عرض مشاركة واحدة
قديم 26-03-2009, 06:22 AM   #3

Sa Vi
عضو سوبر





• الانـتـسـاب » Nov 2007
• رقـم العـضـويـة » 5465
• المشـــاركـات » 2,793
• الـدولـة » Alexandria
• الـهـوايـة » SQL , C# C++ Pk2 , PSD
• اسـم الـسـيـرفـر » Private Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 13
Sa Vi صـاعـد

Sa Vi غير متواجد حالياً



افتراضي




[IMG]http://up111.***********/s/492m9cav5t.gif[/IMG]
السيد شمس بدران وزير الحربية أثناء محاكمته عام 1968

[IMG]http://up111.***********/s/492m9cav5t.gif[/IMG]
ومن المؤسف والمؤلم أن يكون كلام المشير عامر- إذا صح ما نسب إليه - عندما سأله الرئيس عبد الناصر فى مؤتمر مايو 1967 عن استعداد القوات المسلحة لتنفيذ إغلاق المضايق، بعد أن قال عبد الناصر: إذا قفلنا المضايق فالحرب مؤكدة 100%.. كان رد المشير عبد الحكيم عامر : برقبتي يا ريس، كل شيء على أتم استعداد .. كان ذلك هو الفيصل فى الحكم على القدرة القتالية للقوات المسلحة واستعدادها للحرب برغم أنه كلام سطحي لا يستند على أساس عسكري. كما أن أسلوب اتخاذ هذا القرار السياسي الهام والخطير ليس هو الأسلوب العلمي الصحيح لزج القوات المسلحة فى حرب ضد إسرائيل.
• لم يكن خافياً على القياديتين السياسية والعسكرية أن قواتنا المسلحة تعمل بمرتبات السلم المخفضة عندما اتخذ القرار السياسي بإغلاق المضايق. فقد كان هناك قرار أصدره وزير الحربية بتسريح دفعة من الاحتياط قبل موعدها بشهرين مع تأخير استعواض الوحدات بالمستجدين لمدة ثلاثة أشهر. بهدف ضغط مصروفات القوات المسلحة تنفيذاً لقرارات ضغط ميزانية الدولة. وكان هذا القرار يطبق من مارس حتى يونيو1967 ومعنى ذلك أنه لم يكن هناك احتمال لتصعيد الموقف السياسي والعسكري مع إسرائيل وهو ما تم فى مايو 1967.
• ولم يكن النقص مقصوراً على الأفراد بل كان يشمل أيضاً نقص فى الأسلحة والمعدات فى القوات البرية يوم 14 مايو قياسا على مرتبات الحرب. وكان النقص بصفة عامة فى الأسلحة الصغيرة 30% وفى قطع المدفعية 24% وفى دبابات التعاون الوثيق 45% وفى الحملة الميكانيكية من 40-70%.
• وقد كنا نتباهى ونعلن سنوياً أننا نملك أكبر قوة جوية فى الشرق الأوسط لعدة سنوات سابقة لحرب يونيو، ولكن الحقيقة كانت خلاف ذلك. فقد كانت كفاءتها القتالية أقل من مستوى السلاح الجوي الإسرائيلي الذي عملت قيادته على تطويره كما ونوعاً وتدريباً خلال السنوات العشر السابقة لحرب يونيو،



