حفظ بياناتي ؟

1/01/2023

22/05/2024_hema

22/05/2024_hema

END_shaher_08/02/2024

29_02_2023

ID:100_01_05_2024

END_tusk_04/01/2024

hossam_02_03_2023

END 14/6/2024

END 15/05/2024_9699

END_27/06/2024

ID:102_02/06/2024

ID:103_02/06/2024

ID:104_05/06/2024

ID:105_10/06/2024

ID:106_24/06/2024

END 27/06/2024

25/01/2022

QueenSro

ID:100_01_06_2024

END_tusk_04/01/2024

END_Ibrahim_Abde_05/05/2024

END 14/6/2024

END_27/06/2024

END ID:101_17/05/2024

ID:102_02/06/2024

END 19/06/2024

END 19/06/2024

END 22/08/2024

END 27/06/2024

 الـجـروب الـرسـمى لـلـمـنـتـدى FaceBook | Official Group 


شـريـط الاهـداءات



آرشـيـف الـمـواضـيـع الـمـمـيـزة هنا يتم نقل الموضوعات المميزه فى القسم العام ليكون هذا القسم بمثابه الارشيف للموضوعات المميزه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-2010, 05:58 PM   #1

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** - ** الدولة الاسلامية الكبرى - والفتوحات ** - **




الاخوة والاخوات اعضاء منتدانا المحترمين

الساده المشرفين والمراقبين الافاضل

تحية طيبة وبعد

كما عودناكم مع حصرياتنا المميزة ومواضيعنا القيمة نقدم لكم هذه المرة سلسلة من ازهى عصور المعرفة والانتصارات والتضحية والجهاد نعيش معكم في ربوع الخلافه وفي ميادين المعارك الكبرى التى اسست لاعظم دولة عرفها التاريخ

موسوعتنا هذه المرة تاريخية تتحدث عن حضارة امتدت من حدود الصين شرقا الى سواحل المحيط الاطلسى غربا ومن جبال الاورال شمالا الى المحيط الهندى جنوبا اقامها رجالا كانوا فرسانا بالنهار ورهبانا بالليل فاهلا بكم معنا في موسوعتنا الجديده

** الدولة الاسلامية الكبرى - والفتوحات **

وسوف نبدأ معكم ببداية الدولة الاسلامية بعد عصر النبى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وبداية من عهد خليفتنا الاول الخليفة الراشد ابو بكر الصديق وسوف نستمر معكم حتى نهاية الدولة العباسية مرتحلين معكم عبر التاريخ لنرى انجازات العظماء رجال باعوا الدنيا واشتروا الاخرة رجال احبوا الموت فوهبت لهم الحياة .


واخيرا ملحوظه هامة جدا

يا ليت الاخوة والاخوات ان يكتفوا فقط بالقراءة ولا داعي للردود مثل مشكور وشكرا وهذه النوعية من الردود وسوف اطلب من مشرفينا الافاضل ان يقوموا فورا بحذف اي مشاركة من هذه العينة فارجوا منكم احترام الموضوع والمجهود المبذول فيه

** وسأعتبر قرائتك للموضوع كلمة شكر **

دمتم بكل خير وود

ومساكم سكر

ميسون في .......الاحد الموافق 2 / 1 / 2010 م

جميع الحقوق محفوظة - silkroad4arab - ميسون


بالنسبة لاستكمال باقى الحلقات قامت الاخت مشكوره بارسالها وجارى اضافتها للسلسلة وسوف اقوم انا باكمالها ان شاء الله

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] في الاربعاء الموافق 6 / 1 / 2010 م


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة it is me ; 06-01-2010 الساعة 11:21 AM

