عرض مشاركة واحدة
قديم 16-08-2008, 11:03 PM   #13

MiDoElPrO
عضو متألق



الصورة الرمزية MiDoElPrO


• الانـتـسـاب » Sep 2007
• رقـم العـضـويـة » 1928
• المشـــاركـات » 1,705
• الـدولـة » انت مالك
• الـهـوايـة »
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
MiDoElPrO صـاعـد

MiDoElPrO غير متواجد حالياً


إرسال رسالة عبر Yahoo إلى MiDoElPrO

افتراضي



من موقع المنسيون

)1(
إن ولاية جامو وكشمير المعروفة بـ"جنة الله في الأرض" لما فيها من حقول يافعة، وأزهار وورود جميلة، وبحيرات عذبة، وتلال خلابة بجداولها الرقراقة، وطقسها اللطيف ونسيمها العليل قد فقدت زخرفها ورونقها وتحولت إلى قفار منعزلة، وقبور موحشة مهجورة بسبب ما تقوم به القوات الهندية من جرائم وحشية بربرية لا مثيل لها من تقتيل وتعذيب وتشريد للسكان، وهتك للأعراض وإفساد في الأرض، وإهلاك للحرث والنسل، وحرق للمنازل والمتاجر والحقول، وذلك لا لذنب اقترفوه إلا لأن الشعب الكشميري المسلم يطالب بحقه المشروع والذي ضمنته له القرارات الدولية والتي تنص على تقرير المصير.

ذلك يجري في ولاية جامو وكشمير المحتلة دون أن يستيقظ الضمير الإنساني ودون قيام المجتمع الدولي بأي جهد لإيقاف ذلك الشلال الدمو ي وإعادة الحق إلى أهله.

تبوأت القضية الكشميرية على مدى السنوات العشر الماضية من القرن المنصرم موقفاً بارزاً في الأحداث العالمية، وأثير خلال السنوات العشر الماضية الكثير من الجدل حول القضية وملابساتها، ومرد ذلك الجدل إلى التطورات والقفزات النوعية التي شهدتها الساحة الكشميرية من مثل انطلاقة شرارة المقاومة وبروز حركة المقاومة الشعبية التي اشتد أوارها في الولاية، وتشكيل أحزاب سياسية إلى جانب أحزاب عسكرية جهادية للحصول على حقه في تقرير مصيره.

"كشمير المسلمة" تقوم بإعداد ملف العدد حول المبادئ الأساسية والحقائق الثابتة للقضية الكشميرية، وذلك للحاجة الملحة في ظل الظروف الراهنة؛ لاسيما وأن الأحداث متسارعة، وقفزاتها متلاحقة قد تُنسي العامة القصة الكاملة لكشمير.

تاريخ القضية

يعود تاريخ القضية الكشميرية إلى اليوم الذي قامت فيه الهند بإنزال قواتها في الولاية بتاريخ 27/10/1947م، متخذة من الوثيقة المزورة باسم الملك الهندوسي للولاية آنذاك "هري سينغ" مبرراً لاجتياح الولاية وضمها بالقوة؛ ومن المعروف أن تقسيم شبه قارة جنوب آسيا كان على أساس فكرة "الأمتين" Tow Nation Theory وهو ما يعني أن المسلمين في شبه القارة ليسوا جزءاً من القومية والحضارة الهندوسية وإنما أمة مستقلة بذاتها لم تبنَ على أسس جغرافية، وإنما على العقيدة الإسلامية.

وطبقاً لهذه الفكرة جاء تقسيم شبه القارة الذي نص على أن المناطق والولايات ذات الأغلبية المسلمة ستكون ضمن إطار الدولة الباكستانية، فيما ستنضم الولايات والمناطق ذات الأغلبية الهندوسية للدولة الهندية التي ستقام على أسس علمانية حيث أنها ستحوي طوائف وديانات أخرى، وعلى هذا الأساس قام المسلمون الذين يقطنون الولايات ذات الأغلبية الهندية بالهجرة إلى موطنهم الجديد، وتعرضوا خلال سفرهم وتنقلهم للإنضمام للصرح الإسلامي المناوئ للكفر إلى محن ومآسي كثيرة، وكان أخطرها المذابح التي تلقوها على أيدي الهندوس وهم في طريقهم إلى باكستان.

من الضروري بمكان معرفة الطبيعة اللامتناسقة للقضية الكشميرية من أجل فهم أوسع لأبعادها وتطورها، ومن الصعوبة بمكان أيضاً فهم تلك الطبيعة قتل خوض رحلة في بدء تاريخ القضية والوقوف على تاريخها القديم والحديث، و رحله في أبعادها والوقوف عند جذور الصراع والجهود السلمية المبذولة من قبل الدول المعنية والموقف الدولي إزاء تلك القضية القديمة المتجددة، لذا فإنه من المناسب الإبحار في أعماق القضية مروراً بالخلفية التاريخية ومستعرضين جذور الصراع ومبادئ القضية وآفاق التسوية.