الأمر الذي حقق له النجاح فى ضربته الجوية الأولى ومكنه من تدمير الجزء الأكبر من طائراتنا وهي على الأرض خلال الساعات الثلاث الأولى من الحرب.
وليس من المتصور أن يكون موقف القوات الجوية والدفاع الجوي غير معروف للقيادة العليا للقوات المسلحة والمشير عامر عندما قرر فى الاجتماع السياسي فى مايو أن القوات المسلحة جاهزة وعلى أتم استعداد لتنفيذ إغلاق مضيق العقبة. ومن الواضح أن إسرائيل كانت على علم تام بالقدرات الحقيقية لقواتنا الجوية والدفاع الجوي عندما قررت شن الحرب علينا.
• وأصبحت موضوعات الأمن لها الأسبقية الأولى والأهمية القصوى بالنسبة لأي عمل عسكري آخر. وأصبحت فكرة الولاء قبل الكفاءة تسود العمل فى القوات المسلحة وطبقت هذه الفكرة بوضوح فى نشرات التنقلات التي تمت بين القادة قبل وأثناء فترة الحشد مما
جعل بعض التشكيلات الميدانية يتولى قيادتها أهل الثقة وليس أهل الكفاءة.
وكان موضوع الأمن هو الموضوع الأول الذي يشغل بال المشير عامر والوزير شمس بدران، وتعددت الأجهزة التي تعمل لتحقيق أمن القوات المسلحة. ومن هنا تحول مجهود إدارة المخابرات الحربية - كأسبقية أولى - لموضوعات الأمن. ولم تعطي الأهمية الواجبة للحصول على المعلومات عن العدو ومتابعة حجم وأساليب قتاله وتقدير نواياه.
• واستناداً إلى الحقائق السابق توضيحها يمكن القول إن القرار السياسي بإغلاق مضيق العقبة لم يكن محسوباً بطريقة صحيحة من الناحية العسكرية بناء على القدرات الحقيقية لكل من مصر وإسرائيل وقتئذ. وهنا يتبادر إلى الذهن، هل كانت هذه الحالة معروفة للقيادة السياسية وتجاهلتها عند اتخاذ القرارات السياسية - طلب سحب قوات الطوارئ الدوليـة وإغـلاق المضيق - والذي كان مؤكداً أن يترتب عليها نشوب الحرب ؟ أم أن القيادة السياسية لم تكن تعلم موقف القوات المسلحة، وهل يقبل أن تكون كل هذه الحقائق غير معروفة لها فى الوقت الذي كان من الطبيعي أنها معروفة لإسرائيل والدول الكبرى ؟.
• وجاء الدور على شمس بدران وزير الحربية بتقديمه للمحاكمة. وأثناء هذه المحاكمة فى فبراير 1968 سأله رئيس المحكمة عن رأيه فيما حدث، وترتب عليه هزيمة يونيو رد قائلاً :
- لما تطور الموقف ورأينا أننا لازم نسحب البوليس الدولي علشان نبين أن إحنا جاهزين للهجوم، لأن وجود البوليس الدولي يمنع أي عملية دخول لقواتنا، وانسحب البوليس الدولي استتبع ذلك احتلال شرم الشيخ الذي استتبع قفل خليج العقبة .. وكان الرأي أن جيشنا جاهز للقيام بعمليات ضد إسرائيل وكنا متأكدين 100% أن إسرائيل لا تجرؤ على الهجوم أو أخذ الخطوة الأولى أو المبادرة بالضربة الأولى، وإن دخول إسرائيل أي عملية معناها عملية انتحارية لأنها قطعاً ستهزم فى هذه العملية.
ولما سألته المحكمة مستفسرة عن رأيه فى أن الرئيس عبد الناصر قرر قفل خليج العقبة بعد أن أخذ "تمام" من القائد المسئول. رد شمس بدران قائلا :
- القائد العام (المشير عامر) أعطى تمام وقال أقدر أنفذ وبعدين من جهة التنفيذ كان صعب عليه.
علق رئيس المحكمة على كلام شمس بدران بقوله :