إعلانات google

قديم 02-01-2010, 05:59 PM   #2

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** الحلقة الاولى **








مقدمة

بعد وفاة رسول الإسلام محمد بن عبد الله(صلى الله عليه وسلم) في المدينة المنورة بويع أبو بكر بالخلافة وحارب قبائل العرب في حروب الردة وبعدها فتح المسلمون بلاد الروم البيزنطيين والفرس الساسانيين. ففتحوا الشام ومصر والعراق وفارس. بعدها ازدهرت الحضارة الإسلامية في الدول التي دانت بالإسلام ودانت له طواعية تحت ظل الخلافة الراشدة وحكم الدولتين الأموية والعباسية . و لقد ظلت الخلافة الراشدة ثلاثين عاما (632 – 661 م). وكان الخليفة عمر أول من أقيمت المدن الإسلامية في عهده كالكوفة وفسطاط ومدن أسلامية عديدة .
تأسست الدولة الأموية (661 - 750 م) وكانت عاصمتها دمشق وحكمت حوالي قرن. وكانت تمتد من غربي الصين إلى جنوب فرنسا حيث كانت الغزوات الإسلامية وقتها تمتد من شمال أفريقيا إلى إسبانيا وجنوب فرنسا بغرب أوروبا, وبالسند في وسط آسيا وفيما وراء نهري جيحون وسيحون. واقيمت المؤسسات الإسلامية والمساجد والمكتبات في كل البقاع التي غزاها الأمويون .
وحاول الخلفاء الأمويون بدمشق غزو مدينة القسطنطينية عام 717 م. وإبان حكمهم غزوا جميع البلاد في شمال أفريقيا. وكان أول نزول لقوات الدعوة الإسلامية في عصر الدولة الأموية وضمت أرض الأندلس بشبه جزيرة إيبريا (أسبانيا والبرتغال) . فكان أول انتصار للمسلمين هناك عام 92 هجرية (711 م) في معركة وادي البرباط, لتبدأ مسيرة الغزوات الإسلامية بجنوب إيطاليا وصقلية. فلقد بلغت الدعوة الإسلامية برنديزي والبندقية بإيطاليا على بحرالأدرياتيك. وخضعت كل جزر البحر الأبيض المتوسط من كريت شرقا حتى كورسيكا غربا للحكم الإسلامي .
وكانت الخلافة الأموية الثانية بالأندلس 756 – 1031 م عاصمتها قرطبة التي شيدها الأمويون على غرار عاصمتهم دمشق. وكانت أكبر مدينة في أوروبا. وحكموا الأندلس زهاء قرنين. وكانت هذه الخلافة منارة للحضارة في الغرب حتى قسمها المعتدون من الطوائف والبربر والموحدون لدويلات أدت ، لسوء الحظ،إلى سقوط الحكم الإسلامي. ولاسيما بعد سقوط مملكة غرناطة بيد المعتدين عام 1492 م علي يد الملك فريناندو والملكة إيزابيلا. و عندما كانت الحضارة الأندلسية في عنفوانها, كانت موقعة بواتييه قرب تولوز بوسط فرنسا قدأوقفت المد الإسلامي الكاسح لشمالها. حيث لم ينتصر عبد الرحمن الغافقي على الفرنجة عام 114 هجرية (732 م) عندما قتل بها في معركة بلاط الشهداء. لكنهم رغم هذه الهزيمة, واصلوا غزواتهمم حتي أصبحت تولوز وليون ونهر اللوار تحت السيادة الإسلامية ولكن كان احتلالهم لتولوز لفترة قصيرة تبلغ ثلاثة أشهر نجح بعدها الدوق أودو (الذي يعرف بيودس) الذي ترك المدينة للبحث عن المساعدة من العودة مع جيش لينتصر على الجيوش العربية في معركة تولوز في 9 يونيو، 721. وكان الفاتحون قد بلغوا نهر السين وبوردو وجنوب إيطاليا (أطلقوا عليه البر الطويل).
