عرض مشاركة واحدة
قديم 07-01-2011, 11:32 AM   #2

| - CreSpO - |
كبار الشخصيات



الصورة الرمزية | - CreSpO - |


• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 39643
• المشـــاركـات » 12,392
• الـدولـة » Al Ahly
• الـهـوايـة » FooTBall | NeT
• اسـم الـسـيـرفـر » No Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 125
| - CreSpO - | جـيـد| - CreSpO - | جـيـد

| - CreSpO - | غير متواجد حالياً


إرسال رسالة عبر ICQ إلى | - CreSpO - | إرسال رسالة عبر Yahoo إلى | - CreSpO - |



(فلورنس نايتنغيل .. رائدة التمريض الاولى)



كانت فلورنس نايتنغيل هي التي أوحت بفكرة التمريض المعاصر، و كانت السبب
الرئيسي الذي جعل من التمريض مهنة اليوم.
ولدت فلورنس في 12 أيار/مايو عام 1820 بمدينة فلورنسا في إيطاليا، و كانت ابنة أسرة غنية لا ينقصها شيء، لذلك كان يفترض أنها سرعان ما تتزوج برجل غني مثلها ثم تستقر في حياة عادية وادعة، و في تلك الأيام لم يكن في بال أحد أن تخرج إلى العمل امرأة من أسرة محترمة.
لذلك صدم والداها عندما قالت لهما في أحد الأيام أنه لم يكن لديها أية نية في الزواج و أنها بدلا من ذلك كانت تريد أن تصبح ممرضة، لكن والديها لم يدركا في حينه مدى قوة إرادة ابنتهما.
و لكي تحقق هدفها، أنشأت فلورنس دارا صغيرة للتمريض في لندن، و عندما اندلعت حرب القرم في عام 1854 عينت مسؤولة عن التمريض في مستشفى "سكوتاري".
و كان مستشفى "سكوتاري" مزدحما بالجنود الجرحى ازدحاما يفوق طاقتها، و عملت فلورنس ليل نهار لكي تسير الأمور على ما يرام في المستشفى، و تم تنظيف المبنى تنظيفا كاملا، و أنشأت فيه قسما للغسيل و حسنت الطعام، و عومل الجرحى معاملة مناسبة، فزودوا لأول مرة بالصابون و السكاكين و الشوك و أمشاط الشعر و فراشي الأسنان. و أدخلت فلورنس السعادة إلى قلوب الجميع بعطفها و تعاطفها، و غرست في كل منهم إحساسا كبيرا بالإنضباط و النظام، و كادوا يعبدونها هناك، فقد خدمت الجرحى كملاك جميل، و قد أطلقوا عليها لقب "سيدة المصباح" لأنها كانت تحمل مصباحا عند





(آرثر كونان دويل)



ولد آرثر كونان دويل فى بيكاردي بادنبره
ابنا للكابتن تشارلز التامونت دويل الموظف فى الحكومة فى مكتب ادنبرة للعمل، عانى ابوه من الصرع والادمان واودع فى مصحة للعلاج حتى مات عام 1893 وهى نفس السنة التى قرر فيها آرثر ان ينهى سلسلة روايات شيرلوك هولمز بسبب مشكلات مالية.
تلقى آرثر تعليمة فى جامعة ادنبرة وفى عام 1884 تزوج من لوايز هاوكينز ، وفى عام 1885 تخرج آرثر كطبيب عيون ومارس مهنة الطب حتى عام 1891 عندما قرر التفرغ للكتابة.
اولى روايات آرثر والتى قدم فيها شخصيتة الشهيرة شيرلوك هولمز كانت بعنوان "السهول القرمزيه" وكتبها فى ثلاثة اسابيع فقط عام 1886 الا انها لم تنشر الا عام 1887 ، كما قدم آرثر الدكتور واطسون والذى يقوم برواية احداث الرواية ، وكان الخصم الرئيسى لشيرلوك هولمز هو موريارتى العبقرى الشرير .
وبداية من يوليو عام 1891 بدأت مجلة "ليبينكوت" فى نشر روايات شيرلوك هولمز بالتتابع ، الا انه فى نفس العام قرر آرثر انهاء السلسلة بعد ان تعب منها وهى فى قمة مجدها فابتكر قصة رائعة لموت محققه الشهير فى آخر قضية تولاها هولمز.
وبسبب هذا التوقف للشخصية الشهيرة شيرلوك هولمز عبر قراء آرثر عن خيبة املهم لتوقف هولمز وخسرت مجلة "ستراند" 20.000 اشتراك ، وفى عام 1902 كتب آرثر رواية أخرى لشيرلوك هولمز يسرد فيها قضية تولاها قبل وفاته .وفى عام 1903 اضطر آرثر تحت الضغط الرهيب من القراء إلى اعادة هولمز إلى الحياة مرة أخرى فى رواية "البيت الفارغ" .
فى عام 1902 منح آرثر لقب "فارس" ، وبعد ,وفاة زوجتة الاولى بأربعة عشر شهرا تزوج آرثر مرة أخرى من جين ليك عام 1907 ، ثم تعرض لهزة عنيفة عندما مات ابنه كينجسلي متأثرا بجروج اصيب بها من الحرب العالمية الاولى ومنذ ذلك الحين اتجه آرثر للدراسات الروحانية كما اصبح رئيسا لبعض الجمعيات المهتمة بالدراسات الروحانية.
وفى السابع من يوليو عام 1930 مات آرثر كونان دويل متأثرا بمرض القلب فى بيته.



(بلزاك)




السيرة الذاتيه: ولد الروائي الفرنسي المشهور بلزاك في 20 مايو سنة 1799م، لأسرة متوسطة الحال بمدينة "تور" الواقعة على نهر اللوار في فرنسا.
درس "أونوريه دي بلزاك" القانون، ولكنه اتجه إلى التأليف الأدبي. وقضى حياته في عمل مستمر ونشاط جم، وعاش مع ذلك غارقا في بؤسه وديونه.
حاول بلزاك قبل ان يحترف الكتابة أن يجمع المال وأن يبني القصور، لكن كل تجاراته كسدت وكل مشاريعه أفلست، فحاصرته الضوائق والمآزق المالية، وحين جرب حظه مع الأدب لم يفكر انه سيصبح أديباً عالمياً خالداً، وانما كان مبتغاه أن يستميل قلوب النساء،
وفي سنة 1813م اضطر بلزاك لقطع دراسته الثانوية مؤقتا ، إلا انه استكملها عام 1816م وظهرت تباشير ملكته الأدبية مبكراً حيث بدأ في سن العشرين يكتب مع أصدقاء قصصاً بأسماء مستعارة، كان من أبرزها تراجيديا لم يتمكن من نشرها هي "كرومويل" وأخرى لم يستكمل مخطوطتها بعنوان "ستيني" ثم توالت اعماله الاكثر نضجا بقوة وسرعة عجيبتين رغم حداثة سنه.
ولغزارة انتاجه أصبح أدباء عصره يتوسمون فيه أحد أمرين: اما أنه رجل مجنون فعلاً يركب رأسه الشيطان، وإما أن روحاً أدبية عبقرية تتقمصه وتسمح له بهذه الغزارة في الانتاج، وقد أثبتت الأيام ان الأمور كانت تؤكد هذا الاحتمال الأخير بامتياز!.
وكانت المفاجأة حين مات أنوريه بلزاك يوم 18/8/1850م أن المهتمين بأدبه عثروا على كم هائل من المخطوطات لأعمال متكملة أو ناقصة تعد بالعشرات لم يتيسر له نشرها في حياته وهو الذي اعتاد أن يتحف قرائه كل عام بعدة مجلدات وهنا تكشف النقاب فعلاً عن حقيقة هذا الكتب، ومعينه الدافق، ورأسه الذي يركبه الشيطان.
ويقف أمام المهتمين بأدب بلزاك سؤال هام : كيف قدر له أن يكتب كل هذا الكم الهائل الذي يعد بالمئات من الكتب في حياة قصيرة جداً وغير مناسبة ؟، لا شك ان الاجابة على هذا السؤال تكشف حقيقة هذا الرجل أو لنقل عبقريته، وهذا ما سعت اليه عشرات الكتب في فرنسا مع الاحتفال بمرور مئتي سنة على مولد بلزاك.
كان بلزاك يكتب 18 ساعة يوميا، وكان يتحف المطبعة بمجلدات كتبها في مدة أسبوع، كما ان طفولته المعذبة بعض الشيء أطلت في "الكوميديا البشرية" من خلال الصراع الذي لا يرحم بين الفلاحين والملاك، بين التجار والمستخدمين، وهي أمور كان يسمعها من والده الذي كان ثوريا.
وبرغم ان فرنسا احتفلت عام 1999 بمرور مائتي عام على مولده، فلم تكن فى حياته بهذا الكرم معه فقد تجهمت في وجهه، وأغلقت كل أبواب الرزق أمامه، وحرمته عضوية الأكاديمية.
من أشهر أعمال بلزاك مجموعة روايات وقصص قصيرة بعنوان "الكوميديا الإنسانية" كتبها في الفترة ما بين عامي 1832 و 1847، وصف فيها المجمتع الفرنسي بكل فئاته ومن أشهر روايات هذه المجموعة "أوجيني جرانديه" التي أصدرها عام 1835.
امتاز أسلوب بلزاك بالميل إلى الوعظ والحزن، وبقوة الملاحظة، ووحدة الخيال والسخرية اللاذعة وقد ألف بعض الروائع من القصة القصيرة، ولكن محاولاته في المسرحية فشلت. وكان يحاول أن يعيش في الواقع كثيرا مع أحدث رواياته الخيالية ليتقن وصفها.
توفي بلزاك عام 1850 عن 51 عاما بعد أن خلد اسمه ضمن أدباء فرنسا الكبار في القرن التاسع عشر.




(برنارد شو)



روائي ومؤلف مسرحي ايرلندي وصاحب موقف سياسي ولد في 26 يوليو سنة 1856 بمدينة دبلن، كان والده سكيرا مدمنا للكحول، و أمه فوضوية عاجزة عن تحمل مسؤولية عائلة. وبرغم ذلك خرج برنارد شو ككاتب مسرحي وأديب ذائع الصيت، استمد برنارد شو مواهبه عن والديه على الرغم من سلبياتهما. فقد ورث عن أبيه عادة مواجهة المواقف المؤلمة بالسخرية اللاذعة، وعن أمه عادة الانسحاب من فوضى الحياة اليومية لينصرف الى التمتع بالفنون بمختلف أشكالها. ولم يتعلم برنارد شو في حياته او يذهب الى مدرسة وكان يقول عن المدارس انها ليست سوى سجون ومعتقلات.