والله إذا كانت الأمور تسير بهذا الشكل، وتحسب على هذا الأساس، ولا تكون فيه مسئولية الكلمة ومسئولية التصرف، يبقى مش كتير اللي حصل لنا.
• وفى مصر، لابد من التعمق فى معرفة أسباب الهزيمة للخروج منها بالدروس المستفادة بعد أن فقدنا نتيجة لهذه الحرب سيناء وقطاع غزة واستشهد لنا 9800 (تسعة آلاف وثمانمائة) رجل بين شهيد ومفقود، وخسرنا الجزء الأكبر من أسلحة ومعدات القوات المسلحة، وتحمل الاقتصاد المصري عبئاً جسيماً تطلب تضحيات من الشعب أثقلت كاهله.
وبنظرة موضوعية لما حدث فى مصر خلال هذه الحرب، نجد أن الهزيمة التي لحقت بنا كانت المحصلة الطبيعية لأخطاء سياسية وأخرى عسكرية، تراكمت منذ العدوان الثلاثي على مصر1956، والآثار التي نتجت عن انفصال سوريا ومصر عام 1961 وحرب اليمن عام 1962 التي استمرت القوات المصرية تقاتل هناك خمسة أعوام، وعدم وجود تنظيم لشئون الدفاع عن الدولة، والخلل فى أسلوب القيادة والسيطرة على القوات المسلحة.
• ولعل أبرز الأخطاء التي حدثت فى حرب يونيو، كان عدم وجود استراتيجية عليا للدولة تحدد الهدف السياسي المطلوب تحقيقه، وعمل التوازن والتنسيق بين الهدف السياسي وقدرات الدولة على تنفيذه سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً .. لقد صدرت قرارات سياسية ثلاثة، وهي حشد القوات فى سيناء ثم سحب قوات الطوارئ الدولية ثم إغلاق مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية، دون تنسيق مسبق مع القيادة العامة للقوات المسلحة، برغم إن عبد الناصر قدر خلال مايو 1967- قبل إغلاق المضيق - أن إغلاقه يجعل نشوب الحرب مؤكداً 100%. ومن متابعة وتحليل أحداث مايو ويونيو1967 نجد أن القيادة السياسية فى مصر حاولت القيام بمغامرة سياسية تدعمها مظاهرة عسكرية لتحقيق مكاسب سياسية، فتحولت إلى حرب حقيقية لم تكن مصر على استعداد لخوضها. وإظهار القوة العسكرية أو التلويح باستخدامها عمل معروف، ولكن يجب أن يكون العمل العسكري مخططاً وقادراً على تنفيذ القرار السياسي.
فالحرب هي امتداد للسياسة بالنيران. والحقيقة أنه تم استدراج القيادة السياسية فى مصر للدخول فى حرب ضد إسرائيل التي استعدت لخوضها منذ وقت طويل.
وهكذا يؤكد المشير الجمسى ما قلناه من قبل من أن فى مصر دائماً القرار السياسي يصدر دون الرجوع أو التشاور مع العسكريين. وقد أدى هذا إلى ثلاث هزائم متلاحقة.. ففي 1948 قرر النقراشى رئيس وزراء مصر وقتها دخول الحرب كمظاهرة عسكرية. وفى 1956 اتخذ الرئيس عبد الناصر قرار التأميم للقناة وهو يعلم مدى رد الفعل الغربي دون التشاور أيضاً.. وفى 1967 وضح ما نقوله تماماً وجاء على لسان كل من كان ينظر إلى الأمور والأحداث الجارية بنظرة وطنية مخلصة.
وحتى يكتمل هذا الجزء من الكتاب، وقد حاولت قدر الجهد أن أعرض ما حدث فى الجولات المصرية - الإسرائيلية الثلاث بصدق شديد، عرضت فيه كل ما تمكنت من وثائق، وشهادات شهود، وآراء خبراء، ومحللين مصريين وإسرائيليين، وأجانب، عسكريين ومدنيين .. كان ولابد وأن أعرض شهادة للتاريخ من فم الشاهد الأول والأهم فى هذه الأحداث الرئيس جمال عبد الناصر.