الموقع الجغرافي والاستراتيجي

تقع كشمير في أقصى الشمال الغربي لشبه قارة جنوب آسيا، وتتمتع بموقع استراتيجي بين آسيا الوسطى وجنوب آسيا، حيث تتقاسم الحدود مع كل من الهند، وباكستان، وأفغانستان، والصين، فتحدها من الجهة الشمالية الغربية أفغانستان، ومن الشمال تركستان الشرقية، ومن الشرق منطقة التيبت، ومن الجنوب كل من محافظة "هيماشال برادش" ومنطقة البنجاب الهنديتين، ومن الغرب إقليما البنجاب وسرحد الباكستانيان. وتبلغ مساحتها الكلية 86023 ميلاً مربعاً، يقسمها خط وقف إطلاق النار لعام 1949م (الذي يطلق عليه اليوم خط "الهدنة" وفقاً لاتفاقية سملا لعام 1972م)، حيث إن 32358 ميلاً مربعاً منها يشمل الجزء المحرر ويُسمى ولاية جامو وكشمير الحرة، و53665 ميلاً مربعاً منها تحت الاحتلال الهندوسي ويطلق عليها ولاية جامو وكشمير المحتلة.

الســـكان

حسب إحصائية تمت عام 1941م بلغ عدد سكان الولاية 4021616 نسمة، كان المسلمون يشكلون منهم نسبة 77%، بينما الهندوس 20%، و3% من السيخ والأقليات الأخرى. وحسب الإحصاء الذي قامت به الهند سنة 1981م، بلغ عدد سكان كشمير المحتلة 5987389 نسمة، يشكل المسلمون نسبة 2.64% منهم، والهندوس 25.32%، والسيخ 23.2% والبقية ما بين بوذيين ومسيحيين وأقليات أخرى.

وتعكس الإحصائيات التي قامت بها السلطات الهندية بعد تقسيم شبه القارة، انخفاضاً في النسبة المئوية التي يمثلها المسلمون، وارتفاعاً في نسبة الهندوس، غير أن هذا التغير في نسبة الهندوس إلى المسلمين غريب من نوعه، حيث إنه لم تتم الإشارة في الإحصائيات العديدة إلى أي عامل منطقي يقف وراءه كالهجرة أو معدلات تكاثر أو وفيات غير عادية، مما يوحي بأنه ربما كان مؤامرة هندية تهدف إلى تغيير البنية السكانية لغير صالح الأغلبية المسلمة.

ويبلغ عدد سكان كشمير الحرة 1983465 حسب إحصاء 1981م، يمثل المسلمون أغلبية ساحقة منهم بنسبة 8.99% وتتوزع البقية على الهندوس والميسحيين والأحمديين والقاديانيين.

العهد الإسلامي في الولاية

دخل الإسلام إلى كشمير خلال القرن الرابع عشر الميلادي، حيث اعتنق رينجن شا -وهو حاكم كشميري بوذي- الإسلام في 1320م على يدي سيد بلال شاه (المعروف كذلك باسم بلبل شاه) وهو رحالة مسلم من تركستان، وقويت شوكة الإسلام خلال حكم شاه مير (1338-1344) وقد انخرط العلماء في صفوف الجماهير لتبليغ دين الله، ومعظم هؤلاء العلماء قدموا من وسط آسيا، ومن بينهم سيد بلال شاه، سيد جلال الدين بخاري، سيد علي الهمداني وابنه سيد محمد الهمداني إلخ، ورغم الجهود التي بذلها كل هؤلاء العلماء، إلا أن جهود سيد علي الهمداني (المعروف باسم شاه همدان) قد تميزت عن غيرها. فقد ولد في منطقة همدان بإيران في سنة 1314م واضطره غزو قوات تيمورلنك لوسط آسيا إلى الهجرة إلى كشمير التي خصها بثلاث زيارات في السنوات 1372م، و1379م و1383م على التوالي برفقة 700 شخص من أتباعه، حيث وفق في نشر الإسلام بين الآلاف من الكشميريين، وقد تعقب ابنه سيد محمد الهمداني خطاه وأقنع الحاكم المسلم آنذاك سلطان إسكندر (1389-1413) بتطبيق الشريعة، فقد تميز الحاكم المسلم سلطان زين العابدين بن إسكندر (1420-1470) بتسامح كبير تجاه الهندوس، وفي نهاية القرن الخامس عشر الميلادي كان أغلبية سكان كشمير قد اعتنقوا الإسلام.

ومن الأمور الملفتة أن انتشار الإسلام في كشمير وتكاثر أتباعه، كان يتم عن اقتناع كامل وليس قسراً أو إكراهاً، حيث مهدت ظروف عديدة الطريق نحو هذا الانتشار الواسع للإسلام ومن أهمها: رغبة الطبقة الدنيا من الهندوس في إحراز المساواة الاجتماعية والفرص العادلة للازدهار، مما جعلها ترى في الإسلام أفضل بديل عن الحياة التي كانت تحياها.

وقد استمر الحكم الإسلامي في كشمير قرابة خمسة قرون من 1320م إلى 1819م، ويعتبر هذا الدور "العصر الذهبي" لتاريخ الولاية، وذلك لما كان الشعب الكشميري يتمتع به من الرفاهية والحرية والأمن والسلام تحت رعاية حكومة هؤلاء الحكام المسلمين.

