وحرر الاستقلال المحلي خيال اليونان الديني من القيود فأخرج للعالم أساطير دينية موفورة ومجموعة كبيرة من الآلهة. فكان كل شيء وكل قوة في الأرض أو السماء ، وكل نعمة أو نقمة ، وكل صفة- ولو كانت رذيلة- من صفات الإنسان ، تمثل إلهاً في صورة بشرية عادة. وليس ثمة دين يقرب آلهته من الآدميين قرب آلهة اليونان. وكان لكل حرفة ، ولكل مهنة ، ولكل فن ، إله خاص أو راع حارس ؛ بلغة هذه الأيام. وكان عند اليونان فضلاً عن هذا شياطين ، ونساء مجنحة ، وآلهة انتقام ، وجن ، وأرباب بشعة المنظر ، وإلاهات ذوات صوت شجي يسلب العقول ، و حور عين في البحار والغاب لا يقل عددهن عن سكان الأرض من الآدميين. وفي هذه البلاد بنوع خاص لا تبقى حاجة للسؤال القديم "هل الدين من وضع الكهنة؟". ذلك أن من غير المعقول أن أية مؤامرة يدبرها رجال الدين الأولون تستطيع أن تخرج هذه الكثرة من الآلهة.
وما من شك في أن من أكبر النعم التي ينعم بها هؤلاء الأقوام أن يكون لهم كل أولئك الآلهة ، وكل هالة القصص الفتانة الساحرة ، وكل هذه الأضرحة المقدسة والحفلات المهيبة المرحة. لقد فُطر الإنسان على أن يعبد آلهة متعددة كما فُطر على الزواج من نساء متعددات ، ولا يقل عمر فطرته الأولى عن فطرته الثانية ، لأنها توائم كل المواءمة ما في العالم من تيارات متعارضة. وإن مسيحية البحر المتوسط في هذه الأيام لا يعبد فيها الله بقدر ما يعبد فيها الأولياء والقديسون. ذلك أن الشرك هو الذي يوحي إلى حياة السذج بالأساطير وما فيها من خيال وسلوى ؛ ويهب النفس الذليلة المعونة والراحة واللتين لا تجرؤ على انتظارهما من كائن أعلى رهيب بعيد لا تستطيع الوصول إليهِ. وكان لكل إله من الآلهة أسطورة (Mythos) أي قصة ، متصلة به تشرح سبب وجوده في حياة المدينة ، أو تفسر الطقوس التي تقام تكريماً له.
وقد أصبحت هذهِ الأساطير التي نشأت نشأة تلقائية مما في المكان ومما لدى الناس من معارف ، أو كانت من ضع الشعراء الدواوين وزخرفهم ، أصبحت هذهِ الأساطير عقيدة اليونان الأولين ، وفلسفتهم ، وآدابهم ، وتاريخهم ، جميعاً. فمنها استمدوا الموضوعات التي زينوا بها مزهرياتهم ، وهي التي أوحت إلى الفنانين ما لا يحصى من الرسوم ، والتماثيل ، والنقوش. وقد ظل الناس إلى آخر أيام الحضارة الهيلينية يخلقون الأساطير ، بل يخلقون الآلهة أنفسها ، رغم ما أنتجته بحوثهم الفلسفية ، ورغم محاولات عدد قليل منهم دعوة الناس إلى التوحيد. لقد كان في وسع رجال من أمثال هرقليس أن يعدوا أمثال هذهِ الأساطير مجرد مجازات وتشابيه ، وفي وسع آخرين أمثال أفلاطون أن يعدلوها ويوفقوا بينها وبين ما تقبله العقول ، وفي مقدور رجال من أمثال زنوفانيز أن ينددوا بها وينبذوها ؛ غير أن [بوزنياس] ، حين طاف ببلاد اليونان بعد خمسة قرون من عهد أفلاطون ، وجد الخرافات والأساطير التي كانت تثير الحمية في قلوب الأهلين في عصر هومر لا تزال حية قوية. ذلك أن عملية تشعير الأساطير ، وتشعير الدين عملية طبيعية ، تحدث في هذهِ الأيام كما كانت تحدث على الدوام في العصور الخالية ؛ وثمة نسبة للوفيات ونسبة للمواليد بين الآلهة. فالألوهية كالطاقة تبقى كميتها مهما تغيرت صورتها لا تكاد تنقص أو تزيد خلال الأجيال المتعاقبة .
