أول ثلاثة يدخلون الجنة

روى الترمذي بإسناد حسن عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال :
عُرض عليّ أول ثلاثة يدخلون الجنة :
"
شهيد
وعفيف متعفف
وعبد أحسن عبادة الله ، ونصح مواليه
"
.
(1)
--------------------------------
(1) جامع الأصول
20/535). وعزاه محقق الجامع إلى أحمد في مسنده
والحاكم في مستدركه، والبيهقي في السنن.وهو في سنن الترمذي برقم : 1642 .
وقال الترمذي فيه هذا حديث حسن وأورده الألباني في ضعيف الترمذي.
دخول عصاة المؤمنين الجنة
المطلب الأول
إخراجهم من النار وإدخالهم الجنة بالشفاعة
روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -:
" أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون
ولكن (1) ناس أصابتهم النار بذنوبهم (أو قال: بخطاياهم) فأماتتهم إماتة
حتى إذا كانوا فحماً، أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر (2)
فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم
فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل".
(3)
ولمسلم من حديث جابر بن عبد الله يرفعه إلى رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -:
" إن أقواماً يخرجون من النار يحترقون فيها
إلا دارات وجوههم ، حتى يدخلون الجنة ".
(4)
وهؤلاء الذين يخرجون من النار ويدخلون الجنة يسميهم أهل الجنة بالجهنميين
ففي صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
" يخرج قوم من النار بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم -
فيدخلون الجنة ، يسمون الجهنميين ".
(5)
وفي الصحيح أيضاً عن جابر رضي الله عنه أن النبي
- صلى الله عليه وسلم -
قال: " يخرج (6) من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير
قلت : وما الثعارير؟ قال: الضغابيس ".
(7)
وروى البخاري عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: " يخرج قوم من النار بعدما مسهم منها سفع
فيدخلون الجنة، فيسميهم أهل الجنة الجهنميين".
(8)
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة الطويل في وصف الآخرة: .
" حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد
وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار
أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئاً
ممن أراد الله أن يرحمه، ممن يقول: لا إله إلا الله ، فيعرفونهم في النار
يعرفونهم بأثر السجود، تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود
حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود
فيخرجون من النار وقد امتحشوا (احترقوا)، فيصب عليهم ماء الحياة
فينبتون منه ، كما تنبت الحبة في حميل السيل ".
(9)
وقد ورد في أكثر من حديث أن الله يخرج من النار
من كان في قلبه مثقال دينار أو نصف دينار أو مثقال ذرة من إيمان
بل يخرج أقواماً لم يعملوا خيرا ً قط، ففي حديث أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يدخل الله أهل الجنة الجنة ،يدخل من يشاء برحمته
ويدخل أهل النار النار ، ثم يقول:
" انظروا من وجدتم في قلبه حبة من خردل من إيمان فأخرجوه.. ".
(10)

وفي حديث جابر بن عبد الله في ورود النار:
" ثم تحل الشفاعة
ويشفعون حتى يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله
وكان في قلبه من الخير مثقال شعيرة ، فيجعلون بفناء الجنة
ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء ، حتى ينبتوا نبات الشيء في حميل السيل.
ويذهب حراقه (11)
ثم يسأل حتى يجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها".
(12)
وفي حديث أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال:
" يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله
وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة
ثم يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله، وكان في قلبه ما يزن برة،
ثم يخرج من النار من قال:
لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن الذرة".
(13)