وللتاريخ كانت الخلافة العباسية(750 - 1258 م) ببغداد تتآمر ضد الأمويين بالأندلس بتحالفها مع شارلمان ملك الفرنجة وهذا سبب ثان لتوقف الغزوات الإسلامية بغرب أوروبا. وما بين سنتي 910 و1171 م، وكان ظهور السلاجقة في المشرق والفاطميّون بالقاهرة والأيوبيّين والمماليك في الشام ومصر. وكانت الحملات الصليبية على سوريا وفلسطين ومصر والسيطرة على القدس. وفي عام1187 م سيطر صلاح الدين على بيت المقدس من الصليبيين.
وكان إحراق المغول التتار لبغداد عام 1258 م بعدما كانت عاصمة الخلافة العباسية خمسة قرون. ثم بعدها رجعوا لديارهم وكانوا وثنيين. لكنهم أسلموا عند عودتهم. فكانوا للإسلام داعين ومبشرين له بين قبائلهم. وأقاموا تحت ظلاله الإمبراطوريات والممالك الإسلامية بأفغانستان وباكستان وشبه القارة الهندية وبالملتان والبنغال وآسيا الوسطي وأذربيجان والقوقاز والشيشان وفارس وغيرها من بلدان المشرق الإسلامي. حيث أقاموا الحضارة الإسلامية المغولية والتركية التي مازال أوابدها ماثلة حتي اليوم. وكان تيمورلنك قد أقام الإمبراطورية التيمورية عام(1379 - 1401 م) وكانت العاصمة سمرقند بوسط آسيا. وقد حكم إيران والعراق والشام وحتى الهند. وكانت وقتها طرق القوافل التجارية العالمية تحت سيطرة المسلمين. سواء طريق الحرير الشهير أو تجارة المحيط الهندي بين الشرق الأقصى وشرق أفريقيا. و كان السقوط الأخير للقسطنطينية(عام 1453 م), عاصمة الإمبراطورية البيزنطية(الروم). وكان هذا السقوط علي يد محمد الفاتح العثماني. وأطلق عليها إسلام بول (إستانبول) بعدما جعلها عاصمة للخلافة العثمانية (الإمبراطورية العثمانية) (1350 - 1924 م). وكان لسقوط القسطنطينية صداه في العالم الإسلامي كله حيث أقيمت الزينات بدمشق و القاهرة وشمال أفريقيا لأن هذا النصر كان نهاية للروم ولاسيما بعد تحويل مقرها إلي أيا صوفيا. ثم أستطاع العثمانيون غزو رومانيا والصرب والبوسنة والهرسك والمجر والبانيا واليونان وجورجيا وكرواتيا واجزاء شاسعه من روسيا (القوقاز) واوكرانيا (القرم) . ولقد حاصروا فيينا قلب أوروبا ثلاث مرات أيضا وما كانوا سيهزموا لولا حدوث خيانه في قيادة الجيش العثمانيً. وحشد البابا في الفاتيكان قوات أوروبا لوقف هذا الزحف الإسلامي وأستطاع أن يرد العثمانين بعد بقائهم لمدة شهرين فقط في معركة فيينا في 1683. ومن بعدها كان خبز الكرواسون ومعناه الهلال (بالفرنسية) يصنع على هيئة الهلال ليأكله الأوربيون في أعيادهم للإحتفال بالإنتصار على العثمانيين الذي كان علمهم يحتوي على هلال وكل هذا فضلا عن بلوغ التتار المسلمين القوة التي مكنتهم من محاصرة موسكو وغزوها لولا ان قبل اهلها بدفه الجزية للتار المسلمين.
في ظلال الحكم الإسلامي ظهرت مدن تاريخية منها ماهو كان قائم وازدهر ومن ما هو جديد كالكوفة وحلب وحمص والبصرة ودمشق وبغداد و الرافقة الرقة والفسطاط والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائر وقرطلة وغيرها. كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كإستانبول بمساجدها ودمشق بعمائرها الإسلامية والقاهرة و حلب و المهدية والقيروان بتونس وبخاري وسمرقند وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وإشبيلية ومرسية وأصفهان وتبريز ونيقيا وغيرها من المدن الإسلامية. وفي القارة الأفريقية نجد أن60% من سكانها مسلمون . وفي العالم نجد المسلمين يشكلون حاليا أكثر من ربع سكان أهل الأرض.