رحل شو إلى لندن وهو في العشرين من عمره حيث كتب خمس روايات وقضى تسعة أعوام لم يحالفه الحظ أو الشهرة. إلى أن ازدهرت قدرته الفنية. فبدا يؤلف الروايات والمقالات الفنية عن الأدب والموسيقى.وفي عام 1888 اصبح ناقدا موسيقيا لمجلتي "النجمة" و "العالم" وكان متحمسا شديدا لموسيقى فاجنر، وفي عام 1895 اصبح ناقدا مسرحيا، ثم ظهرت ميوله الاشتراكية القوية في مؤلفاته، وكان عضوا مؤسسا لجماعة "الغابية الاشتراكية" وهي المدرسة الفكرية التي ولدتها ظروف المجتمع الصناعي في إنجلترا في أواخر القرن التاسع عشر. عاش حياة طويلة زاخرة بالإنتاج، واشتهر بصراحته ولذاعة قلمه ولسانه في كتاباته، وفي أحاديثه ومجالسه، وظهرت له أول مجموعة من المسرحيات سنة 1898 بعنوان "مسرحيات سارة وغير سارة" و"كانديدا" و "الأسلحة والرجل" و "بيت الأرامل" ومن أهم مسرحياته "تلميذ الشيطان" التي أخرجت للسينما و "قيصر وكيلوباترا" و "أندروكليس والاسد" و "بيجماليون" وغيرها. كتب برنارد شو كذلك المقالات المطولة ذات الموضوعات المختلفة. وفي السنوات الستين التي قضاها شو في الحقل الأدبي والنشاط المسرحي عبر عن نفسه بكثير من الصراحة والحكمة والذكاء، وقد فاز بجائزة نوبل للآداب سنة 1925، وتوفي عام 1950 عن 94 عاما. تعرض برناردشو إلى "أزمة تحديد الهوية" أي أنه لم يكن يعرف ما الذي كان يريده من الحياة ، و لا الدور الذي يريد أن يلعبه فيها ، وحينها كان في العشرين من عمره . مما دفعه إلى مغادرة دبلن إلى لندن . وكذلك غادرت إلى هناك أمه التي انفصلت عن أبيه ولجأت هناك إلى شقيقيه .كان برنارد شو يعتمد في إعالة نفسه على أمه وبعض الكتابات الصحفية من نقد فني و موسيقى و عرض للكتب في الصحف والمجلات .تزوج برنارد شو عام 1898 من رفيقة عمره الايرلندية شارلوت باين
.



(سوبراهمانيان شاندراسيكار)





إن الدكتور سوبراهمانيان شاندراسيكار هو أحد علماء الفيزياء الفلكية المشهورين في عالم اليوم، و قد منح جائزة نوبل في الفيزياء في عام (الف وتسعمائة وثلاثة وثمانين) لأبحاثه البارزة في مجال الفلك، و اشترك في الجائزة مع بروفيسور أمريكي هو ويليام فاولر.
ولد البروفيسور شاندراسيكار، و هو ابن أخ حامل جائزة نوبل في الفيزياء الهندي الدكتور سي . في . رامان، يوم 19 تشرين الأول/أكتوبر 1910 بمدينة لاهور، و درس بكلية بريزيدنسي في جامعة مدراس، و حصل على درجة الدكتوراه من كلية ترنييتي بجامعة كامبريدج، و قد بحث تطور النجوم من عام 1933 إلى عام 1937 و تأكدت عبقريته عندما اصبح زميلا في ترنييتي كوليج و هو شاب في الرابعة و العشرين من العمر، و في سن الخامسة و العشرين طرح شاندراسيكار نظريته حول موت النجوم التي فاجأت العالم كافة.
في عام 1938، أصبح شاندراسيكار مساعد بروفيسور بجامعة شيكاغو، و في عام 1953 حصل على الجنسية الأمريكية، و في هذا العام نفيه منح الميدالية الذهبية للجمعية الفلكية الملكية.
و في عام 1947، أصبح الدكتور شاندراسيكار بروفيسورا في جامعة شيكاغو، و تتضح عبقريته في حقيقة أن كتابه "مقدم لدراسة تكون النجوم" الذي صدر في عام 1939 ما زال حتى الآن يستخدم كمرجع لطلاب فيزياء الفلكية في أنحاء العالم كافة.
و في عام 1973، اختير عضوا في الأكاديمية السويدية التي تمنح جوائز نوبل، و حظيت النتائج التي توصل إليها في أبحاثه حول نجوم "الأقزام البيضاء" باستحسان دولي، و كان نهاية شاندراسيكار حول الكتلة النهائية للنجوم اكتشافا تاريخيا له، و تزيد هذه النهاية عن 1.44 مرة تقريبا على مجموع كتلة الشمس و تضع حدا أعلى (سقفا) لمجموع كتلة نجوم الأقزام البيضاء.




(ماركوني)



ولد كوغليلمو ماركوني في 26 نيسان/أبريل من عام 1874 في بولوغنا بإيطاليا، و تعلم الفيزياء بمدرسة فنية في لغهورن بإيطاليا و أجرى تجاربه الأولى قرب بولوغنا.
و عندما عرف في عام 1887 بأن هاينريخ هيرتز قد اكتشف الموجات اللاسلكية (الإشعاعية) فكر في استخدام هذه الموجات لنقل الرسائل. و في ذلك الوقت، كان يتم فعلا إرسال الرسائل بنظان رموز "مورس" (بالشرطات و النقط) باستخدام الأسلاك الكهربائية، فعمل ماركوني لبعض الوقت لحل هذه المشكلة و صنع جرسا كهربائيا يمكن تشغيله عن بعد بالنبض الكهربائي من مسافة 30 قدما بواسطة الموجات اللاسلكية.
و بحلول عام 1895، كان ماركوني قد تمكن من تطوير جهاز كان يستطيع بث النبضات لمسافة تصل إلى ميل واحد، لكن الحكومة الإيطالية لسوء الحظ لم تهتم كثيرا بعمله، فقرر أن بجرب حظه في لندن التي انتقل إليها في عام 1896، و في عامي 1896 و 1987 أجرى سلسلة من التجارب الناجحة لجهاز الإبراق اللاسلكي الذي صنعه. و في عام 1897 كان ماركوني قد تمكن من إقامة اتصالات عبر مسافات تصل إلى 12 ميلا، و بعد ذلك أنشأ شركة ماركوني في عام 1897.
و بعد عامين، أي في سنة 1899، بث ماركوني إشارة لاسلكية عبر القنال الإنكليزي وصلت إلى حوالي 31 ميلا، و في عام 1899 أيضا جهز سفينتين أمريكيتين لكي تنقلا إلى الصحف في نيويورك تقارير عن وقائع مسابقة يخوت على كأس أمريكا. و في 12 كانون الأول/ديسمبر 1901، تم إرسال الحرف "إس S" بنظام مورس عبر المحيط الأطلسي مما خلق إثارة عالمية. و في عام 1909، نال ماركوني جائزة نوبل في الفيزياء، و فيما بعد، عمل ماركوني لتحقيق الإتصال اللاسلكي بالموجات القصيرة، و كان عمله هذا الأساس للإتصالات اللاسلكية الحديثة للمسافات البعيدة جميعها تقريبا. و في عام 1930، تم اختيار ماركوني رئيسا للأكاديمية الملكية الإيطالية.
و توفي هذا العالم الفيزيائي العظيم في 20 تموز/يوليو 1937.




(جيمس تشادوك)



تتكون الذرة من ثلاثة أنواع من الجزيئات الأولية الدقيقة هي الإلكترونات و البروتونات و النيوترونات، و تتكون نواة الذرة من الإلكترونات و البروتونات بينما تدور النيوترونات حول النواة في مدارات مختلفة، و النيوترون جزء من الذرة ليس له أي شحنة كهربائية. لكن البروتونات و الإلكترونات تحمل شحنات متساوية موجبة و سالبة على التوالي، و كتلة النيوترون تزيد زيادة طفيفة على كتلة البروتون.

فمن هو مكتشف النيوترونات ؟
اكتشف النيوترون عالم فيزياء بريطاني اسمه السير جيمس تشادوك، لقد كان العلماء في أوائل القرن العشرين يدركون بأن الذرة تحتوي على جزيئات مشحونة كهربائيا اسمها الإلكترونات و البروتونات. و كان العلماء يعتقدون بأن الذرة لابد و أن تحتوي على دقائق غير مشحونة كهربائيا أيضا. و في عام 1932، أظهر تشادوك بأن الإشعاع الصادر من عنصر البريليوم نتيجة قذفه بأشعة ألفا هو في الحقيقة تيار من الجزيئات الدقيقة غير المشحونة كهربائيا، و أطلق على هذه الجزيئات اسم النيوترونات، ثم درس أيضا بعض الخصائص الأخرى لهذه الجزيئات.
كما شرح تشادوك وجود النظائر، و النظير في عنصر ما يحمل العدد نفسه من البروتونات، لكن عدد النيوترونات فيه مختلف، و لذلك يختلف وزنه الذري. و في عام 1935، منح تشادوك جائزة نوبل في الفيزياء.
و قام تشادوك أيضا بعمل رائد في مجال التفاعلات النووية المتسلسلة، و لعب دورا هاما في صنع القنبلة الذرية الأولى أثناء الحرب العالمية الثانية.
و قد تبين من الدراسات التي أجريت على النيوترونات أن النيوترون الطليق خارج النواة يكون غير مستقر، و يتحلل النيوترون خلال مدة 12 دقيقة في المتوسط، و هذه المدة تسمى نصف حياة النيوترون. أما داخل النواة، فإن النيوترونات تكون مستقرة في العادة، و عندما تتحلل النيوترونات داخل النواة تصبح مادة النواة مشعة. و إشعاعات النيوترونات خطيرة جدا لأنها تخترق المواد بسهولة، و لهذا السبب يرتدي العلماء العاملون في المؤسسات النووية دروعا واقية لحمايتهم من الإشعاعات الضارة.




(انطون تشيكوف)



ولد انطون تشيكوف فى عام 1860 وتوفى عام 1904 وهو كاتب قصة قصيرة روسي الجنسية ومن اشهر مؤلفاته الشقيقات الثلاث وبستان الكرز.
وبرغم وفاة هذا الكاتب فى الثانية والاربعين من عمره الا انه ترك وراءه تراثا رائعا من القصص والمسرحيات ما زالت نموذجا يحتذى في مجال القصة والمسرح فى جميع انحاء العالم وبجميع اللغات.

كان تشيكوف يحب ان يقال عنه انه كاتب الوجبات الخفيفة فقد كان قادرا على اعداده قصصه بسرعة لا يتجاوزه فيها احد فعندما بلغ السادسة والعشرين فقط كان قد كتب 400 قصة قصيرة ثم ظل مستمرا في الكتابة خمسة عشر عاما آخرى.
ولم يكن تشيكوف يبالي بأعماله، ولم يكن يتفاخر بما يكتب، وقد سأله صديق مرة كيف يختار موضوعات قصصه فأمسك بمنفضة سجائر وقال له سأكتب قصة عن هذه المنفضة وفي الصباح التالي كانت القصة جاهزة للنشر فقد كان يستطيع ان يكتب قصة عن اي شيء وبسرعة واتقان ومهارة لا يجاريه فيها احد وفى نفس الوقت كانت القصص تحمل من المعانى ما يحير القراء.
ولم يكن تشيكوف في بداية حياته مؤلفا، وعندما ذهب الى موسكو ليدرس الطب لم يكن ينوي ان يحترف الكتابة ولكن حاجته الى اعالة نفسه وعائلته اضطرته الى الكتابة، فأخذ يكتب ويكتب حتى لم تستطع الصحيفة التي ينشر بها اعماله ان تخصص المساحة اللازمة لقصصه.
ولظروف حياته القاسية اصيب تشيكوف بمرض السل فلم يكن يملك ما يوفر به طعاما وافرا صحيا وكان يعيش في اماكن سيئة التهوية ويحتاج الى الانتقال الى اماكن جافة حتى لا يتضاعف المرض وعندما استطاع اخيرا ان يحصل على هذا المكان كان المرض الذي لم يكن له علاج فى ذلك الوقت قد تمكن منه وهكذا لفظ سيد القصة القصيرة انفاسه ولعل معاناة المرض هي التي اهلته لكي يكتب هذه القصص الحافلة بالعواطف النبيلة والشجن الاليم



(تشارلز ديكنز)