الرئيس جمال عبد الناصر
أنقل هنا أقوال الرئيس عبد الناصر فى وثيقة رسمية ضمن كتاب الانفجار للسيد/ محمد حسنين هيكل الذي لديه وثائق وشهادات كثيرة يعجز أي أحد غيره عن الوصول إليها.. يقول السيد هيكل فى كتابه صفحة 890 :
وفى الأسبوع الأول من شهر يوليو تم الاتفاق على إجراء مجموعة من المشاورات فى القاهرة تشارك فيها الجمهورية العربية المتحدة بالطبع، وسوريا، والأردن، والجزائر، والعراق.


وكان أول القادمين لهذه المشاورات هو الرئيس "هوارى بومدين" الذي وصل بالفعل إلى القاهرة، وبدأ أول اجتماع له مع "جمال عبد الناصر" فى الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم 10 يوليو 1967. وطبقاً للمحضر الرسمي المفرغ عن شريط تسجيل لهذه الجلسة فإن الصفحة الأولى منه حوت مكان الاجتماع وتوقيته، وأسماء المشاركين فيه من الجانبين.
وفى الصفحة الثانية من المحضر يبدأ الرئيس جمال عبد الناصر بالترحيب بالرئيس بومدين ...... ثم توجه بومدين فى الصفحة الثالثة من المحضر بسؤال للرئيس جمال عبد الناصر يسأل فيه عما حدث وفى نفس هذه الصفحة من المحضر يبدأ جمال عبد الناصر بعرض رأيه فيما حدث فيقول بالنص :
*** الحقيقة التي لا أستطيع إخفاؤها عن الإخوان هي أنني حتى هذه اللحظة غير قادر بالضبط على فهم ما حصل، وكيف حصل، ونحن نقوم بدراسات مكثفة لمعرفة الحقيقة، واعتقادي المبدئي الآن أن هناك عوامل أساسية أثرت وأوصلت لهذه النتيجة.