المطلب الثاني
أنكرت الخوارج والمعتزلة (14)
شفاعة الشافعين في أهل الكبائر والذين أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها
والذين دخلوها أن دخلوها أن يخرجوا منها
قال القرطبي:
" وهذه الشفاعة أنكرتها المبتدعة الخوارج والمعتزلة
فمنعتها على أصولهم الفاسدة
وهي الاستحقاق العقلي المبني على التحسين والتقبيح " .
(15)
وهذه المقولة المضادة للأحاديث الصحيحة المتواترة برزت والصحابة أحياء
روى مسلم في صحيحه عن يزيد الفقير، قال:
" كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج
فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد الحج ، ثم نخرج على الناس
قال: فمررنا على المدينة، فإذا جابر بن عبد الله يحدث القوم
جالس إلى سارية ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قال: فإذا هو ذكر الجهنميين
قال: فقلت له : يا صاحب رسول الله، ما هذا الذي تحدثون به والله
يقول:
( إنك من تدخل النار فقد أخزيته
[ آل عمران:192]
و ( كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها )
[ السجدة:20]
؟ فما هذا الذي تقولون: قال: فقال: أتقرأ القرآن؟
قلت : نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام(
يعني الذي يبعثه الله فيه)؟
قلت: نعم ، قال: فإنه مقام محمد - صلى الله عليه وسلم -
المحمود الذي يخرج الله به من يخرج
قال: ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه
قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك، قال:
غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها.
قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم
قال: فيدخلون نهراً من أنهار الجنة فيغتسلون فيه ، فيخرجون كأنهم القراطيس (16)
فرجعنا قلنا: ويحكم، أترون الشيخ يكذب على رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - ؟
فرجعنا. فلا والله ، ما خرج منا غير رجل واحد".
(17)
والخوارج والمعتزلة تطرفوا في هذه المسألة إذ زعموا أن أهل الكبائر .
لا يخرجون من النار،ولا تنفعهم شفاعة الشافعين
كما أن المرجئة تطرفوا في الجانب المقابل
حيث لم يقطعوا بدخول أحد من أهل الكبائر النار
ويزعمون أن أهل الكبائر جميعاً في الجنة من غير عذاب
وكلا الفريقين مخالف للسنة المتواترة الثابتة عن الرسول
- صلى الله عليه وسلم -
وهم مخالفون لإجماع سلف الأمة وأئمتها
وقد هدى الله أهل السنة والجماعة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه
حيث ذهبوا إلى أن أهل الكبائر تحت مشيئة الله
إن شاء غفر لهم برحمته، وإن شاء عذبهم بذنوبهم
ثم أدخلهم الجنة برحمته
(أ نَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ...)
[ النساء:48]
وقال تعالى :
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ.
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )
[ الزمر:53]
فالشرك لا يغفره الله ، وما دونه تحت المشيئة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له .
وحجة الخوارج في نفي هذه الشفاعة الآيات الواردة
في نفي الشفاعة التي يثبتها أهل الشرك
فأهل الشرك يعتقدون أن الشفاعة عند الله كالشفاعة في الدنيا
يشفع الشافع عند غيره بدون إذن منه، ويشفع الشافع عند غيره
وإن لم يرض عن المشفوع له، وهذا لا يكون عند الله تبارك وتعالى
وقد جاءت النصوص بإبطال هذا النوع من الشفاعة، كما قال تعالى:
( واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل )
[ البقرة:48]
وقال : ( فما تنفعهم شفاعة الشافعين )
[المدثر:48]
وقال: ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع )
[ غافر:18]
وقد جاءت النصوص مبينة أن الشفاعة عند الله لا تكون إلا بإذنه
ولا تكون إلا بعد أن يرضى عن الشافع والمشفوع له:
( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) [البقرة:255]
وقال: ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) [ الأنبياء:28]
وقال : ( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئاً
إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) [ النجم:26]
وقال عن الملائكة أيضاً:
( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون
إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ) [الأنبياء:28]
وقال:
( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له [ سبأ:23].