كاتب وروائي بريطاني، ولد في 7 فبراير سنة 1812، بدأ عمله المهني كمراسل صحفي في البرلمان، وكان يعتبر افضل كاتب للتقارير الصحفية في زمنه،وكان ذلك يرتبط بمصادر معلوماته وحيويته في التقاط الاخبار، وقدرته على اختيار القصص التي تجتذب قراء الصحافة.
بدأت شهرته الأدبية بنشر انطباعاته عن لندن في مجلات دورية، ثم نشر رواياته الطويلة "أوليفر تويست" سنة 1838، و"دافيد كوبر فيلد" سنة1850 و "أوراق بيكويك" سنة 1836، و "قصة مدينتين" سنة 1859، و"أوقات عصيبة" سنة 1870 وله أيضا الكثير من القصص القصيرة.
تميزت رواياته وقصصه بوصفها الرقيق للشخصيات، وبعرضها الثري للحياة الاجتماعية في مختلف صورها، وبما فيها من نزعة عاطفية، وانتقاد للشرور الاجتماعية، مثل السجن من أجل الديون، ومماطلات القضاء، وسوء التعليم، وقد عجلت كتابات ديكنز بالإصلاح في ميادين كثيرة.
في عام 1850 اصدر ديكنز مجلة (كلمات عائلية) التي حققت نجاحاً استثنائياً، وكانت وسيلة لتواصله المباشر مع قرائه من خلال كتاباته الصحفية الاسبوعية, كما كان ديكنز يلقي الخطابات في المآدب من اجل القضايا الخيرية، كما قام بزيارة فرنسا واميركا وايطاليا، وانجب تسعة من الاطفال، وبحلول نهاية هذه الفترة وصلت شهرته ذروتها، رغم ان بعضاً من اعظم ابداعاته الروائية جاءت في فترة لاحقة.
كتب ديكنز اربع عشرة رواية من الحجم الكبير فمعظمها يزيد على ستمائة صفحة لكل واحدة منها.
توفي ديكنز في يونيو عام 1870م، وهو في عمر الثامنة والخمسين، مصاباً بارهاق شديد جراء جولة قراءة محمومة قام بها في اميركا الشمالية، وكان في غمرة كتابة روايته البوليسية (سير ادوين درود) وتوفى قبل ان يكملها, وترك لنا ارثاً هائلاً عظيماً من الابداعات، الروائية خصوصاً.



(نزار قباني )




فى يوم ولادته قال فى نفسه "يوم ولدت كانت الأرض هي الأخري في حالة ولادة..وكان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء..
الأرض وأمي حملتا في وقت واحد ..ووضعتا في وقت واحد"هو شاعر الحب سواء كان حب للحبيب او للوطن فهو ذو لغة خاصة استطاع بها ان يقترب من لغة الحوار اليومى و اتجه بها لجميع الطبقات فى انحاء و طننا العربى انه شاعرنا الكبير نزار قبانى .

ولد نزار توفيق قباني في 21 مارس عام 1923 و سنة 1342هـ في حي مئذنة الشحم بدمشق القديمة بين معاقل المقاومة الوطنية للانتداب الفرنسي ووافق يوم ميلاده بداية فصل الربيع.

وينحدر نزار من أسرة دمشقية عريقة بين أبرز أفرادها أبوخليل القباني مؤسس المسرح العربي في القرن التاسع عشر أما والده فكان ميسور الحال ويعمل بالتجارة وله محل معروف وكان "نزار" يساعده في عملية البيع عندما كان صبياً. و كان و لنزار خمسة إخوة هم رشيد ومعتز وصباح وهدباء ووصال التي ماتت في ريعان شبابها و قد حصل نزار علي البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرج فيها عام 1945 وعمل فور تخرجه بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية وتنقل في سفاراتها بين مدن عديدة خاصة القاهرة ولندن وبيروت.

و فى عام 1959 و بعد تحقيق الوحدة بين مصر و سوريا تم تعيينه سكرتيرا ثانيا فى سفارة الجمهورية المتحدة بالصين و مدريد اوظل متمسكاً بعمله الدبلوماسي حتي استقال منه عام 1966 وتفرغ للشعر.

تزوج نزار مرتين الأولي من سوريا وتدعي"زهرة"وأنجب منها هدباء وتوفيق وزهراء. و قد توفي توفيق بمرض في القلب وعمره 17 سنة ورثاه نزار بقصيدة شهيرة عنوانها "الأمير الخرافي توفيق قباني" وأوصي نزار أن يدفن بجواره بعد موته.

و الثانية بلقيس الراوى و هى عراقية و حبيبة قلبه التي لقيت حتفها في حادث انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982 وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها . ولنزار من بلقيس ولد اسمه عمر وبنت اسمها زينب.

وبعد وفاة بلقيس رفض أن يتزوج وعاش سنوات عمره الأخيرة في شقته بالعاصمة البريطانية لندن وحيداً حتي مات. و حياة نزار مليئة بالصدمات والمعارك ومن أهم الصدمات في حياتة وفاة شقيقته الصغري وصال ووفاة أمه ثم وفاة ابنه توفيق ويبقي أن الصدمة الكبري في حياتة مقتل زوجتة بلقيس.

بدأ نزار فى كتابة الشعر وعمره 16سنة وأصدر أول دواوينه "قالت لي السمراء" عام 1944 وكان طالباً في كلية الحقوق وطبعه علي نفقته الخاصة ثم توالت دواوينة إلي أن وصل عددها 35 ديوانا علي مدار اكثر من نصف قرن أهمها "طفولة فهد" و "الرسم بالكلمات" و "قصائد"الذى طبع 25 مرة فى ظاهرة غير مسبوقة . و "سامبا" و "أنت لي" و "هل تسمعين صهيل أحزاني".

أما عن المعارك التى دخلها نزار بسبب مملكة الشعر فكانت بسبب ديوانه الأول "قالت لي السمراء "عام 1944 و معركة اخرى بسبب قصيدة "خبز وحشيش وقمر"التي أثارت رجال الدين في سوريا ضده . وطالبوا بطرده من السلك الدبلوماسي وانتقلت المعركة إلي البرلمان السوري وكان أول شاعر تناقش قصائده في البرلمان. و ألف نزار عدداً من الكتب النثرية أهمها "قصتي مع الشعر" و"ما هو الشعر" و"100 رسالة حب" وقام بتأسيس دارنشر لأعماله في بيروت تحمل إسم "منشورات نزار قباني.

" و قد تغني بقصائد نزار عمالقة الغناء في الوطن العربي علي مدي 40 عاماً وبلغ عدد قصائده 20 قصيدة غناها 8 مطربين ومطربات . فغنت له أم كلثوم "أصبح عندي الأن بندقية" و"رسالة عاجلة إليك" وغني له عبد الحليم "رسالة من تحت الماء" و"قارئة الفنجان" وغنت له نجاة "أيظن" و"ماذا اقول له" و"إلي حبيبي" و"أسألك الرحيلا" وغنت له فايزة أحمد قصيدة وحيدة هي "رسالة من إمرأة" وغنت له فيروز "وشادية" و"لاتسألوني ما اسمه حبيبي" وغنت له ماجده الرومي "بيروت ياست الدنيا" و"مع جريدة" و"كلمات" وغنت له أصالة "إغضب" ألحان حلمي بكر. كما غنى له كاظم الساهر العديد من القصائد منها قصيدة أشهد و كل عام وانت حببتى و قولى احبك وأكرهها.

الشعر السياسي فى حياة نزار قبانى يمثل حالة خاصة جدا فى انتاجه و ابداعة فقد احدثت نكسة 1967 شرخاً كبيراً في نفس نزار قباني وكانت حداً فاصلاً في حياته وأهمها قصيدة "هوامش علي دفتر النكسة" التي تسببت في منع أغنيات وأشعار نزار بالإذاعة والتليفزيون في مصر لفترة محددة ومصادرة الديوان .

وفي أكتوبر 1967 كتب نزار رسالة إلي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حملها من بيروت إلي القاهرة الكاتب رجاء النقاش الذي سلمها بدوره إلي الكاتب الراحل أحمد بهاء الدين وعندما وصلت الرسالة إلي الرئيس عبدالناصر أمر بالافراج فوراً عن الديوان.

وبعد رحيل عبد الناصر كتب له نزار مرثية بعنوان "قتلناك يا أخر الأنبياء" و دونت على مقبرة جمال . كما ألف نزار قباني العديد من القصائد السياسية تناول فيها قضية الصراع العربي الإسرائيلي بقصيدة "أصبح عندي الأن بندقية"التي غنتها أم كلثوم من ألحان محمد عبد الوهاب .

وكتب عن أطفال الحجارة قصائد "أطفال الحجارة" و"تلاميذ غزة" و"جريمة شرف أمام المحاكم العربية" و"المتنبي وأم كلثوم على قائمة التطبيع" وغنتها أم كلثوم ولم تذع.

وفي 30 إبرايل عام 1998 رحل عن عالمنا الشاعر السوري نزار قباني. بعد عطاء أكثر من 50 عاماً فى الشعر العربي.



(
محمد الماغوط)



ولد الماغوط عام 1934 في السلمية التابعة لمحافظة حماه (210 كم شمال العاصمة دمشق). درس في كلية الزراعة وانسحب منها رغم تفوقه، مؤكدا ان اختصاصه هو "الحشرات البشرية وليس الحشرات الزراعية" وذهب الى دمشق عام 1948. وفي عام 1955 سجن في سجن المزة قرب دمشق لانتمائه الى الحزب القومي السوري الاجتماعي وكتب مذكراته على لفائف السجائر وعند خروجه ذهب الى بيروت ثم عاد الى دمشق وكتب في المسرح والسينما. وللماغوط ابنتان شام وسلافة، الاولى في الولايات المتحدة والثانية في بريطانيا. وينتظر وصول ابنتيه لدفنه في السلمية. ومن اهم اقواله "بدأت وحيدا وانتهيت وحيدا"، و"انا ضد ان نعالج الاشياء من خلال مظهرها ويجب ان نغوص الى الاعماق " .
نال الماغوط عدة جوائز عن مجمل أعماله الشعرية والمسرحية ومن تلك الجوائز حصوله على جائزة العويس 2004-2005 في حقل الشعر كما تم تكريمه في العام 2002 في حفل أقيم في مكتبة الاسد بدمشق بمناسبة صدور ديوانه حطاب الاشجار العالية ضمن منشورات كتاب في جريدة كما كرم الراحل في مسقط رأسه مدينة السلمية التي اهدته مهرجانها الشعري السنوي عام 2004 والذي يقيمه المركز الثقافي في السلمية.
كما نالت معظم أعماله القصصية والمسرحية والشعرية جوائز في مهرجانات عربية ودولية تناولتها أقلام النقاد في صحف عربية وأجنبية وتكلمت باستفاضة عن مسرح الماغوط الذى اسس لحقبة جديدة من تحفيز الشارع العربى وتوعيته تجاه القضايا الملحة والراهنة التى تتهدد حياته ومستقبله.
وحاز الماغوط من خلال كتاباته التى امتلات بالحس الوطنى اعجاب وتقدير معاصريه من الشعراء والكتاب والقراء حيث استطاع أن يخلق نوعا من الحراك الثقافى لدى جمهوره الذى ينتمى الى مختلف الاعمار الثقافات
وترجمت دواوينه ومختارات له ونشرت فى عواصم عالمية عديدة اضافة الى دراسات نقدية وأطروحات جامعية حول شعره ومسرحه.
وكان رئيس الجمهورية السوري بشار الاسد قد اصدر مرسوما جمهوريا بمنح الاديب الكبير وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة. وقبيل رحيله نال الماغوط جائزة سلطان العويس للشعر العربي.
من أهم أعماله:
حزن فى ضوء القمر شعر 1959
غرفة بملايين الجدران شعر 1964
العصفور الاحدب مسرحية 1976
المهرج مسرحية 1974
الفرح ليس مهنتى شعر 1970
ضيعة تشرين مسرحية مثلت على المسرح 1973/1974
شقائق النعمان مسرحية
الارجوحة رواية 1992
غربة مسرحية مثلت على المسرح 1976
كاسك يا وطن مسرحية مثلت على المسرح 1979
خارج السرب مسرحية 1999
حكايا الليل مسلسل تلفزيونى
وين الغلط مسلسل تلفزيونى
وادى المسك مسلسل تلفزيونى
الحدود فيلم سينمائى
التقرير فيلم سينمائى
سياف الزهور شعر
مسافر عربى فى محطات الفضاءمقالات
الاعمال الكاملة 1973
وصدر له فى عام 2006 نصوص شعرية




