميع يفشل !!

وتمضي الصحيفة الإسرائيلية في تقريرها قائلة إن سليمان "يتصرّف بطريقة رئاسية، ويعبّر عن اعتداد بالنفس يندر مثيله في أوساط كبار الموظفين في العالم العربي، ويبدو أنه اعتاد على أن يتعامل الناس معه بوقار واحترام، والمحيطون به يعرفون ما يريد وما هي حاجاته حتى قبل أن يطلبها هو وتُقدّم له حاجاته في وقتها بالضبط، تصل القهوة أو الطعام أو المشروبات غير الكحولية أو السجائر إلى مكتبه وفق مواعيد دقيقة تماما، ومن دون الحاجة إلى إصدار تعليمات، فهذا الأمر يجري كأنه أمر بديهي"، على حد تعبيره .

وتنسب الصحيفة الإسرائيلية إلى دبلوماسي إسرائيلي سابق التقى سليمان في مكتبه قوله : "إن مكتبه يتسم بتدين واضح وبفخامة غير مألوفة، حتى يكاد يظن المرء أنه في قصر ملكي يجمع بين الفخامة والذوق الرفيع"، كما تنسب ذات الصحيفة إلى مصدر بجهاز استخبارات غربي زاره مراراً، قوله إنه حتى على مستوى الرؤساء العرب، فمكتبه ملفت للنظر ويشير بوضوح إلى مكانته الرفيعة، وإلى الطريقة التي ينظر الناس بها إليه في مصر، وإلى رؤيته شخصياً لنفسه .. إن مكانته أعلى من مجرد مكانة رئيس جهاز مخابرات .. إنها أعلى بكثير"، على حد ما نسبته الصحيفة إلى الدبلوماسي الإسرائيلي .

وحسب الصحيفة فلا يقتصر عمل سليمان على الشرق الأوسط وحده. فهو يقيم علاقات وثيقة مع أجهزة استخبارات غربية أخرى، مثل "السي آي أي" التي وجّه لها تحذيراً (شريط فيديو ) بأن بن لادن ينوي توجيه ضربة لم يسبق لها مثيل داخل الأراضي الأميركية قبل 8 أيام من احداث سبتمبر وهذا ما اكده الرئيس مبارك فى زيارة له للولايات المتحدة بعد الاحداث .

ونسبت ذات الصحيفة إلى من وصفته بمصدر مطّلع على الشؤون الاستخبارية قوله إنه "لم يكن تحذير سليمان مستغرباً، لأن الجناح العسكري لابن لادن يتألف من عناصر تنتمي بالأساس لتنظيمات مصرية كانت تسعى للإطاحة بالنظام في مصر وقد نجح سليمان وجهاز المخابرات العامة في اختراق تلك المنظمات خارج حدود مصر مراراً".

وأضاف: "لا أعتقد أن مدير أي جهازآخر يعرف أدق التفاصيل عن خصمه كما يعرفها هو، كما أن تحليله عن نوايا بن لادن وخططه لا ينبغي التهوين من أهميته، أو التشكيك فيه" اضف الي هذا تمتعه بحكمة بالغة في حل الازمات والتعامل مغ الفرقاء فقد حاز باعجاب العدو قبل الصديق .

فالرجل الأصلع ذو الشارب النحيف كما تصفه المصادر الصهيونية، مقاتل شرس في السلم كما في الحرب غير أنه يستخدم قفازات حريرية تجبر أعداءه على الوقوف احتراماً له ............





اشرف مروان







لن يظل* '‬أشرف مروان*' ‬لغزا* ‬غامضا إلي الأبد*.. ‬ولن يبقي مجرد نجم في عالم السياسة*.. ‬لمع ثم انطفأ*.. ‬بعد أن شغل العالم*.. ‬وحير* ‬أصدقاءه قبل* ‬أعدائه*.. ‬وظل يرقب ما يدور حوله من دوامات صافية*.. ‬وأخري عكرة ملوثة*.. ‬لايكاد يأبه بها أو يعيرها أي اهتمام*.. ‬من فرط ثقته بنفسه*.. ‬ومعرفته بقيمته وحقيقة دوره*.. ‬وحبه الشديد للوطن*.. ‬وتفانيه الذي يعجز عن النهوض* ‬بشيء منه الوالغون في خيرات مصر حتي التخمة*.‬ لقد كسر برحيله المفاجئ طوق الحصار الذي فرض عليه* .. ‬وفرضه هو علي نفسه* .. ‬التزاما بوطنيته،* ‬وحفاظا علي الأمن القومي المصري ومقتضياته،* ‬وترك لبلاده ان تتولي المهمة*.. ‬وتكشف عن الحقيقة،* ‬وتزيح الأستار الكثيفة المسدلة،* ‬تحول بينه وبين الناس،* ‬ليري الشعب المصري والعربي واحدا من أبنائه البررة،* ‬ويكتشف بنفسه كيف تكون* ‬البطولة وكيف يكون الأبطال،* ‬وهي مهمة وطنية وانسانية معا*.. ‬لأن الأبطال ليسوا ملكا لأنفسهم أو لأسرهم*.. ‬إنما هم ملك خالص لأوطانهم وللإنسانية*.‬
لقد تأخرنا كثيرا في الكشف عن* '‬أشرف مروان*'‬،* ‬وتقديمه لأمته وللعالم بطلا* ‬قوميا يحتل مكانه وسط طابور طويل من الأبطال العظام،* ‬الذين يضعهم الشعب بأجياله المتعاقبة في حبات العيون،* ‬وتعمر بذكراهم ملايين القلوب،* ‬وتهفو إلي سماع سيرتهم ملايين الافئدة،* ‬والذين لن يكون* '‬اشرف مروان*' ‬آخرهم*.‬
لقد بكت عيون كثيرة،* ‬وانفطرت أفئدة،* ‬وهاجت مشاعر في مسجد عمر بن عبد العزيز في مصر الجديدة الذي ضاق بالآلاف*.. ‬تودع ابنها،* ‬وشيخ الأزهر يؤم الصلاة علي جثمانه ويصفه بصوت خاشع بأنه* '‬كان مثالا* ‬للرجل المخلص لدينه*.. ‬ولأمته*' ‬ويطالبنا جميعا ونحن نؤدي الصلاة من خلفه في حضور ولديه* '‬جمال وأحمد*' ‬أن نخلص له في الدعاء*.‬
ولعله يكون درسا بليغا لنا،* ‬يفتح عيوننا وقلوبنا وعقولنا علي الحقيقة*.. ‬مجردة من الزيف والاباطيل،* ‬منزهة عن الأحقاد والضغائن وأمراض النفس* .. ‬التي تحيل الحق باطلا،* ‬والباطل حقا*.. ‬وهو ما عاني منه* '‬اشرف مروان*' ‬كثيرا،* ‬عندما عميت بعض القلوب بالأحقاد فتاهت منها الحقيقة،* ‬واتخذت من الأكاذيب الإسرائيلية مراجعها المعتمدة،* ‬ومصادر معلوماتها*.. ‬وتسابقت في تبديد مزاعم الموساد والنفخ فيها،* ‬ونافستها صحف عربية* ‬غافلة تصدر في لندن وغيرها بأموال مشبوهة،* ‬تصنع من الأكاذيب حلقات ودراسات دون أن يرد إلي اذهانهم أنهم جلسوا بكامل ارادتهم المضللة في مقاعد عملاء* '‬إسرائيل*' ‬وخدام الموساد*.. ‬ولم يهملوا أبطالهم فقط*.. ‬بل أهالوا عليهم التراب في الوقت الذي تسعي فيه* '‬إسرائيل*' ‬وأمام عيونهم لوضع أكاليل البطولة علي رءوس الأنذال والجواسيس الخائبين الفاشلين*.. ‬ومثلما فعلو مع* '‬عزام عزام*' ‬الجاسوس الإسرائيلي الذي اوقعت به المخابرات العامة المصرية ومرغت سمعة الموساد الإسرائيلي في التراب،* ‬وظل مسجونا في مصر رغم طلبات الصفح ووساطات الدول حتي تم الافراج عنه ضمن صفقة سياسية*.. ‬فاستقبلوه* ‬في* '‬إسرائيل*' ‬استقبالا رسميا وشعبيا كما لو كان بطلا* ‬وليس مجرد عميل فاشل للموساد*.‬
لقد كتب الأستاذ* '‬مكرم محمد احمد*' ‬في عموده بالأهرام* '‬نقطة نور*' ‬ما يستحق ان نردده ونستشهد به* '‬عندما نشر رئيس الاستخبارات العسكرية السابق خلال حرب اكتوبر كتابه الاسطورة مقابل الحقيقة قبل اربع سنوات مدعيا أن* '‬أشرف مروان*' ‬كان عميلا* ‬وأمد إسرائيل بمعلومات عن يوم الحرب،* ‬اعتبرتها بعض الاقلام معلومات صحيحة وسليمة وبدأت حملة شرسة ضد اشرف مروان*.. ‬وقد قابلته وحرضته علي الكلام والرد*.. ‬قال*: ‬كيف تصدق الصحافة المصرية رواية مصدرها الموساد الإسرائيلي الذي يسعي للانتقام ممن* ‬غرر به*.. ‬هل سمعتم عن جهاز استخبارات دولي فضح عميلا له؟ وإذا كانوا قد عرفوا فلماذا بوغتوا وانهزموا؟*! ‬ورفض أن يحكي لي أية تفاصيل*.. ‬لأن الأمر كله أكبر منه ويتعلق بأمن مصر*.. ‬ومن الضروري أن توافق أعلي السلطات المصرية علي أن يتكلم،* ‬وبدون هذه الموافقة سوف تظل الحقائق حبيسة صدره*'. ‬مؤكدا أن الوقت* ‬قد حان لكي تزيح مصر الستار عن قصة* '‬اشرف مروان*' ‬مع الموساد الاسرائيلي*.. ‬دفاعا عن الرجل*.. ‬ربما يختلف الكثيرون علي شخصه*.. ‬لكن الامر المؤكد انه قدم خدمات جليلة لأمن مصر القومي*'.‬
هكذا تساءل* '‬مكرم محمد احمد*' ‬مندهشا*.. ‬ونحن معه*.‬
مروان والسادات
قضي* '‬اشرف مروان*' ‬38عاما تحت الاضواء منذ عين برئاسة الجمهورية سكرتيرا مساعدا للمعلومات*.. ‬معاونا للوزير برئاسة الجمهورية* '‬سامي شرف*'‬،* ‬وعاصر ثلاثة عصور*: ‬عصر عبد الناصر،* ‬وعصر السادات،* ‬وعصر مبارك*.. ‬وهي اطول مدة يمكن ان يقضيها مسئول في مثل حساسية المهام والأدوار التي تحتمها ظروف العمل بالقرب الشديد من قمة السلطة،* ‬ورغم المؤامرات التي حيكت ضده لأسباب لا حصر لها،* ‬مثل منعه من الاستئثار بالرئيس،* ‬أو النيل من عبد الناصر وما يمثله،* ‬أو الخوف من يقظته وذكائه الشديدين،* ‬أو الانتقام منه لمجرد انه زوج ابنة عبد الناصر*.. ‬إلي* ‬غير ذلك من الدوافع التي تحرك اغلبية العاملين في كواليس السلطة بدرجاتها*.. ‬رغم كل ذلك ورغم المؤامرات التي حيكت ضده فقد خرج منها جميعا طاهر الثوب مبرأ* ‬من كل شائبة*.


وعندما انفرد* '‬السادات*' ‬بالسلطة بعد احداث* ‬15مايو* ‬1971* ‬وضرب رجال* '‬عبد الناصر*' ‬ووضعهم في السجون اختار لسبب او لآخر ان يحتفظ ب'اشرف مروان*' ‬وعينه سكرتيرا للمعلومات* ‬خلفا ل'سامي شرف*'‬،* ‬ليظل ملازما للسادات بشكل يكاد يكون دائما مما اثار عليه الزوابع من كل اتجاه،* ‬حيث بدأ السادات* ‬يكلفه بمهام تدخل في اختصاصات العديد من المسئولين والوزارات وعلي رأسها وزارة الخارجية*.. ‬وبدأ من خلال السادات يلتقي بكل ضيوف مصر،* ‬من الملوك والرؤساء العرب والأجانب علي السواء*.. ‬ويبدو أنه كان يتمتع بالكثير من الحضور وكان يمتلك* '‬كاريزما*' ‬خاصة رغم صغر سنه،* ‬فأصبح صديقا* ‬مقربا من الجميع*.. ‬وبدأت المؤامرات بشكل مبكر،* ‬فكانت اول وشاية ضده عام* ‬1971* ‬حيث تم إبلاغ* ‬السادات بحصوله علي عمولة كبيرة من وراء صفقة سيارات للرئاسة،* ‬وأمر السادات المستشار* '‬محمد ابو علم*' ‬المنتدب للعمل بالرئاسة للتحقيق في الأمر*.. ‬وثبتت براءة* '‬اشرف مروان*'.‬
ثم سربت وزارة الخارجية خبرا لصحيفة* ‬اخبار اليوم حول سرقة مجوهرات بعشرات الألوف من* ‬غرفة* '‬اشرف مروان*' ‬بأحد فنادق لندن،* ‬ونشرت أخبار اليوم ومجلة آخر ساعة تحقيقات مطولة عما وصفته ب'الفضيحة*'.. ‬وأمام السادات تحدي* '‬اشرف مروان*' ‬كافة الاطراف وطالبهم بالبينة،* ‬وكلفت أخبار اليوم* '‬زغلول السيد*' ‬مدير مكتبها في لندن بتحري الحقيقة بتكليف من السادات* .. ‬وكان رد* '‬زغلول*' ‬بعد فترة انه سعي لدي كل الجهات بما فيها الشرطة البريطانية* '‬اسكوتلاند يارد*' ‬وبعض الجهات الأمنية السرية،* ‬ونفي الجميع صحة هذه المزاعم،* ‬ورفض* '‬مروان*' ‬مقاضاتهم كما طالبه السادات بذلك*.‬
واستمرت المؤامرات علي* '‬اشرف مروان*' ‬من جهات متعددة،* ‬وقد بلغت أوجها بتوجيه فريق امني* '‬خاص جدا*' ‬لمحاولة الايقاع به من خلال دخول مسكنه في القاهرة خلال أسفاره مع اسرته،* ‬ومكنته قدراته الخاصة من التمويه وعمل كمين للفريق الامني واعتقاله داخل مسكنه متلبسا،* ‬ولم يفرج عنه الا بعد اتصال السادات به،* ‬وكان يومها في* '‬إسرائيل*' ‬وأبلغ* ‬بالخبر*.‬
حفاظ علي التوازن
عندما اقصي السادات الكاتب الكبير* '‬محمد حسنين هيكل*' ‬من الاهرام،* ‬ووضع علي رأسها* '‬علي امين*'‬،* ‬وأمر بالافراج الصحي عن شقيقه* '‬مصطفي امين*' ‬المسجون آنذاك علي خلفية قضية* ‬التجسس الشهيرة بعدما فشل في إعادة محاكمته حيث ابلغه رجال القضاء بأن الوقائع المحققة والادلة الثابتة من واقع اعترافاته لن تمكنهم من الافراج عنه او حتي تخفيف الحكم*.. ‬بدأت تتجمع حول السادات حلقة متنافرة من الأعوان،* ‬لم تكن علي نفس الدرجة من الكفاءة أو الأهداف،* ‬وقد ضمت بالطبع الراحلين* '‬علي ومصطفي أمين وجلال الحمامصي وموسي صبري*' ‬وبعض الاصهار*.. ‬كانت المجموعة مثل أهل الكهف العائدين بعد مرور حقب وأزمان*.. ‬تريد أن تعيد عجلة الزمان إلي الخلف،* ‬وتحلم بماض ذهب وولي*.. ‬كانت لنقيب شاب مثل* '‬اشرف مروان*' ‬يثق فيه السادات ويستمع اليه،* ‬ويبهره ذكاؤه،* ‬ويري اقبال ضيوفه من الملوك والرؤساء عليه وازالة الحواجز فيما بينه وبينهم*.‬
كان العائدون بخلفيتهم الناقمة علي* '‬جمال عبد الناصر*' ‬وثورة* ‬23يوليو يرون في* '‬اشرف مروان*' ‬نبتة وثمرة لكل ذلك،* ‬إلي جانب عوامل اخري متعددة*.. ‬كرست كراهيتهم له،* ‬وخشيتهم منه،* ‬وقد ظهر كل ذلك في كتابات* '‬من يكتب منهم*' ‬وعبرت مقالات* '‬آل امين*' ‬المتتابعة عن ذلك ومعه* '‬موسي صبري*'‬،* ‬وكتابه* '‬السادات*.. ‬الحقيقة والاسطورة*' ‬وكتابا* '‬جلال الدين الحمامصي*' '‬القربة المقطوعة حوار وراء الاسوار*' ‬ثم كتاب* '‬تجربتي*' ‬ل'عثمان احمد عثمان*' ‬فيما بعد*.. ‬وهي الكتابات التي استند اليها البعض في حملاتهم علي* '‬اشرف مروان*'‬،* ‬تجاوبا مع تسريبات الموساد الإسرائيلي*.. ‬ثم عقب رحيل* '‬اشرف مروان*' ‬حتي قطع ألسنتهم الرئيس* '‬حسني مبارك*' ‬بتصريحاته القاطعة وتقديره ل'مروان*' ‬ووصفه بالبطل الوطني الذي ادي لبلاده وأمنها القومي خدمات لايمكن التغاضي عنها وان كان الوقت لم يحن للكشف عنها جميعا*.‬
كانت مؤامرات ووشايات وتلفيقات العائدين من الكهف ضد* '‬اشرف مروان*' ‬لا تتوقف،* ‬ونجاحه في دحضها كلها لايتوقف أيضا*.. ‬جلس السادات يتفرج*.. ‬كان يفضل كعادته ان يمسك العصا من المنتصف،* ‬وربما كان له في ذلك فقط بعض الحق*.. ‬فهو لا يستطيع الاستغناء عن* '‬اشرف مروان*'‬،* ‬وفي ذات الوقت لايمكنه التنكر لرجاله،* ‬ولم يبق له* ‬غيرهم*.‬
كان دون شك يخشي طغيان* '‬اشرف مروان*' ‬بذكائه وتطلعاته وعلاقاته التي كان السادات نفسه يعتمد عليها،* ‬ويستخدمها،* ‬فأراد ان يضع له شوكة في مقعده*.. ‬لا تترك له وقتا للراحة،* ‬وتجعله في حاجة دائمة الي حماية السادات واللجوء إليه*.. ‬وفي نفس الوقت كان يفكر في رجاله أو بقايا الرجال*.. ‬ورغم عزلتهم وغربتهم عن الجماهير فهم الأقربون،* ‬لا يجد* ‬غيرهم في وقته الراهن،* ‬ولا يريد أن يفقدهم رغم المتاعب التي يمكن لهم أن* ‬يجلبوها له ولنظامه الذي لم يستقر بعد*.. ‬وكان عليه البحث عن وسيلة لتحجيمهم،* ‬والحد من حركتهم،* ‬وكانت الوسيلة* '‬اشرف مروان*' ‬الذي كان يرصد تحركاتهم ويناقش السادات في أمورهم* .. ‬ويوم قال له*: '‬إن علي ومصطفي امين اصبحا يمثلان عبئا علي النظام* ‬،* ‬وحرص السادات علي تسريب هذا الرأي*..‬ انطلق* '‬علي ومصطفي امين*' ‬في الكتابة عن* '‬الطفل المعجزة*' ‬وسكبا انهارا من المداد في ذلك المجري*.‬
وكعادته*.. ‬كان السادات سعيدا بما يجري لأنه يضمن له تحقيق نوع من التوازن والحفاظ علي كفتي الميزان حتي لاترجح احدي الكفتين،* ‬ويظل الاستقرار الذي ينشده سائدا،* ‬وحاجة الفريقين اليه ككبير للعائلة*.‬
* ‬أحاديث الإفك
في كتابه* '‬السادات*.. ‬الحقيقة والاسطورة*' ‬خصص* '‬موسي صبري*' ‬الفصل العشرين للحديث عن* '‬شخصيات كانت قريبة من السادات*' ‬وحدد منها عشر شخصيات*: '‬مصطفي خليل سيد مرعي عزيز صدقي عبد العزيز حجازي ممدوح سالم منصور حسن النبوي اسماعيل حسن كامل اشرف مروان عثمان احمد عثمان*'.. ‬وقد حظي البعض من هؤلاء بست صفحات من الكتاب،* ‬والبعض الآخر بصفحتين لاغير،* ‬غير أن الدكتور أشرف مروان حظي ب16صفحة كاملة قال فيها* '‬موسي صبري*' ‬في* '‬اشرف مروان*' ‬اكثر بكثير مما قال مالك في الخمر ولكنه لم يتمكن من الصاق ادانة واحدة به،* ‬ولم يستطع أن يثير حوله أي نوع من الريب والشكوك*.. ‬أكثر من ذلك فقد ادان نفسه أكثر من مرة،* ‬وأساء إلي صديقه* '‬السادات*' ‬دون أن يدري،* ‬فقد عدد كافة الاشاعات التي صنعوها ورددوها ثم صدقوها،* ‬ومنها اشاعة* '‬العمولات الخاصة بسيارات الرئاسة*' ‬وغيرها خاصة بطيارات وأسلحة،* ‬إلي جانب اشاعة المجوهرات التي سرقت من حجرته بفندق لندن،* ‬وأرجع تبرئة* '‬اشرف مروان*' ‬منها جميعا رغم التحقيقات التي امر بها* '‬السادات*' ‬لذكاء اشرف وعدم رغبة السادات في إدانته حتي لا يسيء لتاريخ عبد الناصر ضمنا*!‬
وقد حاول* ' '‬موسي صبري*' ‬أن يطعن مروان بسبب علاقته بالقادة الليبيين الشبان،* ‬وعزاها لتقارب السن وما وصفه ب'طيش الشباب*' ‬واختار لصداقته الحميمة* '‬عبد السلام جلود*' ‬الذي ألمح أنه يعيش عمره بالطول والعرض ويجد في مصر وصداقة مروان* '‬حرية*' ‬لا يتمتع بها في ليبيا،* ‬وفي ظل القيود التي فرضها عليهم القذافي*.. ‬وهذه ايضا فشل الجميع في استخدامها ضد مروان،* ‬كما فشل* ‬غيرهم حتي اليوم في الإساءة إلي شخصه من خلالها،* ‬حيث اجمع اصدقاؤه المقربون كما اجمعت الجاليات العربية في لندن علي أنه لم يكن يشرب الخمر*.. ‬وكان يداوم علي الصلاة والحج*.‬
ومن اللافت إلي الانتباه أن يعترف* '‬موسي صبري*' ‬بأن جلسات مطولة كان يرتب لها* '‬أهل الكهف*' ‬مع اصهار السادات للضغط عليه حتي يستبعد* '‬اشرف مروان*'‬،* ‬ويذكر واقعة محاصرة عديله* '‬محمود ابو وافية*' ‬له،* ‬وسؤاله المتكرر عما يعجبه في* '‬مروان*' ‬بعد ما اثير حوله وكان رد* '‬السادات*' ‬انه يقوم بأدوار لاتسمح كرامته بالقيام بها،* ‬وهو ما فسره المرجفون كل بما يريده*.‬
ولم ييأس* '‬موسي صبري*' ‬وجماعته،* ‬واستمر يلمح لعلاقة بين* '‬مروان*' ‬والملك* '‬حسين*'‬،* ‬ثم علاقة خاصة مع* '‬كيسنجر*' ‬أشهر وزير للخارجية* ‬الأمريكية،* ‬بل أكثر من ذلك عن علاقات* '‬مريبة*' ‬مع كمال أدهم شقيق زوجة الملك فيصل وقتها ومسئول المخابرات السعودية والرجل وثيق الصلة بالمخابرات الأمريكية المركزية،* ‬مع أن المعروف أنه صديق شخصي للسادات منذ البدايات الأولي من ثورة يوليو حتي مصرعه،* ‬وما جري خلال هذه الصداقة الممتدة من وقائع وادعاءات لا داعي للخوض فيها بعد أن تعرض لها الأستاذ محمد حسنين هيكل في أكثر من كتاب ومناسبة ومعه آخرون*.‬
ولم يتركه المرجفون حتي بعد اقصائه عن العمل برئاسة الجمهورية إلي جوار السادات ورئاسته للهيئة العربية للتصنيع*.. ‬ظلوا يتعقبونه ويثيرون حوله الشائعات خاصة بعدما ثبت لهم أن السادات* ‬غير قادر علي الاستغناء عن خدماته،* ‬وأنه مازال يكلفه بمهام لا يستطيع* ‬غيره إنجازها مع الملوك والرؤساء العرب والأجانب*.. ‬ومن جديد بدأت جلسات الإفك والنميمة،* ‬والضغط علي السادات بحجة تضخم ثروة مروان،* ‬وقال لهم السادات*: ‬إن الملوك والرؤساء العرب المساهمين في هيئة التصنيع العربية هم الذين اختاروه،* ‬وحددوا له مرتبا* ‬شهريا* ‬يبلغ* ‬30* ‬ألف دولار،* ‬ووضعوا تحت تصرفه طائرة خاصة،* ‬وأنه أستطاع ابرام العديد من الاتفاقيات مع فرنسا وانجلترا بخصوص قطع الغيار المطلوبة للمصانع الحربية وتطوير تكنولوجيا التسليح*.‬
ولكن الحملة لم تتوقف بل اشتعلت وبدأت سلسلة مقالات* '‬علي أمين*' ‬عن* '‬الطفل المعجزة*' ‬واتهامات وتحذيرات* '‬موسي صبري*' ‬واندفاعات* '‬جلال الدين الحمامصي*' ‬التي فاقت كل حد لدرجة اتهام عبدالناصر نفسه بالاستيلاء علي عشرة ملايين من الجنيهات*.. ‬وتحت ضغط الرأي العام واستنكاره الشديد أمر السادات المدعي الاشتراكي بتولي القضية والفصل فيها*.. ‬وقد ثبت كذب ما تردد مما جعل السادات يصدر بيانا يتهمه فيه بالحقد والاندفاع* ‬غير العقلاني وراء دوافع واوهام الانتقام*.‬
ولكن الحمامصي بقوة دفع المجموعة بدأ يدير الضفة ناحية اللواء* '‬أبو الوفا مروان*' ‬والد أشرف،* ‬رئيس مجلس إدارة الأسواق الحرة ويتهمه في ذمته المالية*.. ‬ومن جديد ثبتت براءته*.. ‬وتبددت الأكاذيب*.‬
الشرف الوهمي
وخلال هذه الحرب المشتعلة يعترف* '‬موسي صبري*' ‬في كتابه أنه جمعه لقاء* ‬غير مدبر مع الدكتور أشرف مروان الذي عاتبه وتحداه،* ‬فسأل* '‬موسي*' ‬إن كان مستعدا* ‬لمواجهة الاتهامات المنسوبة إليه*.. ‬قال مروان إنه لا* ‬يطلب أكثر من ذلك،* ‬فكلف* '‬إبراهيم سعدة*' ‬بإجراء مقابلة صريحة تتخطي كافة الخطوط مع* '‬مروان*' ‬لنشرها في* '‬أخبار اليوم*' ‬وزوده بكل الحجج والاشاعات لإحراجه ومحاصرته*.. ‬ويعترف موسي في كتابه دون خجل قائلا*: '‬وأجري إبراهيم سعدة الحديث،* ‬وقرأت البروفة،* ‬ولكنني منعت النشر*.. ‬واتصل بي رسول من* '‬أشرف مروان*' ‬تليفونيا أكثر من مرة للتعجيل بنشر الحديث،* ‬ولكنني اعتذرت عن عدم النشر*'. ‬وأثبت موسي فعلا* ‬حرصه المزعوم علي* '‬شرف المهنة*' ‬الذي كان يتحدث عنه بمناسبة وبدون مناسبة*.‬
وعندما أصدر السادات قراره الجمهوري بانهاء إعارة* '‬أشرف مروان*' ‬للهيئة العربية للتصنيع وإلحاقه بوزارة الداخلية صدرت جريدة* '‬الأخبار*' ‬وعلي صدر صفحتها الأولي،* ‬وعلي مساحة تحتل الجزء الأكبر منها قائلة*: '‬انتهت أسطورة أشرف مروان*.. ‬قرار جمهوري بإقالته من هيئة التصنيع العربية*'.. ‬ولم تكتمل فرحة موسي صبري وفريق العائدين من الكهف*.. ‬ففي المساء أعلن السادات أن* '‬مروان*' ‬هو الذي قدم استقالته وأنه في طريقه الآن يحمل ثلاث رسائل من السادات لثلاثة من الملوك والرؤساء الذين تسهم بلدانهم في هيئة التصنيع العربية*.. ‬وكانت لطمة* '‬علي خلفية الحفاظ علي التوازن*'.. ‬ولملم* '‬موسي صبري*' ‬أوراقه وترك أخبار اليوم وجلس في بيته*.‬
لم تكن المرة الأولي التي ينسحب فيها* '‬موسي صبري*' ‬غاضبا* ‬علي طريقته من السادات*.. ‬فعلها عدة مرات قبل ذلك خاصة عندما منح السادات* '‬أشرف مروان*' ‬وسام الجمهورية من الدرجة الأولي تقديرا* ‬لما قام به من جهود خلال حرب أكتوبر* ‬1973،* ‬وفي كل مرة كان* '‬موسي*' ‬يعود إلي عمله بعد مكالمة مقتضبة من سكرتارية السادات*.‬
وقصص أخري كثيرة حفلت بها كتب موسي صبري وجلال الحمامصي تبخرت كلها كدخان في الهواء،* ‬ولم يصدقها أحد باستثناء بعض الأقلام الصحفية في مصر التي احترفت البحث في صناديق النفايات تلملم في سعادة بلهاء*.. ‬وتتوهم أنه يمكن لها أن تصنع منها عقودا* ‬من ماس وفخار تزين به صدورها الخاوية من أي شيء ينفع الناس*.‬