** الصديق يحارب المرتدين **
لم تكن الدعوة لتقف في أرض معينة، فالأرض كلها ساحتها وميدانها، وإذا توقفت قليلاً بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك بسبب الردة، فلما انتهت الردة كان لابد من أن تعاود نشاطها، وتسير بشكل طبيعي، ويقاتل كل من يقف في وجهها وذلك هو الجهاد.
وانتهت حروب الردة، وكان لا بدّ من الجهاد، فالفرس يقفون في وجه الدعوة، ويحاولون دعم أعدائها، ومدّ المرتدين عليها، والروم يحاربون الدعوة، وينصرون خصومها، ويحرضون القبائل المتنصرة ضدها، وكان لا بدّ من قتال الطرفين، والاستعانة بالله عليهما وبالإيمان القوي بأن النصر من الله يؤتيه من يشاء ممن استقام على منهجه، وإذن كان على المسلمين أن يقاتلوا على جبهتين لم تكونا متفقتين وهذا ما ساعدهم على القتال وحرية الحركة دون الخوف من الطرف الآخر.
************************************
الجبهة الفارسية

كان الفرس يسيطرون على مناطق واسعة تبدأ من بادية الشام في الغرب، وشمال جزيرة العرب من الجنوب، وتتوسع منطقتهم في الغرب وتتناقص حسب انتصارهم على الروم، أو هزيمتهم أمامهم، فتارة يتوسعون وقد وصلوا إلى سواحل البوسفور ثم ارتدوا حتى حدود الفرات، وكان عدد من القبائل العربية تقيم في المناطق التي يسيطر عليها الفرس سواء في منطقة السواد أم على ضفاف الفرات والجزيرة، ومن هذه القبائل تغلب وبكر وشيبان وربيعة وطيء، وبعضها كانت مُتنصرّة في أغلبها كتغلب، وكانت طيء تعلو ويقيم رئيسها في بلدة الحيرة على مقربة من الفرات، ويعمل للفرس على توطيد سلطانهم في تلك الأنحاء، وكان من بني شيبان فارس مقدام قد دخل في الإِسلام هو المثنى بن حارثة الشيباني، وقد طلب من أبي بكر بعد أن انتهى من حروب المرتدين في البحرين أن يؤمره على قومه وعلى من دان بالإِسلام في تلك الجهات ليجاهد الفرس، ويقاتل أعداء الله، فأمره أبو بكر فصار يناوش الفرس، وينتصر عليهم وقعة بعد وقعة إلا أنه في عدد قليل من المجاهدين، والفرس كثير، ومعهم عدد كبير من العرب المُتنصّرة، والقوة ستتناقص مع الأيام أمام الكثرة فكان لا بدّ من إرسال المدد للمثنى. وانتهى خالد من حرب اليمامة، فجاءه الامر من أبي بكر بالتوجه إلى العراق ليدعم المثنى بن حارثة الشيباني وليكن دخوله من الجنوب على حين يدخلها عياض بن غنم من جهة الشمال، وليكن لقاؤهما في الحيرة ومن سبق إليها كانت له الامرة على صاحبه. وكان ذلك في مطلع العام الثاني عشر للهجرة. وأمد خالداً بالقعقاع بن عمرو التميمي، وأنجد عياض بن غنم بعبد ابن عوف الحميري.
سار خالد بن الوليد مباشرة باتجاه الحيرة، والتقى في طريقه ببعض القريات (ألّيس) وما جاورها فصالح صاحبها (بَصْبَري بن صلوبا)، ثم اتجه نحو الحيرة، وكان عليها من قبل الفرس هانئ بن قبيصة الطائي، فقال له خالد : إن أدعوكم إلى الله وإلى عبادته، وإلى الإِسلام، فإن قبلتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فالجزية، وإن أبيتم فقد جئناكم بقوم يحبون الموت كما تحبون أنتم شرب الخمر. فقالوا : لا حاجة لنا في حربك، فصالحهم على تسعين ومئة ألف درهم. وكان المثنى بن حارثة الشيباني يقاتل تارة في جهات كسكر وأخرى في جهات الفرات الأسفل، يقاتل الهرمزان في تلك البقاع، فاستدعى خالد المثنى ونزلوا إلى جهات الأُبُلّة لتجميع قوات المسلمين، وكانوا في ثمانية عشر ألفاً، وقد سار المثنى قبل خالد بيومين، وسار عدي بن حاتم وعاصم بن عمر التميمي بعد المثنى بيوم، وأعطاهم خالد موعداً في الحفير. وقد التقوا بهرمز في أرض الأُبُلّة، وكانت المعركة وأراد هرمز أن يغدر بخالد إلا أن القعقاع بن عمرو قتل هرمز، والتحم مع حماته الذين أرادوا أن يغدروا بخالد، وركب المسلمون أكتاف أعدائهم حتى غشاهم الليل، وكان الفرس قد ربطوا أنفسهم بالسلاسل لذلك سميت هذه المعركة ذات السلاسل ... وأرسل خالد بن الوليد المثنى بن حارثة في أثر القوم، وبعث معقل بن مُقرّن إلى الأَبلّة ليجمع المال والسبي، وسار المثنى حتى بلغ نهر المرأة، فحاصرها في الحصن الذي كانت فيه وكان على مقدمته أخوه المعنّى، فصالحت المرأة المثنى، وتزوجها المعنّى، أما المثنى فقد استنزل الرجال من الحصون، وقتل مقاتلتهم، وأقر الفلاحين الذين لم ينهضوا للقتال مع الفرس.
كان أردشير قد أمر بجيش كبير بقيادة (قارن بن قريانس) فلما وصل إلى المذار(على ضفة نهر دجلة اليسرى تقع شمال القربة ب 37 كلم، بين البصرة وواسط، وهي قصبة ميسان) وصل إليه خبر هزيمة هرمز ومقتله، فتجمع هناك، فسار إليه خالد، ونشبت معركة قتل فيها معقل بن الاعشى القائد الفارسي (قارن)، وقتل عاصم بن عمرو خصمه (الانوشجان) وقتل عدي بن حاتم عَوه (قُباذ) وقتل يومذاك من الفرس عدد كبير وصل إلى ثلاثين ألف مقاتل. وبعدها وزع خالد الغنائم وقسّم الفيء.