(كونفوشيوس)



يعتبر كونفوشيوس واحدا من أكبر المعلمين في كل العصور، فقد ولد في الصين في إقليم شانتونغ حوالي 550 قبل الميلاد، و درس الكتابة الصينية القديمة و تعلم منها كثيرا من الأفكار الجديدة عن نشوء السلوك و تطوره.
كانت الصين في تلك الأيام تخضع لحكم أحد الأباطرة، لكن الإمبراطور كان شخصية رمزية بصلاحيات ضئيلة جدا، و كانت الأقاليم الصينية تخضع لحكم حكام إقطاعيين فاسدين و طماعين، بينما كان الناس فقراء و مهملين.
كان كونفوشيوس يشعر بالإشمئزاز من تلك الأوضاع، فبدأ في تعليم كل ما كان قد تعلمه من الكتابات الصينية القديمة، فأصبح له أتباع كثيرون و ما زالت دروسه تشكل مثلا، فقد أثر بشكل كبير على الحضارة الصينية و أصبح واحدا من أشهر مفكري الشرق الأقصى. إن اسمه في اللغة الصينية هو "كونغ فو .. تزو" و قد قامت البعثات التبشيرية الكاثوليكية بتحريف إسمه فأصبح كونفوشيوس، و مع انه لايعرف إلا القليل عن أصله و حياته، فإنه حسبما يقال ينتمي إلى أسرة فقيرة و أصبح يتيما في سن مبكرة و نشأ في جو فقير، و قد قام بتعليم نفسه لكنه أصبح علامة زمانه.
حين بلغ الثلاثين من العمر، و بعد ثلاث سنوات من زواجه، بدأ كونفوشيوس يعلم الإنسان كيف يعيش حياة سعيدة، فقد قال: "لا تفعل مع الآخرين ما لا تحب أن يفعلوه معك"، و كان يعلم أتباعه: "أحبب لجارك مثلما تحب لنفسك"، كان رجلا متواضعا يقول دائما: "إنني لا آتي بشيء جديد، بل أنقل لكم الحكمة القديمة".
لم يكن كونفوشيوس واعظا فقط، بل كان يطبق ما يعظ به، و قد تولى لبعض الوقت بعض المناصب الهامة في الحكومة المحلية في منطقته.
و عندما عين حاكما لإحدى المدن، فقد خفض الضرائب و حسن ظروف معيشة الناس و أقنع الطبقات الحاكمة بانتهاج حياة جيدة للناس.
و حسب إحدى الروايات، فقد تم تعيينه وزيرا و بذل كل جهوده لتطهير نواحي الحياة الإجتماعية من الشرور، لكنه أدرك أن هذه الشرور متأصلة، فقد كان مسؤولو الحكومة فاسدين، فاستقال و هو في الرابعة و الخمسين.
طوال السنوات الثلاث عشرة التالية، سافر في كل أنحاء الصين في محاولة لنشر فلسفته الأخلاقية لكنه كان يلقى استقبالا فاترا في كل مكان يذهب إليه، و نتيجة لفشله مات كسير الفؤاد عام 479 قبل الميلاد.
و مع أن كونفوشيوس لم ينجح في تحقيق أهدافه في حياته، فإن تعاليمه أصبحت فلسفة الدولة خلال 500 سنة بعد موته، و أخذ الصينيون يقدمون له التضحيات في المعابد، فقد أصبحت الكونفوشوسية ديانة في الصين و هي ما زالت ؤثر على ملايين الناس حتى اليوم.




(ماكس بلانك)



  • يعرف " ماكس بلانك " ،بأنه صاحب " النظرية الكمية للإشعاع الكهرومغناطيسي " ، وقد عرضها أول مرة ، في اجتماع للجمعية الفيزيقية الألمانية عقد في ديسمبر عام 1900 .
    ولد " ماكس بلانك " في مدينة " كيل " الألمانية عام 1858 ، ثم انتقل مع عائلته إلى " ميونيخ " ، حيث التحق بمدارسها ، ثم درس بجامعتها ، وبعد فترة رحل إلى جامعة " برلين " ، كي يتتلمذ على يد كبار علماء الفيزيقيا في عصره ، أمثال " هيرمان فون هيلمهولتز " ، " جوستاف كيرشوف " . وقد اهتم " بلانك " ، طوال حياته الحافلة ، اهتماماً خاصاً بالحرارة ، التي تعرف حالياً باسم الديناميكا الحرارية ، حتى إنه تقدم لنيل درجة الدكتوراه ، برسالة وأبحاث تدور جميعاً حول هذا الموضوع ، وكان من نتيجة ذلك ، أن أصبح أستاذا في جامعة " برلين " إثر وفاة " كيرشوف " وعلى النقيض

    من معظم العلماء ، لم يبرز التفكير العلمي ، الذي ينسب بالفخر في أيامنا هذه إلى صاحبه " بلانك " ، في رأس هذا العالم ، إلا بعد أن تقدم به العمر ، وبلغ 42 عاماً .

    ويتمثل هذا التفكير العلمي ، في توصله إلى اكتشاف النظرية الكمية للطاقة ، التي نال

    عنها جائزة " نوبل " عام 1918 . وكان " بلانك " أول من تحقق من حتمية وجود الطاقة التي تحملها جميع الموجات الكهرومعنطيسية ( مثل الضوء ، أو الحرارة ، أو موجات الراديو ) على هيئة حزم منفصلة ، أو كميات صغيرة جداً ، وأنها لا توجد موزعة على هيئة موجية مستمرة . وقد استعان على إثبات نظريته تلك ، بنظرية الجسيمات عن الضوء التي سبق أن لفظها " نيوتن " .

    واعترى " بلانك " شعور مزدوج من الخوف والقلق ، من جزء ما قد يترتب على إعلانه نظريته . وجعلته طبيعته الرقيقة - التي اكتسبها نتيجة انحداره من عائلة تمرست بمهنة المحاماة وغيرها من الوظائف المدنية - حذرا غاية الحذر أثناء حديثه ، حتى إنه جاهر بإيمانه الكامل بالنظرية التقليدية عن الإشعاع الكهرومغناطيسي ، كما فسرها " ماكسويل " ، رغم أن نظريته الخاصة ، أثبتت عدم صلاحية هذه النظريات التقليدية للتطبيق على الأطوال الموجية القصيرة . كما لم يكن مقتنعا بالصيغة الرياضية للنظرية الكمية ، حيث عرضت طاقة الإشعاع ، كناتج لضرب تردد الإشعاع في مقدار ثابت صغير . وكان " بلانك " مؤمناً إيمانا راسخاً ، بإمكانية الاستغناء عن هذا الثابت ، في حين أن هذا الثابت - ويسمى ثابت " بلانك " - يعد من الثوابت الأساسية في الطبيعة ( مثل المعادلة الخاصة بسرعة الضوء في الفراغ ) ، كما يعد أمرا ضروريا ، لتفهم طبيعة الذرات ، وكيفية امتصاصها للإشعاع ، أو ابتعاثها له .

    لذلك استولى الشعور بالضيق على بلانك ، عندما انتصرت نظريته الكمية ، ولكن على يد موظف سويسري نشرها في بحث عن النظرية النسبية ، ولم يكن ذلك الموظف السويسري ، سوى " ألبرت أينشتين " . وبعد هذه البداية السيئة ، نشأت صداقة حميمة بين الشاب الشغوف بالعلم " أينشتين " و " ماكس بلانك " ، الذي كان في منتصف العمر آنذاك . ويحكي أن الجيران ، كثيرا ما سمعوهما يعزفان الموسيقى سويا ، فيقوم " أينشتين " بالعزف على الكمان ، ويصاحبه بلانك باللعب على البيان ( البيانو)

    وربما كانت هذه الصداقة ، وكذلك ثقة " بلانك " في الله ، هما السبب وراء صموده

    أمام المحاكمات العديدة التي استهدفت إدانته في حياته . واستمر " بلانك " في تدريس علم الفيزيقيا في جامعة " برلين " ، التي كانت تتدهور وتنقرض يوما بعد الآخر كما كان يزور " هتلر " باستمرار باعتباره سكرتير الأكاديمية الألمانية للعلوم ، حتى بلغ من العمر 70 عاماً وكان من المحزن " لبلانك " وللجهود العلمية الألمانية عموماً أن يفر عدد كبير من العلماء - كان " أينشتين " واحد منهم - من حكم النازي ، كما كان

    من الأمور الباعثة على حزنه الشديد أن يدان " إروين " ابنه كشريك في إحدى المؤامرات التي دبرت لاغتيال هتلر . وكان أشق ما عاناه " ماكس بلانك " في حياته شعور الأسف العميق على الصدع الذي كان يعتقد أن نظريته قد أحدثتة في علم الفيزيقا وحتى وفاته - وقد اقترب عمره من التسعين - داوم على الجهاد للتوفيق بين الفيزيقا التقليدية التي آمن بها وقام على تدريسها ، وبين الفيزيقا الحديثة التي أرسى قواعدها


(سيرة أرنستو تشي غيفارا)



"يجب أن نتذكر دائماَ أن الإمبريالية نظام عالمي، هو المرحلة الأخيرة من الإستعمار، ويجب أن تهزم بمواجهة عالمية."
هذا ما قاله أرنستو غيفارا
طبيب ثوري أرجنتيني الأصل. ولد في 14/6/1928 في روزاريو. أصيب بالربو منذ طفولته ولازمه المرض طوال حياته.
إمتهن الطب، إلا أنه ظل مولعاَ بالأدب والسياسة والفلسفة، سافر أرنستو تشي غيفارا إلى غواتيمالا عام 1954 على أمل الإنضمام إلى صفوف الثوار لكن حكومة كاستيلو أرماس العميلة للولايات المتحدة الأميركية قضت على الثورة.
انتقل بعد ذلك الى المكسيك حيث التقى بفيدل كاسترو وأشعلوا الثورة ضد نظام حكم "باتيستا" الرجعي حتى سقوطه سنة 1959.
تولى منصب رئيس المصرف الوطني سنة 1959.
ووزارة الصناعة (1961 -1965).
اشترك مع حركات ثورية عالمية عديدة.
ثم لقي حتفه في بوليفيا بعد ذهابه إليها
لأشعال الثورة ضد النظام الموالي لأمريكا
الى ان وقع البطل ومن معه في كمين محكم في ( كويبراردا دل يورو)،
وعن ذلك كتب غيفارا في آخر ورقة من مذكراته اليومية في 7 تشرين الاول 1967
ألّف : حرب العصابات (1961). الإنسان والإشتراكية في كوبا (1967).
ذكريات الحرب الثورية الكوبية




(احمد زويل)



ولد عام ( 1946 ) فى مدينة دمنهور محافظة الإسكندرية ، متزوج حاصل على بكالوريوس العلوم ( 1967 ) والماجستير فى علم الأطياف ( 1968 ) من كلية العلوم جامعة الإسكندرية حصل على الدكتوراه فى بحوث كيمياء الليزر من معهد كالتيك للتكنولوجيا والعلوم بالولايات المتحدة . عمل معيداً بكلية العلوم جامعة الإسكندرية ثم حصل على منحة من جامعة بيركل فى كاليفورنيا وعمل بها لمدة سنتين ثم عمل فى جامعة هارفارد وجامعة كالتيك بكالفورنيا وجامعة شيكاغو وجامعات أخرى . عين أستاذاً مساعدا فى جامعة كالتيك وبعد اربع سنوات أصبح أستاذاً للفيزياء والكيمياء ، أستاذاً زائراً مميزاً فى أكثر من خمس جامعات فى العالم الى جانب الجامعة الأمريكية فى مصر .