وذهب السادات بأسلوبه بالحفاظ علي التوازنات ومعه الحلقة الخاصة من أهل الكهف واصهاره وعدايله وأصدقاؤه المقربون،* ‬وانتهت حقبة كان التطاحن الداخلي واشتعال المعارك والصراعات في دائرة الحكم خلالها هي وسيلة الحاكم للبقاء في موقعه،* ‬فقد كان حكما تحتاج إليه الأجنحة المتصارعة،* ‬تفعل ما يريد طمعا* ‬في وده ومناصرته*.‬
وجاء مبارك ليسجل له التاريخ عدم امتثاله للضغوط مهما كان مصدرها،* ‬وانحيازه للحقيقة في أمور تخص الوطن،* ‬ومن ثم كانت وقفته ناصعة الوضوح من* '‬أشرف مروان*' ‬وما يمثله وانتصاره له بأسلوبه الخاص*.‬
وعندما ثار الجدل المسرحي في* '‬إسرائيل*' ‬حول* '‬أشرف مروان*' ‬خلال السنوات التي أعقبت هزيمتها في أكتوبر* ‬73،* ‬ومحاولة البحث عن أسباب الهزيمة وإيجاد مبررات لها،* ‬وبعد اكتشاف حقيقة* '‬مروان*' ‬ودوره الأساسي في خطة الخداع والتغرير بقادة إسرائيل ورؤساء الموساد والاستخبارات الحربية صمموا علي الانتقام منه وحرقه وطنيا،* ‬وتلويث شرفه وتاريخه،* ‬وافتعلوا مسرحية مكشوفة محورها الأساسي* '‬أشرف مروان*'.. ‬وهل كان جاسوسا* ‬لإسرائيل أم عميلا* ‬مزدوجا*.‬
والتقطت بعض الأقلام المصرية والعربية التائهة في فراغ* ‬العقم والافلاس ما تناثر عن عمد من* '‬الصراع*' ‬داخل إسرائيل واعتمدته كحقائق،* ‬وبنت عليه،* ‬وغنت علي إيقاعاته،* ‬وصمت* '‬أشرف مروان*' ‬أمام الحملة الإسرائيلية المخططة واصدائها الشائهة في مصر والعالم العربي*.. ‬واعفاه الرئيس مبارك من محاولة الرد،* ‬وتولي هو المهمة بأسلوبه الخاص،* ‬وفي نفس عام الحملة،* ‬ولمعت الشاشات المحلية والاقليمية والعالمية ومعها الصحف بصورة مبارك يحتضن* '‬أشرف مروان*' ‬أمام ضريح عبدالناصر،* ‬ويصحبه كي يشاركه في وضع أكاليل الزهور علي قبر الزعيم،* ‬وكان ردا* ‬لا يماثله في البلاغة والتوقيت رد آخر*.‬
لقد نسف في هدوء وحنكة المؤامرة الإسرائيلية من أساسها،* ‬ومعها الذيول والتوابع،* ‬ونشرت* '‬يديعوت أحرونوت*' ‬صرخة النهاية التي أطلقها الصحفي والكاتب الإسرائيلي ذائع الصيت* '‬روني برجمان*' ‬أحد مؤلفي كتاب* '‬زمن الحقيقة*'.. ‬كانت صرخته مدوية في وجه قادة التدبير والتزوير* ‬والانتقام في إسرائيل*: '‬علي الجدل الإسرائيلي حول أشرف مروان* ‬أن يتوقف*.. ‬لأن أشرف مروان كان مجرد بطل قومي مصري*.. ‬وصورة مبارك الذي قاتلنا في حرب أكتوبر وهو يحتضنه بمودة وتقدير كبيرين أبلغ* ‬من ألف سجال أكاديمي إن كنتم تعلمون*.‬
التكريم مجددا
وعقب الرحيل المفاجئ والمريب للدكتور أشرف مروان حاولت دوائر الاستخبارات الصهيونية أن تستغل المناسبة وتعيد مسلسل الهذيان الذي أخمده مبارك من قبل،* ‬وتململت بعض الأقلام المصرية والعربية تتحسس مواقع أقلامها،* ‬وتتبين اتجاه الريح*.. ‬ونشرت بعض الصحف الخبر بما لا يليق به*.. ‬توجسا وريبة،* ‬وإيثارا* ‬للسلامة*.. ‬وداهمهم كالعادة* '‬مبارك*' ‬عندما أعلن علي الملأ أن أشرف مروان رجل وطني بمعني الكلمة*.. ‬وأن الرئيس السادات والمشير أحمد إسماعيل تحدثا معه خلال حرب أكتوبر عن أدوار عظيمة أداها بكفاءة وشجاعة استحق عليها وسام الجمهورية من الطبقة الأولي،* ‬ووعد بأن الدولة تنتظر انتهاء التحقيقات لتصدر بيانا رسميا بشأن كل ما أثير حول أشرف مروان،* ‬مؤكدا أن الأمن القومي المصري يدرك ويتصدي لمحاولات الاختراق عن طريق نشر الأكاذيب والشائعات وتلفيق القصص والروايات*.‬
ولأن الشعب كالبحر لا يتلوث ولا ينخدع بالأكاذيب والأضاليل،* ‬فقد التفت الجموع تتقدمها القيادات الرسمية والشعبية حول جثمان أشرف مروان ملفوفا بعلم مصر في مشهد مهيب وصفته الأقلام الوطنية بأنه رسالة واضحة للجميع،* ‬وتأكيد علي مكانة الشهيد في قلوب المصريين*.. ‬كما نشرت الصحف الوطنية أن جثمان أشرف مروان حظي باهتمام رئاسي بالغ،* ‬واستقبال رسمي علي أعلي المستويات منذ لحظة وصوله حتي دفنه،* ‬فكان في استقباله لدي وصوله المطار رئيس ديوان رئيس الجمهورية ووزير الطيران المدني وعدد كبير من المسئولين،* ‬وأشرفت الرئاسة علي كافة الترتيبات بالكامل ابتداء من تنظيم الإجراءات حتي تخصيص سيارة نقل الموتي التابعة لرئاسة الجمهورية*.‬
• • •
وهكذا تكون البطولة*.. ‬وهكذا يكون الأبطال*.. ‬ويزدان صدر الوطن بالرموز التي تظل حية في قلوب وعقول الناس بعد أن قامت بواجبها تلبية لنداء الوطن بشجاعة نادرة،* ‬وتجرد كامل من الأهواء،* ‬وترفعا عن الصغائر*.. ‬ثم تمضي في طريقها المقدر*.. ‬دون كلمة،* ‬أو انتظار لشيء*.. ‬تاركة للتاريخ حقه في تسجيل ما رآه ولمسه وتحقق من صحته*.. ‬ولشعبها ذكريات* ‬غالية تفيض بالمحبة والشجن الإنساني،* ‬وبابا مشرعا لمزيد من البطولات*.. ‬وأرضا* ‬خصبة طاهرة تنبت الأبطال والرجال*.‬

جمعهما الرهان علي الوطن* ‬
72‬ساعة فقط فصلت بين البطل والجاسوس*!‬

آلاء حمزة
72* ‬ساعة فقط فصلت بين نهاية ملحمة* '‬أشرف مروان*' ‬البطل الذي قدم لوطنه الكثير،* ‬وآخر باع نفسه وهو* '‬شريف الفيلالي*'.. ‬الذي مات وحيدا شريدا بين جدران سجن ليمان طره،* ‬مات دون أن* ‬يجذب بعضا من الاهتمام الذي احيطت به قضية الدكتور* '‬أشرف مروان*'.‬
ورغم اختلاف المكان والزمان إلا أن خطوات القدر كانت تسير نحو نهاية بطل مصري مخلص حتي النخاع رفض الدفاع عن نفسه حفاظا علي أسرار الأمن القومي حتي وإن
كلفه حياته،* ‬وجاسوس اعترف بكل وقاحة بالخيانة والتجسس مقابل حفنة من الدولارات*.‬
الغريب أن جهاز المخابرات الصهيوني* (‬الموساد*) ‬نفي صلته بشريف الفيلالي وشريكه الروسي الأصل* '‬جريجوري جفنت*' ‬علي الرغم من المعلومات التفصيلية التي توصل اليها جهاز المخابرات المصرية،* ‬بما كان سببا في قيام جهاز مباحث أمن الدولة بإلقاء القبض علي* '‬الفيلالي*' ‬في شقته بمصر الجديدة* (‬أرض الجولف*) ‬أثناء تلقيه رسالة من* '‬جريجوري*'‬،* ‬ساعتها تركته اسرائيل* ‬يواجه مصيره بالسجن لمدة* ‬15* ‬عاما :علي الجانب الآخر حاول الصهاينة جاهدين تلويث سمعة البطل* '‬أشرف مروان*' ‬بعدما وجه صفعة لأجهزة المعلومات الصهيونية،* ‬ونجح في أن* ‬يكسب ثقة رئيس جهاز الموساد السابق تسفي زامير،* ‬وغرر به مروجا أنه كان عميلا للموساد وأن اسمه الحركي* '‬بابل*' ‬أثناء الحرب وأنه قدم الكثير لإسرائيل : وبينما لم تجد الادعاءات الصهيونية أبواقا تصدق علي كلامها زيفت إسرائيل القول وادعت أن مروان كان عميلا مزدوجا* (‬مصري إسرائيلي*) ‬بعد أن اكتشفت أنها شربت أكبر مقلب في حياتها وأنه كان السبب في هزيمتها: واستمر الجدل حول شخصية* '‬مروان*' ‬لدرجة أن الصحف العبرية وعلي رأسها* '‬يديعوت أحرونوت*' ‬نشرت استفتاءات علي صفحاتها طلبت مشاركة القارئ في حل اللغز*: ‬هل تعتقد أن* '‬أشرف مروان*' ‬كان عميلا لإسرائيل أم مخلصا لوطنه ؟ وتبعها بعض الصحفيين العرب* ‬يلوكون بأقلامهم خوضا في شرف* '‬مروان*' ‬حتي جاءت اللحظة الحاسمة عندما شاهد أحد رجال الاستخبارات الإسرائيلية المكلف بمتابعة التليفزيون المصري في احتفالاته بانتصارات أكتوبر في عام* ‬2004* ‬الرئيس مبارك* ‬يصافح بود وحميمية الدكتور* '‬أشرف مروان*' ‬و* ‬يضع معه أكليل الزهور علي قبر صهره الراحل* '‬جمال عبد الناصر*' ‬فأدركت إسرائيل أن* '‬بابل*' ‬كان جزءا من خطة التمويه والخداع المصرية التي ساهمت في سحق إسرائيل وهزيمتها*.‬
وقد رفض* '‬مروان*' ‬حتي مجرد الدفاع عن نفسه عندما اتهم بخيانة الوطن ولزم الصمت لأنه عسكري سياسي تربي في بيت عسكري* (‬والده كان ضابطا بالقوات المسلحة*) ‬وصاهر رجلا عسكريا* (‬الرئيس عبدالناصر*) ‬وكان كاتم أسرار* (‬الرئيس السادات*) ‬فكان* ‬يقدر أهمية الأسرار العسكرية ولكنه أعلن مؤخرا عن كتابة مذكراته بعدما أذنت له المخابرات المصرية خاصة أنه سيكشف عن شطر كبير من حياته* ‬يتعلق بعالم المخابرات والجاسوسية وهو عالم مليء بالأسرار والدسائس والمؤامرات والمعلن منه لا* ‬يمثل شيئا بالنسبة لما خفي منه: وسيفضح خيبة جهاز الموساد وفشله علي مدار* ‬31* ‬عاما في كشف حقيقة* '‬أشرف مروان*' ‬الذي قال عنه* '‬دان مرجليت*' ‬الصحفي بمعاريف ومقدم برنامج ملحق الملاحق بالتليفزيون الإسرائيلي بعد أن كشفت إسرائيل أمره قبل عامين*: '‬إسرائيل راحت ضحية لعبة رجل محترف من طراز فريد': نجد علي الناحية الأخري اعتراف الجاسوس* '‬شريف الفيلالي*' ‬بكل بجاحة أمام نيابة أمن الدولة أثناء التحقيقات معه بأنه قدم معلومات للموساد عن تسليح الجيش المصري،* ‬وعن مشروع توشكي الزراعي،* ‬وعن السياحة في مصر وأنه درب علي التجسس وجمع المعلومات وتخزينها علي أجهزة خاصة: وأضاف* '‬الفيلالي*' ‬أنه صدرت له تكليفات بتصوير بعض الأماكن العسكرية بالبلاد،* ‬وتقديم تقرير عن تطوير الأسلحة المصرية،* ‬وجمع معلومات سياحية وزراعية وصناعية وفي نهاية التحقيق قال* '‬شريف*' ‬إن دافعه لخيانة الوطن هو حب المغامرة واكتشاف المجهول بالإضافة للحصول علي مال وفير في وقت قصير*.‬
وعلي الرغم من أن الدور الذي قام به* '‬أشرف مروان*' ‬في حرب أكتوبر مازال سرا ولم* ‬يفصح عنه بعد إلا أنه من الواضح أن ما قدمه من معلومات لإسرائيل ضمن خطة التمويه كانت فعالة وسببا مباشرا ورئيسيا في حسم المعركة لصالح مصر خاصة أن المعلومات التي سربت تشير إلي أن الرئيس السادات طلب من* '‬بابل*' ‬في الخامس من أكتوبر عام* ‬73* ‬أن* ‬يبلغ* ‬إسرائيل بأن الحرب ستندلع في اليوم التالي في تمام السادسة مساء بينما بدأت الحرب في الثانية بعد الظهر قبل أن* ‬يتمكن الجيش الإسرائيلي من إتمام تعبئة قواته: بينما بادر* '‬الفيلالي*' ‬بالاتصال بابن عمه العقيد* '‬سيف الدين الفيلالي*' ‬الضابط السابق بالقوات المسلحة للحصول علي معلومات خاصة بحالة الأسلحة داخل الجيش المصري بحجة أنها لصالح إحدي شركات الأسلحة التي* ‬يعمل بها : كما حصل علي معلومات من ابن عمه الأخر* '‬سامي الفيلالي*' ‬وكيل أول وزارة الزراعة عن مشروع توشكي موهما إياه أنها بغرض الاستثمار بينما جميع المعلومات تصب في جعبة ضابطي الموساد* '‬توماس وكريستوفر*' ‬اللذين تعرف عليهما بواسطة شريكه الروسي* '‬جريجوري*' . ‬
وليس هناك مجال للمقارنة المنصفة العادلة بين أحد ألمع رجال السياسة العربية إبان حكم الرئيس جمال عبد الناصر،* ‬وخلفه أنور السادات،ذلك الرجل الذي استقر به المقام كمستثمر مصري ناجح بلندن منذ اكثر من ربع قرن وصلي عليه مسلمو بريطانيا صلاة الجنازة قبل أن* ‬ينقل جثمانه من موقع الحادث وودعته مصر وجميع الدول العربية بكل حزن وقهر علي هذه الضربة الإسرائيلية الموجعة وبين الخائن الجاسوس الذي فضل* (‬حب المغامرة*) ‬علي أمن وسلامة الوطن فسلم نفسه لشياطين الأرض وقبض الثمن ثلاثة آلاف دولار فقط لكن جمعهما الرهان علي الوطن و التوقيت حيث الساعات القليلة التي فصلت بين إغلاق ملفين متناقضين لدي المخابرات المصرية*


