[White Angel]

دخل حصاوي المقهي وهو مكتئب ‏,‏ انزوي في ركن شاردا مع أفكاره



علي المائدة الطويلة التي جلس بجوارها تصل الي سمعه أصوات نقاش حاد ‏..‏ التفت ثم فتح فمه دهشة‏ ,‏ كان زبائن المائدة لهم وجوه الحمير ‏,‏ حمار بشارب وآخر بلحية وثالث ينفث دخان سيجاره الطويل بين كل نهقة وأخري‏,‏ وأتان عجوز تلقي أبياتا من الشعر بصوت مبحوح وهي تبكي بحماس يصفقون لها فتسخسخ ضاحكة بصوت مسرسع لكن حميري‏.‏

يدهش حصاوي أكثر‏,‏ أنه رغم وجوه الحمير التي تعلو أجسادهم‏,‏ يشعر أنهم ليسوا غرباء عنه‏,‏ كان حديثهم خليطا من النميمة والنكت البذيئة والنكت السياسية ونقاش صاخب حول الوحدة العربية والديمقراطية والاشتراكية والعولمة وصراع الحضارات ثم الحرب الأخيرة علي لبنان‏.‏

في النهاية يصيح أحد الحمير باكتشاف

حمار‏1:‏ علي فكرة مافيش أي خلاف بيننا ياأخوانا

حمار‏2:‏ فعلا‏..‏ مافيش أي خلاف بيننا

حمار‏3:‏ ربنا مايجيب خلاف يا أخي‏.‏

حمار‏4:(‏ ينظر لحصاوي فجأة وينهق ‏)‏ أنت ليه مابتقولش رأيك الليلة في أي قضية ياحصاوي؟

حصاوي‏:(‏ يرد بلا تفكير ‏)‏ وهو أنا حمار عشان أقول لكم رأيي ؟
‏(‏فجأة يسود الصمت‏,‏ تكتسي ملامحهم بالجدية والوقار‏)‏

حمار‏5:(‏ يهمس معاتبا‏ )‏ أنت كده غلطت في حق الجميع‏.‏
‏( ‏يخاف حصاوي أن يرفسه أحد الحمير فينهض مسرعا نحو باب الخروج ‏)‏

الجرسون‏:‏ مابدري ياأستاذ حصاوي‏.‏

حصاوي‏:‏ قولي الجماعة دول ما لهم‏.‏؟

الجرسون‏:‏ عادي‏.‏ ما هما زي كل ليلة‏.‏

حصاوي‏:‏ إزاي أنت مش شايف شكلهم إيه؟ بص لوشوشهم‏.‏
‏(‏ أتلفت الجرسون نحوهم والتفت معه حصاوي ولكن لدهشته لم يجد أحدا فيهم بوجه حمار واستطاع أن يميز منهم الآن بعض زبائن المقهي المعروفين ‏).‏

الجرسون‏:‏ مالك ياأستاذ حصاوي ؟

حصاوي‏:‏ الظاهر الاكتئاب اللي عندي خلاني أشوف تخيلات‏..‏ ودا معناه أنه وصل لمرحلة الخطر‏.‏

الجرسون‏:‏ ربنا يشفي‏.‏

‏( ‏لكن حصاوي يلتفت الي ناحية أخري ويري حمارا واقفا يحملق فيه‏ )‏

حصاوي‏:‏ طب مين الحمار اللي واقف يبحلق فيا ده ؟

الجرسون‏:‏ قصدك اللي شايفه في المراية ؟ دا حضرتك يا أستاذ حصاوي‏.‏
‏

(‏حصاوي يغشي عليه في الحال‏)
^^

يــتــبــع