من موقع جريدة التقوى.
الحاج الحافظ عارف أمين: صمدنا حتى حققنا مطالبنا وندعوا المسلمين إلى دعم مؤسساتنا ومدارسنا الإسلامية
- المسلمون في مقدونية يشكلون 50% من السكان
- رفضنا التهجير القسري حفاظا على استمرار وجودنا
- اوقافنا الإسلامية تتكون من 600 مسجدا
- يعمل تحت ادارة الاتحاد الإسلامي 1200 امام وخطيب ومدرس
لماذا كتب على المسلمين المتواجدين في بلاد أوروبا الشرقية كأقليات كبرى أن تتم معاملتهم بهذا الحقد العرقي البغيض الذي يظل يلاحقهم سواء في العهد الشيوعي، أو حتى بعد انهيار هذه المنظومة؟
ولماذا تتحقق لكل الاقليات في العالم معظم حقوقهم كمواطنين في البلاد التي يعيشون فيها، ولهم حصص مناسبة في الادارات والمناصب والوزارات والمقاعد النيابية والسلك العسكري والدبلوماسي في حين تتعرض الاقليات المسلمة إلى شتى ألوان القهر والاضطهاد والتهجير واحيانا الإبادة؟
وأخيرا.. وليس آخرا لماذا تتجاهل منظمات حقوق الانسان العالمية حق الاقليات المسلمة في البلاد التي يعيش فيها، ولماذا تصمت هذه المنظمات عندما تصل إلى قضيتهم المشروعة، في حين نراها تدب الصوت وتستنفر وسائل الاعلام كافة عند قضايا أخرى قد لاتكون في نفس المستوى من الاهمية والانسانية والعدالة؟
وأسئلة أخرى لا ينفك المرء يطرحها كلما التقى مواطنا مسلما في احدى دول الإتحاد السوفياتي السابق أو إحدى دول يوغسلافيا السابقة التي لا نزال نتلمس "مآثرها" واحقادها على مسلمين البلاد، منذ زمن الدكتاتور "جوزف بروز تيتو" رائد الاشتراكية، واحد اقطاب ما يسمى دول عدم الانحياز، ثم لنصاب بمفاجأة أقسى وأمر عند حلفائه من الصرب الذين مارسوا طوال عشر سنوات ما يكاد ينسي المسلمين فظائع الحكم الشيوعي السابق.
ولا تزال إلى الآن مآسي المسلمين بادية في ا لبوسنة والهرسك وكسوفو والجبل الأسود وما تعرضت له مدنهم وقراهم من خراب ودمار وتلف للمزروعات وابادات ومقابر جماعية، مما افرز عشرات الآلاف من الارامل والأيتام والمعوقين الذين يستذكرون آلام تلكم المرحلة السوداء، من تاريخ معايشتفهم للحاقدين المتعصبين.
الحاج الحافظ
ولم تكن مقدونيا أقل ظلما وتعسفا بحق السكان المسلمين الاصليين الذين يقطنون أراضيها ولكنهم كانوا يتعرضون حتى الأمس القريب إلى الجرائم الوحشية التي بدأتها قطعان النازية التي امتدت جرائمها إلى منطقتنا، كما يقول الحاج عارف أمين الحافظ رئيس العلماء ورئيس الاتحاد الإسلامي في جمهورية مقدونيا في أثناء لقائنا معه حيث تناول اوضاع المسلمين استهله بالتعريف عن نفسه بأنه خريج جامعة الأزهر عام 1978، عمل امام جامع مدينة غوستينار الرئيسي ثم ليصبح مفتي المدينة، وعمل في الشؤون الإسلامية للاتحاد الإسلامي، وفي عام 2000 تم انتخابه كرئيس للمسلمين في جمهورية مقدونية، وهو حاليا يمثل مسلمي مقدونية في المؤتمرات داخل البلاد وخارجها ومركزه في العاصمة سكوبيا.
وعن هيكلية الاتحاد الإسلامي في جمهورية مقدونيا قال الحاج الحافظ، ان هذا الاتحاد هو المنظمة الإسلامية الوحيدة القانونية التي ترعى شؤون المسلمين طبقا للمادة 19 من الدستور المقدوني.
الاوقاف الإسلامية
واضاف: اما الاوقاف الإسلامية في مقدونية فتضم 600 مسجدا و13 دارافتاء ومدن اخرى تابعة لدور الافتاء هذه، حيث ان لكل دار افتاء ادارة يرأسها مفتي الدار. ويعمل تحت ادارة الاتحاد الإسلامي نحو 1200 امام وخطيب ومدرس، جميهعم من خريجي الجامعات الإسلامية في المدينة المنورة، وجامعة الازهر، وجامعة الامام محمد بن سعود الرياض وجامعات الاردن ودمشق والمغرب وليبيا ولبنان ودول أخرى.