جنازته رسالة واضحة*.. ‬واعتراف بوطنيته وتضحياته
مصر كلها في وداع أشرف مروان

ياسر نصر
*'‬اليوم ندفن جزءا* ‬عزيزا* ‬من تاريخ مصر*'.. ‬كانت العبارة تتردد بين الجماهير المحتشدة لوداع الدكتور أشرف مروان*.. ‬ظهر الأحد الماضي من مسجد عمر بن عبدالعزيز بمصر الجديدة التي شهدت حضورا رسميا وشعبيا كبيرين*.. ‬يتقدمهم مندوب رئيس الجمهورية*.. ‬ود*. ‬فتحي سرور رئيس مجلس الشعب،* ‬وصفوت الشريف رئيس مجلس الشوري*.. ‬وجمال مبارك أمين السياسات بالحزب الوطني،* ‬وعدد كبير من الوزراء وكبار المسئولين،* ‬وأعضاء مجلسي الشعب والشوري،* ‬ورموز الثقافة والإعلام،* ‬والوزراء السابقين والمحافظين وعدد كبير من الرموز الإسلامية والمسيحية ورجال الأعمال*.‬
وقد قام الإمام الأكبر د*. ‬محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر بإمامة الصلاة علي جثمان الدكتور أشرف مروان في مسجد عمر بن عبدالعزيز الذي ضاق بالحشود التي جاءت لإقامة شعائر صلاة الجنازة،* ‬وقد تحدث شيخ الأزهر عن مناقب الراحل الكبير مؤكدا* ‬أنهم يصلون علي روح رجل خدم دينه ووطنه ودعا الله له أن يتغمده برحمته ويلحقه بالنبيين والشهداء*.‬
كان جثمان الدكتور أشرف مروان قد وصل إلي المسجد الساعة الحادية عشرة صباحا قادما من مطار القاهرة بصحبة السيدة مني عبدالناصر زوجة الراحل وابنيه أحمد وجمال وعدد من أفراد الأسرة،* ‬كان في استقبال الجثمان في مطار القاهرة الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية والفريق أحمد شفيق وزير الطيران المدني وعدد من المسئولين*.‬
وقد توافد علي المسجد العديد من الشخصيات العامة التي شاركت في الجنازة ومنهم فؤاد سلطان وزير السياحة الأسبق،* ‬ومحمد المصري رئيس الغرف التجارية،* ‬وإبراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرين العرب،* ‬سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة،* ‬نبيل سلامة مدير هيئة التصنيع،* ‬سمير عدلي مدير المنتخبات باتحاد الكرة،* ‬إبراهيم فوزي وزير الصناعة الأسبق،* ‬صالح كامل،* ‬عقيل بشير،* ‬نجيب ساويرس*.‬
وحرص جمال أشرف مروان علي حمل جثمان والده الذي خرج ملفوفا بعلم مصر من مسجد عمر بن عبدالعزيز واحاطه جميع الحاضرين لتوديعه معربين عن حزنهم العميق لفقدان رجل أعطي لوطنه بلا حدود،* ‬نافين عنه شبهة الخيانة والعمالة للعدو الصهيوني*.‬
إبراهيم فوزي وزير الصناعة الأسبق قال إنه يعرف أشرف مروان عن قرب ويعلم جيدا* ‬حجم العطاء الذي بذله لصالح هذا الوطن،* ‬قائلا*: ‬إنه أحد الأشخاص الذين لعبوا دورا* ‬رئيسيا* ‬في حرب أكتوبر،* ‬وقال*: ‬إن الشعب المصري يجب أن يعرف أن أشرف مروان رجل عشق تراب وطنه وسيسجل له التاريخ ذلك مفتخرا* ‬بإنجازاته لرقي الوطن وتحقيق أمنه وسلامته*.‬
المهندس سامح فهمي وزير البترول أكد أنه كان أحد أبناء مصر الأوفياء الذين خدموها وضحوا من أجلها بكل* ‬غال لسنوات عديدة،* ‬مضيفا* ‬أننا اليوم نأتي لتوديع أشرف مروان اعترافا بفضله وإنجازاته،* ‬وموضحا أن الحكومة ستتابع التحقيقات وملابسات وفاته مع الحكومة البريطانية*.‬
الزميل مصطفي بكري رئيس التحرير وعضو مجلس الشعب قال*: ‬إن أشرف مروان قيمة كبيرة تعتز بها مصر،* ‬وأن الحضور الرسمي والشعبي الكبيرين لهو أبلغ* ‬رد علي كل من شككوا في وطنيته التي بذل من أجلها الكثير من التضحيات في سبيل رفعة هذا الوطن ولم يسع* - ‬مثل الكثيرين* - ‬إلي المتاجرة بهذه التضحيات،* ‬وليس أدل علي اخلاصه لوطنه من حضور قادة مصر للجنازة،* ‬مؤكدا* ‬أن أشرف مروان مصري خالص حتي النخاع قام بخداع الإسرائيليين وهذه الخدعة ساهمت في انتصارات حرب أكتوبر*.‬
واتهم بكري الموساد الإسرائيلي بالضلوع في مقتل أشرف مروان لخداعه لهم،* ‬مضيفا* ‬أن ما رددته بعض الصحف ووسائل الإعلام من التشكيك في وطنية مروان يعد جريمة في حق رمز من رموز هذا الوطن*.. ‬وطالب الحكومة برد الاعتبار له*.‬
اللواء جمال أبو ذكري عضو مجلس الشعب السابق قال إن كل ما تردده إسرائيل عن أشرف مروان هو محاولة تشويه لرجل ساهم بجهد كبير،* ‬وكان له الفضل في انتصار أكتوبر،* ‬حيث استطاع أن يوفر قطع الغيار للمعدات الحربية التي دعمت الجيش المصري في الحرب*.‬
وأضاف أنه كان من المقربين من أشرف مروان،* ‬وعلم أنه كان ينوي كتابة مذكراته التي كانت ستبين كيف استطاع أن يخدع إسرائيل*. ‬واتهم أبو ذكري الموساد الإسرائيلي بأنه هو الذي قتل أشرف مروان بعد الخسائر التي لحقت بهم*.‬
الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب قال*: ‬إن أشرف مروان بطل قومي،* ‬وإن كل ما يثار حوله هدفه تشويه صورته،* ‬بعد تضليله لإسرائيل خلال الدور البطولي الذي قام به في حرب أكتوبر،* ‬نافيا ما يتردد عن انتحاره*.‬
أما نبيل لوقا بباوي عضو مجلس الشوري فأكد أن أشرف مروان كان إنسانا محبا لوطنه،* ‬وأن كل ما يقال عنه هو محاولة لتشويه دوره البطولي الذي لعبه من أجل توفير كل قطع* ‬غيار سلاح الطيران في حرب أكتوبر الذي منحه بموجبه الرئيس السادات أعلي وسام مصري والذي لا يمنح إلا للأبطال*.‬
واتهم بباوي الموساد الإسرائيلي بقتل أشرف مروان فالإسرائيليون وحدهم أصحاب المصلحة في قتله*.‬
الدكتور علي السمان نائب رئيس لجنة الحوار بين الأديان السابق قال*: ‬إن ما يتردد حول علاقة أشرف مروان بإسرائيل مجرد افتراءات لا أساس لها،* ‬فالكل يعلم دوره البارز في خداع إسرائيل،* ‬ودعم الجيش المصري بقطع الغيار أثناء الحرب،* ‬مضيفا* ‬أن الجميع يعلم أن مروان مثال لأسمي معاني الوطنية والحب*.‬
السباح العالمي عبداللطيف أبو هيف أعرب عن حزنه العميق لفقدان مصر أحد أبطالها،* ‬وقال إنه كانت تربطه علاقة جيدة بالراحل ولمس فيه معاني العطاء والوفاء والرجولة،* ‬وأن كل ما يتردد عن علاقته بإسرائيل كلام فارغ* ‬فأشرف مروان كان وطنيا حتي النخاع*.‬


أشرف مروان*.. ‬عمر من مقاومة الاغتيال

د*. ‬محمد الباجس

كان ابن موت*.. ‬كما يقولون في قرانا البعيدة،* ‬تعليقا* ‬وختاما* ‬لأحاديث ممتدة عندما يرحل انسان يختلف عن الآخرين*.. ‬ويتميز عليهم بصفات تخصه وحده*.. ‬خاصة عندما يكون الرحيل مباغتا*.. ‬وقتها يحوم القدر فوق المكان*.. ‬وتتطامن الرءوس مثقلة بالأسي*.. ‬ويضغط الموقف بثقله علي النفوس الطيبة اللوامة*.. ‬يحصي الأخطاء والخطايا*.. ‬وتستعيد ما جري في السر والعلن،* ‬وتسبب في* ‬غضب المقادير فضت عليهم به لأنهم لا يستحقونه*.‬
ولكل قرية حكاياتها في هذا المجري*.. ‬وذكرياتها التي تتناقلها عبر الأجيال*.. ‬عندما يحل الصمت المحتشم أمام واقعة تستحق التفكير فيما هو قائم*.. ‬موصولا* ‬بما كان*..‬

وأشرف مروان واحد من هؤلاء*.. ‬وعندما تتردد الأحاديث حوله وتستعاد في قرانا البعيدة سوف تتطامن رءوس كثيرة*.. ‬وتتمتم شفاه لا حصر لها*: ‬كان ابن موت*.. ‬يرحمه الله*.‬
والمتأمل لمشوار حياة أشرف مروان يصاب بدهشة بالغة*.. ‬ذلك المشوار الذي لم يتجاوز الثالثة والستين*.. ‬قطعه ركضا*.. ‬دون لحظة توقف*.. ‬وسط أدغال وأحراش مسكونة بالشياطين والمردة*.. ‬مملوءة بالأشواء*.. ‬والنيران*.. ‬والأفاعي*..‬
كان في السادسة والعشرين لم يزل*.. ‬عندما ضرب السادات ضربته*.. ‬وأطاح برجال عبدالناصر،* ‬ووضعهم رهن السجون*.. ‬وانفرد بالحكم*.. ‬ونجا أشرف مروان من ذلك الإعصار*.. ‬وهو زوج ابنة عبدالناصر*.. ‬ويعمل في مكتبه*.. ‬ثم هو أحد تلاميذ ومساعدي سامي شرف الذي حكم عليه السادات بالإعدام قبل أن يخفف إلي السجن المؤبد*.. ‬قالوا إنه أمد السادات بمعلومات وأوراق ساعدته علي التخلص من منافسيه*.. ‬وقالوا إنه استثناه إكراما لذكري ناصر وأسرته*.. ‬وقال آخرون لا هذا ولا ذاك*.. ‬والأمر أبسط من ذلك بكثير*.. ‬فقد كان أشرف هو الوحيد بين العاملين في الرياسة الذي يستقبله السادات ببشاشة*.. ‬ويلاطفه ويمازحه*.. ‬والسادات يحب ذلك ويمارسه مع أصدقائه*.. ‬لذلك أبقي عليه*.. ‬وقربه*.‬
وكما نجا من هجمة السادات*.. ‬نجا من ازدراء رجال عبدالناصر*.. ‬والناصريين الذين لم يصدقوا ما أشيع عنه*.. ‬ولكنه تعرض وهو إلي جوار السادات لحملات ضارية استهدفت اغتياله معنويا*.. ‬وطعنه في ذمته وأمانته*.. ‬وتحريض السادات،* ‬لدرجة الضغط حتي يستبعده ويطيح به*.. ‬وكان وراء تلك الحملات أسباب متعددة لعل أهمها الرغبة في الانتقام من عبدالناصر ومن يمثله،* ‬ومن يمت إليه بصلة*.. ‬والخشية من تسلط أشرف علي السادات بذكائه،* ‬وعلاقاته العربية،* ‬وقبوله وما يتمتع به من مهارات بهرت السادات وجعلته لا يفكر في الاستغناء عنه*.. ‬واللافت للانتباه أن هذه الحملات التي استهدفت أشرف مروان قد وجدت أنصارا لها من كبار الصحفيين،* ‬وأصهار السادات*.. ‬والمقربين*.. ‬وقد تفرغوا تماما لمهمة اغتياله والقضاء عليه*.. ‬ونجا أشرف من مؤامراتهم التي تعددت وتوزعت*.. ‬من خلال سلسلة تحقيقات أمر السادات بإجرائها معه*.‬
وكشفت المعلومات التي تم الكشف عنها مؤخرا*.. ‬عن مستوي آخر من التربص بأشرف مروان*.. ‬مارسه الملك حسين شخصيا*.. ‬وكان علي اتصال دائم وتعاون مع قادة إسرائيل والموساد لتجنيب الأردن وعرشه مغبة* ‬غضبة إسرائيلية تطيح بكل شيء*.. ‬وقد نمي إليه أن مروان علي علاقة مماثلة مع العدو الصهيوني،* ‬وأنه بحكم موقعه والمعلومات المتاحة له سيحيل الملك حسين إلي مجرد كومبارس علي مسرح المتعاونين مع إسرائيل*.. ‬ونجا أشرف من محاولات الملك للدس له لدي أمريكا وإسرائيل*.. ‬وكثيرا ما اضطر كيسنجر حسب رواية موسي صبري لممازحة مروان وسؤاله عن أحوال صديقه اللدود في عمان*.‬
وكانت محاولة الاغتيال الأخطر علي يد الموساد*.. ‬قبل أربع سنوات عندما تأكدت إسرائيل من الدور الأساسي لمروان في خطة التمويه والخداع التي جرت قبل وأثناء حرب اكتوبر*.. ‬فدبرت لاغتياله معنويا* ‬وحرقه إلي الأبد*.. ‬من خلال حملة ممسرحة بين قادة الموساد وقادة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وقت الحرب*.. ‬ومعهم بعض الكتاب والمؤرخين الإسرائيليين*.. ‬وترددت أصداء الحملة في الصحافة المصرية والعربية متعاونة* (!!) ‬ومنفذة لخطط الموساد التي استهدفت الايقاع بمروان واغتياله*.. ‬ونجا مروان أيضا هذه المرة دون أن ينطق بكلمة*.. ‬أو* ‬يعني بالرد،* ‬أو الدفاع عن نفسه*.. ‬وإن كان قد عاني ذلك معاناة لا تطيقها الجبال*.. ‬خاصة عندما خدعت اجهزة الإعلام المصرية والعربية أو بعضها بدعاوي اسرائيل ووضعت نفسها في خدمة الموساد دون أن تدري*.‬
والسيناريو المحتمل أنه بعد فشل الحملة الإسرائيلية لاغتيال أشرف مروان معنويا*.. ‬والإعلان الصريح للعديد من كتاب إسرائيل ومؤرخيهم أن مروان كان بطلا قوميا خدم بلده بإخلاص*.. ‬وغرر بإسرائيل والموساد*.. ‬فقد تم التخطيط لاغتياله*.. ‬خاصة عندما تردد أنه يكتب مذكراته*.. ‬وقد استغرق التخطيط والتدبير لاغتياله حوالي العامين*.. ‬منذ الاعتراف بالفشل منتصف عام *٥٠٠٢.. ‬وفي هذه المرة تخلي القدر عنه فلم يتح له فرصة للنجاة*.‬
ولعلنا نطرح اسما محددا وسط ظروف وملابسات ما جري*.. ‬إنه د*. ‬أهارون روني برجمان*.. ‬يهودي إسرائيلي يقيم حاليا في لندن بعد هجرته من إسرائيل وكان قائد كتيبة مدفعية،* ‬وواحدا ممن عملوا في مجال الاستخبارات*.. ‬ثم استكمل دراسته وحصل علي الدكتوراه من جامعة لندن*.. ‬وتخصص في تاريخ الصراع العربي* - ‬الإسرائيلي*.‬
وفي كتابه* '‬تاريخ اسرائيل*' ‬ألمح إلي تعاون استخباراتي بين مسئول مصري كبير والموساد الإسرائيلي وفهم من تلميحه أنه أشرف مروان الذي صرح لصحيفة مصرية تعليقا علي ما جاء في الكتاب بأنه قصص بوليسية مضحكة*.. ‬ف'اضطر*' ‬برجمان إلي الكشف عن اسمه في مقابلة أجرتها معه صحيفة الأهرام*.. ‬مع اعتذار مسرحي بأنه اضطر لذلك حفاظا علي سمعته العلمية،* ‬ومصداقيته كمؤرخ*.‬
وظل برجمان معنيا بأشرف مروان منذ ذلك الوقت وحتي يوم رحيله*.. ‬خاصة أنهما يقيمان في لندن*.. ‬وحركة برجمان في الأوساط الجامعية والثقافية تتيح له مزيدا من الاتصالات*.. ‬ووفرة من المعلومات وتمكنه دون حرج أن يتصل بمروان ويسعي للتعرف عليه*.. ‬ومناقشته في أمور كثيرة وهو ما حاوله وقام به برجمان*.‬
ولأن أشرف مروان لم يكن بالبساطة التي يقرر في ظلها الموساد الخلاص منه ويفعلها*.. ‬فقد كان الاحتياج إلي شخص مثل برجمان أساسيا*.. ‬وباعتراف برجمان فقد كان مروان من الشخصيات العصية علي الاصطياد*.. ‬كان يجيد التمويه*.. ‬ولا يعرف له مكان محدد*.. ‬وتحاط تحركاته بسرية كاملة*.. ‬كان يمتلك من وسائل الاحتماء الكثير سواء علي المستوي الشخصي أو المستوي العام*.. ‬وجالية مصرية وعربية كبيرة تحيط به تقديرا ومحبة وعرفانا*.. ‬وإذا كان برجمان قد لقي أشرف مروان مرة واحدة باعترافه فإن محاولات الاتصال به لم تنقطع*.. ‬وكان مروان يتهرب منه،* ‬ولا يشجعه علي ذلك*.. ‬وكان يتعامل معه بارتياب كامل*.. ‬فلا يذكر اسمه الصريح*.. ‬ويقول عن نفسه عندما يخاطبه*: '‬أنا من تكتب عنه*' ‬وقبل الحادث بيوم واحد ألمح برجمان في الاتصال به يقول*: ‬كانت المكالمات تتعثر*.. ‬ولا تستمر*.. ‬فأحاول مرة أخري*.. ‬وقال* : ‬كنت علي موعد معه يوم الحادث ولكنه لم* ‬يتصل بي حتي أتوجه إليه،* ‬وفوجئت بأخبار رحيله*.. ‬هل كان برجمان مكلفا بتعقبه حتي* ‬يتم تحديد مكانه بدقة ومراقبته بشكل* ‬يحقق المهمة الجريمة*.. ‬التي قالت صحف العالم إن الموساد لم يكن وحده بقادر علي تنفيذها*.. ‬وإن المخابرات المركزية الأمريكية* ‬C. I.A* ‬لا بد أنها ساهمت بجهد فيها؟ ليكن ما يكون*.. ‬ولكن أهارون روني برجان تصعب تبرئته*.‬
وكلمة أخيرة*.. ‬فلأن أشرف مروان لم يكن بالشخص العادي*.. ‬الذي يمكن أن يمر في الحياة مع المارين*.. ‬ولم يكن بالشخصية العامة التي تخبو فور الاقصاء*.. ‬ولم يكن برجل الاستخبارات الذي يظل بعد رحيله مجرد ملف محفوظ*.. ‬قد يأتي يوما من يعيد قراءته وإعلانه*.. ‬لأنه لم يكن كذلك*.. ‬فقد خالف القاعدة*.. ‬وظل ملفا* ‬حيا متفجرا طوال حياته*.. ‬ووقت رحيله وسيظل كذلك لوقت ليس بالقصير*.. ‬وعلي الشراذم التي تسعي لاغتياله مرة أخري بعد رحيله أن تدرك جيدا ذيليتها للموساد*.. ‬وخيانتها لروح الشعب الذي لا يرحم خائنيه*.