وتجمع الفرس ثانية في (الولجة) مع ما جاءهم من مدد قوامه جيشان الأول بقيادة (الأندرزعر) والثاني بإمرة (بهمن جاذويه) فسار إليهم خالد، وقد خلّف سويد بن مقرن في الحفير، وقد هزمت الفرس هزيمة منكرة أيضاً في هذه الجولة.
وتأثر نصارى العرب من هذه الانتصارات فكاتبوا الفرس وتجمّعوا في ألّيس، فأسرع إليهم خالد وانتصر عليهم انتصاراً مبيناً وقتل منهم ما يقرب من سبعين ألفاً، ثم اتجه نحو الحيرة ثانية.
ولما انتهى خالد من الحيرة ولّى عليها القعقاع بن عمرو، وخرج يريد دعم عياض بن غنم الذي كلف بشمال العراق، فنزل خالد إلى الفلّوجة ومنها إلى كربلاء فولى عليها عاصم بن عمرو، وكان على مقدمته الأقرع بن حابس، أما المثنى فكان يناوش الفرس على شواطئ دجلة. وسار خالد إلى الأنبار ففتحها ثم استخلف عليها الزبرقان بن بدر، وقصد عين التمر، فهزم جموع أهلها الذين هم من العرب المُتنصّرة والعجم، ثم حصرها فنزلوا على حكمه، فقتل من قتل منهم وأسر وسبى. واستخلف على عين التمر عويم بن الكاهل، وسار باتجاه عياض بن غنم الذي علم أنه لا يزال في دومة الجندل(وهي في شمال جزيرة العرب، ومكانها اليوم مدينة الجوف) وقد كتب إليه يستنجده، فكتب إليه خالد "من خالد إلى عياض إياك أريد".
ولما علم أهل دومة الجندل مسير خالد إليهم استنجدوا بالقبائل المُتنصّرة من العرب من *** وغسان وتنوخ والضجاعم فأمدوهم. ولما اقترب خالد من دومة الجندل اختلف رئيساها وهما : أكيدر بن عبد الملك، والجودي بن ربيعة، فاعتزل الأكيدر، وهَزم الجودي ومن معه ومن جاءه من الدعم الذين لم يتسع لهم الحصن. وأقام خالد بدومة الجندل، وأرسل الأقرع بن حابس إلى الأنبار، وبعد مدة لحق خالد بالحيرة.وخرج خالد من الحيرة وولّى عليها عياض بن غنم، وكان على مقدمة خالد الأقرع بن حابس... ثم بعث وهو بالعين أبا ليلى بن فركي إلى الخنافس والقعقاع إلى حُصيد. فانتصر القعقاع في حصيد، وفر من بالخنافس إلى المصَيّخ إذا لم يجد أبو ليلى، بالخنافس كيدا. وسار خالد وأبو ليلى والقعقاع إلى المصيخ وكان قد اجتمع فيه من هرب من الخنافس والحصيد، وهناك انتصر المسلمون انتصاراً مبيناً. ثم ساروا إلى الثني (مكان بالجزيرة الفراتية يقع إلى الشرق من الرصافة في سوريا ه بنو تغلب) و الزُّمَيْل(موقع إلى الشرق من الرصافة) فانتصروا على أعدائهم، ثم ساروا إلى الرضاب(موقع إلى الشرق من الرصافة، أو مكانها قبل أن يعمرها هشام بن عبد الملك)، وبها هلال بن عَقَة، وقد انفض عنه أصحابه عندما سمعوا بدنو خالد وجيشه، ثم ساروا إلى الفراض (موضع بين إلى الشرق من البو كمال على بعد 40 كيلاً منها، قريبة من الحدود بين سوريا والعراق اليوم) وهي على تخوم الشام والعراق والجزيرة وذلك في شهر رمضان، وتعاون الفرس والروم ضد المسلمين، والتقت الجموع على نهر الفرات فقتل من الفرس والروم والعرب المُتنصّرة أكثر من مئة ألف...
أقام خالد بن الوليد عشرة أيام بالفرائض، ثم اذن بالرجوع إلى الحيرة لخمس بقين من ذي القعدة، وأمر عاصم بن عمرو أن يسير بالناس، وأظهر خالد أنه في الساقة، وسار مع عدة من أصحابه إلى مكة يؤدي الحج، ورجع من الحج، فوصل إلى الحيرة ولم تدخل الساقة البلدة بعد، ولم يدر الخليفة أبو بكر بما فعل خالد إلا بعد مدة، فعتب عليه، وصرفه عن العراق إلى الشام.
وصل كتاب أبي بكر إلى خالد وهو بالحيرة وفيه : أن سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك، فإنهم قد شجوا وأشجوا، وإياك أن تعود لمثل ما فعلت، فإنه لم يشْجِ الجموعَ من الناس بعون الله شجاك، ولم ينزع الشجى من الناس نزعك، فليهنئك أبا سليمان النية والخطوة، فأتمم يتمم الله لك، ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل، وإياك أن تدل بعمل، فإن الله له المن، وهو ولي الجزاء.
وجاء فيما كتب أبو بكر لخالد : أما بعد فدع العراق وخلّف فيه أهله الذين قدمت عليهم، وهم فيه، وامض مختفياً في أهل القوة من أصحابك الذين قدموا معك العراق من اليمامة وصحبوك في الطريق، وقدموا عليك من الحجاز، حتى تأتي الشام فتلقى أبا عبيدة ومن معه من المسلمين، فإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة والسلام.
سار خالد من الحيرة في العراق، وقد استخلف المثنى به حارثة الشيباني على جند العراق، وسار هو إلى دمشق الشام إلى أبي عبيدة : أما بعد فإني أسأل الله لنا ولك الأمن يوم الخوف والعصمة في دار الدنيا من كل سوء، وقد أتاني كتاب خليفة رسول الله يأمرني بالمسير إلى الشام وبالقيام على جندها والتولي لأمرها، والله ما طلبت ذلك قط ولا أردته إذ وليته فأنت على حالك التي كنت عليها لا نعصيك ولا نخالفك ولا نقطع دونك أمراً، فأنت سيد المسلمين، لا ننكر فضلك، ولا نستغني عن رأيك تمم الله بنا وبك من إحسان ورحمنا وإياك من صلي النار والسلام عليك ورحمة الله.
سار خالد من الحيرة إلى دومة الجندل، وخرج منها من جهة وادي السرحان إلى الشمال.
************************************************** *****
الجبهة الرومية