وفي سنة 1819م قام حاكم البنجاب السيخي "رانجيت سينغ" بغزو كشمير، وحكمها حتى سنة 1846م وأذاق شعبها الويلات، ففرض الضرائب الباهظة وأجبر الناس على العمل دون أجر، وسن قوانين عنصرية ضد المسلمين، وأغلق العديد من المساجد ومنع إقامة الصلوات فيها، وكان دم المسلم أرخص من سواه، في حين كان القانون يعتبر ذبح بقرة جريمة عقوبتها الموت.

حكم عائلة (دوغرا) الهندوسية

ترجع وضعية جامو وكشمير الحالية إلى سنة 1846م حينما باعها البريطانيون لـ"غلاب سينغ" بمبلغ 5.7 مليون روبية بموجب "اتفاقية أمريتسار" (مارس 1846م) وذلك غداة الحرب الأولى التي نشبت بين الإنجليز والسيخ، وقد علّق "بريم ناث بزاز" على هذه الصفقة، وهو أحد الوجوه السياسية المعروفة في كشمير بقوله: "مليونان من البشر في وادي كشمير وجلجت بيعوا كما تباع الشياه والأغنام لمقامر غريب، دون أن يكون لهم أدنى رأي في الموضوع".

وقد استطاع غلاب سينغ بمزيج من الغزو والدبلوماسية أن يسيطر على جامو وكشمير بما في ذلك مناطق لاداخ وبلتستان وجلجت، وأنشأ نظام حكم لعائلة "دوغرا" التي حكمت كشمير حتى سنة 1947م. وقد أعقب غلاب سينغ ثلاثة حكام هم رانبير سينغ (1858م) وبارتاب سينغ (1885م) وهاري سينغ (1925م) الذي كان آخر حكام هذا النظام إلى تاريخ انقسام شبه القارة في 1947م.

ولقد كانت عائلة "دوغرا" شبيهة بالحكم السيخي من حيث إلحاق الأذى بالمسلمين عن طريق فرض الضرائب الباهظة وسن القوانين التمييزية وسد سبل التعليم في وجوههم، ومن مظاهر هذا الاضطهاد كذلك نظام الجباية الذي كان قاسياً، فبالإضافة إلى أخذ 50% من المحاصيل، كان المسؤولون يأخذون ضرائب على النوافذ والمواقد وحفلات الزواج، وعلى قطعان الماشية بل وحتى على مداخن بيوت المسلمين، وكان ذبح الأبقار ممنوعاً بموجب القانون وتوقع على فاعله عقوبة الإعدام، وكانت المساجد تابعة للحكومة، كما أن جريمة قتل المسلم كانت تعدُّ أهون شأناً من قتل غير المسلم، إضافة إلى سحق أي مظهر من مظاهر الاحتجاج السياسي بوحشية. ولذا فقد شهدت المنطقة حوادث عديدة تم فيها حرق عائلات مسلمة بأكملها بحجة انتهاك القوانين المذكورة، كما أن عمال مصنع الحرير التابع للحكومة الذين احتجوا على الأجور المنخفضة في سنة 1924م، أغرقوا في النهر بأمر من المهراجا.

اندلاع حركة تحرير كشمير

اندلعت الحركة الشعبية الكشميرية في 1931م حينما قام ضابط شرطة بمنع إمام المسجد من إلقاء خطبة الجمعة، وهو الأمر الذي دفع أحد الأشخاص ويدعى عبدالقدير بإلقاء خطاب حماسي حول القرارات التي يصدرها الملك الهندوسي ضد المسلمين.

وفي حادثة تناقلتها الكتب التي أولت التاريخ الكشميري اهتماماً بالغاً وهي حادثة لها مدلولها الخاص، واستقت غرابتها من غرابة الحدث ففي 13/7/1931م حينما اجتمع عدد كبير من المسلمين الكشميريين لإعلان التضامن مع عبدالقدير خان وذلك في فناء السجن وحين حان وقت صلاة الظهر، قام أحد منهم يرفع الأذان وأثناءه أطلقت عليه القوات الأمنية النار فأُردي شهيداً، الأمر الذي دفع شخص آخر متواجد في الحضور لإكمال الأذان، وأطلقت عليه النار ليلقى ربه شهيداً، وقام آخر بما قام به إخوته في الدين، ولقي نفس المصير، والعجيب أن الذين استشهدوا في هذه الحادثة 22 شخصاً حتى تم الأذان بالكامل، وهذه الحادثة الغريبة والتي هي أشهر من نار على علم في كشمير تعرف بمعركة مؤتة حيث استشهد زيد بن حارثة -رضي الله عنه- حامل راية المسلمين فأخذها عنه جعفر الطيار -رضي الله عنه- ثم عبدالله بن رواحة -رضي الله عنه- ثم استلم الراية خالد بن الوليد رضي الله عنه حتى نهاية المعركة.

حركة تحرير كشمير إسلامية

يتبين من ذلك بأن حركة تحرير كشمير كانت حركة إسلامية حيث كانت تستهدف تحرير ولاية جامو وكشمير المسلمة من حكم عائلة دوغرا الهندوسية وإقامة الحكم الإسلامي فيها غير أن هذه الحركة قد انقسمت إلى قسمين وذلك حينما مال شيخ عبدالله أحد قادة هذه الحركة إلى تبني النظرة العلمانية القومية التي ينطلق منها الكونجرس الوطني الهندي، مما دعاه إلى تغيير اسم مؤتمر مسلمي جامو وكشمير فسماه مؤتمر كشمير القومي، إلا أن مخاوف قائد آخر للحركة وهو تشودري غلام عباس من أن يصبح هذا المؤتمر امتداداً للكونجرس الوطني الهندي، دفعته في أكتوبر 1941م إلى بعث الحياة في مؤتمر مسلمي كشمير، والذي استطاع من خلال الأغلبية التي يتمتع بها في المجلس التشريعي للولاية تمرير قرار يقضي بانضمام كشمير إلى باكستان وذلك بتاريخ 19/7/1947م.