ي وسعنا أن نلقى شيئاً من الترتيب والوضوح على هذا الحشد الكبير من الآلهة إذا نحن قسمناه تقسيماً مصطنعاً إلى سبع مجموعات: آلهة السماء ، وآلهة الأرض ، وآلهة الخصب ، والآلهة الحيوانية ، وآلهة ما تحت الأرض وآلهة الأسلاف أو الأبطال ، والآلهة الأولمبية. وأما "أسمائها جميعاً فمما يشق على الإنسان ذكرها" كما يقول هزيود.
آلهة السماء:
كان إله الغزاة اليونان في بادئ الأمر ، على ما تستطيع أن تتبينه من الأساطير ، هو إله السماء العظيم المختلف الصور. ويشبه اليونان في هذا الهنود الفديين. ثم تطور هذا الإله شيئاً فشيئاً حتى أصبح هو أورانوس أو السماء نفسها ، ثم أضحى "مرسل السحاب" ، مسقط المطر ، جامع الرعد ، زيوس. وإذ كانت تلك البلاد تنال فوق كفايتها من ضوء الشمس ، ولكنها ظمآى للمطر ، فإن إله الشمس هليوس لم يكن له فيها شأن كبير ولذلك كان من الآلهة الصغرى. وقد صلى له أجممنون ودعاه لمعونته ، وكان الإسبارطيون يضحون له بالخيل لتجر عربته الملتهبة في قبة السماء ، وكان أهل رودس حين اصطبغت بلادهم بالصبغة اليونانية يعظمون هليوس ، ويعدونه كبير آلهتهم ، ويلقون في البحر كل عام أربعة جياد وعربة ليستخدمها في تجواله ، وأقاموا الهيكل الضخم الذائع الصيت ، وكاد أنكسجرس يفقد حياته في أثينة بركليز نفسها ، لأنه قال إن الشمس ليست إلهاً وإنما هي كرة من النار لا أكثر. ثم زالت عبادة الشمس شيئاً فشيئاً حتى لم يكد يبقى لها أثر في تاريخ اليونان القديم ، وكان القمر أقل من الشمس شأناً ، والكواكب والنجوم أقل منه ومنها.
آلهة الأرض:
كانت الأرض ، لا السماء ، موطن معظم الآلهة اليونانية. فكانت الأرض نفسها في بادئ الأمر هي الإلهة جي Ge أو جيا Gaea الأم الصابرة السمحة الجزيلة العطاء، التي حملت حين عانقها أورانوس- السماء- فنول المطر. وكان يسكن الأرض نحو ألف إله آخر أقل من جي شأناً ، في مائها وفي الهواء المحيط بها: منها أرواح الأشجار المقدسة ، وخاصة شجرة البلوط ، ومنها النريدات Nereids ، والنيادات Naiads، والأوقيانوسيات في الأنهار والبحيرات والبحار ، وكانت الآلهة تَتَفَجر من الأرض عيوناً ، أو تجري جداول عظيمة مثل الميندر أو الاسبركيوس ، وكان للريح آلهة مثل بورياس Boreas ، و زفر Zephyr ، و نوتس Notus ، و يوروس Eurus ، وسيدها إيوس ؛ وكان من آلهة الأرض بان العظيم ، ذوالقرنين ، المشقوق القدمين ، الشبق ، المغذي ، البسام ، إله الرعاة والقطعان ، والغابات والحياة البرية ، الكامن فيها ، والذي تُسمع صفارته في كل جدول ووادٍ ، والذي تبعث صيحته الفزع ، في كل قطيع لا يعنى به ، والذي يقوم على خدمته جنيات الغاب والحراج ، وتلك الجنيات المعروفة بالسليني Sileni وهي مخلوقات نصف جسمها معز ونصفه بشر. وكان في كل مكان في الطبيعة آلهة ، وكان الهواء غاصاً بالأرواح الطيبة أو الخبيثة لا تكاد "تجد فيه شقاً فارغاً تستطيع أن تدفع فيه طرف ورقة نبات" كما قال شاعر غير معروف.