بعد أن رجع خالد بن سعيد بن العاص من اليمن أمره أبو بكر أن ينزل بتيماء وأمره ألا يبرحها، وأن يدعوا من حوله بالانضمام إليه، وألا يقبل إلا من لم يرتد، ولا يقاتل إلا من قاتله، حتى يأتيه أمره. فأقام فاجتمعت إليه جموع كثيرة، وبلغ الروم عظم ذلك العسكر، فاستنفروا العرب الذين بالشام على المسلمين، فاستنفرت *** وتنوخ ولخم وجذام وغسان، فكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بذلك، فكتب إليه أبو بكر : " أن أقدم ولا تحجم واستنصر الله "، فسار إليهم خالد بن سعيد، فلما دنا منهم تفرقوا، فاتخذ موقعه مكانهم، وكتب إلى أبي بكر بذلك، فكتب إليه أبو بكر : أقدم ولا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك. وحدث قتال، وطلب خالد ابن سعيد من أبي بكر المدد، فأمده بالوليد بن عتبة وعكرمة بن أبي جهل، وانتصر على (ما هان) قرب القدس، وانتقل ماهان إلى دمشق فلحق به خالد بن سعيد، فلما كان بمرح الصفر جاءت جموع كبيرة من الروم لتنظم إلى قيادة (ماهان) الأمر الذي جعل خالد بن سعيد يتراجع إلى ذي المروة على حين وقف عكرمة ابن أبي جهل يحمي المتراجعين، ووصل المجاهدون من اليمن، وكانت قد دخلت السنة الثالثة عشرة، فطلب أبو بكر استبدال عمال الصدقات. ومنهم عمرو بن العاص الذي كان قد سيره في السنة الحادية عشرة إلى قضاعة، ثم استدعاه فولاه ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاه على صدقات عُمان ثانية، وكتب إليه أبو بكر : إني كنت قد رددتك على العمل الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاكه مرة، وسماه لك أخرى، ومبعثك إلى عُمان إنجازاً لمواعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وليته ثم وليته، وقد أحببت - أبا عبد الله - أن أفرغك لما هو خير لك في حياتك ومعادك منه، إلا أن يكون الذي أنت فيه أحب إليك. فكتب إليه عمرو : إني سهم من سهام الإِسلام، وأنت بعد الله الرامي بها، والجامع لها، فانظر أشدها وأخشاها وأفضلها فارم به شيئاً إن جاءك من ناحية من النواحي.
وصل خالد بن سعيد بن العاص إلى ذي المروة هرباً من جند (ماهان)، ووصل الخبر إلى أبي بكر فكتب إليه : أقم مكانك، فلعمري إنك مقدام محجام، نجّاء من الغمرات، لا تخوضها إلا إلى حق، ولا تصبر عليه. ولما كان بعد، وأذن له في دخول المدينة - كما سنرى - .
عبأ أبو بكر الصديق الجيوش إلى الشام في مطلع السنة الثالثة عشرة فسار :
1- يزيد بن أبي سفيان في سبعة آلاف بعد عزل خالد بن سعيد، وكانت وجهته دمشق، وكان أول الأمراء الذين ساروا إلى الشام، وكان في جنده سهيل بن عمرو. ثم أمد أبو بكر يزيد بن أبي سفيان بأخيه معاوية بجند كثير، ولما مرّ معاوية بذي المروة أخذ من بقي من جند خالد بن سعيد، وسمح بعدها الصدِّيق لخالد بالعودة إلى المدينة.
2- عمرو بن العاص وكانت وجهته فلسطين.
3- شرحبيل بن حسنة وسار إلى الأردن، وقد استعمل على جند الوليد بن عقبة، وأخذ عندما مر بذي المروة جمهور جند خالد بن سعيد وبقي عكرمة في ستة آلاف من الجند ردءاً لجيوش المسلمين.
وعلم الروم بما عبأه المسلمون، فانتقل هرقل إلى حمص، وجمع جموعاً غفيرة من جنده، وأرسل أخاه (تذارق) ليواجه عمرو بن العاص، وبعث (جرجة ابن توذرا) نحو يزيد بن أبي سفيان، ووجه (الدُّراقص) نحو شرحبيل بن حسنة، وأعطى أوامره لـ (الفيقار بن نسطوس) أن يسير نحو أبي عبيدة بن الجراح، وصل عدد الروم يومذاك إلى 240 ألف مقاتل على حين كان المسلمون واحداً وعشرين ألفاً و6 آلاف مع عكرمة بن أبي جهل في المؤخرة دعماً لجموع المسلمين.
هاب المسلمون الروم لما رؤوا كثرتهم فكتب قادتهم إلى عمرو بن العاص يستشيرونه، فاقترح أن يجتمع المسلمون في مكان يلتقون فيه مع الروم، ولن يهزموا من قلة حينذاك، كما كتبوا إلى الخليفة أبي بكر وطلبوا منه المدد، فكان رأيه الاجتماع كما رأى عمرو، وأضاف أن يكون مكان المعركة في موقع يسهل الاتصال فيه مع المدينة قاعدة الحكم، ووافق على اللقاء باليرموك، وكتب إلى خالد أن يقدم إلى اليرموك لدعم المسلمين هناك وأن يكون هو الأمير.
سار خالد بن الوليد من الحيرة إلى قراقر حيث شيعه إليها المثنى بن حارثة، ومنها إلى سوى، ثم تحرك إلى دومة الجندل، وأغار خالد على مصيخ بهراء ثم تحرك نحو الشمال مع وادي السرحان إلى شرقي جبل حوران (الدروز) في سوريا حتى وصل إلى أرك(مدينة صغيرة قرب تدمر وسط سوريا ، وهي ذات نخل وزيتون وبساتين ، وكل أهلها كانوا من النصارى) ومنها إلى تدمر فالقريتين (قرية كبيرة من أعمال حمص، وهي التي تدعى حوارين). ولما علمت غسان بذلك، اجتمعوا له بمرج راهط (يقع إلى الشمال من دمشق، والمسافر من دمشق إلى حمص ما كان على يساره فهو مرج راهط، ومن كان على يمناه فهو مرج عذراء حتى الثنايا (ثنية العقاب))، فسار إليهم، وعليهم الحارث بن الأيهم، فانتصر عليهم، ثم سار إلى بصرى الشام(مدينة بحوران، من قواعد الغساسنة، وكانت مدينة رومانية شهيرة، وفيها سوق دائمة للعرب. ولا تزال فيها آثار رومانية، منها المدرج الروماني الشهير)، وكانت أول مدينة افتتحها من بلاد الشام، ثم ذهب إلى اليرموك فوصل إلى المسلمين في تسعة آلاف وغدا جند المسلمين ستة وثلاثين ألفاً. وفرح المسلمون بوصول خالد لأن الروم كانوا قد وصلتهم إمدادات بإمرة ماهان ومعه القساوسة والمطارنة والرهبان من أجل تشجيع المقاتلين. وربما يتساءل المرء لماذا هذه الطريق الطويلة التي قطعها خالد بن الوليد ؟ إنه أراد ألا يصطدم مع الروم قبل الالتقاء بالمسلمين وبخاصة أنه أصبح أمير المقاتلين في الشام فلا بد من الوصول إلى جنده ليقودهم في القتال، وإن خطة المسلمين كانت تقضي أن يكون القتال مجتمعين لا متفرقين ليتمكنوا من قتال الروم الذين يملكون أعداداً كبيرة تفوقهم بعشرة أمثال، وللروم ثغور وسط البادية حيث كانت من قبل مسرحاً للمعارك الدائرة بينهم وبين الفرس، فلو سار من الحيرة مباشرة نحوالغرب لاصطدم بتلك الثغور، ولأضاع على المسلمين تجمعهم في اليرموك وقيادته لهم، ولهذا اضطر أن يسير نحو الجنوب ليتجاوز تلك الثغور عن طرق دومة الجندل ثم اتجه شمالاً، وعندما وصل إلى الشرق من بصرى الشام وجد نفسه أما جبل حوران (جبل الدروز اليوم) البركاني الصعب الاجتياز، فأراد الالتفاف حوله فوجد نفسه بسرعته المعروفة في منطقة تدمر، لذا عاد فرجع إلى الغرب عن طريق القريتين فثنية العقاب (الثنايا) فشرقي دمشق إلى بصرى ففتحها ومنها سار إلى اليرموك في هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن لخالد بن الوليد طريقته الخاصة في القتال وهي التحرك بسرعة في عمق العدو والاغارة على مواقع خصمه المتأخرة، ثم الانسحاب للخوض في معركة حاسمة، وعندها يشعر العدو أن مجموعات من خصمه لا تزال تعمل خلف خطوطه الأمامية، وستداهمه في الوقت المناسب الأمر الذي يضعف معنوياته، ويبقى جزء من جنوده خارج المعركة لصد أي هجوم مرتقب من الخلف، وهذا ما رأيناه في قتاله في العراق إذا وصل إلى نقاط بعيدة من أرض العدو على حين لم تطهر أرض السواد بعد بل ولا منطقة الحيرة نفسها، ولم يأمن جانب المصالحين بشكل صحيح إذا سنراهم ينقضون العهد بعد ذلك. كما أن حركته كانت خلف ثغور الروم الأمر الذي يجعل الروم لا يستطيعون ترك مواقعهم خوفاً من أن يكون هناك اتفاق بين المسلمين والفرس وبخاصة أن خالداً كان في أرض فارس، كل هذا يجعل حركة خالد سهلة ويتنقل بحرية كأنه يقوم بمناورة معروفة الخطة.
وصل خالد بن الواليد إلى اليرموك جنوب دمشق ، وصلى في اليوم الأول بجنده ، ورأى الروم مجتمعين فجمع المسلمين وخطب فيهم قائلاً بعد أن حمد الله وأثنى عليه : إن هذا يوم من أيام الله، لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي. أخلصوا جهادكم، وأريدوا الله بعملكم ؛ فإن هذا يوم له ما بعده ؛ ولا تقاتلوا قوماً على نظام وتعبية، على تساند وانتشار، فإن ذلك لا يحل ولا ينبغي. وإن من وراءكم لو يعلم علمكم حال بينكم وبين هذا، فاعملوا فيما لم تؤمروا به بالذي ترون أنه الرأي من واليكم ومحبته، قالوا : فهات، فما الرأي ؟ قال : "إن أبا بكر لم يبعثنا إلا وهو يرى أنا سنتياسر، ولو علم بالذي كان ويكون، لما جمعكم، إن الذي أنتم فيه أشد على المسلمين مما قد غشيهم، وأنفع للمشركين من أمدادهم، ولقد علمت أن الدنيا فرقت بينكم، فالله الله، فقد أفرد كل رجل منكم ببلد من البلدان لا ينتقصه منه إن دان لأحد من أمراء الجند، ولا يزيده عليه إن دانوا له. إن تأمير بعضكم لا ينقصكم عند الله ولا عند خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هلموا فإن هؤلاء تهيئوا، وهذا يوم له ما بعده، إن رددناهم إلى خندقهم اليوم لم نزل نردهم، وإن هزمونا لم نفلح بعدها. فهلموا فلنتعاور الإمارة، فليكن عليها بعضنا اليوم، والآخر غداً، والآخر بعد غد حتى يتأمر كلكم، ودعوني إليكم اليوم".
قسم خالد المسلمين إلى كراديس يتراوح عددها بين 36 ـ 40 كردوساً ويضم الكردوس الواحد ما يقرب من ألف مقاتل. وكان أبو عبيدة في القلب، وعمرو بن العاص وشر حبيل بن حسنة في الميمنة، ويزيد بن أبي سفيان في الميسرة، ومن أمراء الكراديس يومذاك القعقاع بن عمرو، ومذعور بن عدي، وعياض بن غنم، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وسهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، وعبدالرحمن بن خالد بن الوليد، وحبيب بن مسلمة، وصفوان بن أمية، وسعيد بن خالد بن العاص، وخالد بن سعيد بن العاص، وعبدالله بن قيس، ومعاوية بن حديج، والزبير بن العوام، وضرار بن الأزور.
وكان قاضي الجيش أبو الدرداء، والقاص أبو سفيان بن حرب، وعلى الغنائم عبد الله بن مسعود، وعلى الطلائع قباث بن أشيم، وكان المقرئ المقداد بن عمرو، وقد كان عدد الصحابة في اليرموك أكثر من ألف صحابي بينهم مائة من أهل بدر. وكان أبو سفيان يسير فيقف على الكراديس، فيقول : "الله الله! إنكم ذادة العرب، وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم وأنصار الشرك ! اللهم إن هذا يوم من أيامك! اللهم أنزل نصرك على عبادك! "
ونشب القتال، والتحم الناس، وتطارد الفرسان، ولم يلبث الأمر قليلاً حتى جاء البريد يحمل موت أبي بكر، وتولية عمر، وعزل خالد وتأمير أبي عبيدة م. وكان الرسول محمية بن زنيم، ولكن خالداً عندما سئل عن البريد، قال: السلامة وقرب وصول الأمداد.
****************************************
وفاة الصديق