‏السنة 132-العدد2007اغسطس14‏غرة شعبان 1428 هـالثلاثاء

اختفاء مذكرات أشرف مروان من منزله بلندن يوم مصرعه

لندن ـ وكالات الأنباء‏:‏
كشفت صحيفة تايمز البريطانية عن أن المذكرات المهمة التي كتبها الدكتور أشرف مروان اختفت من منزله بوسط لندن يوم وفاته‏,‏ إثر سقوطه من الشرفة في السابع والعشرين من يونيو الماضي‏.‏ وذكرت الصحيفة نقلا عن مصادر بريطانية أن النسخة الوحيدة المعروفة من مذكرات مروان ـ التي تألفت من ثلاثة أجزاء‏,‏ يقع كل منها في‏200‏ صفحة ـ اختفت مع الشرائط المسجل عليها مضمون هذه المذكرات‏.‏ وأوضحت الصحيفة أن مروان كان من المقرر في يوم وفاته أن يطير إلي الولايات المتحدة لإنهاء الجزء الأخير من المذكرات التي كان من المنتظر نشرها في أكتوبر المقبل‏.‏

السنة 132-العدد2007اغسطس14‏غرة شعبان 1428 هـالثلاثاء

بريطانيا تحقق في اختفاء مذكرات
أشرف مروان من منزله بلندن يوم مصرعه
المذكرات تناولت الفترة بين عامي‏1969‏ و‏1978‏
وكان ينتظر نشرها في أكتوبر المقبل

لندن ـ وكالات الأنباء‏:‏

كشفت صحيفة تايمز البريطانية عن أن مذكرات الدكتور أشرف مروان المستشار السياسي السابق للرئيس الراحل أنور السادات‏,‏ اختفت من مسكنه بوسط لندن يوم وفاته‏,‏ إثر سقوطه من شرفة مسكنه في السابع والعشرين من يونيو الماضي‏,‏ وأشارت إلي أن السلطات البريطانية تتولي حاليا التحقيق في ذلك‏.‏

وذكرت الـ تايمز‏,‏ نقلا عن مصادر بريطانية‏,‏ أن النسخة الوحيدة من المذكرات المهمة لمروان التي تألفت من‏3‏ أجزاء يقع كل منها في‏200‏ صفحة اختفت من شقته ومعها الأشرطة المسجل عليها مضمون المذكرات‏.‏

وأوضحت الصحيفة أنه في يوم وفاة مروان كان من المقرر أن يطير إلي الولايات المتحدة لإنهاء الفصل الأخير من المذكرات‏,‏ التي كان من المتوقع صدورها في شهر أكتوبر المقبل مع الاحتفال بذكري حرب أكتوبر‏.‏

وأضافت أن المذكرات كانت تقدم رؤية من جانب أحد المقربين من دوائر صنع القرار في الشرق الأوسط فيما بين عامي‏1969‏ و‏1978,‏ استنادا إلي وثائق تم الكشف عنها من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا‏,‏ كما كانت تنفي المزاعم التي تحدثت عن أنه كان يعمل جاسوسا لمصلحة إسرائيل‏.‏

وقد طلبت السلطات البريطانية من فريق من المحققين إجراء مقابلات مع عدد من الشهود‏,‏ بينهم بواب المبني الذي كان يقطن به مروان‏,‏ وبعض الجيران‏,‏ وعدد من أفراد أسرته‏.‏

وذكرت التايمز أن ذلك يأتي في الوقت الذي تحدث فيه نجل الدكتور مروان للمرة الأولي عن اعتقاد أسرته بأن مروان قد قتل‏,‏ مشيرة إلي أن هذه المزاعم سوف تزيد من حدة التكهنات بأنه بذلك ربما يكون ثاني أجنبي يتم اغتياله علي الأراضي البريطانية‏,‏ بعد تسمم العميل الروسي السابق الكسندر ليتفينينكو العام الماضي‏.‏

ونقلت التايمز عن جمال مروان‏(40‏ عاما‏)‏ ـ أكبر أبناء الدكتور أشرف مروان ـ قوله إنه والأسرة مقتنعون بأن والدهم قد قتل‏,‏ نافيا تماما أن يكون قد انتحر‏.‏ وقال‏:‏ لقد كان جنديا ومات كجندي‏,‏ ومات وهو يخدم وطنه‏,‏ وأعتقد أنه اغتيل وقد أبلغت السلطات بذلك‏.‏

وكان بعض المعلقين قد أشاروا إلي أن مروان ربما يكون قد أنهي حياته بعد خضوعه لثلاث عمليات خطيرة قي القلب أفضت به إلي حالة من الاكتئاب‏,‏ إلا أن المقربين أكدوا عدم وجود أدلة علي ذلك‏.‏

وقالت بعض المصادر إنه عندما خضع لعملية جراحية خطيرة سابقة في القلب‏,‏ قام مروان بإغلاق ملفات أسهمه في السوق العالمية‏,‏ وأسال أصوله‏.‏

بينما أشار بعض الأصدقاء إلي أن مروان كان قد قام بسلسلة من الحجوزات طويلة الأجل قبل أسابيع من وفاته‏,‏ حيث أعد لحفل عيد زواجه يوم‏7‏ يوليو في إسبانيا‏,‏ وكان يخطط لحضور حفل في حديقة قصر باكنجهام أوائل يوليو‏,‏ كما كان يعتزم أداء فريضة الحج في ديسمبر المقبل‏.‏

كما أعرب المقربون من مروان عن اعتقادهم بأنه لم يسقط بصورة عارضة‏,‏ حيث يبلغ ارتفاع حاجز شرفة مزله‏140‏ سنتيمترا‏,‏ كما يبلغ ارتفاع النافذة‏160‏ سنتيمترا‏.‏



صدر كتاب هاورد بلوم عام 2003 بعنوان " عشية الدمار -
القصة الغير مذاعة لحرب يوم كيبور" :

Book Description

".....And for the first
time, author Howard Blum uncovers the role of the Egyptian
double agent whose masterfully woven plot nearly succeeded in
toppling Israel ...."

ترجمة:

ملخص الكتاب

" ...... ولأول مرة ، يكشف الكاتب هاورد بلوم دور
العميل المصرى المزدوج الذى نسج مؤامرة كادت ان تطيح
بإسرائيل..... "

From Publishers Weekly

"........Howard
Blum
begins with
a familiar question: how did Israel come to be not only caught
by surprise, but so unprepared that after the first days of
fighting many leaders believed the survival of the state was
at risk? Part of his answer is a top-level spy, code-named
"the In-Law" an Egyptian at the highest levels of government
who for four years before the Yom Kippur War had provided
Israel with a steady flow of valuable information. That data
in turn convinced Israel's military and political
establishment that war was impossible unless the Arab states
were a unified coalition possessing missiles and long-range
bombers."

ترجمة:

من الناشرين الأسبوعى

" ........ بداء هاورد بلوم بالسؤال التقليدى : كيف
فوجئت إسرائيل بالحرب ولم تكن مستعدة حتى أن عدد من القادة الذين
حاربوا امنوا بأن دولة إسرائيل كانت فى خطر ؟ كان جزء من إجابة
السؤال يكمن فى جاسوس عالى المستوى ، الإسم الشفرى له " الصهر" ،
عميل مصرى بأعلى مستوى فى الحكومة المصرية وخلال 4 سنوات
قبل حرب
يوم كيبور مد إسرائيل بفيض من المعلومات القيمة ، هذه المعلومات
فى المقابل اقنعت الجيش والقيادة السياسية الإسرائيلية إن هذه
الحرب مستحيلة ، ما لم يكن هناك تحالف عربى موحد يمتلك الصورايخ
والقاذفات طويلة المدى..... ".


Reviewer:
Jeff Leach (see more about me) from Omaha, NE USA

"...... According to Blum, several important factors
contributed to the near defeat of Israel in the Yom Kippur
War. Mainly, and this factor supposedly appears in print for
the first time here, the Mossad and Israeli politicians made
the nearly fatal mistake of relying heavily on an Egyptian
double agent when formulating their national security
policies. Referred to by Blum as "The Concept," the
information this agent fed Israeli intelligence gave rise to a
belief that until Egypt acquired long-range missiles and
bombers and the Arab states unified, Israel would be safe.
This "concept" soon informed all aspects of Israeli military
and political policy to the point that a secret visit to
Israel by the King of Jordan about the Egyptian/Syrian war
plans went ignored."

ترجمة


من القارىء جيف ليتش من اوماها
، الولايات المتحدة الأمريكية

"..... طبقا لبلوم ، عوامل هامة
عدة كادت أن تلحق الهزيمة بإسرائيل فى حرب يوم كيبور .
أهم عامل يظهر مطبوعا لأول مرة هنا ، فقد
ارتكب الموساد والسياسيين
الإسرائيليين خطأ فادح بالإعتماد على عميل
مصرى مزدوج عند التخطيط لسياسات الأمن الوطنى . هذا العميل مد
المخابرات الإسرائيلية بمعلومات زادت من اعتقاد إن لم تمتلك مصر
صواريخ وطائرات قاذفة بعيدة المدى فإن العرب لن يقوموا بالحرب ضد
إسرائيل وستظل إسرائيل امنة ، هذه المعلومات اطلق عليها بلوم "
المفهوم" . وهذا "المفهوم" اثر على اشكال العسكرية الإسرائيلية
والسياسية لدرجة أن الزيارة السرية لملك الأردن لإسرائيل بخصوص
الخطط الحربية المصرية / السورية تم تجاهلها ..."

"والصهر هو أشرف مروان زوج ابنة الرئيس
جمال عبد الناصر" - ترجمة كتاب هاورد بلوم تحت عنوان " عشية
التدمير - أسرار حرب أكتوبر 1973" ضمن سلسلة كتاب اليوم التى
تصدر عن دار أخبار اليوم







العمليات العسكرية المخبارتية

عنق الزجاجة ... العملية التي أذهلت عقول العسكريين في العالم كله




هذة العملية حقيقية مئة بالمئة و حدثت فعلا و كان لها أثر مرعب على القيادة الإسرائيلية، و على المخابرات الحربية الإسرائيلية أيضا، التي فوجئت بعملية تكتيكية من العيار الثقيل، و بجرأة غير عادية في الوصول إلى أصعب المواقع العسكرية خلف خطوط العدو بالرغم من التقارير المخابراتية و الإستطلاعية عن قدرات الجيش المصري طوال السنوات اللاحقة لحرب يونيو 1967 والتي كانت توضح إستحالة وصول المصريين لهذة الجرأة إلا في حدود معقولة حيث مهاجمة بعض المواقع القريبة من خط بارليف حيث مواقع الذخيرة و الإمداد و غيرها من المواقع القريبة إلى حد ما من القناة ( إلا بعض العمليات القليلة التي تؤتي بثمار سياسية فقط)، كما أوضحت هذه التقارير إستحالة وجود عمليات عسكرية في عمق سيناء في ظل حالة التراخي للجيش المصري في تلك الفترة الي تلت فترة تولي الرئيس المصري ( أنور السادات) الحكم في مصر.



- البداية .



و لكن كيف بدأت هذة العملية التي أذهلت عقول العسكريين في العالم كله بجانب المعجزات الأخرى للجيش المصري ؟ و ما هي أسبابها و كيف تم التوصل إلى فكرتها ؟

الحكاية تعود إلى ما بعد مرحلة النكسة و عزل المشير (عبد الحكيم عامر) و (شمس بدران) و تعيين (محمد فوزي) وزيرا للحربية و اللواء (أحمد إسماعيل) مديرا عاما للجبهة، حيث بدا الإعداد من جديد للجيش المصري و إعادة تدريب القوات المصرية بشكل مختلف و كسر حاجز الخوف عبر عمليات الإستنزاف في قلب سيناء و على حدود (خطب بارليف) و داخله، و بدأ الحكومة إعادة تسليح الجيش من جديد، و بدأ معه القادة العسكريين إعادة تشكيل الخطة الدفاعية للبلاد و أيضا محاولة تطويرها لخطة هجومية و لكن لم تكن هذة النقطة محل إتفاق في تلك الفترة بس ما كان حدث من تطور حيث مبادرة (روجرز) و بعدها وفاة عبد الناصر و أيضا قبل وفاته مذبحة الفلسطينين في الآردن، و من ثم تولي الرئيس السادات الحكم، وقد كانت الحكومة السوفيتية في فترة حرب الإستنزاف تمد (مصر) بخبراء عسكريين سوفييت في الجيش المصري، و كان لهم تعليق ساخر و هو ان عبور خط بارليف يحتاج إلى قنبلة نووية أو قنبلتان على الأرجح، كانت القيادة العسكرية في مصر تدور في فلك مشكلة خط بارليف و لكن المشكلة الأكبر التي كانت تواجهم هي سيناء نفسها حيث أن سيناء طبيعتها جبلية بشكل قوي و المشكلة في التوغل العسكري للجيش المصري في سيناء بعد العبور حيث ان القيادة الإسرائيلية ستدفع بقواتها عبر ممرات سيناء الجبلية التي تمر بين الجبال و التي كانت من بينها ممرات شهيرة مثل ممر (متلا) و بالتالي فإن هذة الممرات مشكلة أخرى في حد ذاتها بجانب المشكلات التي كانت صداعا مزمنا في رأس القيادة المصرية.

و مع بداية السبعينيات و بالتحديد بعد تعيين المشير (احمد إسماعيل) وزيرا للحربية و اللواء (سعد الدين الشاذلي) رئيسا للأركان و بداية الإستعداد لحرب أكتوبر و تطوير الخطة الدفاعية (بدر) إلى خطة هجومية هدفها تدمير خط بارليف و كسر حالة الجمود و التوغل بشكل منظم و محدود في قلب سيناء مع التطوير للهجوم وقت الحاجة، بدأت المشكلة التي شكلة صداعا منذ سنوات تعود من جديد و تأكيد الخبراء السوفييت قبل رحيلهم ان (مصر) تحتاج إلى قنبلة نووية لعبور القناة و ان عبر جيشها فسيخر في معركة غير متكافئة، و لكن كان للعسكريين المصريين راي آخر، رأي كان منه قلب موازين العلوم العسكرية و أسلوب الخطط و العمليات في الحروب التي أتت فيما بعد، حيث رأى القادة في مشكلة الممرات أن حلها يكمن في إنزال فرق في قلب هذة الممرات لتلغيمها و إيقاف أي وحدات معادية تمر بها و بالتالي شل حركة الجيش الإسرائيلي في قلب سيناء و بالتالي فشل عسكري مدمر لإستحالة وصول الإمدادات العسكرية لخط المواجهة مع الجيش المصري، و مع عنصر المفاجئة قبلها عنصر الخداع و التكيك ستفقد إسرائيل السيطرة على قواتها و سيصبح عليها التفكير بشكل جدي في الإنسحاب و ترك المواقع و النقاط الحصينة في خط بارليف و خلفه ايضا من اجل الحفاظ على قواتها من مواجهة غير متكافئة أبدا، و بالتالي يتقدم الجيش المصري خطوات للأمام بثبات مع وجود عنصر التقدم الإستجراتيجي في الحرب على عدوه اللدود.و بالفعل كان هذا السيناريو الذي توقعه رجال المخابرات الحربية و رجال هيئة العمليات بالقوات المسلحة تحت قيادة اللواء (عبد الغني الجمسي)، هو ماحدث فعلا في الحرب و بنفس الأسلوب و كأنهم كانوا يعلمون ما سيحدث في المستقبل، و فقدت إسرائيل فعلا توازنها بشكل عنيف في الحرب في الساعات الأول، و ذلك لأسباب عديدة أبسطها:

1- المفاجئة العنيفة لجيش إسرائيل، و التي سبقها خداع منظم من القيادة العسكرية و السياسية في مصر.

2- ظهور تفوق الطيران المصري على حساب الطيران الإسرائيلي مما افقد الإسرائلين القدرة على الهجوم المضاد بالطائرات المقاتلة أما طائراتنا.3- الفجوة العنيفة بين قيادة قطاع الوسط الإسرائيلي و الوحدات المشتبكة مع الجيش المصري بسبب إيقاف و شل حركة الإمدادات و الذخائر، مما وضع القوات الموجودة في المقدمة هدف سهل التعامل معه للجيش المصري.4- مصيدة الصواريخ المضادة التي نصبت في القناة، و أيضا تطوير المصيدة بصواريخ متنقلة و خفيفة إلى الأمام بعد عبور قوات المشاة القناة مما قضى على اسطورة سلاح الجو الإسرائيلي و أحدت من خطورتة إلى الأبد.


و كانت لعملية (عنق الزجاجة) أثر عنيف في القيادة الإسرائيلية حيث تسببت هذه العملية بإصابة وزير الدفاع (موشي ديان) بحالة هياج عصبي شديدة بسبب فشله في الوصول بقواته المدعمة إلى خط المواجهه بسبب مجموعات من الصاعقة المصري أوقفوا تقدم القوات من قلب سيناء إلى أرض المعركة المباشرة، مما اصابه الجميع بحالة زهول و شلل في تفكيرهم، فلقد قلبت العملية بالفعل كل الموازين العسكرية في العالم، فكيف تأتي فصائل (كوماندوز) مصري بسيطة العدد و ليس كثيرة بكل هذه الخسائر المدمرة و لمن ؟ لجيش إسرائيل الذي كما إدعوا جيش لايقهر؟ و إذا كانوا المصريين بهذة القوة فأين كانوا من قبل؟ و كيف تطوروا بهذة السرعة المذهلة؟ و إذا تطوروا بهذة السرعة؟ فليس أكيد تطوروا كافيا لقلب موازين العلوم و القواعد العسكرية في خطط الحرب و القتال! فكيف وصلوا لهذة المرحلة مع قلة تسلحهم التكنولوجي و قلة تقدمهم العسكري و إعتمادهم على السلاح الروسي كمصدر وحيد؟ أسئلة كثيرة دارت في رأس المحللين العسكريين لملحمة أكتوبر و لهذة العملية و غيرها من العمليات، و لكن الذكاء المصري الذي تفوق على الذكاء الإسرائيلي و الأمريكي في هذة الجولة من الصراع العربي الإسرائيلي، كان هو السلاح الأول و الأخير للمصريين، و هو السلاح الذي نجح في العبور بعقول القادة إلى قلب سيناء بخيالهم الواسع و تفكيرهم الامحدود و المنظم في نفس الوقت قبل عبورهم بشكل حقيقي، لقد نجحت الخدعة المسماه (بعنق الزجاجة) في شل إسرائيل لفترة طويلة في الحرب، حيث أن الممرات حينما تقف الحركة فيها لأي سبب تصبح مثل (عنق الزجاجة) صعب الخروج منها و من هنا بدأ القادة العسكريون يضعون قواعد اللعبة بذكاء و بدوا يخططوا في هدوء و صمت لإنزال مجموعة قوات (صاعقة) في الممرات الهامة، ليلعبوا دور خناقة ال*** لرقبة الجيش الإسرائيلي، و شل حركة إمداده و تموينة بشكل قوي.