وجدير بالذكر أن مؤتمر مسلمي كشمير في ذلك الوقت كان يعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب الكشميري المسلم، وذلك لأنه في الانتخابات البرلمانية للولاية التي عقدت في يناير عام 1947م قد تمكن مؤتمر مسلمي كشمير من الحصول على (16) مقعداً من أصل (21) مقعد خاص للمسلمين في برلمان الولاية. وكما ذكرنا قبل ذلك أن المسلمين في الولاية في ذلك الوقت كانوا أكثر من 85% من السكان، فلذلك فإن قرار مؤتمر مسلمي كشمير للإنضمام إلى باكستان يعتبر قرار الأغلبية لسكان الولاية.

ولكن رغم ذلك فإن الهند قامت بالمؤامرة للضم الإجباري للولاية مخالفة بذلك قرار تقسيم شبه قارة جنوب آسيا من ناحية، وإرادة الشعب الكشميري المسلم من الناحية الثانية، وذلك لتحقيق أهدافها الخاصة.

هدف الهند من احتلال كشمير

إيجاد قاعدة لتحقيق أهدافها ضد العالم الإسلامي ومقدساته.

لم تحتل الهند كشمير لتمتعها بثروات ضخمة، حيث إن الأخيرة لا تملك ما تملكه بعض الدول من الثروات الضخمة، غير أن هدفها الأساسي من احتلالها للولاية الإسلامية استخدامها كقاعدة لمخططاتها الهدّامة وتحقيق مطامعها العدوانية ضد العالم الإسلامي ومقداسته بما فيها الكعبة المشرفة -أقدس أرض الله- ويبدو ذلك واضحاً من خلال تصريحات كثير من القادة الهندوس التي نذكر على سبيل المثال أهمها، إذ تقول الأساطير الهندية إن الإمبراطورية الهندية كانت تمتد -في يومٍ من الأيام- من سنغافورة شرقاً إلى نهر النيل غرباً، ومروراً بالجزيرة العربية، ولذلك فإن المطامع الهندوسية منذ اليوم الأول تستهدف إقامة "الإمبراطورية الهندوسية العظمى" لتستعيد مكانتها المزعومة.

وفي هذا السياق قال البانديت جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء للهند في كتابه "اكتشاف الهند Discovery of India": "إن الهند كما صنعتها الطبيعة لا يمكنها أن تلعب دوراً ثانوياً في شؤون العالم، فإما أن تعتبر من القوى العظمى أو أن لا يكون لها وجود". (راجع كتاب Discovery of India للبانديت جواهر لال نهرو ص50)

ويقول الدبلوماسي الهندوسي الكبير الدكتور (إس.آر.باتيل) في كتابه (السياسة الخارجية للهند) في إطار شرحه لكلمة البانديت جواهر لال نهرو: "ومن الضروري جداً سيطرة الهند على سنغافورة والسويس اللذان يشكلان البوابة الرئيسية لها، وإذا ما سيطرت عليها قوة أخرى معادية فإنها تهدد استقلالها.. وكذلك حاجة الهند للبترول تجعلها تهتم بالبلاد العربية أيضاً"، ويختم الخبير السياسي الهندوسي حديثه عن مطامع الهند الإستعمارية قائلاً: "يسود فراغ سياسي هائل في المنطقة بعد مغادرة الإنجليز ويجب سد هذا الفراغ، وبما أن للهند قوة بحرية عظيمة فمن الضروري أن يتحول المحيط الهندي من سنغافورة إلى السويس خليجاً تملكه الهند". (راجع كتاب Foriegn Policy of India للمؤلف الدكتور إس.آر. باتيل ص22)

والأدهى من ذلك أن بعض قادة الهندوس إعتبر الجزيرة العربية بما حوته من أراضي إسلامية مقدسة إنما هي أراضي هندوسية بحتة، وذكر المفكر والفيلسوف الهندوسي (بي.إن.أوك) في كتابه (أخطاء في تحقيق تاريخ الهند) تحت فصل بعنوان:"تجاهل الأصل الحقيقي للكعبة كمعبد هندوسي" حيث يقول: "هناك كثير من الأدلة تدل على أن الجزيرة العربية خضعت لسلطان الملك الهندوسي (فيكراماديتا) والذي كانت تمتد مملكته في الشرق والغرب"، ثم يقول: "هناك أدلة كثيرة تؤكد أن هذا المعبد الهندوسي (الكعبة) يعود بناؤه إلى عام 58 قبل الميلاد على يد الملك الهندوسي (فيكراماديتا) وهو أحد عظماء الملوك الهندوس في القديم". (راجع كتاب Some Blanders of Indian Historical Research للمؤلف بي.إن. أوك ص231)