وإذ كانت أعجب قوى الطبيعة وأقواها هي قوة التكاثر ، فقد كان طبيعياً أن يعبد اليونان ، كما كان يعبد غيرهم من القدامى ، رمزي الإخصاب الرئيسيين في الرجل والمرأة إلى جانب عبادتهم خصب التربة. لهذا كان قضيب الرجل وهو رمز الإنتاج يظهر في طقوس دمتر ، و ديونيسس ، و هرمس ، وحتى في طقوس أرتميس الطاهرة. ويتكرر ظهور هذا الرمز في النحت و التصوير في أهم عصر من عصورهما تكراراً فاضحاً ، بل إن عيد ديونيشيا العظيم ، وهو الاحتفال الديني الذي كانت تمثل فيه المسرحيات اليونانية ، كان يفتتح بموكب تحمل فيه رموز قضبان الرجال ترسل الكثير منها المستعمرات الأثينية شاهداً على صلاحها وتقواها. وما من شك في أن هذه الحفلات كانت تثير الكثير من الفكاهات الجنسية البذيئة ، كما تدلنا على ذلك كتابات أرستفنيز ؛ ولكن كثرتها كانت خالية من هذه البذائة ، ولعلها كانت تثير الشهوة الجنسية في الرجال والنساء وتساعد على كثر النسل.وكانت أحط ناحية من نواحي مراسم الإخصاب تظهر في العهود التي انتشرت فيها الحضارة اليونانية الصبغة والحضارة اليونانية ، والتي كان يُعبد فيها بريابوس Priapus الذي ولد نتيجة لاتصال ديونيسس و أفرديتي ، والذي كان الفنانون يزينون بصورته المزهريات وجدران المباني في بمبي Pobpeii. وكان أظرف من هذه المراسم وأعف في موضوع التناسل نفسه إجلال الإلهات التي ترمز إلى الأمومة. فقد كانت أركاديا ، و أرجوس ، و إلوسيس ، و أثينا ، و إفسوس ، وغيرها من الأماكن تجل أعظم الإجلال إلهات معظمهن لا أزواج لهن ، كنَّ في أغلب الظن أثراً من آثار عصر ينسب الأبناء فيه إلى الأمهات قبل أن يحل عصر الزواج ؛ ولقد كان الاعتراف بسلطان زيوس الإله الأب على سائر الآلهة رمزاً لانتصار مبدأ سيطرة الآباء على الأمهات. ولعل سبق النساء على الاشتغال بالزراعة ، وهو السبق الذي يرجحه الكثيرون ، وقد ساعد على إيجاد أعظم إلهة من هاته الإلهات الأمهات ، وهي دمتر إلهة الحنطة أو الأرض المنزرعة. ومن أجمل الأساطير اليونانية التي تقصها في أحسن عبارة ترنيمة دمتر وهي الترنيمة التي كانت تعزى في وقت من الأوقات إلى هومر نفسه ، نقول إن من أجمل هذه الأساطير أسطورة تصف كيف اختطف بلوتو Pluto إله العالم السفلي برسفوني أبنة دمتر ونزل بها إلى الجحيم ، وكيف أخذت أمها الحزينة تبحث عنها في كل مكان حتى عثرت عليها وأقنعت بلوتو أن يسمح لابنتها بأن تعيش على ظهر الأرض تسعة أشهر في كل عام- وذلك رمز ظريف لموات التربة السنوي وتجددها.