و كانت المشكلة الأول التي تواجههم هي كيفية حماية أولئك الرجال و تأمين عودتهم خاصة و أن عودتهم ستكون مرهونة بمدة تفوق و تغطية الطيران المصري للوحدات الأرضية التي ستتوغل في قلب سيناء بشكل منظم من اجل إلتقاط هذة الفرق و العودة بها سالمة، و لكن و الحق يقال و الف شاهد له موجود من أهل بلاد الفراعنة و بلاد خير أجناد الأرض التي رفض أبنائها التخلي عن مهم أقل ما يقال عنها أنها مهمة موت لا عودة فيها و لا سبيل للنجاة و مطلوب فيها الموت أيضا بشجاعة و إستبسال، إذا لزم الأمر الموت يكون بأكبر تدمير للعدو، رفض رجال يندر وجودهم في هذا الزمان ان يتخلوا عن المهمة و ذاد عدد المتطوعين بشكل واضح ولكن الذي كان يحكم هذا العدد هو مدى الكفائة و الصلاحية و القدرات الفردية لكل جندي لأنها مهمة لا تحتاج إلى مجرد فدائي بل تحتاج إلى مقاتل زكي بروح فدائي، يعرف متى يضرب بعنف و متى يتوارى عن الأنظار و متى يضحي بنفسه بدون أي تردد لتحقيق النصر، مما ادى إلى تصفية ضخمة لأعداد المتطوعين في هذة العملية، و للأسف لم يتح لي معلومات عن عدد الفرق أو أسماء أفرادها بشكل في تاكيد رسمي، لكن المؤكد انهم كانوا فرق صغيرة العدد، و مدربين على مستوى عالي و قوي و إن كانوا قليلين لكنهم أقوياء بقلوبهم العامرة بالإيمان بحق بلادهم في الحرية و الكرامةو إستعادة التراب الغالي المجنس بأولاد الخنازير.



و مع بداية شروق شمس السادس من أكتوبر و بداية التحضيرات في الضفة الغربية للهحوم المصري كانوا أبطال العملية يتخذوا إستعدادهم الواضح، و يشغلون مواقعهم بشكل سريع و دقيق في إنتظار اللحظة الحاسمة، و مع بداية الحرب و بدأ العبور و سقوط خط بارليف بدأت إسرائيل بالدفع بمنتهى السرعة بقواتها عبر الممرات الجلية من أجل أن تمنع المصريين من تحطيم أسطورة (الجيش الذي لايقهر)، و بدل من أن تصل القوات في سلام إلى أرض المعركة فوجئوا بجحيم من المعارك العنيفة في الممرات على قواتهم التي توقف عبورها قبل أن يبدأ في الممرات بسبب (وحوش بشرية) تقاتل كما لو كان اليوم هو آخر يوم في عمرها، أسود برية أقسموا على دفع ضريبة الوطنية بدون مقابل أو ثمن، فقط من أجل مصر و من أجل ترابها، تهون الروح و يهون الجسد و يهون كل شيء، إلا (مصر)، ليكتب أولئك الأبطال بدمائهم الذكية في صفحات من دهب و ليدون التاريخ أعظم بطولات الحروب في العصر الحديث و أعظم تفوق عقلي من عقل مصري برغم ضعف إمكانياته لكنه تفوق على من أعلى منه في الإمكانيات التكنولوجية و لكن في الحرب و الخطط و الحياة العسكرية الصراع العقلي هو الحاكم الأول و الأخير في الميدان، و أنهارت قيادة قطاع الوسط الإسرائيلي و أصيب قائدها الجنرال (ارييل شارون) بذهول و فظع و أخذ يتوسل إلى القيادة الإسرائيلية ان تحاول إمداده بالمزيد من القوات لكن هيهات يا (شارون) فلقد خسرت المعركة قبل أن تبدأها، و إنتصر جيش أدعيتم أنه لن يستطيع القيام بحرب لسنوات طويلة لضعفه و قلة حيلته و قلة مواردة و سوء تنظيمة، فجاء أبناء هذا الجيش لييفتحوا أبواب جهنم الحمراء عليكم جميعا، و تتحطم معها أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر، و تنهار رئيسة وزراء (إسرائيل) (جولدا مائير) و تطلب المزيد و المزيد من أمريكا من أجل مواصلة حرب خسرتها بالفعل.

و انتهت العملية بنجاح ساحق و أبيد الإحتياطي الإسرائيلي قطاع الوسط في سيناء بنسبة 89% و ال11 % الباقون إنسحبوا في إنتظار المدد من تل أبيب .





من ملفات المخابرات المصريه ( باروخ مزراحي - ضابط مخابرات إسرائيلي )


باروخ مزراحي
ضابط مخابرات إسرائيلي





القصة بدأت عندما طلب منه أن يقوم بالسفر إلى اليمن تحت غطاء دبلوماسي كويتى واشتبه فيه بعض ضباط الأمن فى اليمن وقاموا بإلقاء القبض عليه وبتفتيش منزله عثر معه على أفلام وصور لبعض القطع الحربيه التى تعبر من طريق باب المندب وعندما جرى أعتقاله وأستجوابه قام بأختلاق قصه أنه من دوله الكويت ويعمل فى جريدة كويتيه وقام رجال الامن هناك بعمل تحريات عن هذا الاسم ولم يجدوا له اي بيانات فبدات الشكوك تساور رجال الامن فعلى الفور تم الاتصال بجهاز المخابرات المصرية فسافر الى هناك ضابط مخابرات مصرى وهو الفريق( رفعت جبريل ) وقام بأخذه منهم ولو نعلم أو نشاهد جميعا تلك الايام وكما قالوا . أن إسرائيل قامت بارسال وحدات كامله وراء هذا الضابط المصري لانقاذ الجاسوس وقد عبر الضابط المصرى الفريق رفعت جبريل عن طريق الصحراء والوديان إلى أن وصل الى البحر وهناك تم التقاطه بغواصه مصرية وكانت وراءة المقاتلات الاسرئيليه وبالرغم من ذلك لم يستطعوا انقاذ جاسوسهم . واثناء التحقيق معه قام رئيس التحقيقات بسؤاله عن اسمه فجلس يقص القصه الوهميه عن حياته التى قام بالتفكير فيها وبعد عده ساعات قال له المحقق لقد قامت زوجتك بوضع مولودها الان وهو بحاله جيدة جدا يا باروخ وعندما استمع الى هذا أنهار وجلس يعترف بكل الاشياء ، ليست الاشياء فقط بأدق وأخطر الاشياء وكانت هذه احدي بطولات جهاز المخابرات المصرية وهذه المعلومات ، وبعد ذلك جلس "باروخ مزراحي" يموت كل يوم في الزنزانة رقم (6) بسجن مصر، بعد انتصار أكتوبر73. أدرك لحظتها أن عقوبته الرادعة التي يقضيها في المعتقلات المصرية ستطول وتطول إلى ما لا نهاية.. وزاد اكتئابه بعد أن نما إلى علمه في 4 ديسمبر 73، أن المخابرات المصرية رفضت مقايضته بالعقيد السوفيتي، وضابط الكي جي بي الشهير "يوري لينوف" المعتقل في "إسرائيل" بتهمة التخابر، والتجسس لصالح المعسكر الأحمر.لكن في الثالث من مارس 74، سالت حركة غير عادية أمام باب زنزاته الضيقة..وألقى عليه السجان نظرة احتقار مخيفة..أردفها بجملة واحدة: "استعد سيفرج عنك غدا يا...". وما أن انتهى المؤذن من رفع آذان الفجر، ومع بزوغ أول ضوء تحركت من أمام بوابة السجن الضخمة قافلة سيارات تحمل لوحات دبلوماسية, زجاجها مغطى بستائر سوداء قاتمة. تقدمت الركب سيارة تحمل شعار الصليب الأحمر. واستغرقت الرحلة أربع ساعات كاملة، حتى أشرفت السيارات على شاطئ قناة السويس..وعبرت الممر المائي تدوس فوق أحد الجسور المتبقية منذ حرب أكتوبر..وسرعان ما دلفت إلى شبه جزيرة سيناء، وبدأت تنهب الطريق نهبا.

الطريق الأسفلتي يتلوى كالثعبان بين التلال الرملية المرتفعة، والسيارات العسكرية المتفحمة من مخلفات حرب أكتوبر التي وضعت أوزارها منذ عدة أشهر فقط، تناثرت ذات اليمين وذات الشمال، وبين هذا الركام دبابات هالكة انخلع منها شعار صفيح مرسوم عليه نجمة داود. لكن جاسوس الموساد لم ير شيئا من كل ذلك انكمش مثل القنفذ خلف الستائر السوداء الثقيلة في انتظار مصيره المجهول..أخيرا توقفت السيارات أمام القاعدة العسكرية المقامة على قارعة الطريق الرابط بين العريش والقنطرة وبورسعيد. وهناك تحت رعاية مسئولي "الصليب الأحمر" استلم رجال المخابرات المصرية 65 فدائي فلسطيني من سكان الضفة، والقطاع، اعترف الناطق بلسان جيش الاحتلال في بيانه الصادر في الرابع من مارس نفس العام: "أنهم نفذوا عمليات فدائية، وأنشطة تجسس في غاية الخطورة لصالح المصريين". لكن ما لم يذكره البيان العسكري الصهيوني، وظل سرا لم يعلنه الجانب المصري الذي يفضل الكتمان وعدم التفاخر بإنجازاته، أن ضباط المخابرات العامة استلموا كذلك اثنين من أهم جواسيسنا، أو قل "رجالتنا في تل أبيب". "عبد الرحمن قرمان"، و"توفيق فايد البطاح". الذين يعترف كتاب "الجواسيس" الصادر حديثا في إسرائيل أنهما أكبر دليل على الفساد والفوضى في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، والنجاح في المخابرات العامة المصرية.
وهذا ما كتب .

ألقى المصريون بالجاسوس الصهيوني "باروخ مزراحي" بعد أن اعتقلوه في اليمن، وعرفوا أنه أحد كبار ضباط الموساد..يعمل في وحدة "مسادا" -وحدة العمليات الخاصة- أرفع وحدات الجهاز وأكثرها تدريبا وإطلاعا على الأسرار الدفينة. وفي مقر المخابرات العامة جرت عملية اعتصار "مزراحي" حتى نزف بكل المعلومات التي في حوزته والتي اطلع عليها بحكم عمله. وتحت ضغط التحقيقات المهنية حصل المصريون على خريطة طريق تفصيلية توضح أساليب العمل والتجنيد التي تتبعها وحدة "مسادا"..كيف يزرعون جواسيسهم في الدولة الهدف..أسلوب تحرك العملاء لجمع المعلومات التي تهم تل أبيب..أنماط التأمين المتبعة بداية من تكوين أسرة، مرورا بالغطاء اجتماعي، ثم تكوين الصداقات مع قيادات عسكرية وسياسية ومدنية!!
بعد الحصول على هذه المعلومات القيمة أصبح "باروخ مزراحي" اليهودي من أصل مصري المولود في حي الأزهر عام 1928، وأنهى دراسته في كلية التجارة بجامعة القاهرة عام 1948، قطعة أسفنج جافة، أو صدر نعجة ضامرة لا يروي ظمأ ولا يدر قطرة حليب واحدة. وكان المنطقي الإلقاء بكارت "مزراحي" المحروق لاستعادة اثنان من أبطال المخابرات العامة ساهما كثيرا في توفير معلومات في غاية الأهمية والحساسية ساعدت في وضع خطط حرب أكتوبر.







يعقوبيان جاسوس للمخابرات المصرية دوخ الموساد







تناول هنا رواية إسرائيلية لها حبكتها المخابراتية الخاصة كما رواها يوسي ميلمان أحد المختصين في شئون الجاسوسية الإسرائيلية عن قبورق يعقوبيان المصري الأرمني الذي زرعته المخابرات المصرية في إسرائيل.


ولا نعرف عنه شيئاً سوي أنه عاد إلي مصر يوم 29 مارس 1966 بموجب اتفاقية تبادل أسري أشرفت عليها الأمم المتحدة في حينه.


لا نبغي هنا تصديق الرواية الإسرائيلية عن يعقوبيان، إنما نكتفي بنقلها وتكذيبها طالما أن المخابرات المصرية لم تكشف حتي الآن عن شخصية الرجل.


يروي ميلمان بالمشاركة مع ايتان هابر في كتابهما الجواسيس والصادر عن يديعوت احرونوت في العام 2003، حكاية يعقوبيان كما حصلا عليها من ملفات المخابرات الإسرائيلية وقد خصصا لها فصلاً كاملاً ، تقول الرواية الإسرائيلية عن يعقوبيان أنه ولد في العام 1938 لعائلة أرمنية عاشت في القاهرة وسط البلد، ولم يكن ناجحا في دروسه. أكمل دراسته الثانوية وتوفي والده وهو في العشرين من عمره. تحمّل متاعب الحياة، وعمل في التصوير من الصباح حتي المساء، لكن أجرته كانت بالكاد تكفيه هو وأمه الأرملة، الأمر الذي جعله يستعمل أساليب النصب والاحتيال لكسب المال، وفي النهاية ألقي به في السجن. وحكمت علية المحكمة بالسجن لمدة ثلاثة شهور. وخلال فتره مكوثه في السجن في ديسمبر العام 1959، وبعد أن قضي شهراً في السجن جندته المخابرات المصرية مقابل شطب إدانته، لم تحك له المخابرات المصرية في حينه عن مهماته المستقبلية .. وافق يعقوبيان فوراً وبدون شروط.


إعتبرت المخابرات المصرية يعقوبيان شخصية ملائمة للتجسس في إسرائيل، كانت له قدرة فائقة وموهبة غير عادية في تعلم اللغات، تكلم الانكليزية والفرنسية والعربية والاسبانية والتركية.


تدرب يعقوبيان سنة كاملة لانجاز مهمته، حيث تعلم أسس العمل السرى ويصبح يعقوبيان حسب خطة المخابرات المصرية ابن عائلة يهودية جاءت من تركيا إلي اليونان ومن ثم إلي مصر. وفي الشهادات التي استصدرت له كتب أنه من مواليد سالونيكي في اليونان في العام 1935 وأن اسمه هو اسحاق كوتشوك. ترك والده البيت إلي مكان مجهول وسافرت الأم إلي مصر وماتت هناك ليبقي كوتشوك وحيداً.


في ربيع 1961 هاجر كوتشوك-يعقوبيان إلي البرازيل بعد أن انتظر طويلاً. ليصل إلي جينوا عن طريق الإسكندرية ومن هناك أبحر بسفينة كوسان روكي الاسبانية إلي البرازيل. وفي السفينة التقي شابا إسرائيليا يدعي ايلي ارغمان من مستوطنة في النقب.


قدم كوتشوك نفسه لارغمان كيهودي من مواليد تركيا، يتيم بعد أن رحلت أمه من الدنيا، قرر الرحيل ليبني مستقبلاً في إحدي دول أمريكا اللاتينية، بعد أن وصل إلي قناعاته انه لا يوجد مستقبل لليهود في مصر. تصاحب كوتشوك وارغمان وقضيا وقتاً جميلاً علي متن السفينة. وخلال اللقاءات بينهما أخرج كوتشوك -يعقوبيان صورة قبر أمه وكشفها لارغمان، فتعاطف الاخير معه، ولم يكشف كوتشوك لصديقه الجديد عن نواياه السفر لاسرائيل. إذ انتظر الاقتراح من ارغمان وهذا ما حصل فعلاً، فقد قال له هذه فرصة أن تعود إلي أرض الآباء في الذكري ال13 لاستقلال إسرائيل.


هناك في البرازيل واصل الحياة في أوساط الجالية اليهودية وتعرف أكثر علي ارغمان وعندما غادر ارغمان ريو دي جينيرو عائدا إلي إسرائيل، جاء جاكي ليودعه. بعدها التقي يعقوبيان بسالم عزيز السعيد ممثل الغرفة التجارية في مصر والذي كان بالفعل ممثلاً لإدارة المخابرات المصرية، وبناء علي تعليماته غير يعقوبيان عنوانه إلي سان باولو وحصل علي بطاقة هوية برازيلية. وكتب في بطاقة الهوية أن ديانته يهودية، وعاد بعدها إلي ريو ليعمل في ستوديو للتصوير.


أواخر العام 1961 تقدم جاكي كوتشوك بطلب إلي مكاتب الوكالة اليهودية للهجرة إلي إسرائيل. لم يمض وقت طويل ووافقت الوكالة علي طلبه. حزم يعقوبيان أمتعته متوجها إلي جينوا في ايطاليا ليلتقي مرة أخري سالم عزيز السعيد الذي وصل خصيصا من القاهرة. وكانت تنص التعليمات علي أن يعمل يعقوبيان بالتدريج وببطء كي يتجند في الجيش الإسرائيلى.


في نوفمبر العام 1962 تجند جاكي يعقوبيان في صفوف الجيش الإسرائيلى. هناك أرسل إلي سلك النقل، فخاب ظنه، إذ أراد أن ينضم إلي سلاح أكثر أهمية وإفادة لمهمته. تعلم القيادة وأصبح سائقاً شخصياً لضابط كبير برتبة جنرال في قيادة الجيش يدعي شمعيا بكنشتين. كان ينقله من حي افيكا شمال تل ابيب إلي يافا . بعد فترة وجيزة وبالتحديد في اكتوبر من العام 1963 ترك الجيش بعد أن اكتشفت المخابرات المصرية أن مهنته كسائق لهذا الجنرال لا تفيد بشئ. فراح يبحث عن عمل جديد كمصور، وهناك في عسقلان -اشكولون عمل في فوتو موني الذي كان مالكه من أصول مصرية أيضا.


في ديسمبر العام 1963 حضرت الشرطة ومعها وحدة مخابرات خاصة برئاسة ابراهام شالوم الذي أصبح فيما بعد رئيسا للشاباك، أجروا تفتيشاً دقيقاً ووجدوا رسائل كتب عليها بالحبر السري وأقلاماً مخابراتية ترسل الشفرات.


وفي اوائل العام 1964 حكمت المحكمة المركزية في القدس الغربية بالسجن 18 عاماً علي قبورق يعقوبيان. وفي اكتوبر من العام 1965 استأنف للمحكمة العليا وردّت استئنافه. بقي في السجن حتي اوائل 1966 وعاد إلي مصر بموجب اتفاقية تبادل أسري مع إسرائيليين اعتقلتهم مصر بعد أن اجتازوا الحدود.


بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد حاول بعض الصحفيين الإسرائيليين الوصول إلي يعقوبيان ليكشفوا حكايته كما يرويها هو، إلا أن المخابرات المصرية أخفته عن عيونهم ليسدل الستار عليه .






كيف وصلت عبقرية المخابرات المصرية الى تركيبة الصاروخ الاسرائيلي " حيتس " ؟


من المؤكد أن صراع العقول بين جهاز المخابرات المصري، وجهاز المخابرات
الإسرائيلى معركة طويلة، لا ينتهى فصل من فصولها، حتى يبدأ آخر. ومن
المؤكد أننا لا نفاجأ كل يوم باعتراف إسرائيلى صريح بالعبقرية المصرية،
والانتصار المصرى على العدو اللدود. وقد كانت مفاجأة سارة لي، وأظن لكل
عربي، لو قدر له مطالعة المانشيت الرئيسى لصحيفة معاريف الإسرائيلية ، وقد
جاء المانشيت ممتعا ومثيرا لأقصى حدود الإثارة والمتعة معا، "برامج
الصاروخ "حيتس" كتاب مفتوح أمام المصريين" "فضيحة منظومة الصواريخ "حيتس".
وسر الفرحة بالطبع ان الصاروخ حيتس ليس مجرد صاروخ أرض - جو عادي، يستخدم
فى الدفاعات الجوية الإسرائيلية لحماية السموات الإسرائيلية، فهو فى واقع
الأمر أهم وأخطر منظومة دفاع جوى فى إسرائيل وربما فى العالم، استثمرت
فيها إسرائيل مئات المليارات من الدولارات، وعشرات السنوات بمساعدة ودعم
أمريكى مفتوح، بعد أن توصل الاستراتيجيون الإسرائيليون والأمريكان بعد حرب
الخليج الثانية مباشرة، إلى أن التهديد الحقيقى الذى قد يواجه إسرائيل فى
أى حرب شاملة مع دول المواجهة العربية يتمثل فى الصواريخ الباليستية التى
تعتمد عليها الجيوش العربية بشكل رئيسى.



وتحمست الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدة إسرائيل بجدية، فى تنفيذ
مشروعها للدفاع الصاروخى بعد فشل منظومة بطاريات الصاروخ "باتريوت"
الأمريكية التى نشرت فى إسرائيل آنذاك عن صد صواريخ سكود العراقية التى
سقطت فى العمق الإسرائيلي، وعلى الرغم من أن هذه الصواريخ لم تحدث فى
حينها أضرارا بالغة إلا أن السرعة التى تطور بها قدرة الصواريخ
الباليستية، ودقتها فى تحديد وإصابة أهدافها. جعلت من الصاروخ "حيتس"
(السهم بالعبرية) مشروعا قوميا إسرائيليا، وعكف العلماء الإسرائيليون على
تطوير تلك المنظومة الصاروخية "حيتس" الموجهة إليكترونيا، وأنفقوا ملايين
الدولارات، فى مشروع مواز لبناء منظومة تحكم عالية التقنية تقوم بمهمة
تشغيل بطاريات الصواريخ، وربطها بأجهزة الرادارات والتحكم الأخرى
إليكترونيا. وعرفت المنظومة الأخيرة باسم (حوما) أى "السور" باللغة
العبرية أيضا. اللغة العبرية التى كانت ثقب الباب الضيق الذى نفذت منه
عيون المصريين لتغترف المعلومات المفيدة عن منظومة الصواريخ الدفاعية
"حيتس" وتحولها من مظلة أمان لإسرائيل، إلى مظلة مثقوبة تكشف أكثر مما
تستر.