- تعلم حتى حصل على درجة الدكتوراه من جامعة الإسكندرية عام 1969م ، والدكتوراه من جامعة بنسلفانيا فى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1974م .

- عمل بالتدريس والبحث العلمى منذ تخرجه حتى أصبح أستاذاً للكيمياء الفيزيائية فى معهد كاليفورنيا التقنى عام 1982م .

- تميز بقدرته على استنباط التقانات المتطورة واستخدامها فى إيضاح المفاهيم النظرية الأساسية وإثباتها؛ حتى حقق إنجازات علمية باهرة حول استخدام أطياف أشعة الليزر الفائقة السرعات لمتابعة الحزم الضوئية للجزيئات ورصد حركتها بصورة متناهية الدقة تسمح برؤية التفاعلات الكيماوية لحظة حدوثها. وقد فتحت بحوثه المجال أمام العديد من النظريات والتجارب الجديدة .

- تقديراً لنبوغه وريادته فى كيمياء الليزر مُنح الكثير من الجوائز والزمالات والميداليات

دعته كبرى جامعات العالم لإلقاء المحاضرات .

- عمل أستاذاً زائراً فى جامعات أمستردام وبوردو وبولونيا .

- كان رئيساً للعديد من المؤتمرات واللجان العلمية الدولية فى ميدان تخصصه ، ورئيساً ، أو عضواً ، فى هيئات تحرير تسع من كبرى الدوريات فى علوم الكيمياء .

- نُشر له نحو 200 بحث علمى ، وأربعة كتب عن الليزر وتطبيقاتها .

- حصل على جائزة الملك فيصل العالمية للعلوم عام 1409هـ/1989م ، وكان موضوع الجائزة : الفيزياء .

حصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 ليكون أول عربي يحصل على هذه الجائزة في مثل هذا التخصص.



(جوزيف ستالين)



جوزيف فيساريونوفيتش ستالين(الكنية الأصلية: دجوغاشفيلي) 21 ديسمبر 1879 - 5 مارس 1953. القائد الثاني للإتحاد السوفييتي. ففي فترة توليه السلطة، قام بقمع وتصفية خصومه السياسيين بل وشمل القمع والتصفية كل من كانت تحوم حوله الشكوك. قام بنقل الإتحاد السوفييتي من مجتمع فلاحي الى مجتمع صناعي مما مكن الإتحاد السوفييتي من الانتصار على دول المحور في الحرب العالمية الثانية.

طفولته وبداية حياته
وُلد ستالين في مدينة "جوري" في جمهورية جورجيا لإسكافي يدعى "بيسو"، وأم فلاحة تدعى "إيكاترينا". وكان "بيسو" يضرب ستالين بقسوة في طفولته علماً أن الضرب القاسي في تلك الفترة للأولاد كان شائعاً "لتعليم الأولاد". ترك "بيسو" عائلته ورحل وأصبحت أم ستالين بلا معيل! وعندما بلغ ستالين 11 عاماً، أرسلته أمّة الى المدرسة الروسية للمسيحية الأرثودوكسية ودرس فيها حتى بلوغه 20 سنة. عادت بداية مشاركة ستالين مع الحركة الإشتراكية الى فترة المدرسة الأرثودوكسية والتي قامت بطردة من على مقاعد الدراسة في العام 1899 لعدم حضوره في الوقت المحدّد لتقديم الإختبارات. ومن ذاك الوقت، إنتظم ستالين ولفترة 10 سنوات في العمل السياسي الخفي وتعرض للإعتقال، بل والإبعاد الى مدينة "سيبيريا" بين الأعوام 1902 الى 1917. إعتنق ستالين المذهب الفكري لـ "فلاديمير لينين"، وتأهّل لشغل منصب عضو في اللجنة المركزية للحزب البلشفي في عام 1912. وفي عام 1913، تسمّى بالإسم "ستالين" وتعني "الرجل الفولاذي".

ستالين الطفل

ستالين الشاب

ستالين عام 1912


تقلّد ستالين منصب المفوّض السياسي للجيش الروسي في فترة الحرب الأهلية الروسية وفي فترة الحرب الروسية البولندية، وتقلّد أرفع المناصب في الحزب الشيوعي الحاكم والدوائر المتعددة التابعة للحزب. وفي العام 1922، تقلّد ستالين منصب الأمين العام للحزب الشيوعي وحرص ستالين ان يتمتع منصب الأمين العام بأوسع أشكال النفوذ والسيطرة. بدأ القلق يدبّ في لينين المحتضر من تنامي قوة ستالين، ويُذكر ان لينين طالب بإقصاء "الوقح" ستالين في أحد الوثائق الا ان الوثيقة تمّ إخفاؤها من قِبل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي.

بعد ممات لينين في يناير 1924، تألّفت الحكومة من الثلاثي : ستالين، و كامينيف، و زينوفيف. وفي فترة الحكومة الثلاثية، نبذ ستالين فكرة الثورة العالمية الشيوعية لصالح الإشتراكية المحلية(1) مما ناقض بفعلته مباديء "تروتسكي" المنادية بالشيوعية العالمية. تغلب ستالين على الثنائي كامينيف و زينوفيف وأصبح القائد الأوحد بعدما كانت الحكومة ثلاثية الأقطاب، وتم ذلك في عام 1928.



أثر ستالين في تغيير الإتحاد السوفييتي
الصناعةبالرغم من المصاعب التي واجهها ستالين في تطبيق الخطة الخمسية للنهوض بالإتحاد السوفييتي، الا ان الإنجازات الصناعية أخذت بالنمو بالرغم من قلة البنى التحتية الصناعية و التجارة الخارجية. فقد تفوّق معدل النمو الصناعي الروسي على كل من المانيا في فترة النهضة الصناعية الألمانية في القرن التاسع عشر كما فاقت غريمتها اليابانية في أوائل القرن العشرين. تمكّن ستالين من توفير السيولة اللازمة لتمويل مشاريعه الطموحة عن طريق التضييق على المواطن السوفييتي في المواد الأساسية.

الزراعة التعاونيةفرض ستالين على الإتحاد السوفييتي نظرية الزراعة التعاونية. وتقوم النظرية على إستبدال الحقول الزراعية البدائية التي تعتمد على الناس والحيوانات في حرث وزراعة الأرض بحقول زراعية ذات تجهيزات حديثة كالجرّارات الميكانيكية وخلافه. وكانت الحقول الزراعة في الإتحاد السوفييتي في عهد ستالين من النوع الأول البدائي. نظرياً، من المفترض ان يكون الرابح الأول من الزراعة التعاونية هو الفلاح، إذ وعدته الحكومة بمردود يساوي مقدار الجهد المبذول. أمّا بالنسبة للإقطاعيين، فكان هلاكهم على يد الزراعية التعاونية. فكان يفترض بالإقطاعيين بيع غلّاتهم الزراعية على الحكومة بسعر تحدده الحكومة نفسها! كان من السهل جدا طرح أي نظرية من النظريات ولكن الزراعة التعاونية ناقضت نمط من أنماط التجارة كان يمارس لقرون مضت. فلاقت الزراعة التعاونية معارضة شديدة من قبل الإقطاعيين والفلاحين ووصلت المعارضة الى حد المواجهات العنيفة بين السلطة والفلاحين.

حاول ستالين ثني الفلاحين عن عنادهم باستخدام القوات الخاصة في إرغام الفلاحين على الدخول في برنامجه الزراعي التعاوني الا ان الفلاحين فضّلوا نحر ماشيتهم على أن تؤخذ منهم عنوة لصالح البرنامج الزراعي التعاوني، مما سبب أزمة في عملية الإنتاج الغذائي ووفرة المواد الغذائية.

قام ستالين بتوجيه أصابع الإتهام الى الفلاحين الذين يملكون حقول زراعية ذات الحجم المتوسط ونعتهم "بالرأسماليين الطفيليين" وانهم سبب شحّ الموارد الغذائية. وأمر ستالين بإطلاق النار على كل من يرفض الإنضمام الى برنامجه الزراعي او النفي الى مناطق بعيدة في الإتحاد السوفييتي.

لعل المحزن في عملية الشد والجذب بين الحكومة والفلاحين فيما يتعلق بالبرنامج الزراعي التعاوني هو نتيجته، فقد أجمع الكثير من المؤرّخين أن سبب المجاعة التي ألمّت بالإتحاد السوفييتي بين الأعوام 1932 و 1933 هو نحر الفلاحين لماشيتهم والتي راح ضحيّتها ما يقرب من 5 ملايين روسي في وقت كان فيه الإتحاد السوفييتي يصدّر ملايين الأطنان من الحبوب لشتّى أنحاء العالم!

الخدمات الإجتماعيةاهتمت حكومة ستالين بالخدمات الإجتماعية إهتماماً ملحوظاً و جنّدت الأطقم الطبية والحملات لمكافحة الأمراض السارية مثل الكوليرا والملاريا وزادت من عدد الأطباء في المراكز الطبية ومراكز التدريب لتأهيل الأطقم الطبية ولاننسى الجانب التعليمي الذي بدوره ازدهر وقلّت الأمّية السوفييتية وتوفرت فرص عمل كثيرة وبخاصة فرص العمل النسائية.

التصفيات الجسديةبوصول ستالين للسلطة المطلقة في 1930، عمل على إبادة أعضاء اللجنة المركزية البلشفية وأعقبها بإبادة كل من يعتنق فكر مغاير لفكر ستالين او من يشك ستالين بمعارضته. تفاوتت الأحكام الصادرة لمعارضي فكر ستالين فتارة ينفي معرضيه الى معسكرات الأعمال الشاقة، وتارة يزجّ بمعارضيه بالسجون، وأخري يتم إعدامهم فيها بعد إجراء محاكمات هزلية، بل وحتى لجأ ستالين للإغتيالات السياسية. تم قتل الآلاف من المواطنين السوفييت وزج آلاف آخرين في السجون لمجرد الشك في معارضتهم لستالين ومبادئه الأيديولوجية!

رتّب ستالين لعقد المحاكمات الهزلية في العاصمة موسكو لتكون قدوة لباقي المحاكم السوفييتية. فكانت المحاكم الهزلية غطاءً سمجاً لتنفيذ أحكام الإبعاد أو الإعدام بحق خصوم ستالين تحت مظلّة القانون! ولم يسلم "تروتسكي"، رفيق درب ستالين من سلسلة الإغتيالات الستالينية إذ طالته اليد الستالينية في منفاه في المكسيك عام 1940 بعد أن عاش في المنفى منذ عام 1936 ولم يتبق من الحزب البلشفي غير ستالين ووزير خارجيته "مولوتوف" بعد أن أباد ستالين جميع أعضاء اللجنة الأصلية.

الترحيل القسريبعد الحرب العالمية الثانية بقليل، قام ستالين بترحيل مليون ونصف المليون سوفييتي الى "سيبيريا" وجمهوريات آسيا الوسطى. وكان السبب الرسمي هو إمّا تعاونهم مع القوات النازية الغازية او معاداتهم للمباديء السوفييتية! والمُعتقد ان سبب الترحيل الجماعي هو التّطهير العرقي لكي يتسنّى لستالين من إيجاد توازن إثني في الجمهوريات السوفييتية.