العامل الأول هو الثقة فى النفس أكثر من اللازم، بل وصل الأمر إلى حد التبجح بهذه الثقة. وقد رحنا نتكلم ونتكلم حتى صدقنا أننا نستطيع أن نتصدى لإسرائيل ولأمريكا.
والعامل الثاني هو أن الجيش لم يكن بالكفاءة التي كنا نقدرها، وأنا أقول لكم هذا الكلام بصراحة. والذي أضر بكفاءة الجيش هو فكرة الأمن أو تصور فكرة الأمن. فتحت اسم الأمن كان يجرى تنظيم الجيش وتوزيع الناس على محلاتهم. وباسم الأمن جلس ناس فى غير مقاعدهم والمثل الظاهر هو الطيران. ومع الأسف فنحن لم نستفد من دروس 1956 ولا من دروس الانفصال. وعلى هذا بقى صدقي محمود قائداً للطيران 11 سنة بعد السويس.
والعامل الثالث هو اتجاهنا إلى عدم أخذ الأمور بجدية نتيجة نقص المعلومات، ونتيجة التراخي فى تنفيذ ما يترتب على هذه المعلومات. وأنا شخصياً حذرت صدقي محمود وقلت له فى آخر اجتماع حضرته فى هيئة أركان الحرب إن الهجوم سيحصل يوم الاثنين. وإن الضربة الأولى ستكون ضد الطيران. وأنا لم أكن فى هذا متنبئ وإنما كنت حاسب الحساب ومقدر أن ذلك سيحدث. فى البداية قلت الحرب بنسبة 50%. ثم قلت أن النسبة أصبحت 80%. ثم وصلت إلى يقين أن الحرب واقعة بنسبة 100%. وأنت تتذكر (موجها كلامه للرئيس بومدين فى نهاية صفحة 4 من المحضر) أن الأخ زكريا حينما زاركم فى الجزائر قبل المعركة بيومين نقل اعتقادي بأن الحرب قائمة بنسبة 100%.
وفـى هذه النقطة من الحديث تدخل السيد زكريا محي الدين وقال : أنا بالفعل نقلت هذه المعلومات إلى الرئيس بومدين وأن الرئيس بومدين وافق على ما قاله السيد زكريا محيي الدين وتسجل الصفحة الخامسة من المحضر أن الرئيس جمال عبد الناصر عاد يستكمل كلامه قائلاً : أنا اتكلمت معهم يوم الجمعة 2 يونيو على أساس أن الضربة قادمة يوم الاثنين 5 يونيو، يوم السبت قام الطيران بعمل مظلة جوية للإنذار المبكر والاشتباك، ويـوم الأحـد حدث نفس الشيء وخرجت مظلة جوية. يوم الاثنين لم تكن هناك مظلة جوية وفوجئنا بالطائرات الإسرائيلية فوق مطارتنا دون أن يشعر بها أحد، وهذا موضوع نحقق فيه. كنت أعتقد أن خطتنا للدفاع الجوي مضبوطة، وقد رأيتها على الورق، وجاء نائب قائد الدفاع الجوي السوفيتي وقابلني ومعه صدقي محمود قبل الأزمة بوقت طويل. وقال لي نائب قائد الدفاع الجوي السوفيتي إن خطة الدفاع التي رآها على الورق وعلى الطبيعة معقولة جداً. وإنه وخبراؤه لاحظوا وجود ثغرات فيها وقد أخطر بذلك صدقي محمود، وتم الاتفاق على عمليات تكملة. ولكن هذا لم يحدث كما يظهر لي الآن. فدفاعنا الجوي أصيب بالشلل. وهذا موضوع نحقق فيه الآن.
والعامل الرابع هو أن القيادة العسكرية عندنا لم تكن مستعدة لتصديق المعلومات التي تجئ لها كان لديهم تصور محدد، لم يكونوا مستعدين لقبول أي شيء يختلف عن هذا التصور. وعلى سبيل المثال فالروس أبلغونا يوم الخميس (1 يونيو - وهذا الكلام وارد فى الصفحة السابعة من المحضر) عن حجم قوات اليهود من المدرعات وقالوا أنها 9 لواءات. وكانت القيادة عندنا مصممة على أن اليهود ليس عندهم إلا خمسة لواءات. وقد ناقشنا هذا الكلام فى اجتماع يوم الجمعة 2 يونيو. وقلت لهم على أي أساس تقولون إن إسرائيل لديها 5 لواءات بينما الروس ولديهم كل إمكانيات المعلومات يقولون إن لديها تسعة. وكان الرد الذي كرره عبد الحكيم عامر وعدد من القادة هو أن معلومات السوفيت مبالغ فيها، وهم يهولون فى الموضوع لكي يخيفونا ويجعلونا نتردد ولا ندخل المعركة. وأيضاً قالوا إن الروس فيما يظهر لهم حسبوا الدبابات الإسرائيلية القديمة من طراز "شيرمان" وهي لم تعد صالحة للعمل وبالتالي لا تدخل فى الحساب. وكان هذا كله ضمن عوارض الثقة بالنفس أكثر من اللازم مما يجعلك تقلل من قوة العدو لكي تزيد من قوتك.
والعامل الخامس، وهذا هو الذي يذهلني حتى الآن، هو أن القيادة العامة بعد ضربة الطيران أصبحت مثل واحد حصل له انفجار فى المخ وأصيب بالشلل جسمه كله.
والعامل السادس هو أن الخطط التي كانت معدة كانت محكومة أيضاً بالثقة بالنفس. وقد دهشت من أنه لم تكن هناك دفاعات فى الخطة وراء العريش. ولذلك فإنه حينما حدث الارتباك والانفجار فى المخ وتمكنت القوات الإسرائيلية من دخول العريش لم يحدث قتال وراءها فى القطاع الشمالي، وإنما اندفعت المدرعات الإسرائيلية على طريق أسفلتي جديد كنا بنيناه بين العريش والقنطرة حتى وصلت دون قتال إلى شاطئ قناة السويس.