لقد كانت المفاجأة التى هزت إسرائيل يوم السبت (14-2-2004) وكشفتها صحيفة
معاريف بالصدفة البحتة، ولم تكتشفها أجهزة إسرائيل الأمنية من موساد
وشاباك، واستخبارات حربية "أمان" واستخبارت تكنولوجية الوحدة (8200). هى
أن المهندس وعالم الإليكترونيات الذى أشرف على تطوير برنامج تشغيل منظومة
"حيتس" الإسرائيلية هو مهندس مصرى يدعى "خالد شريف" يقيم فى القاهرة،
ويعمل مصمم برمجيات فى فرع شركة Ibm العالمية بالقاهرة.


والحقيقة ليس هناك فى الدنيا أصدق من مدح أو ثناء يصدر من أعدائك، خاصة لو
كانوا مثل الإسرائيليين يجادلون فى أبسط الحقائق البديهية، وينكرون وقائع
تاريخية ويلفقون أخري. لقد بدأ السبق الصحفى الذى انفردت به معاريف عن
سائر الصحف الإسرائيلية بالحقيقة المجردة التالية: " لعب العالم والمبرمج
المصرى "خالد شريف" دورا هاما ومحوريا فى حماية السموات الإسرائيلية من
تهديدات ومخاطر الصواريخ الباليستية. وخالد شريف هو مهندس كمبيوتر عبقرى
وموهوب، يعمل بشركة (ibm) عملاقة التكنولوجيا العالمية فرع القاهرة. فى
الشهور الأخيرة تبادل شريف هو وطاقم عمل من الخبراء المصريين الرسائل
الإليكترونية مع نظرائهم الإسرائيليين العاملين بفرع (ibm) إسرائيل. ودارت
المناقشات والرسائل المتبادلة حول تحديد وإصلاح عدد من العيوب التى ظهرت
فى برنامج الكمبيوتر المعروف باسم (motif)، هو البرنامج الرئيسى الذى تعمل
من خلاله منظومة الصواريخ الدفاعية الإسرائيلية المشهورة باسم "الصاروخ
حيتس".


وتعاجل الصحيفة القراء بالصدمة الثانية: "إن المعلومات السابقة ليست قصة
من وحى الخيال العلمي، ولا هى قصة من قصص الإثارة الشيقة إنها الحقيقة
التى اكتشفتها صحيفة معاريف وغفلت عنها جميع الأجهزة الأمنية بإسرائيل،
ولم تعرف عنها شيئا إلا عندما أسرعت هيئة تحرير الصحيفة بتقديم بلاغ رسمى
يحتوى على جميع المعلومات التى توصلوا إليها. وهى أن علماء ومبرمجين
مصريين يقيمون فى القاهرة، يعملون منذ شهور طويلة مع علماء ومبرمجين
إسرائيليين يقيمون فى تل أبيب، ويتعاونون فى إصلاح عدد من العيوب الفنية
والإليكترونية ظهرت فى المنظومة الدفاعية للصاروخ "حيتس". وبالتحديد فى
برمجيات المنظومة السرية المعروفة بالاسم الكودى (حوما "السور") ومهمتها
تشغيل بطاريات الصواريخ من طراز "حيتس".


وتوضح معاريف أن جميع المعلومات الآن بحوزة المخابرات المصرية،بعد التأكد من توجيهات معينةمن المخابرات المصرية إلى خالد شريف.
أما أكثر السيناريوهات سوداوية هو أن جميع المعلومات الآن بحوزة جهات معادية قد تكون نجحت فى تخريب منظومة الصاروخ.
وتؤكد الصحيفة كذلك أنها تنشر هذه المعلومات وهى فى منتهى الحزن، فلا يعقل
أن نتصور أن العلماء الأمريكان الذين عكفوا فى أربعينيات القرن الماضى على
تطوير أول قنبلة نووية، جلسوا يناقشون تفاصيل بناء هذه القنبلة مع نظرائهم
فى موسكو، عبر أسلاك الهاتف مثلا.
معاريف تعتبر ما حدث فضيحة استخباراتية بكل المقاييس، والذى يضاعف حجم
الفضيحة وأبعادها أن الأجهزة المعنية فى إسرائيل ظلت غارقة فى سبات عميق،
حتى توجه إليهم عدد من صحفيى معاريف بالمعلومات التى توصلوا إليها بمحض
الصدفة من خلال ترددهم على فرع شركة (ibm) فى إسرائيل، ومع ذلك لم يسمح
للصحيفة بالنشر سوى أمس السبت بعد أن بدأت طواقم من وزارة الدفاع ومن جهاز
الاستخبارات الإسرائيلية التحقيق فى القضية منذ عدة أسابيع. وبعد ان تم
تكوين طواقم فنية لكى تقوم بعملية تمشيط دقيقة لجميع المنظومات
الإليكترونية، داخل منظومة الصاروخ حيتس، وتنظيفها،حسب تعبير الصحيفة،
وتحديد مواقع البرامج التجسسية التى زرعها المصريون وتحييدها. والبحث عن
أية برامج تجسسية من تلك المعروفة باسم "حصان طروادة" قد تكون مثبتة داخل
منظومة الصاروخ "حيتس" لتخدم الجهات المعادية لإسرائيل فى الوقت المناسب


جهات التحقيق لم تحسم أمرها بعد، ولا تعرف بالتأكيد هل جرت محاولات مصرية
للسيطرة على المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، أو غرس برامج تجسس بداخلها،
وبالطبع حتى لو اكتشفوا برامج من هذا النوع، فمن غير المتوقع أن ينشروا
التفاصيل الكاملة لفضيحتهم. ويؤكد "بن كسبيت" الصحفى الأشهر بمعاريف أن
التقصير الأمنى الإسرائيلى حدث بحسن نية، ولم تكن هناك دوافع إجرامية أو
تجسسية، ولكن الخطأ الكبير هو المخالفة الحمقاء لأبسط قواعد المنطق.
فبالفعل هناك علاقات سلام بين مصر وإسرائيل، وتسعى الأخيرة لتشجيع
العلاقات التجارية والزراعية، وكافة سبل التعاون معها، لكن يجب وضع خط
أحمر واضح، وبارز ومطلق عندما يتعلق الأمر بمنظومة صواريخ دفاعية حساسة
إلى هذا الحد.

فالمخابرات المصرية مشهورة بنجاحاتها، وعملياتها الابداعية. ولا شك أن
لديهم وسائلهم التى تمكنهم من الإطلاع على كل ما يحدث داخل شركة
إليكترونيات عالمية تعمل فى قلب القاهرة. وهى فى ذلك لا تشذ عن الموساد أو
وكالة الاستخبارات الأمريكية أو أى جهاز يتبع أبجديات العمل الاستخباري".
ويضيف "بن كسبيت": " لذلك فإن الافتراض المنطقى الآن هو أن كل ما تم
تبادله من معلومات هذا الشأن بين العلماء المصريين والعلماء الإسرائيليين
حسنى النية، معروف ومتاح برمته لأجهزة الاستخبارات المصرية. إذا لم يكن
الأمر أخطر من ذلك." ويوضح خبير عسكرى إسرائيلى مدى الخطورة التى يستشعرها
الإسرائيليون من هذه العملية الغامضة، قائلا: "إن الجيش الإسرائيلى يعتمد
فى أكثر من 80% من أدائه وعملياته على أنظمة قتالية متطورة، من ضمنها
منظومة الصواريخ "حيتس" التى تعتمد كليا على أساليب التشغيل الإليكترونى.

شأنها فى ذلك شأن سلاح الجو الإسرائيلى الذى يعتمد على النظام الإليكترونى
فى تنفيذ عملياته، وبقية الأسلحة التى تستعين بعشرات بل مئات البرامج
الإليكترونية الأخرى. ويضيف الخبير الإسرائيلي: " فى الماضى كنا نضغط على
الزناد بقوة لكى نطلق رصاصة، أما الآن فلكى نطلق صاروخ "حيتس" أرض - جو أو
قنبلة موجهة بالليزر، ولتشغيل أو إيقاف أجهزة الرادار المتطورة، نضغط برقة
على مفتاح Send))، بجهاز الكمبيوتر. ومن أبرز الأمثلة العملية على ذلك
عندما حَلقت الطائرات الإسرائيلية من طراز إف 16 فوق مخيم "عين الصاحب"
بسوريا، فإن قائد سلاح الجو الإسرائيلى "دان حالوتس" كان يجلس على مقعد
وثير فى مكتبه بتل أبيب، وأرسل للطيارين، صورا للمنطقة التى يحلقون فوقها
بالايميل، وعلى الصور سهم أحمر يحدد الهدف المراد تدميره. وفى هذه اللحظة
فقط يقوم الطيار بمطابقة الصور الإليكترونية، مع صور المنطقة، التى بحوزته
من قبل، ويحدد الهدف ويضغط مفتاح Send.

وبالتالى وبناء على هذا الشرح المستفيض، يكفى برنامج اختراق صغير يتم
تثبيته وسط هذه المنظومة الإليكترونية لكى يدمر العملية التى تقوم بها
الإف 16 بالكامل. أما إذا كنا نتحدث عن الصاروخ "حيتس" فإن الأمر أعقد من
ذلك بكثير. فأى خبير كمبيوتر متمكن يستطيع أن يزرع داخل منظومة التشغيل
برنامجا صغيرا من طراز "حصان طروادة" وهو برنامج، فعال ومدمر، مصمم بحيث
يعمل فور تشغيل المنظومة، ويتسبب فى تدميرها وانهيارها فورا. وبناء على
هذه المعلومات البديهية ترسم معاريف السيناريو التالى : " عندما يأتى يوم
الحساب وتبدأ الصواريخ الباليستية (العربية طبعا) فى قطع طريقها بسرعة
البرق نحو السموات الإسرائيلية، لتسقط شظاياها على رؤوس الإسرائيليين،
وتصدر الأوامر بسرعة أيضا، بتشغيل منظومة "حوما" الإليكترونية، قد نفاجأ
بأنها غير قادرة على العمل، وأنها تتهاوى أمام أعيننا.

برنامجا صغيرا من طراز "حصان طروادة" وهو برنامج، فعال ومدمر، مصمم بحيث
يعمل فور تشغيل المنظومة، ويتسبب فى تدميرها وانهيارها فورا. وبناء على
هذه المعلومات البديهية ترسم معاريف السيناريو التالى : " عندما يأتى يوم
الحساب وتبدأ الصواريخ الباليستية (العربية طبعا) فى قطع طريقها بسرعة
البرق نحو السموات الإسرائيلية، لتسقط شظاياها على رؤوس الإسرائيليين،
وتصدر الأوامر بسرعة أيضا، بتشغيل منظومة "حوما" الإليكترونية، قد نفاجأ
بأنها غير قادرة على العمل، وأنها تتهاوى أمام أعيننا.

ولا تنطلق الصواريخ الدفاعية التى أنفق عليها المليارات، أو تنطلق
الصواريخ لكن تنحرف عن مسارها وتخطئ أهدافها، وفى أسوأ الأحوال تنفجر فى
الهواء على رؤوسنا فور انطلاقها. وعلى الرغم من أن البعض قد يعتقد أن هذا
السيناريو خيالى بعض الشيء، إلا أنه للأسف نفس السيناريو الذى تجرى دراسته
الآن فى أهم الأجهزة الأمنية والاستخباراتية فى إسرائيل.

محررو معاريف الذين اكتشفوا تفاصيل الفضيحة، أعلنوا أن لديهم وثائق تدل
على الصلة الوثيقة والاتصالات شبه اليومية التى دارت بين مهندسى شركة
(ibm) فرع إسرائيل، ونظرائهم المصريين فى فرع الشركة بالقاهرة. والمجهودات
المشتركة التى بذلوها لإصلاح عيوب برنامج تشغيل الصاروخ "حيتس"، لكن
الأخطر من ذلك فعلا، هو أن المعلومات التى حصلت عليها معاريف، ونشرتها
تؤكد أن الجيل التالى من هذا البرنامج المعروف باسم(motif) سيتم تصميمه
وتطويره فى فرع الشركة بالقاهرة، تحت إشراف "مهندسين مصريين" بالطبع. ثم
يتم إرساله إلى تل أبيب ليتدربوا عليه، ثم يتم إحلاله محل الجيل الحالى من
البرنامج.

والسؤال البديهى الذى بدأ بالتأكيد يطرح نفسه الآن بالنسبة للقارئ، هو كيف
تم التعاون بين المهندسين المصريين والإسرائيليين فى تطوير برنامج بهذه
الخطورة العالية والحساسية البالغة بالنسبة للإسرائيليين. الحقيقة أن
الأمر بسيط للغاية، ربما كان المفتاح الرئيسى فيه هو اللغة العبرية، نعم
اللغة العبرية، فأساس المشكلة التى واجهت مهندسى وزارة الدفاع الإسرائيلية
أن جميع البرامج الإليكترونية متوائمة مع اللغة الانجليزية بالأساس. وإذا
أراد الإسرائيليون عبرنة البرنامج فالحل هو التوجه لفرع شركة (ibm)فى
القاهرة، وهو بالمناسبة أكبر فرع للشركة فى الشرق الأوسط وهو الفرع الوحيد
المرخص له تحويل مواءمة البرامج من اللغة الانجليزية، إلى اللغات السامية
- العربية والعبرية. وبالتالى فقد جاء الإسرائيليون بأقدامهم ومعلوماتهم
إلى الخبراء المصريين، ليحلوا لهم مشاكلهم التقنية التى عجزوا عن
معالجتها. وعلى الرغم من أن صحيفة معاريف أوردت جميع هذه المعلومات،
وأشارت إلى أن إسرائيل لا يمكن أن تتهم مصر بأى مسئولية، ولا تحملها إهمال
العلماء الإسرائيليين، إلا أنها استنكرت بالطبع أن تطبق هذه القواعد على
برنامج تشغيل منظومة الصواريخ الدفاعية الإسرائيلية، وخاصة أنه أمر فى
غاية الحساسية ومن غير المبرر، من وجهة نظرهم، أن يجرى تطوير هذا البرنامج
الخطير الذى سيحمى السماوات الإسرائيلية، فى معامل بقلب القاهرة.

وتدعى الصحيفة نقلا عن مسئول كبير بسلاح الجو الإسرائيلى : "أن العلماء
الإسرائيليين المسئولين عن العملية وفقوا أوضاعهم، وأوقفوا الاتصالات مع
المصريين، ولو أن هذه الخطوة تأخرت كثيرا، لكن كل شيء تحت السيطرة،
أوالفحص، بقيادة طاقم خاص أقيم لهذا الغرض".



لكن صحيفة معاريف نسبت لمصادر فى وزارة الدفاع الإسرائيلية قولها: "إن
شفرات وحزم معلومات، وبيانات عن البرنامج جرى تبادلها لفترة طويلة بين
فرعى الشركة، بل وأثناء المناقشات تسرب الاسم الكودى للمشروع وهو يعتبر
بمثابة سر حربى إسرائيلي، هذا بالطبع بخلاف الجيل الجديد من البرنامج الذى
يتم تطويره فى القاهرة. والذى قررت السلطات الإسرائيلية وقفه، ووقف
التعامل مع العلماء المصريين بهذا الخصوص لأجل غير مسمى بالطبع.

هذه التصريحات المتناقضة للمسئولين الإسرائيليين تؤكد كبر حجم الكارثة،
وتضاعف أبعاد الفضيحة، وتدشن لبداية مرحلة جديدة من مراحل الصراع
الاستخباري، إنه عصر الجاسوس الإليكتروني، و"أحصنة طروادة". و أن
الإستخبارات المصرية قامت بعملية البداية في هذه الحرب ..و للأسف حسب
الجريدة ..فإن الإستخبارات المصريه قد أحرزت هدفا مبكرا جدا..في بداية
المباراة .





خطة المخابرات البريطانية لاغتيال عبد الناصر




كُتب كثيرا عن قصة المواجهة بين جمال عبد الناصر وبين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وإن كان أغلب الحكايات التى نسجت حول هذه القصة هو مجرد خيال.. ولكن لم يكتب إلا القليل عن المواجهة بين جمال عبد الناصر وبين المخابرات البريطانية الخارجية المعروفة باسم جهاز الإم آى سكس أو Mi6. وقد صدر فى بريطانيا مؤخرا جدا واحد من أهم الكتب عن جهاز المخابرات البريطانية الخارجية وهو يتناول تاريخها وأساليبها وأسرارها.. الكتاب بعنوان إم آى سكس: مغامرة داخل العالم السرى لجهاز المخابرات البريطانية من تأليف الصحفى البريطانى المعروف ستيفن دوريل ويحتوى على سبعة أجزاء أهمها على الإطلاق الجزء الخاص بعمليات المخابرات البريطانية فى الشرق الأوسط.. هذا الجزء يحتوى على 5 فصول مهمة تتعلق بنشاط المخابرات البريطانية فى فلسطين وقبرص وإيران واليمن وقبل هذا وذاك نشاطها فى مصر.. وتحت عنوان السويس: رواد اغتيال وبلطجة خصص الكاتب فى أكثر من 50 صفحة قصة المخابرات البريطانية مع عبدالناصر.

عندما قامت ثورة يوليو 1952 ومرور عام عليها كانت المخابرات البريطانية مشغولة بإيران والمواجهة مع محمد مصدق رئيس الوزراء الذى حاول تأميم صناعة البترول الإيرانية وضرب احتكارات الشركات البريطانية والامريكية لها.. وتمكنت هذه المخابرات من الإطاحة بمصدق فيما مثل نجاحا كبيرا لها.. إلا أن هذا النجاح لم يخف حقيقة أن - وكما يرد الكتاب على لسان رئيس الإم آى سكس فى ذلك الوقت جورج يانج - المخابرات البريطانية كانت تعانى من تدهور فى أدائها فى عدد من البلاد العربية وخصوصا مصر.. أولا وقبل أن تقوم الثورة لم يكن للمخابرات البريطانية أى علم بتنظيم الضباط الأحرار حتى ان أحد الضباط البريطانيين البارزين فى القاهرة كان قد تقابل مع أحد المعلمين المصريين فى كلية ضباط أركان حرب المصرية وأخبره الأخير بسر كبير وهو أن هناك تنظيما سريا داخل الجيش المصرى وأن هذا التنظيم يخطط للقيام بمحاولة لقلب نظام الحكم.. وأسرع الضابط البريطانى بارسال هذا الخبر للسفارة التى أرسلته بدورها لأنتونى إيدن الذى كان فى ذلك الوقت وزيرا للخارجية البريطانية.. وما كان من إيدن إلا أن أرسله للمخابرات البريطانية التى ردت عليه قائلة: إن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة وإن الجيش المصرى بالكامل يدين بالولاء للملك فاروق.. وكان هذا الرد من المخابرات البريطانية قبل ثورة يوليو ب3 شهور فقط.. وحتى عندما قامت الثورة - كما يقول الكتاب - فشلت المخابرات البريطانية فى أن تفهم أن هذه الثورة بخلاف خلعها للملك فاروق كانت فى أعماقها تمثل حالة كره ومقت عارم من جيل مصرى شاب للاحتلال البريطانى وتجاه كل ما هو بريطانى.. والنتيجة أن المخابرات البريطانية لم تفهم فيما بعد حقيقة الصراع بين عبدالناصر ومحمد نجيب.. ويقول جيفرى هنتون مدير محطة المخابرات البريطانية فى القاهرة عند قيام الثورة وصديق كيم فيلبى ضابط المخابرات البريطانية الذى اكتشف فيما بعد أنه كان أكبر جاسوس للاتحاد السوفيتى.. إننا لم نتمكن من فهم الأهداف الحقيقية لثورة يوليو ليس فقط لأن أداءنا كان غير كفء فى جميع المعلومات ولكن لأن عبدالناصر نجح بذكاء خارق فى التمويه على أهدافه وعدم كشف كرهه العميق للاحتلال البريطانى الذى طال مكوثه فى مصر.. لم تعرف المخابرات البريطانية - كما يضيف الكتاب - أن ناصر كان قد قام فى شبابه بالانضمام لمظاهرات ضد الإنجليز وأنه تقريبا احتجز فى السجن بسبب هذا النشاط، كان عبدالناصر - كما يقول ضابط السفارة البريطانية فى القاهرة فى مارس 1953 جون دى كورسي- يعتقد اننا كقوة عظمى كنا فى حالة انهيار وشيخوخة ومن ثم كان الهدف ألا يقبل هو وزملاؤه بأقل من انسحابنا التام وأنهم ليسوا ملزمين بأى نوع من التحالف معنا فى المستقبل.