الوفيات
تم إعدام مليون نسمة بين الأعوام 1935 - 1938 والأعوام 1945 - 1950 وتم ترحيل الملايين ترحيلاً قسرياً! في 5 مارس 1940،قام ستالين بنفسه بالتوقيع على صكّ إعدام 25,700 من المثقفين البولنديين وتضمّن القتلى 14,700 من أسرى الحرب، وقضى على 30,000 - 40,000 من المساجين فيما يعرف "بمذبحة المساجين". ويتّفق المؤرّخون على أن ضحايا الإعدامات والإبعاد وكذلك المجاعات السوفييتية تقدّر بـ 8 الى 20 مليون قتيل! وأحد التقديرات تقول أن ضحايا ستالين قد يصلون الى 50 مليون ضحيّة. يظلّ عدد الضحايا في الحقبة الستالينية ضرب من التقدير لعدم ورود أرقام رسمية سوفييتية أو روسية بعدد ضحايا تلك الحقبة.

الحرب العالمية الثانيةبعد توقيع إتفاقية عدم الإعتداء بين الإتحاد السوفييتي وألمانيا النازية بعامين، قام هتلر بغزو الإتحاد السوفييتي ولم يكن ستالين متوقعاً للغزو الألماني. فكان ستالين توّاقاً لكسب الوقت ليتسنّى له بناء ترسانته العسكرية وتطويرها الا ان هتلر لم يترك الإتحاد السوفييتي يؤهّل نفسه عسكرياً. وتمكّن الألمان من جني الإنتصارات العسكرية في بداية غزوهم للإتحاد السوفييتي نتيجة ضعف خطوط الدفاع السوفييتية الناتجة عن إعدام ستالين لكثير من جنرالات الجيش الأحمر. وتكبّد الإتحاد السوفييتي خسائر بشرية فادحة في الحرب العالمية الثانية، إذ كان الألمان يحرقون القرى السوفييتية عن بكرة أبيها، وتقدّر خسائر الإتحاد السوفييتي البشرية في الحرب العالمية الثانية من 21 الى 28 مليون نسمة!

نهايتهفي الأول من مارس 1953، وخلال مأدبة عشاء بحضور وزير الداخلية السوفييتي "بيريا" و"خوروشوف" وآخرون، تدهورت حالة ستالين الصحية ومات بعدها بأربعة أيام. تجدر الإشارة ان المذكرات السياسية لـ "مولوتوف" والتي نُشرت في عام 1993 تقول أن الوزير "بيريا" تفاخر لـ "مولوتوف" بأنّه عمد الى دسّ السم لستالين بهدف قتله.



(نبذة عن شخصية أغنت أدب الرحلات)



الرحالة ابن بطوطة واحد من أهم الشخصيات التاريخية التي أغنت أدب الرحلات وقدمت للمكتبة الاسلامية تعريفا ممتعا عن احوال المسلمين والانسان عموما في البلاد التي زارها.
ولد الشيخ أبو عبد الله محمد ابن بطوطة في طنجة عام 1304 م وهو ابن لقاض ينتمي إلى المدرسة المالكية في الفقه الإسلامي، اتجه نحو الشرق وعمره 21عاما، إذ يبدو أنه كان ينوي الحج، كما أمل من سفره أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد العرب.
في رحلته التي اراد منها أن يحج الى مكة، زار ابن بطوطة خلالها شمال افريقيا وسوريا ثم خرج يستكشف باقي الشرق الاوسط وفارس وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى ووصل الى شبه القارة الهندية وأمضى هناك قرابة عقد في بلاط سلطان دلهي الذي أرسله سفيرا الى الصين
بعد 30 عاماً من الترحال والاستكشاف, قرابة عام 1350, بدأ ابن بطوطة طريق عودته إلى وطنه.متجها الى مدينة فاس، وفي هذه المدينة اعجب سلطان المغرب ابن عنان (1348- 1358 تقريباً) جداً بأوصاف البلاد التي قصها عليه ابن بطوطة وأمره بأن يلزم فاس ويضع هذه القصص في كتاب.
وفعلا بمساعدة كاتب طموح هو ابن الجوزي ال***ي (1321- 1356 تقريباً), ألف ابن بطوطة كتابه الشهير "الرحلات" في أربعة أجزاء منفصلة. وربما كان ابن الجوزي قد أضاف للكتاب قليلاً من العنصر القصصي بين الحين والآخر بهدف التشويق وسهولة التواصل مع القراء, لكن يعتقد عموماً أنه التزم تماماً بما سرده ابن بطوطة عليه. غير أن الغريب هو أن كتاب "الرحلات" لم يكتسب شعبية في الغرب إلا مؤخراً نسبياً, في القرن التاسع عشر, حينما ازداد التواصل مع أوروبا وقدم الكتاب هناك ليترجم إلى الإنجليزية والفرنسية واللغات الأوروبية الأخرى. ويقدر الباحثون الأوروبيون كتاب الرحلات باعتباره وثيقة تاريخية مهمة.

وبعد هذه الرحلة الطويلة مع المغامرة والاستمتاع وبعد الانتهاء من كتاب الرحلات لم يخرج ابن بطوطة الذي تقدم به السن باي رحلة مطولة لا الى الصحاري ولا غيرها، بل أخذ يعمل في القضاء ويواصل نشر ما اكتسبه من حكمة خلال أسفاره.
وقد وافته المنية عن سن يناهز 65 سنة ، واعتبر هذا الرحالة بعد سنين من وفاته صاحب أطول أسفار في العالم.



(جبران خليل جبران)



ولد هذا الفيلسوف والأديب والشاعر والرسام من أسرة صغيرة فقيرة في بلدة بشري في 6 كانون الثاني 1883. كان والده خليل جبران الزوج الثالث لوالدته كميلة رحمة التي كان لها ابن اسمه بطرس من زواج سابق ثم أنجبت جبران وشقيقتيه مريانا وسلطانة .

كان والد جبران راعيا للماشية، ولكنه صرف معظم وقته في السكر ولم يهتم بأسرته التي كان على زوجته كميلة، وهي من عائلة محترمة وذات خلفية دينية، ان تعتني بها ماديا ومعنويا وعاطفيا. ولذلك لم يرسل جبران إلى المدرسة، بل كان يذهب من حين إلى آخر إلى كاهن البلدة الذي سرعان ما أدرك جديته وذكاءه فانفق الساعات في تعليمه الأبجدية والقراءة والكتابة مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف إلى التاريخ والعلوم والآداب.

وفي العاشرة من عمره وقع جبران عن إحدى صخور وادي قاديشا وأصيب بكسر في كتفه اليسرى ، عانى منه طوال حياته.

لم يكف العائلة ما كانت تعانيه من فقر وعدم مبالاة من الوالد، حتى جاء الجنود العثمانيون يوم (1890) والقوا اقبض عليه أودعوه السجن، وباعوا منزلهم الوحيد، فاضطرت العائلة إلى النزول عند بعض الأقرباء. ولكن الوالدة قررت ان الحل الوحيد لمشاكل العائلة هو الهجرة إلى الولايات المتحدة سعيا وراء حياة أفضل.

عام 1894 خرج خليل جبران من السجن، وكان محتارا في شأن الهجرة، ولكن الوالدة كانت قد حزمت أمرها، فسافرت العائلة تاركة الوالد وراءها. ووصلوا إلى نيويورك في 25 حزيران 1895 ومنها انتقلوا إلى مدينة بوسطن حيث كانت تسكن اكبر جالية لبنانية في الولايات المتحدة. وبذلك لم تشعر الوالدة بالغربة، بل كانت تتكلم اللغة العربية مع جيرانها، وتقاسمهم عاداتهم اللبنانية التي احتفظوا بها.

اهتمت الجمعيات الخيرية بإدخال جبران إلى المدرسة، في حين قضت التقاليد بأن تبقى شقيقتاه في المنزل، في حين بدأت الوالدة تعمل كبائعة متجولة في شوارع بوسطن على غرار الكثيرين من أبناء الجالية. وقد حصل خطأ في تسجيل اسم جبران في المدرسة وأعطي اسم والده، وبذلك عرف في الولايات المتحدة باسم "خليل جبران". وقد حاول جبران عدة مرات تصحيح هذا الخطأ فيما بعد إلا انه فشل.

بدأت أحوال العائلة تتحسن ماديا، وعندما جمعت الأم مبلغا كافيا من المال أعطته لابنها بطرس الذي يكبر جبران بست سنوات وفتحت العائلة محلا تجاريا. وكان معلمو جبران في ذلك الوقت يكتشفون مواهبه الأصيلة في الرسم ويعجبون بها إلى حد ان مدير المدرسة استدعى الرسام الشهير هولاند داي لإعطاء دروس خاصة لجبران مما فتح أمامه أبواب المعرفة الفنية وزيارة المعارض والاختلاط مع بيئة اجتماعية مختلفة تماما عما عرفه في السابق.

كان لداي فضل اطلاع جبران على الميثولوجيا اليونانية، الأدب العالمي وفنون الكتابة المعاصرة والتصوير الفوتوغرافي، ولكنه شدد دائما على ان جبران يجب ان يختبر كل تلك الفنون لكي يخلص إلى نهج وأسلوب خاصين به. وقد ساعده على بيع بعض إنتاجه من إحدى دور النشر كغلافات للكتب التي كانت تطبعها. وقد بدا واضحا انه قد اختط لنفسه أسلوبا وتقنية خاصين به، وبدأ يحظى بالشهرة في أوساط بوسطن الأدبية والفنية. ولكن العائلة قررت ان الشهرة المبكرة ستعود عليه بالضرر، وانه لا بد ان يعود إلى لبنان لمتابعة دراسته وخصوصا من أجل إتقان اللغة العربية.

وصل جبران إلى بيروت عام 1898 وهو يتكلم لغة إنكليزية ضعيفة، ويكاد ينسى العربية أيضا.

والتحق بمدرسة الحكمة التي كانت تعطي دروسا خاصة في اللغة العربية. ولكن المنهج الذي كانت تتبعه لم يعجب جبران فطلب من إدارة المدرسة ان تعدله ليتناسب مع حاجاته. وقد لفت ذلك نظر المسؤولين عن المدرسة، لما فيه من حجة وبعد نظر وجرأة لم يشهدوها لدى أي تلميذ آخر سابقا. وكان لجبران ما أراد، ولم يخيب أمل أساتذته إذ اعجبوا بسرعة تلقيه وثقته بنفسه وروحه المتمردة على كل قديم وضعيف وبال.

تعرف جبران على يوسف الحويك واصدرا معا مجلة "المنارة" وكانا يحررانها سوية فيما وضع جبران رسومها وحده. وبقيا يعملان معا بها حتى أنهى جبران دروسه بتفوق واضح في العربية والفرنسية والشعر (1902). وقد وصلته أخبار عن مرض أفراد عائلته، فيما كانت علاقته مع والده تنتقل من سيء إلى أسوأ فغادر لبنان عائدا إلى بوسطن، ولكنه لسوء حظه وصل بعد وفاة شقيقته سلطانة. وخلال بضعة اشهر كانت أمه تدخل المستشفى لإجراء عملية جراحية لاستئصال بعض الخلايا السرطانية. فيما قرر شقيقه بطرس ترك المحل التجاري والسفر إلى كوبا. وهكذا كان على جبران ان يهتم بشؤون العائلة المادية والصحية. ولكن المآسي تتابعت بأسرع مما يمكن احتماله. فما لبث بطرس ان عاد من كوبا مصابا بمرض قاتل وقضى نحبه بعد أيام قليلة (12 آذار 1903) فيما فشلت العملية الجراحية التي أجرتها الوالدة في استئصال المرض وقضت نحبها في 28 حزيران من السنة نفسها.