معاناة المسلمين في الحرب
وعن سبب اندلاع الحرب على المسلمين في مقدونية، قال:
لقد حاول المقدونيون بعد الانفصال عن الاتحاد اليوغسلافي أن يسيطروا على الحكم ويحرموا المسلمين من حق المشاركة في الوزرات والإدارات بالنسبة إلى عددهم، وكذلك عدم الاعتراف بلغتهم الالبانية لذلك رفضنا الإجحاف والغبن وقام جيش التحرير بسلسلة معارك دفاعية لرد هجمات المقدونيين عن مدننا وقرانا، ونحن لن نكن نرغب في الاعتداء على أحد وإنما منع التهجير والدفاع عن أهلنا في المدن المقدونية، خصوصا بعد ان تأكد لنا أن قصف القرى التي يقطنها المسلمون كانت تأخذ ميزة التطهير العرقي والابادة الجماعية وممارسة الاستراتيجية المعروفة بالأرض المحروقة، خاصة وان سكان هذه المناطق رفضوا الاستجابة لتهديدات المقدونيين المتكررة بالجلاء عن القرى خشية انهم إذا تركوا بيوتهم فإنهم لن يستطيعوا العودة إليها ثانية بالتأكيد، لانها ستدمر تماما، والدليل على ذلك أن اولئك الذين تركوا قراهم في مرتفعات شارا وضواحي سكوبيا لم يعد في مقدورهم العودة إليها، وقد زادتهم الخبرة يقينا ما حدث في جمهوريات يوغسلافيا السابقة، وخاصة في البوسنة والهرسك وكوسوفا حيث لا يزال اللاجئون منذ عدة سنوات غير قادرين على العودة إلى بيوتهم، ولا اعادة تشييد مراكزهم الدينية في البلاد، لذا وجدنا انفسنا مضطرين لمناشدة المسلمين بأن لا ينزحوا أو يهاجروا، على الرغم من التدمير الواسع للبنية التحتية في الارياف والمؤسسات الدينية المذكورة.
حرب حاقدة
ويضيف الشيخ الحافظ: لقد كان واضحا للعيان تعمد القوات المقدونية قصف الجوامع وخاصة في منطقة كومانوفو، لكي يزيلوا معالم الوجود الإسلامي في تلك المنطقة.
ولا نزال إلى الآن نتساءل كغيرنا من ذوي النوايا الحسنة كيف يمكن لاؤلائك السياسيين والمثقفين والاعلاميين ورجال الدين الذين ساهموا بشكل مباشر أوغير مباشر في اثارة الحروب الدينية والعرقية في كرواتيا والبوسنة والهرسك وكوسوفا، ولآن في مقدونيا، ألم تصعب عليهم جميع تلك القبور واولئك المشردون والأطفال الذين فقدوا آباءهم؟ نحن على يقين بأنه إذا لم تطلهم يد العدالة البشرية فسوف تصلهم العدالة الإلهية، ولكن للاسف ستصل لاطفالهم واسرهم، وسوف يتواصل جسر الضغائن العرقية والدينية؟
المسلمون في مقدونية
وعن وضع المسلمين الآن في مقدونية قال الحاج الحافظ، لقد جلسنا على طاولة المفاوضات مع المقدونيين ووقعنا على معاهدة "أخريد" وهي مدينة سياحية في مقدونيا، بعد أن جرى الاعتراف بلغتنا الالبانية كلغة رسمية بجانب اللغة المقدونية، وكذلك الاعتراف بالاتحاد الإسلامي في المادة 19 بجانب الكنيسة الأرثوذكسية، والاعتراف بالتحدث باللغة الالبانية في المناطق التي يكون أكثر سكانها من المسلمين، ونجحنا في تحسين وضع المسلمين في المناطق الحكومية حيث يمثل عددنا نحو خمسين في المائة من السكان البالغ عددهم حوالي مليونين و400 ألف نسمة.
وأشار إلى أن ابرز المؤسسات الإسلامية غير الأوقاف ودور الافتاء هي المدرسة الإسلامية عيسى بك الثانوية التي انشئت في العام 1984 وهي مدرسة نموذجية أي فيها مسكن للطلاب وبها يدرس أكثر من 500 طالب يتخرجون بوظيفة خطيب أو مدرس نظرا لحاجة مناطقنا إلى خطباء ومدرسين.
اما كلية العلوم الإسلامية فقد تم انشاؤها عام 1995 وتهتم بتدريس العلوم الشرعية لتخريج أئمة ومدرسي فتوى وعلماء، وفي مكتبة (عيسى بيك) كتب اسلامية ومحفوظات قديمة نتمنى أن يتم تزويدها بالمزيد من المصاحف والكتب الدينية المختلفة.
وختم الحاج الحافظ حديثه بالقول. ان مجلس الشورى في الاتحاد الإسلامي في مقدونية حريص على ان تبقى مقدونية متعددة الاعراق والديانات، وكل خيار آخر سيؤدي إلى زوالها، ونحن المسلمين نؤكد دائما كما أمر ديننا على سياسة الحوار وندعو المسلمين في انحاء العالم إلى مساعدتنا ودعم مؤسساتنا وجمعياتنا ومدارسنا لنعوض ما فاتنا من دمار وخراب.