وعندما بدأت تفهم بريطانيا بعض الشيء توجهات ثورة 23 يوليو مع بداية 1953 كان تفكير إيدن هو قيام المخابرات البريطانية بتدبير انقلاب ضدها إلا أنه تخلى عن هذا التفكير بعد أن اقنعه السفير رالف ستيفنسون رئيس أركان المخابرات المشتركة فى ذلك الوقت بأن الإطاحة بحكومة محمد نجيب سوف تسهل على القومى المتشدد عبد الناصر الاستيلاء بالكامل على السلطة.. علاوة على هذا كانت المخابرات الأمريكية تأمل فى أن يكون عبد الناصر ظهيرا لأمريكا وأن يتكلل هذا بعقد صلح بين مصر وإسرائيل.. فى هذا الإطار ضغط الأمريكان على البريطانيين للإسراع بعقد اتفاقية جلاء عن مصر مع عبد الناصر وعلى أمل أن يؤدى هذا الجلاء إلى تهدئة خواطر ناصر ونظامه وأن يصبح حليفا للغرب بعد هذا الانسحاب.. وكان رأى المخابرات البريطانية لهذا التقييم الأمريكى أنه تقييم غير سليم لأنها كانت تعتقد - وبغباء شديد - أن عبد الناصر لن يطول به البقاء فى الحكم.

على أية حال يعود الكتاب ويذكرأيضا أنه عند بدء الثورة وبعد استيعاب المخابرات البريطانية لبعض أبعادها ونوايا القائمين عليها وخصوصا عبدالناصر قامت بأول محاولة للانقلاب عليها.. بدأت هذه المحاولة من خلال قيام عميل يوغوسلافى موجود فى القاهرة بالسفر إلى روما ومقابلة جون فارمر مدير محطة المخابرات البريطانية فى العاصمة الإيطالية.. قام العميل بتقديم شخصيتين مصريتين بارزتين لفارمر هما: الأمير محمد عبدالمنعم ابن خديو مصر السابق، ومرتضى المراغى الذى كان وزير داخلية سابق.. وكانت الخطة تقتضى الاعتماد على عدد من ضباط الجيش الموالين لعبد المنعم والمراغي للقيام بانقلاب وتنصيب عبد المنعم ملكا والمراغى رئيسا للوزراء.. إلا أن هذه الخطة سرعان ما تم صرف النظر عنها بعد أن تبين أن عبد المنعم والمراغى لا يتمتعان بأى قدر من الشعبية أو المساندة داخل أو خارج الجيش.

ثم جاء عام 54 وشهد قصة الصراع بين محمد نجيب وعبد الناصر وانتهى لصالح الأخير، وأكثر من هذا نجح عبد الناصر فى التوصل لاتفاقية جلاء كامل مع البريطانيين.. إلا أن المخابرات البريطانية لم يهدأ لها بال حيث أخذت فى استعراض القوى التى يمكن أن تناوئ عبد الناصر وتشكل خطرا حقيقيا ينقلب عليه ويتخلص منه فى النهاية.. وجدت المخابرات البريطانية أن الإخوان المسلمين هم أفضل قوة لتنفيذ هذا المخطط وخصوصا بعد انقلاب عبد الناصر عليهم.

ووجدت المخابرات البريطانية فرصتها السانحة فى المدعو سعيد رمضان الذى كان قد انضم للإخوان المسلمين فى 1940 وتتلمذ على يد حسن البنا وتزوج ابنته فى 1949 وبعد مقتل رئيس الوزراء النقراشي والقبض على عدد كبير من الإخوان المسلمين هرب سعيد رمضان إلى باكستان وقام بتأسيس محطتين إذاعيتين موجهتين للبلاد العربية.

ويقول الكتاب إن سعيد رمضان أصبح متعاملا فيما بعد مع المخابرات البريطانية والأمريكية وحتى السويسرية وخصوصا بعد أن استقر به المقام فيما بعد فى جنيف.. وفى جنيف وبالتعاون مع سعيد رمضان قام ضابطا المخابرات البريطانية نيل ماكلين وجوليان آمري بتنظيم حركة مضادة لعبد الناصر من الإخوان المسلمين ومستغلة فى ذلك تدهور العلاقة بين عبد الناصر والإخوان وخصوصا بعد أن عارضوا خططه فى الإصلاح الزراعى.. علاوة على ذلك كان هناك تنسيق مع عدد آخر من جماعة الإخوان ممن لجأوا للسعودية لتنظيم خطة المخابرات البريطانية الانقلابية ضد عبد الناصر.. وقد علم عبدالناصر ببعض ما يفعله سعيد رمضان - كما يقول الكتاب - فقام بسحب الجنسية المصرية منه وكان ان قامت ألمانيا الغربية - التى كانت غاضبة من عب الناصر فى ذاك الوقت لاعترافه بألمانيا الشرقية - باعطاء جواز سفر ألمانى لسعيد رمضان.

وقد اتجه سعيد رمضان بالجواز الألمانى إلى ميونخ بألمانيا ثم عاد لسويسرا واستقر به المقام فى جنيف حتى توفى عام 1995.. وفى جنيف - يقول الكتاب - أسس رمضان المركز الإسلامى وقام بالتنسيق مع المدعو يوسف ندا لتأسيس بنك التقوى.

كانت سويسرا عندما انتقل سعيد رمضان اليها تعرف انه عميل للمخابرات البريطانية والأمريكية وانه أصبح يقوم بنشاط موجه بالتنسيق معهما ضد عبد الناصر، ولكن - وكما يقول الكتاب مستندا للأرشيف المخابراتى السويسرى - ان أجهزة المخابرات السويسرية تركته على أساس ان جماعته لا تعكس اتجاهات معادية للغرب وفيما بعد استخدمته لصالحها.. قام سعيد رمضان بالتنسيق مع حسن الهضيبى من خلال تريفور إيفانز المستشار الشرقى للسفارة البريطانية للتخطيط لعملية اغتيال عبد الناصر.. وأخيرا فى 26 أكتوبر وأثناء قيام عبد الناصر بالقاء خطاب فى الاسكندرية أطلق أحد أعضاء الإخوان 8 رصاصات عليه ولم تصبه وفشلت محاولة الاغتيال التى دبرها سعيد رمضان فشلا ذريعا وليزداد بعدها حنق المخابرات البريطانية على عبد الناصر ونظامه.



وفى 1955 كان التفكير فى إنشاء حلف بغداد وضم مصر إليه.. فقام إيدن فى محاولة أخيرة لإخضاع عبد الناصر بزيارة لمصر فى فبراير 1955 وكان لقاء إيدن مع عبد الناصر بمثابة فشل ذريع وخصوصا بسبب الأسلوب المتعالى الذى تعامل به إيدن مع عبد الناصر.. فى 4 أبريل 1955 - وقبل أن يصبح إيدن رئيسا للوزراء بيوم واحد - تم توقيع حلف بغداد بدون انضمام مصر اليه، لم يعد لدى البريطانيين ورق كثير للعب مع عبد الناصر بعد توقيع اتفاق الجلاء سوى الأسلحة التى كانوا هم والفرنسيون يوردونها اليه.

فى مايو 1955 وبعد نصيحة من الرئيس اليوغوسلافى تيتو قام ناصر بعقد صفقة أسلحة سرية مع الروس من خلال تشيكوسلوفاكيا.. لم تعلم المخابرات البريطانية بهذه الصفقة السرية سوى فى 26 سبتمبر وعندما علمت بها جن جنون أنتونى إيدن وخصوصا أن الأمريكان كانوا على علم بها.. وفى 27 سبتمبر بدأت أجهزة التجسس البريطانية تلتقط سيل المراسلات بين القاهرة وبراج حول الصفقة التى اتضح أن قيمتها 400 مليون دولار وكانت تشمل توريد 80 طائرة ميج مقاتلة، و45 مقاتلة قاذفة قنابل أليشون و150 دبابة.. كما حصلت المخابرات البريطانية على تفاصيل أكثر عن هذه الصفقة عن طريق عميل مصرى اسمه محمد حمدي كان يعمل فى القسم التجارى للسفارة المصرية فى براج.. وكما يقول الكتاب كان محمد حمدي فى الستين من العمر وكان يهوى النساء بشدة ولذلك نجحت عميلة للمخابرات البريطانية جاءت خصيصا من فيينا لاصطياده فى شهر عسل وتجنيده.. وبسرعة وبنجاح بالغ - كما يقول الكتاب - وقع محمد حمدي فى الفخ.. ومن خلال هذا المحمد حمدي نجحت المخابرات البريطانية فى الإلمام بجزء كبير من خبايا صفقة الأسلحة المصرية التشيكية أو بالأحرى صفقة الأسلحة المصرية السوفيتية.. على أية حال كان لابد من تحرك بريطانى طلب إيدن من وزارة الخارجية والمخابرات البريطانية تدبير خطط جديدة للخلاص من عبد الناصر، وتراوحت هذه الخطط بين محاولات لتدبير تفجيرات فى عدد من المدن المصرية لإرهاب عبد الناصر أو رشوته بصورة مباشرة وحتى تدبير انقلاب ضده.. كان هناك تفكير لدى المخابرات البريطانية أن يقود على ماهر رئيس الوزراء السابق هذا الانقلاب ولكن كان ذلك شبه مستحيل ليس فقط لعدم شعبية على ماهر ولكن لكبره فى السن.. كل هذه المحاولات باءت بالفشل لأن التقديرات داخل الأجهزة البريطانية كانت متضاربة علاوة على أنها كانت تجمع على أن ناصر لن يصبح متحالفا مع السوفييت والشيوعيين.. ويقول أحد تقارير المخابرات البريطانية فى 28 نوفمبر 1955 إنه لو تبين أن عبد الناصر سيصبح دمية شيوعية فإن الأسلوب الأمثل للتعامل معه هو قلب نظام حكمه وليس تقديم رشوة هائلة له ولم يعد بعد كل هذا أية أوراق لإغراء ناصر سوى تمويل السد العالى الذى كان يطمع عبد الناصر فى أن يحقق به جزءا كبيرا من أحلام المصريين فى التنمية.

فى 14 ديسمبر 1955 قرر البريطانيون والأمريكان تقديم عرض لعبدالناصر بتمويل السد العالى من خلال البنك الدولى.. وفى يناير 1956 كانت تقديرات المخابرات البريطانية أن الشرق الأوسط قد يصبح على حافة انفجار فى هذا العام، تم تعيين سلوين لويد وزيرا للخارجية البريطانية.. عمل لويد كل ما فى وسعه منذ بدء تعيينه على التنسيق مع الأمريكان فى كل ما يخص عبد الناصر، كان هناك اقتناع فى هذه الفترة بين أجهزة الحكم والمخابرات فى بريطانيا وأمريكا بأنه لابد من عمل شيء تجاه عبد الناصر ولكن التناقض فى الشخصيات والسياسات وسوء التحليلات لم يؤد إلى سياسة فعالة، ولكن بحلول فبراير 1956 كان هناك تنسيق بين المخابرات البريطانية والأمريكية لاغتيال عبد الناصر.. كانت خطة الاغتيال - التى أعدتها أساسا المخابرات البريطانية - أشبه بأفلام جيمس بوند ولذلك لم يوافق عليها الأمريكان وبالتالى فشلت، ثم تطورت الأمور للأسوأ بقيام الملك حسين فى 1 مارس بإقالة جلوب باشا القائد البريطانى للفيلق العربى فى الأردن وإعلانه الانحياز لعبد الناصر، هذا القرار أصاب إيدن بحالة جنون وجعله يفكر من جديد فى خطة اغتيال عبد الناصر.. فى 15 مارس 1956 كتب إيدن مذكرة للرئيس الأمريكى أيزنهاور يقول فيها إن لديه معلومات مؤكدة أن عبد الناصر يسعى لتأسيس ولايات عربية متحدة بعد العمل على إسقاط الملكيات الحاكمة فى العالم العربى وخصوصا فى ليبيا والعراق والأردن، علاوة على تدمير إسرائيل وكل هذا يصب فى صالح الاتحاد السوفيتى فى النهاية. كان إيدن يسعى من خلال هذا الخطاب لكسب التوجه الأمريكى من جديد ضد العمل على إسقاط عبد الناصر أو اغتياله.. ثم تطورت الأمور على النحو المعروف بعد قرار البنك الدولى بسحب عرضه لتمويل السد العالى ثم الرد من جمال عبد الناصر فى 26 يوليو فى الإسكندرية بتأميم شركة قناة السويس.. ويحكى الكتاب جهود المخابرات البريطانية ضد عبد الناصر فى هذه الفترة من خلال القيام بعملية دعاية ضخمة موجهة من راديو القاهرة الذى كان يبث من قبرص وليبيا وعدن فى اليمن.. وأخيرا طرحت فكرة اغتيال عبد الناصر من جديد.. قام إيدن باستدعاء جورج يانج مدير الإم آى سكس ووقع طلبا مكتوبا باغتيال عبد الناصر! ولم يكن هناك مفر من تحقيق هذا الطلب وكان الاتجاه هذه المرة أمام المخابرات البريطانية هو التنسيق مع الموساد الإسرائيلى والمخابرات الفرنسية.. الأكثر من هذا قام إيدن بالاتصال تليفونيا مع ديفيد بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل وحتى مع مدير الموساد أيسر هاريل وعلاوة على ذلك الاتصال بالفرنسيين للتنسيق.. وأصبح ضابط المخابرات البريطانية الشهير جوليان آمري هو المنسق العام للخطة والمسئول عن الاتصال مع المعارضة المصرية المؤيدة لإسقاط ناصر وأغلبهم من الأسرة الملكية أو مصريين ساخطين على عبد الناصر.

وبدءا من 27 أغسطس 1956 عقد آمري ومعه ضابط مخابرات بريطانية سلسلة لقاءات مع شخصيات مصرية ضمت ممثلين عن حزب الوفد ومقربين من رئيس الوزراء الوفدى السابق مصطفى النحاس باشا، كما قاموا بتنشيط اتصالاتهم من جديد بسعيد رمضان فى جنيف، وكانت هناك خطة تقوم على أنه أثناء عملية ضرب وغزو مصر تقوم المخابرات البريطانية باخراج اللواء محمد نجيب من محبسه المنزلى وتوليته الرئاسة وتعيين صلاح الدين وزير الخارجية المصرى فى الفترة من 1950 الى 1952 رئيسا للوزراء، كما طرح اسم على ماهر وطرحت مجموعة أخرى من المتآمرين يقودها - حسب زعم الكتاب - اللواء حسن صيام قائد سلاح المدفعية فى ذلك الوقت ومعه مجموعة من ضباط الجيش المتقاعدين ممن كانوا ساخطين على عبد الناصر، كما عاد امري للخطة المحبوبة لدى المخابرات البريطانية وهى أنه بعد الغزو والخلاص من عبد الناصر يتم تعيين الأمير محمد عبد المنعم - ابن الخديو عباس حلمى الثانى - ملكا على مصر وتعيين أحمد مرتضى المراغى رئيسا للوزراء والذى كان قد غادر مصر فى يونيو واستقر فى بيروت.. ويدعى الكتاب أن آمري نجح فى جذب عدد من العناصر المصرية وراء خطة المخابرات البريطانية للإطاحة بعبد الناصر واغتياله ومن هؤلاء ضابط مخابرات مصرى يدعى عصام الدين محمود خليل وكان نائب رئيس المخابرات الجوية.. وقد تم الالتقاء به أثناء زيارة قام بها إلى روما من قبل محمد حسين خيرى حفيد السلطان حسين كامل الذى حكم مصر فى الفترة من 1914 الى 1917، وقد وافق خليل على الانضمام للخطة البريطانية وسافر بعد أسابيع فعلا إلى بيروت.. ويقول الكتاب إن خيري حفيد السلطان حسين كان يعمل نائب رئيس المخابرات الحربية قبل ثورة يوليو وبعد الثورة تم عزله وإحالته للاستيداع فسافر للخارج حانقا على عبد الناصر ونظامه.. طوال هذه الفترة لم يكن لدى المصريين علم بما يفعله خليل وكان التخطيط أن تقوم المخابرات البريطانية بتقديم بعض المعلومات له فى بيروت عن إسرائيل لتقديمها للقيادة فى مصر مبررا بها سفره الدائم إلى بيروت.

كان المطلوب من خليل أن يعمل على تكوين خلية سرية من ضباط الجيش للعمل ضد عبد الناصر وكانت شروط خليل أن يكون هو القناة الوحيدة بين البريطانيين والخلية وأن يحصل على كميات هائلة من المال لتغطية مصاريفه وخدماته.. ثم قامت المخابرات البريطانية بعد ذلك باصطحاب مرتضى المراغى وترتيب مقابلة له مع وزير الخارجية البريطانى سلوين لويد لزيادة طمأنته من أن هذه الخطة برعاية الحكومة البريطانية.. كان هدف المخابرات ليس فقط الإطاحة بعبد الناصر على يد الخلية العسكرية ولكن أن تقوم هذه الخلية بقتل عبدالناصر لأن ذلك هدف أساسى لأنتونى إيدن إلا أن هذه الخطة انضمت للخطط الفاشلة السابقة عندما تأكد للمخابرات والخارجية البريطانية أنها لن تؤدى إلى شيء لأنه ببساطة - كما يقول الكتاب - كان عبدالناصر يتمتع بشعبية جارفة داخل الجيش وبين شعبه.


ولم يتوقف الفشل عند هذا الحد.. ففى آخر أغسطس 1956 قامت المخابرات المصرية باقتحام مكتب وكالة الأنباء العربية التى كانت واجهة للمخابرات البريطانية، وفى مؤتمر صحفى فى 27 أغسطس أعلن عن القبض على خلية تجسس بريطانية فى مصر يقودها جيمس سوينبرن وهو مدرس إنجليزى قضى فى مصر 25 عاما ثم أصبح مديرا للمكتب وقد اعترف بخلية التجسس، كما تم القبض على تشارلز بتسويك أحد عمال شركة ماركونى وجيمس زارب وهو مالطى يمتلك مصنع بورسلين وكانا يشكلان جزءا من خلية التجسس كما تم القبض على المدير الحقيقى للمكتب وهو توم ليتل الذى كان مراسلا لمجلة الإيكونوميست وجريدة التايمز ولكنه كان فى نفس الوقت عميلا رئيسيا لجهاز المخابرات البريطانية.. الغريب - كما يقول الكتاب - أن المخابرات المصرية كانت تعرف بالنشاط التجسسى لتوم ليتل منذ البداية ولكنها تركته حرا وتعمدت تغذيته بمعلومات خاطئة ومضللة عن الرئيس عبد الناصر، وقد كشفت عمليات القبض على الخلية - وحسب اعترافات أعضائها التى تمت فى سجن القناطر - أنها أوصلت معلومات للمخابرات البريطانية عن تطورات سياسية سرية كانت تجرى فى مصر وعن بعثات الشراء التى توجهت لبعض دول الكتلة الشرقية لشراء أسلحة وعن بعض المعدات العسكرية السوفيتية التى كان قد تم البدء فى توريدها بموجب الصفقة التشيكية ومنها تركيب محطة رادار جديدة خارج القاهرة ومعدات مضادة للدبابات لزوم الحرس الوطنى علاوة على معلومات عن أماكن تمركز القوات المسلحة المصرية، أكثر من هذا قامت المخابرات المصرية باعتقال عملاء مصريين عملوا لصالح هذه الشبكة بلغ عددهم 11 عميلا منهم سيد أمين محمود وابنه الضابط بحرى أحمد أمين محمود الذى عمل لفترة ملحقا بحريا للرئيس محمد نجيب.. وقد قام سيد وابنه أحمد بتقديم معلومات للبريطانيين عن التحصينات العسكرية البحرية لميناء الإسكندرية ومعلومات عن السفينة عكا والسفينة سودان مفادها أن الرئيس عبد الناصر كان ينوى ملء هاتين السفينتين بالمتفجرات وسد القناة بهما فى حالة أى غزو بريطانى وقد تبين أن كل هذه المعلومات كاذبة، كما تم القبض على المدعو يوسف مجلى حنا الذى قام بتقديم معلومات عن قيام خبراء من ألمانيا الشرقية بمساعدة مصر فى برنامج تصنيع صواريخ.


وقد وردت إشارات فى القضية أن الرئيس محمد نجيب قدم بعض المعلومات ولكن تم حذفها بطلب من عبدالناصر، ويقول الكتاب إنه تمت مفاتحة نجيب فى تولى الحكم بعد القيام بانقلاب على نمط الانقلاب ضد مصدق فى إيران والذى قامت به المخابرات البريطانية.


وقبل العدوان الثلاثى فى 29 أكتوبر 1956 قامت بريطانيا بمحاولة أخيرة لقتل عبدالناصر.. وتلخصت العملية فى قيام المخابرات البريطانية بتجنيد جيمس موسمان مراسل البى بى سي والديلى تليجراف فى القاهرة وكانت مهمته تجنيد طبيب عبدالناصر لكى يضع له السم فى القهوة أو يقدم شيكولاتة سامة له من النوع الشعبى فى ذلك الوقت كروبجي مقابل رشوة 20.000 جنيه استرلينى، ويحكى الكتاب التفاصيل الكاملة لهذه العملية التى انتهت بالفشل، كما يحكى بالتفصيل محاولة اخرى من جانب المخابرات البريطانية لضخ غاز أعصاب سام فى أحد أجهزة التكييف الخاصة بأحد مقرات عبدالناصر إلا أنه تم العدول عن هذه الخطة من قبل إيدن شخصيا لأنه كان قد استقر عزمه على أن الأسلوب الوحيد لقتل عبدالناصر هو من خلال العدوان الثلاثى، ثم يتحدث الكتاب بتفاصيل جديدة بالغة الإثارة عن دور المخابرات البريطانية أثناء العدوان الثلاثى وتنسيقها مع المخابرات الأمريكية والفرنسية والإسرائيلية كما يكشف الكتاب عن دور المخابرات البريطانية فى مساعدة سعيد رمضان لترتيب انقلاب ضد الرئيس عبدالناصر فى 1965 وهى العملية التى انتهت بالقبض على أغلب عناصرها .