إضافة إلى كل ذلك كان جبران يعيش أزمة من نوع آخر، فهو كان راغبا في إتقان الكتابة باللغة الإنكليزية، لأنها تفتح أمامه مجالا ارحب كثيرا من مجرد الكتابة في جريدة تصدر بالعربية في أميركا ( كالمهاجر9 ولا يقرأها سوى عدد قليل من الناس. ولكن انكليزيته كانت ضعيفة جدا. ولم يعرف ماذا يفعل، فكان يترك البيت ويهيم على وجهه هربا من صورة الموت والعذاب. وزاد من عذابه ان الفتاة الجميلة التي كانت تربطه بها صلة عاطفية، وكانا على وشك الزواج في ذلك الحين (جوزيفين بيبادي)، عجزت عن مساعدته عمليا، فقد كانت تكتفي بنقد كتاباته الإنكليزية ثم تتركه ليحاول إيجاد حل لوحده. في حين ان صديقه الآخر الرسام هولاند داي لم يكن قادرا على مساعدته في المجال الأدبي كما ساعده في المجال الفني.

وأخيرا قدمته جوزفين إلى امرأة من معارفها اسمها ماري هاسكل (1904)، فخطّت بذلك صفحات مرحلة جديدة من حياة جبران.

كانت ماري هاسكل امرأة مستقلة في حياتها الشخصية وتكبر جبران بعشر سنوات، وقد لعبت دورا هاما في حياته منذ ان التقيا. فقد لاحظت ان جبران لا يحاول الكتابة بالإنكليزية، بل يكتب بالعربية أولا ثم يترجم ذلك. فنصحته وشجعته كثيرا على الكتابة بالإنكليزية مباشرة. وهكذا راح جبران ينشر كتاباته العربية في الصحف أولا ثم يجمعها ويصدرها بشكل كتب ، ويتدرب في الوقت نفسه على الكتابة مباشرة بالإنكليزية.

عام 1908 غادر جبران إلى باريس لدراسة الفنون وهناك التقى مجددا بزميله في الدراسة في بيروت يوسف الحويك. ومكث في باريس ما يقارب السنتين ثم عاد إلى أميركا بعد زيارة قصيرة للندن برفقة الكاتب أمين الريحاني.

وصل جبران إلى بوسطن في كانون الأول عام 1910، حيث اقترح على ماري هاسكل الزواج والانتقال إلى نيويورك هربا من محيط الجالية اللبنانية هناك والتماسا لمجال فكري وأدبي وفني أرحب. ولكن ماري رفضت الزواج منه بسبب فارق السن، وان كانت قد وعدت بالحفاظ على الصداقة بينهما ورعاية شقيقته مريانا العزباء وغير المثقفة.

وهكذا انتقل جبران إلى نيويورك ولم يغادرها حتى وفاته . وهناك عرف نوعا من الاستقرار مكنه من الانصراف إلى أعماله الأدبية والفنية فقام برسم العديد من اللوحات لكبار المشاهير مثل رودان وساره برنار وغوستاف يانغ وسواهم.

سنة 1923 نشر كتاب جبران باللغة الإنكليزية، وطبع ست مرات قبل نهاية ذلك العام ثم ترجم فورا إلى عدد من اللغات الأجنبية، ويحظى إلى اليوم بشهرة قل نظيرها بين الكتب.

بقي جبران على علاقة وطيدة مع ماري هاسكال، فيما كان يراسل أيضا الأديبة مي زيادة التي أرسلت له عام 1912 رسالة معربة عن إعجابها بكتابه " الأجنحة المتكسرة". وقد دامت مراسلتهما حتى وفاته رغم انهما لم يلتقيا أبدا.

توفي جبران في 10 نيسان 1931 في إحدى مستشفيات نيويورك وهو في الثامنة والأربعين بعد أصابته بمرض السرطان. وقد نقلت شقيقته مريانا وماري هاسكل جثمانه إلى بلدته بشري في شهر تموز من العام نفسه حيث استقبله الأهالي. ثم عملت المرأتان على مفاوضة الراهبات الكرمليات واشترتا منهما دير مار سركيس الذي نقل إليه جثمان جبران، وما يزال إلى الآن متحفا ومقصدا للزائرين.




(حياة المتنبي)




المتنبي خلاصة الثقافة العربية الإسلامية في النصف الأول من القرن الرابع للهجرة. هذه الفترة كانت فترة نضج حضاري في العصر العباسي ، وهي في الوقت نفسه كانت فترة تصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العالم العربي . فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء، وقادة الجيش ومعظمهم من الأعاجم، ثم ظهور الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام ، ثم تعرض الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية ثم الحركات الدموية في داخل العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة.

لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ثم هم وسائل صلة بين الحكام والمجتمع بما تثبته وتشيعه من مميزات هذا الأمير وذلك الحاكم ، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلا يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعرا معروفا استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته.

في هذا العالم المضطرب المتناقض الغارق في صراعه الاجتماعي والمذهبي كانت نشأة المتنبي وقد وعي بذكائه ألوان هذا الصراع وقد شارك فيه وهو صغير، وانغرست في نفسه مطامح البيئة فبدأ يأخذ عدته في أخذه بأسباب الثقافة والشغف في القراءة والحفظ. وقد رويت عن أشياء لها دلالاتها في هذه الطاقة المتفتحة التي سيكون لها شأن في مستقبل الأيام والتي ستكون عبقرية الشعر العربي. روي أنه تعلم في كتاب كان يتعلم فيه أولاد أشراف الكوفة دروس العلوية شعرا ولغة وإعرابا. وروي أنه اتصل في صغره بأبي الفضل بالكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله. وروي أنه كان سريع الحفظ، وأنه حفظ كتابا نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه، وغير ذلك مما يروى عن حياة العظماء من مبالغات . . .

ولم يستقر في موطنه الأول الكوفة وإنما خرج برحلته إلى الحياة خارج الكوفة وكأنه أراد أن يواجه الحياة بنفسه ليعمق تجربته فيها بل ليشارك في صراعاتها الاجتماعية التي قد تصل إلى أن يصطبغ لونها بما يسيل من الدماء كما اصطبغ شعره وهو صبي . . هذا الصوت الناشئ الذي كان مؤهلا بما يتملك من طاقات وقابليات ذهنية أدرك أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربه ومعارفه فخرج إلى بغداد يحاول أن يبدأ بصراع الزمن والحياة قبل أن يتصلب عوده، ثم خرج إلى بادية الشام يلقي القبائل والأمراء هناك، يتصل بهم ويمدحهم فتقاذفته دمشق وطرابلس واللاذقية وحمص. كان في هذه الفترة يبحث عن فردوسه المفقود، ويهيئ لقضية جادة في ذهنه تلح عليه، ولثورة حاول أن يجمع لها الأنصار، وأعلن عنها في شعره تلميحا وتصريحا حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا :

أبـا عبـد الإلـه معاذ أني خفي عنك في الهيجا مقامي
ذكرت جسيـم ما طلبي وأنا تخاطر فيـه بالمهج الجسام
أمثلـي تـأخذ النكبات منـه ويجزع من ملاقاة الحمام ؟
ولو برز الزمان إلى شخصا لخضب شعر مفرقه حسامي

إلا أنه لم يستطع أن ينفذ ما طمح إليه. وانتهى به الأمر إلى السجن. سجنه لؤلؤ والي الأخشيديين على حمص بعد أن أحس منه بالخطر على ولايته، وكان ذلك ما بين سنتي 323 هـ ، 324 هـ .



البحث عن النموذج :

خرج أبو الطيب من السجن منهك القوى . . كان السجن علامة واضحة في حياته، وكان جدارا سميكا اصطدمت به آماله وطموحاته، وأحس كل الإحساس بأنه لم يستطع وحده أن يحقق ما يطمح إليه من تحطيم ما يحيط به من نظم، وما يراه من فساد المجتمع. فأخذ في هذه المرحلة يبحث عن نموذج الفارس القوى الذي يتخذ منه مساعدا على تحقيق طموحاته، وعلى بناء فردوسه. وعاد مرة أخرى يعيش حياة التشرد والقلق، وقد ذكر كل ذلك بشعره. فتنقل من حلب إلى إنطاكية إلى طبرية حيث التقى ببدر بن عما سنة 328 هـ، فنعم عند بدر حقبة، وكان راضيا مستبشرا بما لقيه عنده، إن الراحة بعد التعب، والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه، وشعر بأنه لم يلتق بالفارس الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه، وتحقيق آماله. فعادت إليه ضجراته التي كانت تعتاده، وقلقه الذي لم يبتعد عنه، وأنف حياة الهدوء إذ وجد فيها ما يستذل كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعرا متكسبا كسائر الشعراء، وهو لا يريد لنفسه أن يكون شاعر أمير، وإنما يريد أن يكون شاعرا فارسا لا يقل عن الأمير منزلة. فأبو الطيب لم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه من استعاد إرادته وكبرياءه إلا أن السجن كان سببا لتعميق تجربته في الحياة، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذا فهو أخذ أفقا جديدا في كفاحه. أخذ يبحث عن نموذج الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه.

أما بدر فلم يكن هو ذاك، ثم ما كان يدور بين حاشية بدر من الكيد لأبي الطيب، ومحاولة الإبعاد بينهما مما جعل أبا الطيب يتعرض لمحن من الأمير أو من الحاشية تريد تقييده بإرادة الأمير، كان يرى ذلك استهانة وإذلالا عبر عنه بنفس جريحة ثائرة بعد فراقه لبدر متصلا بصديق له هو أبو الحسن علي ابن أحمد الخراساني في قوله :

لا افتخار إلا لمن لا يضام مدرك أو محارب لا ينام

وعاد المتنبي بعد فراقه لبدر إلى حياة التشرد والقلق ثانية، وعبر عن ذلك أصدق تعبير في رائيته التي هجا بها ابن كروس الأعور أحد الكائدين له عند بدر.

وظل باحثا عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 هـ وعن طريقه اتصل بسيف الدولة سنة 337 هـ وانتقل معه إلى حلب.

في مجلس هذا الأمير وجد أفقه وسمع صوته، وأحس أبو الطيب بأنه عثر على نموذج الفروسية الذي كان يبحث عنه، وسيكون مساعده على تحقيق ما كان يطمح إليه. فاندفع الشاعر مع سيف الدولة يشاركه في انتصاراته. ففي هذه الانتصارات أروع بملاحمه الشعرية. استطاع أن يرسم هذه الحقبة من الزمن وما كان يدور فيها من حرب أو سلم. فيها تاريخ واجتماع وفن. فانشغل انشغالا عن كل ما يدور حوله من حسد وكيد، ولم ينظر إلا إلى صديقه وشريكه سيف الدولة. فلا حجاب ولا واسطة بينهما، وكان سيف الدولة يشعر بهذا الاندفاع المخلص من الشاعر ويحتمل منه ما لا يحتمل من غيره من الشعراء. وكان هذا كبيرا على حاشية الأمير .