والعامل السابع هو الخلط بين الوهم والواقع (صفحة 11 من المحضر) فأنا قلت للقيادة العامة من البداية إننا سندخل معركة دفاعية، وهي معركة تتفق مع خططنا التي كانت موجودة مع إمكانياتنا المتوفرة. ولا أعرف من أين ركبتهم حكاية أنهم لازم يبدأوا بالهجوم بينما هو فى رأيي مستحيل من الناحية السياسية.
وعبد الحكيم قالي لي وهو يناقش فى هذا الموضوع إنه إذا كان هدفي من تحرك القوات المصرية بعد الحشود على سوريا هو نجدة سوريا بالفعل فمعنى ذلك أننا لابد أن نهجم وإلا فنحن لا ننجدها. وحاولت أن أشرح له أن مجرد حشد قواتنا سيفرض على إسرائيل أن تستعد لنوايانا وتحول حشودها من الشمال إلى الجنوب. وهذا هو المطلوب للتخفيف عن سوريا.
وأما موضوع أن يتحول هذا إلى هجوم فهذا له حسابات أخرى. والغريب أنهم ظلوا مع ذلك يتوهمون إمكانية الهجوم. وجدت تحركات كثيرة خلافاً للخطط الأصلية على أساس إمكانية الهجوم. وكانوا يتصورون أن يقوموا بالهجوم من الجنوب فى اتجاه إيلات. وعندما هاجم الإسرائيليون من الشمال نسوا القوات التي حشدوها للهجوم فى الجنوب. وقبل هذا كله لم تكن عندنا خطط حقيقية للهجوم. نحن استطلعنا الجبهة الجنوبية لإسرائيل، ولكننا لم نكن نعرف ما فيه الكفاية عن الجبهة الوسطى أو الشمالية. وبالتالي فالهجوم لا تتوفر لدينا إمكانياته المادية فضلاً عن المخاطر السياسية التي تلحق بنا إذا حاولناه. معنى ذلك أننا نعطي لأمريكا دعوة مفتوحة بضربنا بكل وسائلها ولا يستطيع أحد أن يفتح فمه.
وخلص جمال عبد الناصر فى صفحة 15 من المحضر إلى أن يقول : قراءتي للموقف أنه لم تحدث فى الواقع حرب. حدث قتال عنيف جداً فى مناطق متفرقة وحصلت بطولات هائلة فى الحقيقة. ومات واستشهد وضحى ناس أثبتوا أنهم رجال. وفعلوا ذلك وفوقهم قيادة لا تقود لأنها فقدت أعصابها إلى درجة أنهم أخطروني أن اليهود ينزلون بالباراشوت على الناحية الغربية من القناة فى حين كانت الحقيقة أن اليهود كانوا يلقون بتموين وذخائر بالباراشوت للقوات التي وصلت إلى ضفة القناة الشرقية أسرع مما توقعت القيادة الإسرائيلية. وفقدان الأعصاب هذا جعل الأوامر متضاربة. وقد عرضت على عندما بدأ التحقيق مجموعات أوامر صادرة فى نفس الوقت، بعضها يأمر بالانسحاب إلى خط الدفاع الثاني، وبعضها يطلب الانسحاب إلى غرب القناة. وكان معنى هذا فوضى فى الانسحاب. وعملية الانسحاب هي أصعب العمليات فى الحرب.
وفى النهاية وجدت أمامي كارثة لابد أن أوقفها عند حد، وكان قبولي لوقف إطلاق النار. ولم أفكر لحظة فى استعمال أسلحة غير تقليدية كالصواريخ أو الغازات لأنه لم يكن لاستعمالها من نتيجة سوى أنني أزود الاستفزاز وأعرض مرافقنا المائية والصناعية لضربات انتقامية عقابية. وعلى أي حال فالصواريخ لم تكن مستعدة بأجهزة التوجيه. والغازات كان يمكن أن تثير علينا الدنيا بدون فائدة لأن الفرصة راحت ..
ونكتفي من أقوال الرئيس جمال عبد الناصر بهذا القدر.. وقد حمل نفسه المسئولية الأدبية عن الهزيمة وكأنه ضيف شرف فى تلك الأمور التي حدثت. وألقى بالمسئولية كاملة عن الهزيمة فوق كاهل القيادة العسكرية (المشير عبد الحكيم عامر) وخاصة القوات الجوية. وأفاض وأسهب فى شرح أوجه القصور التي كانت عليها القيادة العسكرية، والقوات الجوية المصرية .. ونحن لا ندافع عن القيادة العسكرية أو القوات الجوية بل أوضحنا هذا فى الفصول السابقة .. ولكن أقوال الرئيس عبد الناصر تحتم علينا أن نعلق عليها ونطرح أسئلة كثيرة لأننا شرحنا فى الفصول السابقة أن الهزيمة كانت قبل بداية الحرب وذكرنا كل العوامل التي أدت إلى تلك الهزيمة.
ذكر الرئيس عبد الناصر سبعة عوامل هي التي أدت إلى الهزيمة. لم يذكر فى هذه العوامل أي شيء عن القرار السياسي وهو قرار نبع منه هو شخصياً ولم يشاركه فيه أحد .. ويبدأ الرئيس عبد الناصر بأنه يلوم نفسه لأنه كان يتحدث بثقة أكثر من اللازم، ثم على الفور يتبعها بأن الجيش لم يكن بالكفاءة التي كنا نقدرها .. حقاً لم يكن بالكفاءة المطلوبة وهنا نتساءل :
من أين إذن كان الرئيس جمال عبد الناصر يستمد تلك الثقة الأكثر من اللازم ؟
لماذا أصر على بقاء القوات المسلحة فى اليمن رغم تحذير الفريق أنور القاضي له من هذا الوضع؟
لماذا ترك أهل الثقة والمقربين من المشير عامر فى المواقع الحساسة من الجيش ؟ مستبعديـن بذلـك الضباط الأكفاء ؟؟ وهل كان راضياً عن هذا ؟؟ أم أنه كان مجبراً؟؟ أم أنه كان لا يدرى عن القوات المسلحة صورتها الحقيقية ؟؟