فهذه بعض التصريحات التي تدل على الأطماع الهندوسية في العالم الإسلامي ومقدساته. ولكن للأسف الشديد أن بعض إخواننا من العالم العربي والإسلامي يعتقدون أن هذه التصريحات آنفة الذكر وغيرها ما هي إلا تصريحات لبعض المتطرفين، بينما الحقيقة أن هؤلاء هم واضعوا السياسة الداخلية والخارجية للهند، وهم قادتها ومفكروها، ولعل أكبر دليل على الأطماع الهندية أن صواريخها النووية يصل مداها إلى أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر، في الوقت الذي تبعد فيه أقصى نقطة في باكستان من الحدود الهندية حوالي ألف كيلومتر، وهذا يعني أن الصواريخ النووية لم تُعَدّ لباكستان الجارة، إنما أُعدت للعالم العربي والإسلامي والمقدسات الإسلامية؟!

قرار الهند بضم الولاية ومكانته

قرار تقسيم شبه قارة جنوب آسيا الشهير لعام 1947م الذي كان ينص على إنضمام المناطق الإسلامية إلى باكستان والمناطق ذات الأغلبية الهندوسية إلى الهند، كما كان هناك في ذلك الوقت 584 ولاية شبه مستقلة حيث كانت تتمتع بنوع من الحكم الذاتي وكانت حكومة بريطانيا تشرف على الدفاع والعلاقات الخارجية بها، وقد أشارت بريطانيا عشية التقسيم على هذه الولايات أن تنضم إلى الهند أو باكستان وفقاً لرغبة الجماهير في كل ولاية.

وفيما يلي نذكر بعضاً من الشهادات والوقائع التاريخية في ذلك الصدد:

أكدت البعثة الوزارية البريطانية في مذكرتها المؤرخة في 12 مايو 1946م والموجهة إلى حكام الولايات الـ565 الهندية بالالتزام برغبات شعوبها في قرار انضمام ولاياتهم إلى إحدى الدولتين؛ الهند أو باكستان.

وهو الأمر الذي أكد عليه النائب البريطاني في الهند آنذاك اللورد ماونت باتن في كلمته في جلسة أمراء الولايات الهندية Chamber Of Princes في 25 من يوليو عام 1947م التي قال فيها: "إن الأقاليم الواقعة في شبه القارة لها مطلق الحرية في تقرير مصيرها، وإنها قادرة على إعلان الانضمام لأي دولة ترغب في الالتحاق بها، ولكن لا بد من مراعاة ظروفها الاجتماعية والجغرافية ورغبات شعبها، حيث سيعتمد النظر إلى الموقع الجغرافي من حيث البعد والقرب".

جدير بالذكر أنه وفقاً لهذه المبادئ لإنضمام هذه الولايات إلى إحدى الدولتين قررت بعضها الانضمام إلى الهند بينما قررت بعضها الإنضمام إلى باكستان، غير أن ثلاث ولايات لم تتخذ قراراً بهذا الشأن في 15/8/1947م وهي: (حيدر أباد، جوناغر، وكشمير). فولاية حيدر أباد وولاية جوناغره كانتا ذاتا أغلبية هندوسية ولكن حاكم كلٍ منهما كان مسلماً بينما ولاية جامو وكشمير كانت ذات أغلبية مسلمة، ولكن حاكمها كان هندوسياً.

وكان حاكم جوناغر المسلم يريد أن ينضم إلى باكستان رغم وجود أغلبية هندوسية في الإمارة، وقد أعلن عن قراره بشأن الانضمام، غير أن الهند لم تعترف بذلك القرار لكونه -كما ادعت- مخالفاً لقرار تقسيم شبه القارة ولمبادئ إنضمام الولايات إلى الهند أو إلى باكستان وقامت بإدخال قواتها فيها وضمها إجبارياً.

وهكذا الملك المسلم لولاية (حيدر أباد) ذات الأغلبية الهندوسية قد أعلن عن استقلال الولاية، ولكن الهند لم تعترف بذلك القرار أيضاً لكونه مخالفاً لقرار تقسيم شبه القارة ولمبادئ إنضمام الولايات إلى إحدى الدولتين وقامت بإرسال قواتها فيها وضم الولاية ضماً إجبارياً. (راجع الوثيقة الهندية White Paper on Hyderabad DATED 10TH OF AUGUST 1948 الصادرة من قبل الحكومة الهندية المركزية)

وقد كانت وضعية كشمير مخالفة تماماً لوضعية الإمارتين السابقتين، حيث إن حاكمها كان هندوسياً ولكن الأغلبية الساحقة للولاية كانت من المسلمين، وقد سبق أن اتخذوا قرار الانضمام إلى باكستان. وكانت الهند قد رفضت انضمام الإمارتين السابقتين إلى باكستان بناءً على رأي الحاكمين بهما، وذلك بمبرر أن رأيهما كان يخالف قرار التقسيم الذي ينص على انضمام هاتين الولايتين الهندوسيتين إلى الهند. ولكن هذا الموقف للحكومة الهندية قد تغير تماماً في موضوع انضمام ولاية جامو وكشمير المسلمة حيث إنها فبركت القصة وزورت وثيقة باسم الملك الهندوسي للولاية وجعلتها مبرراً لإدخال قواتها في الولاية وضمها إجبارياً، وفيما يلي نذكر بعض جوانب المؤامرة الهندية في ذلك الصدد:

كان الحاكم الهندوسي في ولاية جامو وكشمير المسلمة الملك هري سينغ يريد كسب الوقت لإيجاد الأوضاع المناسبة قبل اتخاذ القرار للإنضمام إلى الهند، وذلك لأنه كان يخاف من أن الشعب المسلم للولاية لن يوافق على ذلك. فقام بإعداد استراتيجية خاصة بالتنسيق مع الحكومة الهندية لإتمام عملية الإنضمام، وتماشياً مع تلك الإستراتيجية عرض على كل من باكستان والهند المعاهدة لإبقاء الأوضاع كما كانت عليه وللمحافظة على الدفاع والعلاقات الخارجية والاتصالات والإمدادات، فقبلت باكستان المعاهدة، في حين رفضتها الهند وفقاً لمقتضيات الخطة الاستراتيجية فيما بينهما، ثم في اتباع نفس السياسة المدروسة، وبالتنسيق مع الحكومة الهندية والحكام الهندوس في بعض الولايات قام بحملة إبادة منظمة ضد المسلمين المدنيين في الولاية بصفة عامة، وفي إقليم جامو للولاية بصفة خاصة.

ويمكن معرفة مقدار المجازر التي أُقيمت للمسلمين المدنيين في إقليم جامو وحدها، حيث قامت القوات الهندوسية بقتل أكثر من (300) ألف مسلم كما قامت بإجبار حوالي (500) ألف مسلم آخر على الهجرة إلى باكستان، محولة جامو من مقاطعة ذات أغلبية مسلمة إلى مقاطعة ذات أقلية مسلمة. (راجع كتاب TOW NATIONS & KASHMIR للكاتب البريطاني Lord Birdwood ص51)

وكان من الطبيعي أن تدفع هذه الأجواء المشحونة أفراد بعض القبائل المسلمة من المناطق الحرة الواقعة على شمال غرب باكستان إلى الد*** في كشمير لمساعدة إخوانهم في العقيدة الذين كانوا يتعرضون للمذابح على أيدي الجنود الهندوس. (راجع المصدر السابق ص122)

ومن ناحية أخرى كان المسلمون من مناطق بونش ومظفرأباد وميربور في الولاية قد قرروا أن يرفعوا راية الجهاد لتحرير الولاية وتمكنوا من تحرير هذه المناطق. بل كادوا يحصلون على ما هو أكثر من ذلك إذ أوشك المجاهدون على الوصول إلى عاصمة الولاية "سرينجر" وقد أعلنوا عن إقامة حكومة ولاية جامو وكشمير الحرة، وذلك في 24 من أكتوبر عام 1947م، فكانت هذه هي الأوضاع حينما قرر الملك الهندوسي للولاية "هري سينغ" أن يهرب من عاصمة الولاية سرينجر إلى مدينة جامو التي قد تحولت إلى مدينة ذات أغلبية هندوسية بعد المجازر الدامية التي تعرض لها المسلمون هناك وذلك في 26 أكتوبر عام 1947م. كما تزامنت هذه الأوضاع مع تزوير الحكومة الهندية وثيقة باسم الملك الهندوسي للولاية (هري سينغ) وجعلتها مبرراً لإدخال قواتها في الولاية في 27 أكتوبر من عام 1947م.

ومع الأسف الشديد فإن هذه الاتفاقية المزورة قد اتخذها الاستعمار الهندوسي الغاشم وسيلة لإرسال جيشه للسيطرة على الولاية، والتحق هذا الجيش مع جيش الملك الهندوسي في الولاية ليشترك معه في مهمة قتل المسلمين وهتك أعراضهم، كما أعلنت الحكومة الهندية بأن الذين يرغبون في الهجرة إلى باكستان ستقوم الحكومة بمساعدتهم بتسهيل سفرهم إلى باكستان وتزويدهم بالسيارات الحكومية، ولهذا عليهم أن يجتمعوا في مكان واحد، ولكنهم عندما اجتمعوا في المكان المحدد، أطلق عليهم النار فاستشهد حوالى نصف مليون من المسلمين، أما الذين تمكنوا من الوصول إلى باكستان فقد بلغ عددهم حوالى نصف مليون أيضاً، وجدير بالذكر أنه قبل بداية إطلاق النار تم القبض على آلاف من النساء المسلمات الشابات لهتك أعراضهن، وكان ضمن هؤلاء الشابات المسلمات ابنة القائد المؤسس لحركة تحرير كشمير/ شودري غلام عباس.

وثيقة انضمام كشمير إلى الهند..