وكان أبو الطيب يزداد اندفاعا وكبرياء واحتقارا لكل ما لا يوافق هذا الاندفاع وهذه الكبرياء . . في حضرة سيف الدولة استطاع أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرما مميزا عن غيره من الشعراء. وهو لا يرى إلى أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعدا وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضا هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحيانا بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه . . . ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان. وهذا ملكان يغري حساده به فيستغلونه ليوغروا صدر سيف الدولة عليه حتى أصابوا بعض النجاح، وأحس الشاعر بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر وصديقه الأمير. ولربما كان هذاالاتساع مصطنعا إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما، وأحس أبو الطيب بأن السقف الذي أظله أخذ يتصدع، اعتاده قلقه واعتادته ضجراته وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وكان موقفه مع ابن خالوية بحضور سيف الدولة واعتداء ابن خالوية عليه ولم يثأر له الأمير أصابته خيبة الأمل، وأحس بجرح لكرامته لم يستطع أن يحتمل فعزم على مغادرته ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب والعتاب الصريح، ووصل العتاب إلى الفراق. وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 هـ ومنها:

لا تطلبن كريمــا بعد رؤيته إن الكرام بأسخــاهم يدا ختموا
ولا تبــال بشعر بعد شاعره قد أفسد القول حتى أحمد الصمم ....

البحث عن الأمل:


فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية سيف الدولة. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلبا، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، ولذا بقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة من كافور حتى كادت الصلة تعود بينهما، فارق أبو الطيب حلبا إلى مصر . . وفي قلبه غضب كثير، وكأني به أطال التفكير في محاولة الرجوع إلى حلب وكأني به يضع خطة لفراقها ثم الرجوع إليها ولكن لا يرجع إليها شاعرا فقط إنما يزورها ويزور أميرها عاملا حاكما لولاية يضاهي بها سيف الدولة، ويعقد مجلسا يقابل سيف الدولة . . من هنا كانت فكرة الولاية أملا في رأسه ظل يقوي وأظنه هو أقوى الدوافع . . دفع به للتوجه إلى مصر حيث كافور الذي يمتد بعض نفوذه إلى ولايات بلاد الشام ..

وفي مصر واجه بيئة جديدة، ومجتمعا آخر، وظروفا اضطرته إلى أن يتنازل في أول الأمر عما لم يتنازل عنه، وهو عند سيف الدولة . . ثم هو عند ملك لا يحبه، ولم يجد فيه البديل الأفضل من سيف الدولة إلا أنه قصده آملا، ووطن نفسه على مدحه راضيا لما كان يربطه في مدحه من أمل الولاية، وظل صابرا محتملا كل ذلك. وأخذ يخطط إلى أمله الذي دفعه للمجيء إلى هنا، ويهدأ كلما لاح بريق السعادة في الحصول على أمله، وهو حين يراوده نقيض لما يراه من دهاء هذا الممدوح الجديد ومكره تنعصر نفسه، ويحس بالحسرة على فراقه صديقه القديم. وفي هذه البيئة الجديدة أخذ الشعور بالغربة يقوى في نفسه بل أخذ يشعر بغربتين غربته عن الأهل والأحبة وعما كان يساوره من الحنين إلى الأمير العربي سيف الدولة، ويزداد ألمه حين يرى نفسه بين يدي أسود غير عربي إلا أنه حين يتذكر جرح كبريائه يعقد لسانه ويسكت . . وغربته الروحية عمن حوله والتي كان يحس بها في داخله إحساسا يشعره بالتمزق في كثير من الأحيان . . وظل على هذا الحال لا تسكته الجائزة، ولا يرضيه العطاء، وظل يدأب لتحقيق ما في ذهنه ويتصور أنه لو حصل عليها لحقق طموحه في مجلس كمجلس سيف الدولة تجتمع فيه الشعراء لمدحه فيستمع لمديحه وإكباره على لسان الشعراء بدلا من أن يؤكد كبرياءه هو على لسانه، ولربما كان يريد إطفاء غروره بهذا إلا أن سلوكه غير المداري وعفويته التي رأيناها بابا سهلا لدخول الحساد والكائدين بينه وبين الحاكم الممدوح، ثم حدته وسرعة غضبه وعدم السيطرة على لسانه. كان كل ذلك يوقعه في مواقف تؤول عليه بصور مختلفة وفق تصورات حساده ومنافسيه . . وأكاد أعتقد أنه كان مستعدا للتنازل عن كل جوائزه وهباته لمن كان يتصور أنه كان يريد أن يتربع على عرش الشعر من أجل جائزة كافور وعطائه، ثم يصوره بصورة تشوه إحساسه وتزور مشاعره . . وذلك هو الذي يغيظه ويغضبه ويدفعه إلى التهور أحيانا وإلى المواقف الحادة . . كل ذلك يأخذ طابعا في ذهن الحاكم مغايرا لما في ذهن الشاعر . .

هكذا بدأت المسافة تتسع بينه وبين كافور . . وكلما اتسعت المسافة كثر في مجالها الحاسدون والواشون، وكلما أحس الشاعر، ولو وهما، بأزورار كافور عنه تيقظت لديه آفاق جديدة لغربته، وثارت نفسه وأحس بالمرارة إحساسا حادا . . لقد كان هو يحس بالحق، وبأنه لم يطلب فوق حقه، ولم يتصرف بما هو خطأ لأنه لم يصدر منه تجاوز على حق أحد إلا أنه هذا التصور البريء في ذهن الشاعر بعيد عن واقع الصورة التي في ذهن حاشية كافور، وما يصل إلى كافور من أقوال عن الشاعر وعادة المتملقين من الوجهاء يتوصلون إلى الحاكم بواسطة حاشيته وإغراء بعض أفرادها بأن يكونوا جسورا بينهم وبين سيدهم . . هذه الجسور قد تقطع عند الحاجة بين الحاكم وبين خصومهم . . . أما أبو الطيب فلم يكن يحسن هذا اللون من التظاهر ولم يكن يفكر بهذا اللون من التصور، وإنما كان صريحا بكل شيء في رضاه ***طه صريحا بما يرغب دون احتيال ولا محاورة، فما دام يشعر بالحق طالب به دون تأجيل.

هذه الصراحة كثيرا ما أوقعته في مواقف حرجة، عند سيف الدولة، وهنا أيضا عند كافور، لذا صارت للمتنبي صورة الغول في نفس كافور، وبأنه المخيف الذي سينزو على ملكه إذا أعطاه ما يمكنه من ذلك، وهكذا ظل الشاعر يرغب، ويلح في رغبته، وظل كافور يداوره ويحاوره، وهو لون من الصراع الدرامي بين حاكم يحسن الاحتيال والمداورة وشاعر صريح لا يحسن من ذلك شيئا حتى وصل الشاعر إلى حالة لم يستطع بعدها أن يبقى صامتا، وشعر كافور برغبته في مغادرته فظن أن تشديد الرقابة عليه وإغلاق الحدود دونه سيخيفه ويمنعه من عزمه، ويخضعه كما يفعل مع غيره من الشعراء بالترهيب حينا والذهب حينا آخر . . إلا أن أبا الطيب لم يعقه ذلك كله عن تنفيذ ما عزم عليه بعد أن أحس باليأس من كافور، ولذعه الندم على ما فعل بنفسه في قصده إياه . .

وعاودته ضجراته التي أحس بها وهو عند أكثر أصدقائه إخلاصا وحبا وظل يخطط إلى الهرب، ويصر على تحدي كافور ولو بركوب المخاطر حتى وجد فرصته في عيد الأضحى، وخرج من مصر، وهجا كافورا بأهاجيه المرة الساخرة .

الاضطراب واليأس :
إن تحدي أبي الطيب لسلطة كافور في هروبه وركوبه كل المخاطر، ثم هذه الطاقة المتفجرة من السخط والغضب في هجائه، كل ذلك يدل على مبلغ اليأس والندم في نفسه، ويبدو لي أنه كان حائرا حين فارق سيف الدولة، وحاول أن يمنع نفسه من التوجه إلى كافور إلا أنه رجح أمر توجهه إلى مصر بعد إطالة فكر . . . ويبدو أنه كان قد فكر بهذه النتيجة اليائسة من ملك مصر لذا نراه وكأنه أراد أن يتقدم من نفسه على ارتكابه خطيئة التوجه إليه واحتمالها مدحه، والتقيد بأوامره حينا. فهو حاول بأي وجه أن يشعر بالانتصار على هذه السلطة، نجده تحداه في هروبه، ثم نقرأ هذا الفخر بالشجاعة والفروسية في اقتحام المخاطر في طريقه إلى الكوفة في مقصورته :

ضربت بها التيه ضرب القمار إمــا لهـذا وإمــا لـذا
إذا فزعت قدمتـها الجيــاد وبيض السيوف وسمر القنا
فلمـا انحنـا ركزنـا الرماح فـوق مكــارمننا والعمل
وبتنــا نقبـــل أسيافنــا ونمسحها من دماء العــدى
لتـــعلم مصر ومن بالعراق ومن بالعواصم أني الفتــى

عاد إلى الكوفة وهو أشد الحاجة إلى الاستقرار إلا أنه لم يستطع الإقامة فيها طويلا، فذهب إلى بغداد حيث مجلس المهلبي الذي يجتمع فيه جماعة من الشعراء والأدباء، وكان المهلبي يطمع بمدح أبي الطيب فلم يحصل إلا على زيارة الشاعر لمجلسه.

أزور أبو الطيب من جو الخلاعة والمجون الذي يحيط بالمهلبي ويظهر لي أنه كان منذ نزوله الكوفة كان يفكر في صديقه الحمداني وبأسباب الصلة به. فالشاعر لم يرد أن يتورط بمدح المهلبي والبويهيين في بغداد لكي يحافظ على العلاقة بينه وبين سيف الدولة لما كان بين سلطة بغداد وحلب من عداء.

ثم أن أبا الطيب في هذه المرحلة التي ينال فيها من الشهرة والمجد لم يجد ما يحققه من مدحه للمهلبي، بل كان يراه أقل منه شأنا وأدبا . . وظل صامتا حتى عن رد الشعراء الذين حرضهم المهلبي عليه فهجوه أقذع الهجاء، فلم يجبهم، وكذلك حرض الحاتمي عليه فكانت تلك المناظرة الحاقدة التي سجلها الحاتمي في رسالته الموضحة. فكان أبو الطيب وقورا حينا وحادا أحيانا، ويغضي عن كل ذلك أوانا، وكان مكتفيا في لقاء محبي شعره وطالبي أدبه في دار صديقه علي بن حمزة البصري الذي كان قد نزل فيها.

عاد إلى الكوفة بعد أن أقام في بغداد سبعة أشهر، ويظهر أنه أراد أن يبتعد عن هذا الجو الصاخب فيها ليستقر في مكان يفكر فيه بعقد أسباب الصلة بأمير حلب. وفعلا وصلت إليه هداياه وأرسل إليه شعرا ولم يطق الإقامة في الكوفة لما كان فيها من الحوادث الدموية بسبب هجوم القرامطة عليها، واشترك المتنبي في الدفاع عنها. وعاودته الرغبة إلى الرحيل إذ كان يجد فيه متنفسا عن قلقه ولما جاءته رغبة ابن العميد من أرجان في زيارته رحل إليه ومنه إلى عضد الدولة في شيراز. وكأن رحلته هذه كانت لقتل الفراغ الذي أحس به بعد طول معاناة ولامتصاص التمزق الذي كان يعانيه، وربما كان في نفسه غرض آخر هو تقوية صلته بعضد الدولة وذوي الجاه كابن العميد ليقوى مركزه في بغداد بل ليكون أقوى من صاحب الوزارة فيها الذي حرض من لديه من الشعراء على هجائه. وكان عضد الدولة يقيم بشيراز ويتطلع لخلافة أبيه للحكم في بغداد، وبحاجة لشاعر كبير يقدمه للناس ويعرفهم بخصاله. وفي طريق عودته إلى بغداد كان مقتله قريبا من دير العاقول 354 هـ وكان مع المتنبي جماعة من أصحابه وابنه محسد وغلامه مفلح اللذان قتلا معه على يد فاتك بن أبي جهل الأسدي وجماعته.



فى تانى بس كفايه كدا





توقيع | - CreSpO - | :


عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]


رد مع اقتباس