تم بحمد الله


توقيع GeneralPu :
لا اله الا الله وحده لا شريك له

التعديل الأخير تم بواسطة GeneralPu ; 24-10-2013 الساعة 03:07 AM

إعلانات google

قديم 24-10-2013, 04:08 AM   #2

MiLeN
عضو مشارك


Electronic Engineer

الصورة الرمزية MiLeN


• الانـتـسـاب » Jul 2011
• رقـم العـضـويـة » 89031
• المشـــاركـات » 6,917
• الـدولـة » الاسكندرية
• الـهـوايـة »
• اسـم الـسـيـرفـر » Thebes
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 5847
MiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدودMiLeN مميز بلا حدود

MiLeN غير متواجد حالياً

25239  



افتراضي



اه كل ده




قديم 24-10-2013, 04:26 AM   #3

GeneralPu
عضو مميز



الصورة الرمزية GeneralPu


• الانـتـسـاب » Jun 2012
• رقـم العـضـويـة » 101701
• المشـــاركـات » 771
• الـدولـة » Mansoura
• الـهـوايـة » Drugs :D
• اسـم الـسـيـرفـر » Gemini
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 1046
GeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـع

GeneralPu غير متواجد حالياً

1511  



افتراضي



علشان الناس تتبسط


توقيع GeneralPu :
لا اله الا الله وحده لا شريك له


قديم 24-10-2013, 06:32 AM   #4

Islam Saeed
كبار الشخصيات


Somethings Never Change

الصورة الرمزية Islam Saeed


• الانـتـسـاب » Jul 2010
• رقـم العـضـويـة » 71993
• المشـــاركـات » 8,248
• الـدولـة » El - Giza
• الـهـوايـة » NET \ Europe Football \ Pes13 \ Silkroad4Arab
• اسـم الـسـيـرفـر » No Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 4741
Islam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدود

Islam Saeed غير متواجد حالياً

13721  


إرسال رسالة عبر Yahoo إلى Islam Saeed

افتراضي



موضوع كـويس .. بس طوويل ^^ ..
كان ممكن تـقسمه على اكثر من موضوع :)

تسـلم


توقيع Islam Saeed :








- مراقب عام - ع المعااش !
[ Since 2015 -TO- 2018 ]


قديم 24-10-2013, 10:56 AM   #5

☜ ĂиTaKą ☞
كبار الشخصيات



الصورة الرمزية ☜ ĂиTaKą ☞


• الانـتـسـاب » Sep 2008
• رقـم العـضـويـة » 36083
• المشـــاركـات » 32,402
• الـدولـة » في عالم مجهـــول
• الـهـوايـة » Private Srv
• اسـم الـسـيـرفـر » Private Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 12496
☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود☜ ĂиTaKą ☞ مميز بلا حدود

☜ ĂиTaKą ☞ غير متواجد حالياً

38321  


إرسال رسالة عبر Skype إلى ☜ ĂиTaKą ☞

افتراضي



والله جميل جدا



توقيع ☜ ĂиTaKą ☞ :

بلـغـة الـشعـر
قـافـيــة
..........
بلـغـة الـقضـاة
مـجـرم
..........
بلـغـة الغنـــاء
مـــــوّال
..........
بلـغـة العلـــم
أسـتــاذ
..........
بلـغـة السياسـة
لغم قـابـل للإنفجـار
..........
بـلغـة كـرة القـدم
اسطورة
..........
بلغه سيلكـ رود
AnTaKa We Bas


عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]



Ana

AnTaKa

Yad






قديم 24-10-2013, 02:27 PM   #6

♥MoKa♥
عضو لامع



الصورة الرمزية ♥MoKa♥


• الانـتـسـاب » Jan 2013
• رقـم العـضـويـة » 108924
• المشـــاركـات » 1,341
• الـدولـة » Cairo
• الـهـوايـة » Net/S4a
• اسـم الـسـيـرفـر » Private Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 1402
♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع♥MoKa♥ عطـاء غيـر منقطـع

♥MoKa♥ غير متواجد حالياً

3108  



افتراضي



جميل جدا

يتقسم على كذه رد كان احسن بكتير


توقيع ♥MoKa♥ :


قديم 24-10-2013, 04:25 PM   #7

GeneralPu
عضو مميز



الصورة الرمزية GeneralPu


• الانـتـسـاب » Jun 2012
• رقـم العـضـويـة » 101701
• المشـــاركـات » 771
• الـدولـة » Mansoura
• الـهـوايـة » Drugs :D
• اسـم الـسـيـرفـر » Gemini
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 1046
GeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـع

GeneralPu غير متواجد حالياً

1511  



افتراضي



شكراا يا رجالة


توقيع GeneralPu :
لا اله الا الله وحده لا شريك له


قديم 24-10-2013, 06:19 PM   #8

!_Omar Mohamed_!


Don'tCHALLENGE Me! :D

الصورة الرمزية !_Omar Mohamed_!


• الانـتـسـاب » Aug 2011
• رقـم العـضـويـة » 91093
• المشـــاركـات » 4,164
• الـدولـة » العريش - شمال سيناء
• الـهـوايـة » Football
• اسـم الـسـيـرفـر » No Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 1494
!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع!_Omar Mohamed_! عطـاء غيـر منقطـع

!_Omar Mohamed_! غير متواجد حالياً

14825  


إرسال رسالة عبر Yahoo إلى !_Omar Mohamed_! إرسال رسالة عبر Skype إلى !_Omar Mohamed_!

اوسمتي

افتراضي



جمييل بالتوفيق


توقيع !_Omar Mohamed_! :




قديم 27-10-2013, 05:23 PM   #9

GeneralPu
عضو مميز



الصورة الرمزية GeneralPu


• الانـتـسـاب » Jun 2012
• رقـم العـضـويـة » 101701
• المشـــاركـات » 771
• الـدولـة » Mansoura
• الـهـوايـة » Drugs :D
• اسـم الـسـيـرفـر » Gemini
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 1046
GeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـعGeneralPu عطـاء غيـر منقطـع

GeneralPu غير متواجد حالياً

1511  



افتراضي



شكراا


توقيع GeneralPu :
لا اله الا الله وحده لا شريك له


قديم 22-07-2014, 09:09 AM   #10

almudhish
عضو جديد





• الانـتـسـاب » Jul 2014
• رقـم العـضـويـة » 118398
• المشـــاركـات » 1
• الـدولـة »
• الـهـوايـة »
• اسـم الـسـيـرفـر » No Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 10
almudhish صـاعـد

almudhish غير متواجد حالياً

1  



افتراضي رغم اختلاف الروايات لكن البطل واحد



رأفت الهجّــــان هذا البطل المغوار من وجهة نظر شخصية أعتبره الشخصية الأبرز والأفضل في وطننا العربي رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ,,, لن يتكرر هذا الأسطورة لن يتكرر
ختاماً أعتذر للمنتدى إن كان ردّي سيعيد تجديد الموضوع وترتيب صفحاته ولكن هذا الأسطورة منذ أن كنت في الصفوف الإبتدائية وأنا مرتبط فكرياً بما فعله في إسرائيل فكان لابد أن أسطّر شيئاً مما أكنّه ويكنّه كل عربي لهذا المرعب العربي المصري




قديم 22-07-2014, 11:59 AM   #11

Islam Saeed
كبار الشخصيات


Somethings Never Change

الصورة الرمزية Islam Saeed


• الانـتـسـاب » Jul 2010
• رقـم العـضـويـة » 71993
• المشـــاركـات » 8,248
• الـدولـة » El - Giza
• الـهـوايـة » NET \ Europe Football \ Pes13 \ Silkroad4Arab
• اسـم الـسـيـرفـر » No Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 4741
Islam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدودIslam Saeed مميز بلا حدود

Islam Saeed غير متواجد حالياً

13721  


إرسال رسالة عبر Yahoo إلى Islam Saeed

افتراضي



ممـنوع الرد على مـواضيع قـديمـه حضـرتك
يـاريت أى مـوضوع فى الصـفحـات الى ورا تـكـتـفى بـالقراءه ..

هسـبلك الرد المره دى عشـان دى أول مشـاركه لـيك فى المـنتدى معـانا :- )

Closed #


توقيع Islam Saeed :








- مراقب عام - ع المعااش !
[ Since 2015 -TO- 2018 ]


موضوع مغلق


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:22 PM.

أقسام المنتدى

الـمـنـتـدى الـعـام @ مـنـاقـشـات عـامـة حـول سيلك رود أون لايـن @ قـسـم الـتـرحـيـب و الـتـعـارف @ صـور سـيـلك رود @ فـيـديـو سـيـلك رود @ أخـبـار سـيـلك رود أون لايـن @ مـنـتـدى لـعـبـة SilkroadOnline @ الـقـسـم الـتـعـلـيـمـى @ قـسـم الاسـئـلـه و الاسـتـفـسـارات حـول الـلـعـبـة @ قـسـم الـبـرامـج الـمـسـاعـدة @ الـمـنـتـدى الادارى @ قـسـم خـاص بـالـمـشـرفـيـن @ قـسـم الـشـكـاوى والاسـتـفـسـارات @ قـسـم الاقـتـراحـات @ قسم البيع والشراء (Gold) @ منتدى البيع( Gold) @ منتدى الشراء (Gold) @ مـنـتـدى الـبـرامـج والـحـمـايــة @ طريق الحرير بالسيرفر الكورى ( Korean SilkRoad ) @ قـسـم الـ AgBot @ منتدى بيع الأكونتات ( Accounts ) @ منتدى بيع اللبس والأسلحة ( Item ) @ منتدى شراء اللبس والأسلحة ( Item ) @ مـنـتـدى الـسـيـرفـرات والـجـايـلـدات الـعـربـيـة @ Flora @ Minerva @ Feronia @ Bellona @ منتدى سـيـرفـرات وجـايـلـدات [ Silkroad Online ] @ قسم المواضيع المكررة و المخالفة @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول البوت @ مـنـتـدى الـبـوتـات والـبـرامـج اللازمـة لـتـشـغـيـل الـلـعـبـة @ قـسـم الـ PhBot @ -== قسم ال T-BOT ==- @ Ceres @ بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود @ سـجـل تـطـويـرات الـمـنـتـدى @ قـسـم الـسـيـرفـرات الـخـاصـة @ القـسـم الإسـلامـى الـعـام @ قـسـم الـحـمـايـة @ آرشـيـف الـمـواضـيـع الـمـمـيـزة @ قـسـم الـ StealthLite Bot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Agbot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال StealthLite @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال PHBOT @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال T-BOT @ قـسـم الـ SroKing Bot @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء [ Silkroad Online ] @ Flora @ Ceres @ Bellona @ Minerva @ Feronia @ قـسـم شـهـر رمـضـان الـمـبـارك 2020 @ اخـبـار الـتـقـنـيـة و الـتـكـنـولـوجـيـا @ قســم البــرامج العامــة @ قسم الاسئلة و الاستفسارات الخاصه بالبرامج والحماية @ ECSRO @ ECSRO(Fembria) @ ECSRO(VIP) @ SJSRO (OLD) @ SJSRO (new) @ sunworld @ قـسـم الـ IBot @ قـسـم الـريـاضـة الـعـامـة @ Vsro @ Rusro @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء [ Private-SRO ] @ ZSZC & Aurora @ قـسـم الـ Sbot @ قـسـم الـ Mbot @ V.I.P Zone @ دردشة الاعضاء VIP @ قسم الدعم الفنى والاقتراحات VIP @ قـسـم تـعـديـل [ PK2 Edit ] @ Mysro @ الــمكتبة القرانية @ قسم الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ قسم المكتبة الإسلامية @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال IBOT @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Sbot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Mbot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Sroking @ Elite & Eroad @ DreamWorld @ قـسـم سـيـرفـرات وجـايـلـدات [ Silkroad-R ] @ Maycena @ قسم الاسئلة و الاستفسارات لعمل السيرفرات الخاصة @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء [ Silkroad-R ] @ مـنـتـدى الـسـيـرفـرات الـخـاصـة - Private SRO @ Perfection @ Ex.Silkroad R @ SroKings @ قـسـم الـتـصـامـيـم والـجـرافـيـكـس @ Other Online Games @ قـسـم S4 League @ قسم CrossFire @ قسم Conquer Online @ قـسـم بـيـع وشـراء LOL @ تـحـمـيـل ألـعـاب Pc Games @ طلبات و استفسارات و مشاكل الالعاب @ Barons Online @ (AriesOnline (Pvp @ QueenSRO Network @ مشاكل & استفسارات S4 League @ مشاكل & استفسارات CrossFire @ World's Gate @ Sun-World @ قسم Aion @ قسم Continent Of The Ninth @ قسم World Of Warcraft @ PanicSro @ الـقـسـم الاخـبـارى @ قـسـم خـاص بـمـواضـيـع الاعـتـزال والاجازات @ IceSro-R @ Kings_Silkroad @ Justice Road @ ArabianRoadOnline Network @ Devias Online @ قـسـم طـلـبـات الـفـحـص @ CrossFire Fantasy Game @ قسم هاكات CrossFire @ مشاكل & استفسارات Aion @ مشاكل & استفسارات Conquer Online @ قسم الاسئله و استفسارات للعبة League Of Legends @ legenD road @ WantedSro Online @ قسم شروحات الشخصيات والبيلدات @ قسم الشروحات و البرامج المستخدمة في عمل السيرفرات الخاصة @ Mixsro @ قـسـم الـمـسـابـقـات والألـعـاب @ قـسـم الأسـئـلـة والاسـتـفـسـارات الـمـتـعـلـقـة بـ SRO-R @ LegenD Road @ Knights War Online @ Evolution Network @ FlagSRO Network @ Perfection (PvP) Network @ قـسـم هـاكـات S4league @ منتدى المنوعات @ حــرب العصــابــات @ قــســم الادارة الــعــلــيــا @ كــأس العالــم لـلاذى @ Destructions Network @ FanTasYWorld @ مـتـجـر خـدمـات وممـيـزات الـرصـيـد الـبـنـكـي @ Smart-Sro Online @ InFusion Online @ قـسـم الأنـمـى الـعـام @ Divine Online @ قـسـم Dota @ تـقـاريـر وأخـبـار ألـعـاب الـ PC @ GameXen Network @ inferno online @ منتدى عمل السيرفرات الخاصة @ قسم الحماية والاوتوايفنت للسيرفرات الخاصه @ الأسئلة و الاستفسارات الخاصة بالـ PK2 edit @ Velestia @ Punisher Sro Online @ Atlantis Online @ ALEXNADER SRO @ Hell World Online @ ImmortalRoad @ قـسـم الـ Centerbot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Centerbot @ Time.Sro-Online @ Revenge (PVE) Online @ مـنـتـدى Silkroad4arab || Games Online @ ركن الالعاب الاون لاين و المتصفح Online Games @ قسم دروس التصميم (مونتاج - فوتوشوب) @ قسم ادوات التصميم و ملحقاتها @ قسم المانجا @ قسم تقارير الانمي @ دورة الفوتوشوب للمبتدئين @ الشروحات العامة @ قسم طلبات التعريفات @ مـسـودة الأعـضـاء @ Creddy Online @ Alliance-sro @ Quick Road (PvP ) @ قسم الاسئله والاستفسارات لعمل الفيديو @ منتدى لعبة League Of Legends @ أخبار ومناقشات League Of Legends @ قسم بيع وشراء لعبة CrossFire @ القسم التعليمي للعبة League Of Legends @ منتدى سيرفرات [ LOL ] @ North America @ EU West @ EU Nordic & East @ صـور و فـيـديـو League Of Legends @ قسم طلبات واستفسارات البيلدات والشخصيات @ قسم تقارير المخالفات والإنذارات @ قـسـم كـشـف الـدمـج و الـتـلـغـيـم @ قسم Wolf team @ قسم Dota 2 @ قسم Dragon nest @ قسم DC Universe Online @ قسم انظمة تشغيل Windows @ Quenth Online @ Wolf team Arabic @ RealDreamSro ( PvP ) @ EmpireSRO @ Amazing Sro @ Speed-sro @ . Destructions Network @ SilkRoad E 80 China @ قـسم المــواضـيع الـشعـريه والادبـيـه @ قـسـم اخـبـار الانـمـى @ Greats-sro Online @ قـسـم الـكـومـيـكـس @ منتدى الفحص @ Srowing @ Dakupra-Online @ حرب العصابات @ قسم خاص بالاسئله والاستفسارات الخاصة بالجرافيكس @ منتدى لغات البرمجة و التطوير @ قسم شروحات لغات البرمجة و التطوير @ مناقشات لغات البرمجة و التطوير @ قسم الاسئلة و الاستفسارات الخاصه بلغات البرمجة @ استراحة البوتاتــ @ PantuSRO @ القسم التجارى الرسمي ( Vps Hosting , Diacated server,Silkroad edit ) @ Tyr Online @ RocSro @ Legend Of Silkroad @ Pioneer Gaming-Network @ Valentus - CAP 80 @ MirrorSro @ Eridanus Online Cap90 @ Fear-Sro @ Silkroad-Z Online PVE @ طـلبات الاعضـاء @ Massive-Network @ Kryptonite-Sro @ DeathRoad @ Mysro Servers @ Devils Team @ DooMSRO Network @ EROAD SRO @ Story-SRO @ Ventrue-Online @ Settlers-SRO @ Electus Online @ MarsRoad Online @ Arrow Online @ Selene @ Hermes @ OldSro Online (cap 80 ) @ Sunroad @ Eloys Online @ Sentiero-Road Online @ Steam-Sro @ Arcane Reborn Online @ Eryxonline @ Vengeance Online @ Mirage Online @ SyndiCateOnline @ Desert Sro @ NeSro Network @ قسـم الـ Android @ قســم تــطويـر المــواقع والمــنتديـــات @ قـسـمـ الـلـهــو الـخــفــي @ MegaWar Sro @ Mirror Sro @ AdvancedSRO @ OblivionSilkroad @ Arrivals_Sro @ Amphibius Online @ Royal online @ Forbidden-Sro @ vanish-sro @ Majesty Online @ Chaos Network @ قـسـم الـ srAssist Bot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال srAssist Bot @ Damocles Sro @ Demo Sro @ KingsRoad @ Arius 9D ch & eu @ brother sro @ DreamWorld-Online @ Poseidon-Sro @ Ph-Sro @ Jupiet-Online @ Fury Sro @ JungleSro @ Xemia Games @ invctus-sro @ Revolution Gaming Network @ DemonSro @ Aeolus @ Golden Sro @ Chaos Network @ Chaos II Online @ Fallen Soul @ Xian @ Xian @ Revira online @ قسم اللياقة البدنية @ كاس العالم للاذي 2018 @ Unix Sro @ Immortal SRO @ قـسـم الاغـانـى الـعامة [English - Arabic - Videos] @ قـسـم الـرابــ (Rap) @ أرشـيـف الـمـواضـيـع الـمـمـيـزة @ Perfection SRO @ Rev-Sro @ Egypt Sro @ قـسـم خـاص بالـ Data Base @ قـسـم PUBG Mobile @ قـسـم Fortnite @ PureSRO @ Battle-Online @ قـسـم تـحـمـيـل الأفـلام الـعـربـيـة @ قـسـم الـسـيـرفـرات الـخـاصـة الـمـجـانـى @ URBANO-SRO @ Royalty-Road Online @ Zero-Online @ Anoha 140 PVE @ Anoha 140 PVE @ Exorue 80 CH @ Pantu-SRO @ Victor SRO @ Flare Online @ Terasus Online @ Aeolian Online @ Maygen Online @ Norges Online @ Ragnis Online @ قـسـم الـ [ ST-FILTER ] @ Requer Online @ الـقـسـم الـتـجـاري لـ ISRO [خاص فقط لبيع منتجات اللعبة الاصلية] @ Dynastic online @ مـنـتـدى الـسـيـرفـيـرات الـتـركـي والـروسـي @ قـسـم سـيـرفـرات وجـايـلـدات الـسـيـرفـر الـتـركـى [TR-SRO] @ Troy @ Smyrna @ Side @ Olympos @ Teos @ Perge @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء الـسـيـرفـر الـتـركـي [ TR-SRO ] @ قـسـم سـيـرفـرات وجـايـلـدات الـسـيـرفـر الـروسـي [ RU-SRO ] @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء الـسـيـرفـر الـروسـى [ RU-SRO ] @ Miele Online @ Old Silkroad - ZSZC @ Paranormal @ Aquarius Online @ T-SRO online @ Glory @ Serv Game @ Roxy Online @ Enfexia Online @ Aege Online CAP 110 @ Florian Online @ SroPace Online @ Elessea Online @ Dream World @ Asona Online @ Victus-R Online @ Rexall Online @ Pirate Online @ Xian Online @