وثيقة مزورة

أصبح من المعلوم بداهة أن وثيقة انضمام الولاية إلى الهند التي جاءت بها الحكومة الهندية باسم الملك الهندوسي للولاية هي وثيقة مزورة، وذلك لأنها لا تحمل توقيع الملك حيث إن الملك لم يتمكن من توقيعها نظراً للظروف القاسية التي كان يمر بها. وفي هذا السياق فقد ذكرنا بأنه في 24 من أكتوبر لعام 1947م قام المجاهدون بإنشاء حكومة حرة لولاية جامو وكشمير المسلمة في الجزء المحرر من الولاية والتي أعلنت عن إقالة الملك الهندوسي (هري سينغ) وطلبت منه أن يتخلى عن الحكم على الفور. وفي اليوم الثاني (أي في 25 من أكتوبر 1947م ) وصل المجاهدون إلى حدود مدينة سرينجر، عاصمة الولاية، الأمر الذي جعل الملك الهندوسي يهرب خوفاً من المجاهدين في الصباح الباكر في 26 أكتوبر 1947م حيث وصل إلى مدينة جامو في منتصف الليل، وحصل في خلال نفس الفترة أن مندوب الحكومة الهندية (وي.بي. منين) أن وصل إلى مدينة جامو قادماً من نيودلهي ليأخذ توقيع الملك على وثيقة الانضمام ولكنه لم يستطع أن يأخذ التوقيع منه لتأخره في الوصول إلى مدينة جامو ورجع إلى نيودلهي دون أن يأخذ توقيعه.

وهكذا فإن وثيقة الانضمام للولاية لم تحمل توقيع الملك (هري سينغ) وكانت وثيقة مزورة، ولكن رغم ذلك قد جعلتها الحكومة الهندية مبرراً لإدخال قواتها في الولاية لضمها إجبارياً.

ولعله من المناسب أن نذكر بعض الشهادات والأدلة للتدليل على صدق كلامنا:

بيّن المؤرخ البريطاني الشهير "ألاسترلامب" في كتابه (KASHMIR - DISPUTED LEGACY 1998-1990) أن الوثيقة التي جعلتها الهند مبرراً لاحتلالها للأراضي الكشميرية هي وثيقة مزورة، وذلك لأن مندوب الحكومة الهندية "وي.بي.منين" الذي جاء بهذه الوثيقة لم يتمكن من اللقاء مع الملك الذي لم يوقعها لكونه في سفر، حيث إن الملك قد وصل مدينة جامو في ساعة متأخرة من الليل ومندوب الحكومة الهندية "وي.بي.منين" قد رجع إلى نيودلهي قبل وصوله وبدون أن يأخذ توقيعه على الوثيقة. فيتبين من ذلك أن هذه الوثيقة كانت وثيقة مزورة. (راجع كتاب Kashmir - Dispute Legacy للمؤلف البريطاني الاسترليمب)

وحتى ما ذكره وي.بي.منين في كتابه THE STORY OF THE INTEGRATION OF THE INDIAN STATES ص168-169 حيث ذكر قصة التوقيع على الوثيقة باسم الملك هري سينغ وهو ما يخالف الواقع وكلام المؤرخ البريطاني "ألسترلامب" وسنقوم بنقل ما جاء في كتاب (وي.بي. منين) نفسه تحت عنوان "وضع الملك هري سينغ"، بالرواية الهندية وبالحرف لنظهر مدى تلاعب الحكومة الهندية في التاريخ، والنص كالآتي:

... قبل يومين من إعلان التحاق الولاية بالهند أي في 27 أكتوبر 1947م أعلنت منظمات سياسية مناوئة للملك قيام دولة كشمير الحرة وتم تشكيل حكومة مؤقتة لتسيير شؤون الولاية، وأعلنت معظم مناطق الولاية الثورة ضد حكومة الملك التي فشلت في بسط سيطرتها على الولاية وحماية أمنها وسلامتها، وعندما حضرت للحصول على التوقيع على وثيقة الانضمام نزلت في المطار وشعرت أننا هبطنا إلى أشبه ما يكون بمقبرة وكان يبدو على الملك الخوف والترقب وكان يشعر بمشاعر الملل والوحشة والوحدة، وساد الرعب والخوف القصر الملكي حيث كان سيصل الثوار إلى العاصمة سرينجر لو استمروا في هجماتهم، رأيت الملك، ووجهه شاحب يعلوه الخوف والرهبة وكان في حالة سيئة للغاية بحيث إنه كان مستعداً للتوقيع على وثيقة موته وليس فقط على وثيقة الانضمام!! لقد فرّ الملك من سرينجر ليختبئ في قصره الواقع بجامو، وأوصى حراسه قبل الخلود للنوم بقتله نائماً إن لم يصل "وي.بي.منين" من نيودلهي!! (راجع كتاب The Story of The Integration of The Indian States ; by V.P. Menon صفحة 168)

فيتبين من هذه الشواهد التاريخية بأن مندوب الحكومة الهندية (وي.بي. منين) لم يستطع أن يلتقي مع الملك ويأخذ التوقيع منه على وثيقة إنضمام الولاية إلى الهند وطلب المساعدة منها.

ولكن لو لم تكن هذه الوثيقة مزورة فإنها تعتبر وثيقة غير شرعية لعدة وجوه أخرى أهمها:

أولاً: لكون هذه الوثيقة تتنافى مع قرار تقسيم شبه القارة إلى دولتين مستقلتين: الهند وباكستان، وهذا القرار قد وافقت عليه كلتا الدولتين. ولذلك لا قيمة لها من الناحية الشرعية والقانونية، وكان من نفس المنطلق بأن الهند نفسها لم توافق على قرار الملك المسلم لولاية حيدرأباد ذات الأغلبية الهندوسية لكونها ولاية مستقلة لأن ذلك القرار كان يخالف قرار تقسيم شبه قارة جنوب آسيا، فقامت بضمها إجبارياً. كما لم تقبل الهند قرار الملك المسلم لولاية "جوناغره" الهندوسية للإنضمام إلى باكستان بنفس المبرر وقامت بضمها إجبارياً كذلك.