فهذه النصوص تنفي الشفاعة التي أثبتها المشركون للملائكة والأنبياء والصالحين وتبطلها
وتثبت الشفاعة التي تكون بإذن الله ورضاه عن الشافع والمشفوع
والله لا يرضى عن الكفرة المشركين، أما عصاة أهل التوحيد
فيشفع فيهم الشافعون، ولا يشفعون لمشرك.
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:
قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟
قال:
" لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك
لما رأيت من حرصك على الحديث
أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال:
لا إله إلا الله
خالصاً من قِبل نفسه ".
(18)
--------------------------------
(1) لكن هنا مخففة مهملة لا تعمل .
(2) جماعات جماعات .
(3) رواه مسلم، كتاب الإيمان ، باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار، (1/172). رقم : 185.
(4) رواه مسلم كتاب الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة، (1/178) ، ودارات وجوههم: ما يحيط بالوجه من جوانبه.
(5) صحيح البخاري ، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، فتح الباري: (11/418) ولهم ذكر في حديث جابر عند مسلم : (1/179).
(6) أي أقوام .
(7) رواه البخاري ، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، فتح الباري: (11/416) والثعايير: قثاء صغار ، والضغبوس: نبت يخرج قدر شبر في دقة الأصبع لا ورق له، فيه حموضة . والمقصود (وصفهم بالبياض والدقة ).
(8) المصدر السباق ، فتح الباري: (11/416).
(9) صحيح مسلم، كتاب الإيمان ، باب الرؤية: (1/299) ،حديث رقم : (182).
(10) صحيح مسلم ، كتاب الإيمان، باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين: (1/172).
(11) حراقة : معناه أثر النار ، والضمير في (حراقه) يعود على المخرجين .
(12) صحيح مسلم ، باب أدنى أهل الجنة منزلة: (1/178).
(13) صحيح مسلم ، كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة: (1/182). والأحاديث في هذا كثيرة.
(14) الخوارج فرقة خرجت بعد معركة صفين كفّرت علياً ومعاوية، ومن معهما، وزعمت أن أهل المعاصي مخلدون في النار، والمعتزلة أتباع واصل بن عطاء ذهبوا مذهب المعتزلة ، في القول بتخليد أصحاب الكبائر في النار، وتوقفوا في أمرهم في الدنيا .
(15) التذكرة للقرطبي: ص249.
(16) الصحف التي يكتب فيها .
(17) صحيح مسلم، كتاب الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة،(1/179)، ورقمه:191.
(18) رواه البخاري ، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، فتح الباري
11/418).

حدثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم -
قصة آخر رجل يخرج من النار ويدخل الجنة
وما جرى من حوار بينه وبين ربه
وما أعطاه الله من الكرامة العظيمة التي لم يُصدّق أن الله أكرمه بها لعظمها
وقد جمع ابن الأثير روايات هذا الحديث في جامع الأصول
ومنه نقلنا هذه الأحاديث
(1) :
1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -:
" إني لأعلم آخر أهل النار خروجاً منها ، وآخر أهل الجنة دخولاً الجنة :
رجل يخرج من النار حبواً
فيقول الله له: اذهب فادخل الجنة فيأتيها، فيخيل إليه أنها ملأى
فيرجع فيقول: يا رب ، وجدتها ملأى
فيقول الله عز وجل: اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا
وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا
فيقول: أتسخر بي – أو أتضحك بي – وأنت الملك ؟
قال : فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ضحك حتى بدت نواجذه
فكان يقال: ذلك أدنى أهل الجنة منزلة "
أخرجه البخاري ومسلم.
ولمسلم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" إني لأعرف آخر أهل النار خروجاً من النار :
رجل يخرج منها زحفا، فيقال له: انطلق فادخل الجنة
قال: فيذهب فيدخل الجنة ، فيجد الناس قد أخذوا المنازل
فيقال له: أتذكر الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول : نعم
فيقال له : تمنَّ ، فيتمنى فيقال له : لك الذي تمنيت ، وعشرة أضعاف الدنيا
فيقول : أتسخر بي وأنت الملك ؟
قال: فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يضحك حتى بدت نواجذه "
وفي رواية الترمذي مثل هذه التي لمسلم.
(2)
2- عن عبد الله بن مسعود رضي الله أن رسول الله
- صلى الله عليه وسلم -
قال:
" آخر من يدخل الجنة رجل ، فهو يمشي مرة ، ويكبو مرة
وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها
فقال: تبارك الذي نجاني منك
لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين
فترفع له شجرة ، فيقول: يا رب
أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها ،وأشرب من مائها
فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها؟
فيقول: لا ، يا رب ويعاهده أن لا يسأله غيرها
قال : وربه عز وجل يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها
فيستظل بظلها ،ويشرب من مائها
ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول: أي رب
أدنني من الشجرة لأشرب من مائها وأستظل بظلها
لا أسألك غيرها فيقول: يا ابن آدم ، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟
فيقول: لعلي أن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها
وربه تعالى يعذره ، لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها
فيستظل بظلها، ويشرب من مائها ، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة
وهي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها
وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها، فيقول: يا ابن آدم
ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى
يا رب لا أسألك غيرها – وربه عز وجل يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه
فيدنيه منها ، فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة فيقول: أي رب أدخلنيها
فيقول: يا ابن آدم ، ما يصريني منك (4)
أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟
قال : يا رب ، أتستهزئ مني وأنت رب العالمين ؟
فضحك ابن مسعود ، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟
فقالوا: مم تضحك؟
قال: هكذا ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ فقال: من ضحك رب العالمين
حين قال : أتستهزئ مني وأنت رب العالمين ؟
فيقول: إني لا أستهزئ منك ، ولكني على ما أشاء قادر "
أخرجه مسلم .
(5)
وهذا الحديث هكذا أخرجه الحميدي وحده في أفراد مسلم
والذي قبله في المتفق عليه ، وقال: إنما أفردناه للزيادة التي فيه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - قال:
" إن أدنى أهل الجنة منزلة: رجل صرف الله وجهه عن النار قِبل الجنة
ومثل له شجرة ذات ظل ، فقال : أي رب
قربني من هذه الشجرة لأكون في ظلها ..
وساق الحديث بنحو حديث ابن مسعود، ولم يذكر:
فيقول: يا ابن آدم ، ما يصريني منك ؟ ..
إلى آخر الحديث ".
وزاد فيه :
" ويذكره الله ، سل كذا وكذا ، فإذا انقطعت به الأماني
قال الله : هو لك وعشرة أمثاله، قال: ثم يدخل بيته
فتدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فيقولان : الحمد لله الذي أحياك لنا
وأحيانا لك، قال:" فيقول: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت "
أخرجه مسلم هكذا عقيب حديث ابن مسعود.
(6)
--------------------------------
(1) جامع الأصول
10/553) .
(2) رواه البخاري
11/386) في الرقاق، باب في صفة الجنة والنار،وفي التوحيد، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، ومسلم رقم : 186 في الإيمان ، باب آخر أهل النار خروجاً ، والترمذي رقم : 2598 في صفة جهنم، باب رقم 10.
(4) أي ما الذي يرضيك ، ويقطع مسألتك وأصل التصرية: القطع والجمع، ومنه الشاة المصراة: وهي التي جمع لبنها وقطع حلبه .
(5) رقم: 187 في الإيمان ، باب آخر أهل النار خروجاً.
(6) رواه مسلم رقم : 188 في الإيمان ، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها .
الذين دخلوا الجنة قبل يوم القيامة