ويتعلل الرئيس عبد الناصر بأن الهزيمة فى 5 يونيو67 وقعت لأننا لم نستفد من دروس حرب عام 1956 .. ونتساءل عن الأسباب التي عطلت دراسة حرب 56 لمدة أحد عشر عاماً. وبصفته رئيساً للدولة لماذا لم تعمل الأجهزة المختلفة وخاصة فى القوات المسلحة على دراسة هذه الحرب والخروج بالدروس المستفادة منها.
ويقول الرئيس عبد الناصر ويؤكد أن الخطة كانت دفاعية لأن إمكانياتنا لا تسمح بالهجوم ويتهم القيادة العسكرية أنها هي التي غيرت الخطط وتحولت إلى خطط هجومية يستحيل تنفيذها سياسياً وهنا نتساءل :
أولا موقع الرئيس عبد الناصر فى تنظيم الدولة المصرية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة أي أن المفروض أن المشير عامر يتبعه. والتحول من الدفاع إلى الهجوم أمر يخص الدولة وليس القوات المسلحة فلماذا تغاضى عن هذا ؟؟

ثانيا إذا كان مفهوم الحشد ودخول القوات المسلحة إلى سيناء للدفاع فلماذا اتخذ قرار إخلاء قوات الطوارئ الدولية ؟‍! ولماذا قام بإغلاق خليج العقبة ؟
وفى ختام الحديث يقول الرئيس عبد الناصر إن الصواريخ لم تكن مستعدة بأجهزة التوجيه. وقد شرحنا قصة هذه الصواريخ فى فصل سابق لكن نتساءل :
فى الاستعراض السنوي فى 23 يوليو احتفالا بذكرى قيام الثورة كانت الصواريخ (القاهر والظافر) تمر أمام الرئيس واستمر هذا سنوات قبل 1967. كانت الصحافة والإعلام تفرد لها الكثير من الصور والمقالات، حتى بات يقينا عند كل المصريين البسطاء أن لدينا صواريخ جاهزة للرد على أي عدوان إسرائيلي ..
فهل كان السيد الرئيس جمال عبد الناصر يعلم أن الصواريخ التي تمر أمامه فى العرض العسكري نماذج فاشلة لا يمكن استخدامها ..؟؟

ومنذ كم من السنوات قبل الحرب كان يعلم أن هذه الصواريخ ليست جاهزة ؟؟
ولماذا سكت الرئيس عبد الناصر طوال تلك السنوات ؟؟
وهل كان يساهم مع قيادة القوات المسلحة فى خداع شعب مصر ؟؟
لقد تمت محاكمة عدد من قيادات القوات المسلحة والقوات الجوية وحكم على أغلبهم بالسجن لعدة أعوام طويلة وكانت التهمة الموجهة لهم هي الإهمال والتقصير فى أداء واجبهم قبل وأثناء الحرب .. ومع اعترافي بصحة هذه التهمة إلا أن التقصير والإهمال والقرارات الخاطئة كانت تنفيذاً لقرار سياسي خاطئ لم يحاكم عليه المسئول الذي أصدره.


يتبع ,,

[IMG]http://up111.***********/s/492m9cav5t.gif[/IMG]



التعديل الأخير تم بواسطة Sa Vi ; 27-03-2009 الساعة 05:16 AM