وإذ كان أهل إلوسيس قد عطفوا على دمتر المتنكرة وهي "جالسة في الطريق في أشد حالات الحزن والكرب" ، فقد علمتهم هم وأهل أتكا سِرَّ الزراعة ، وأرسلت تربتولموس Triptolemus ابن ملك إلوسيس لينشر هذا الفن بين بني الإنسان. وهذه الأسطورة تتفق في جوهرها وأسطورة إيزيس Isis و أوزيريس Osiris في مصر ، وأسطورة تموز و عشتار في بابل ، وأسطورة عشتروت و أدنيس في سوريا ، و سيبيل و أتيس في فريجيا. وقد بقيت طقوس الأمومة طوال عصر اليونان العظيم ، ثم عادت إلى الحياة من جديد في صورة تقديس مريم أم الإله.
كانت بعض الحيوانات في تاريخ اليونان المبكر تعظَّم وتتخذ أنصاف آلهة- إذا جاز هذا التعبير. وكان السبب في أنها لم ترقَ إلى مرتبة الآلهة الكاملة أن الدين اليوناني كان في العصر الذي ازدهر فيه فن النحت ديناً آدمياً إلى حد لا يسمح بوجود آلهة حيوانية كثيرة بالصورة التي نجدها في مصر و الهند ؛ ولكن أثراً من آثار ما قبل هذا العصر الزاهر يبدو لنا في كثرة الجمع بين الحيوان والإله في بعض التماثيل. ولقد كان الثور حيواناً مقدساً لقوتهِ وقدرته ، وكثيراً ما كان يوصف بأنه رفيق لزيوس وديونيسس ، أو صورة لهما تنكرا فيها ، أو رمزاً لهما ، وربما كان إلهاً قبلهما ، ولعل "هيرا ذات العين البقرية" ، كانت هي أيضاً بقرة مقدسة. وكان الخنزير أيضاً مقدساً لكثرة تناسله ، وكان يجمع بينه وبين دمتر الظريفة.
وكان القربان الظاهر الذي يقدم لها هي في أحد أعيادها المعروف عيد الثسموفوريا Thesmophorio خنزيراً ، أو لعل القربان كان يقدم إلى الخنزير نفسه. وفي عيد الديازيا Diasia كان هذا القربان يقرب لزيوس في الظاهر ، ولكنه في الحقيقة كان يقرب إلى أفعى تسكن في باطن الأرض تسمى وقتئذ باسمه تكريماً لها. وسواء أكان تقديس الأفعى لأنها في ظنهم لا تموت ، أم لأنها ترمز إلى القدرة على التناسل والإنتاج ، فإنا نراها تنتقل في صورة إلهة من أفعى كريت إلى أثينا القرن الخامس ؛ فقد كانت أفعى مقدسة تقيم في هيكل أثينا على الأكروبوليس ، وكان يقدم إليها في كل شهر كعكة مقدسة زلفى إليها واستدراراً لعطفها. وكثيراً ما تُرى الأفعى في الفن اليوناني حول تماثيل هرمس ، و أبلو ، و أس***يوس ؛ وقد صَوَّر فدياس أفعى ضخمة محاطة بإكليل من الزهر في درع "أثيني برثنوس" ، وتغطي الأفاعي الجزء الأكبر من تمثال أثينا الفرنيزية. وكثيراً ما كانت الأفعى تتخذ رمزاً للإله الحارس للهياكل والمنازل أو صورة لهذا الإله ، وربما كانت كثرة وجودها حول المقابر سبباً في اعتقاد الناس أنها روح الموتى.
ويعتقد بعظهم أن الألعاب الدلفية قد احتفل بها في بادئ الأمر تكريماً لأفعى دلفي الميتة. وكانت أكثر الآلهة رهبة تحت الأرض. ففي المغارات والشقوق وأمثالها من الفتحات السفلى ، كانت تعيش تلك الآلهة الأرضية التي لم يكن اليونان يعبدونها بالنهار عبادة تنطوي على الحب والإجلال ، بل كانوا يعبدونها ليلاً عبادة مصحوبة بأناشيد وطقوس تنم عن التوبة والهلع. وكانت هذه القوى غير البشرية هي المعبودات الحقيقية الأولى لبلاد اليونان ، وكانت أقدم من معبودات الهيلينيين ، بل لعلها أقدم من معبودات الميسينيين الذين نقلوها في أغلب الظن إلى بلاد اليونان نفسها. ولو أننا استطعنا أن نتتبعها إلى أصلها الأول لكان في وسعنا أن نصل إلى أنها كانت في بدايتها الأرواح المنتقمة للحيوانات التي طردها الإنسان إلى الغابات أو إلى ما تحت الأرض في أثناء تقدمهم وتكاثرهم.