أول من دخل الجنة من البشر هو أبو البشر آدم
( وقلنا يا أدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما )
[ البقرة:35]
وقال :
( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما
ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )
[ الأعراف: 19]
ولكن آدم عصى ربه بأكله من الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها
فأهبطه الله من الجنة إلى دار الشقاء :
( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً*
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى*
فقلنا يا آدم هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى*
إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى* وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى*
فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى*
فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما
وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى*
ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى*
قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو
[ طه : 115-123].

وقد رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
الجنة ففي صحيح البخاري عن عمران بن حصين عن النبي
- صلى الله عليه وسلم - قال:
" اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء
واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ".
(1)
ومن الذين يدخلون الجنة قبل يوم القيامة الشهداء
ففي صحيح مسلم عن مسروق قال:
سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية:
( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون )
[ آل عمران :169].
قال: " إنا قد سألنا عن ذلك فقال:
" أرواحهم في أجواف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش
تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل
فاطلع إليهم ربهم اطلاعه، فقال: هل تشتهون شيئاً؟
قالوا: أي شيء نشتهي، ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا
ففل بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا:
قالوا: يا رب، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى
فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا ".
(2)
ومن مات عرض عليه مقعده من الجنة والنار بالغداة والعشي
ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - قال:
" إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي
إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة
وإن كان من أهل النار فمن أهل النار
يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة ".
(3)
--------------------------------
(1) صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق ، باب ما جاء في صفة الجنة ، فتح الباري: (6/318).
(2) مشكاة المصابيح: (2/351)، ورقمه:3804.
(3) رواه مسلم في صحيحه ، انظر مسلم بشرح النووي: (17: 300).