ثانياً: كما أن الوثيقة تتعارض مع رغبات أغلبية سكان الولاية أي المسلمين الذين قد اتخذوا قرار انضمام الولاية إلى باكستان قبل ذلك في 19 يوليو عام 1947م وكانوا يبذلون جهدهم من أجل تحقيق ذلك.

ثالثاً: إن الملك الذي حملت الوثيقة المزورة توقيعه وجعلتها الهند مبرراً لد*** الولاية لم يكن حاكماً شرعياً للولاية، وذلك لأن اتفاقية (أمريتسار) لعام 1846م والتي قد أصبحت أساساً للسيطرة الغاشمة لهذه العائلة على الولاية لم تكن اتفاقية شرعية على الإطلاق.

رابعاً: وقبل تلك الاتفاقية وقع الملك اتفاقية لإبقاء الوضع كما كان مع باكستان، فلهذا ما كان يجوز له أن يوقع أية اتفاقية مع أية دولة أخرى بهذا الخصوص قبل إعلان إلغاء تلك الاتفاقية، ومن ناحية أخرى، فإن الملك قد وقع هذه الاتفاقية بعد أن كان قد فقد السلطة على الولاية لفراره من العاصمة فلذا لم تكن لديه أية صلاحية شرعية التوقيع على هذه الاتفاقية.

ونظراً لهذه الوجوه يمكننا أن نقول بكل صراحة بأن هذه الاتفاقية المزورة بشأن انضمام ولاية جامو وكشمير المسلمة إلى الاستعمار الهندوسي لم تكن لها أية قيمة من النواحي الدستورية والقانونية والخلقية. وحتى الاستعمار الهندوسي نفسه أيضاً كان يعرف هذه الحقيقة جيداً، فلهذا نراه قد وعد الشعب الكشميري المسلم بأنه سيقوم بإجراء الاسفتاء لتقرير مصير الولاية وذلك لخداع الشعب الكشميري من ناحية ولتضليل الرأي العام العالمي من الناحية الثانية.

وإليكم نص ما كتبه الحاكم العام للهند إلى الملك الهندوسي للولاية حين توقيع اتفاقية الانضمام في 27 أكتوبر عام 1947م.

"وفقاً لسياستنا، إذا أصبحت مسألة انضمام ولاية ما من المسائل الخلافية يرجع فيها إلى رأي الشعب، فإن حكومتنا ـ بشأن مسألة انضمام ولاية جامو وكشمير إلى إحدى الدولتين تريد أن تحل بالرجوع إلى الرأي العام فور إعادة الأمن والاستقرار في الولاية" (راجع الوثيقة الهندية white Paper on Jammu & Kashmir 46-47 الصادرة عن الحكومة الهندية)

ثم أكد جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند ذلك الوعد في برقيته إلى رئيس وزراء باكستان آنذاك السيد لياقت علي خان في 31 أكتوبر عام 1947م قائلاً:

"إننا تعهدنا أن نسحب قواتنا العسكرية من كشمير بعد عودة السلام إليها على الفور، وأن نترك مواطنيها ليمارسوا حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، وهذا التعهد لا نعلنه أمام حكومتكم فحسب بل نعلنه أمام أهالى كشمير وأمام العالم كله". (راجع البرقية رقم 25 بتاريخ 31/10/1947م من قبل رئيس الوزراء الهندي إلى رئيس الوزراء الباكستاني)

كما أكد المندوب الهندي في مجلس الأمن الدولي السيد غوبال سوامي أينكر خلال كلمته أمام المجلس في 15 يناير 1948م أن إعلان الإلتحاق من قبل ملك الولاية هو إعلان مؤقت، وسيبقى هكذا ما لم يقرره الشعب الكشميري.

نص خطاب الحاكم العام الهندي اللورد ماونت باتن إلى الملك الهندوسي هري سينغ لولاية جامو وكشمير في 27/10/1947م حول الموافقة على وثيقة الانضمام

لقد استلمت رسالتكم من السيد وي.بي. منين يوم 26 أكتوبر، وفي هذه الظروف الخاصة التي تمر بها الولاية قررت حكومتي الموافقة على إعلانكم التحاق ولايتكم بالهند، وحسب سياستنا الرامية إلى عدم تثبيت إلتحاق الولاية المتنازع عليها فيمكن إرجاء موضوع الانضمام النهائي للولاية إلى إعادة الأمن والاستقرار في الولاية ومسألة الانضمام مرهونة برغبة الشعب الكشميري ولن يتم ذلك حتى نتمكن من طرد المهاجمين وفرض الأمن بالمنطقة.

واستجابة لطلبكم بإرسال القوات لمساعدتكم، أرسل مجموعات من الجيش الهندي لتقديم المساعدة والمحافظة على أرواحكم وأرواح الشعب وممتلكاته.

ونشعر بارتياح عظيم لطلبكم من شيخ عبدالله بتشكيل حكومة مؤقتة وتعاونكم مع رئيس الوزراء




رد مع اقتباس