وكان أعظم هذهِ الآلهة الأرضية هو زيوس الأرضي ؛ وزيوس هنا اسم نكرة لا يعني أكثر من إله. وكان يسمى أحياناً زيوس ميلكيوس Milichios أي زيوس الخَيّر ؛ ولكن الوصف هنا أيضاً وصف خادع يقصد به استرضاء هذا الإله الذي كان مصور بصورة أفعى رهيبة. وكان هاديز Hades ربُّ ما تحت الأرض أخاً لزيوس وعند أخذ اسمه. وأراد اليونان أن يسكنوا غضبه فسموه بلوتو أي واهب الوفرة ، لأنه كان في مقدوره أن يبارك أو يبيد جذور كل ما ينبت على سطح الأرض . وكان أشد من بلوتو روعة ورهبة الإلهة هكتي Hecate ، وهي روح خبيثة تخرج من العالم السفلي وتسبب البؤس والشقاء بعينها الحاسدة الشريرة لكل مَن تزوره من الخلائق. وكان القليلو العلم من اليونان يقربون لها الجراء ليبعدوها عنهم. وكان الموتى قبل عصر اليونان المجيد يعدون أرواحاً قادرة على أن تفعل للناس الخير والشر ، وتسترضى بالقرابين والصلاة. ولم تكن هذه الأرواح آلهة بالمعنى الصحيح، ولكن الأسرة اليونانية البدائية كانت تعظم موتاها تعظيماً يفوق تعظيمها أي إله من الآلهة ، شأنها في هذا شأن الأسرة الصينية. وكان اليونان في عصرهم الزاهر يرهبون هذه الأشباح الغامضة أكثر مما يحبونها ، وكانوا يسترضونها بطقوس ومراسم يقصد بها إبعادها واتقاء شرها ، كما كانوا يفعلون في عيد أنثستريا Anthesteria. وكانت عبادة الأبطال امتداداً لعبادة الموتى؛ فكان في وسع الآلهة أن تهب العظيم أو الشريف، أو الرجل الجميل أو المرأة الجميلة ؛ الحياة الخالدة فتجعله أو تجعلها من بين الآلهة الصغرى.
وكذلك كان سكان أولمبيا يقربون القرابين في كل عام إلى هبوداميا Hippodameia؛ وكانت كسندرا Cassandra تعبد في لوكترا Leuctra اللكونية Laconian ، و هلن في إسبارطة ، و أوديب في كولونوس Colonus ، وكان يحدث أحياناً أن ينزل الإله ويتقمص جسم إنسان ، فيستحيل هذا الإنسان إلهاً ، وقد يتصل الإله جنسياً مع امرأة من الآدميين فتلد بطلاً- إلهاً كما فعل زيوس مع أكمينا فولدت هرقل. وكان كثير من المدن والجماعات ، وأبناء الحرف أنفسهم ، يصلون أنسابهم ببطل من أبناء الآلهة ؛ فكان أطباء اليونان مثلاً يصلون نسبهم إلى أس***يوس. وكان الإله في أول الأمر من الأسلاف أو الأبطال الموتى ، كما كان المعبد في الأصل قبراً ، ولا تزال الكنيسة حتى الآن في معظم البلاد مكاناً تحفظ فيه آثار الموتى القديسين.
ويمكن القول بوجه عام أن اليونان لم يكونوا يفرقون بين الآدميين والآلهة بقدر ما نفرق نحن بينهم ؛ فقد كان كثير من آلهتهم لا يقلون في آدميتهم عن القديسين عندنا ، اللهم إلا في مولدهم ، وكانوا قريبين إلى عبادهم قرب القديسين إلينا ؛ وكان بعضهم مثل ديونيسس يموتون وإن سموا بالخالدين.