وكانت وفاة أبي بكر يوم الإثنين 22 جمادى الآخرة في السنة الثالثة عشرة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذا تكون خلافته، سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام.
وإذا كانت الغزوات الإسلامية في عهد الصديق تبدو ضيقة الرقعة إلا أننا يجب أن نضع في خلدنا الملاحظات التالية :
1ـ قصر مدة خلافة الصديق.
2ـ القضاء على حروب الردة التي شملت الجزيزة كلها.
3ـ كانت المعارك التي جرت في عهد الصديق بين المسلمين من جهة والفرس والروم من جهة ثانية، قد أرهبت أعداء الإسلام، وأظهرت قوة المسلمين وإمكاناتهم القتالية.
شعر أبو بكر الصديق بشيء من الراحة النفسية بعد أن قضى على المرتدين، وانطلقت الغزوات في كل الجهات، وتحطم كبرياء الدولتين الكبريين اللتين كانتا تقفان في وجه الدعوة، وتدعمان المرتدين، وتستنفران قواتهما ومن والاها من العرب المتنصرة، كل ذلك في سبيل القضاء على الدولة الجديدة، وفي الوقت نفسه، فقد شعر أن مهمته في الحياة قد انتهت، فقد توطد الأمر، وثبت كيان الإسلام، وسيتابع الأمر الخلفاء من بعده، كما زاد شعوره في هذا الأمر أن سنه قد اقترب من سن حبيبه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم عندما فارق الحياة الدنيا وانتقل إلى الرفيق الأعلى. كما شعر أن استخلاف رجل من بعده وهو على قيد الحياة، يجنب المسلمين الكثير من الصعاب، وقد أشفق عليهم أن يختلفوا ويزهد في هذا المنصب أهله، ويبتعد عنه من يستحقه، وقد تداعى إلى ذهنه ما حدث عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما لم يخطر على بال المسلمين وفاة نبيهم، وحين ثقل عليهم مصابهم، والأمر لا بدّ له من خليفة يطبق منهج الله في الأرض. إذن لا بدَّ من استخلاف رجل يخلفه، ولا بدّ من الاستشارة، ولاح في ذهنه أولئك الصحابة الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشيرهم، وكبرت في نفسه شخصية عمر بن الخطاب ، ومواقفه في الإسلام، وقوته في الحق، وهيبته في النفوس، ونظرة المسلمين إليه، ولكن كان لا بدَّ من أخذ رأيهم واستشارتهم، ولو كان الأمر منهم لكان أفضل.
وشعر أبو بكر بالمرض، واشتد عليه وثقل فجمع عدداً من الصحابة المعروفين الذين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الأمر، وقال لهم : إنه قد نزل بي ما قد ترون ولا أظنني إلا ميتا لما بي، وقد أطلق الله إيمانكم من بيعتي، وحلّ عنكم عقدتي، وردّ عليكم أمركم، فأمروا عليكم من أحببتم، فإنكم إن أمرتم في حياة مني كان أجدر ألا تختلفوا بعدي.
فقاموا في ذلك فلم يستقم لهم أمر، وكل يحاول أن يدفع الأمر عن نفسه ويطلبه لأخيه إذ يرى فيه الصلاح والأهلية، لذا رجعوا إليه، فقالوا : رأينا يا خليفة رسول الله رأيك، قال : فأمهلوني حتى أنظر لله ولدينه ولعباده.
دعا أبو بكر عبد الرحمن بن عوف فقال له: أخبرني عن عمر بن الخطاب : فقال له: ما تسألني عنه أمراً إلا وأنت أعلم به مني. فقال له: وإن، فقال عبد الرحمن : هو أفضل من رأيك فيه.
ثم دعا عثمان بن عفان، فقال له مثل ذلك، فقال : علمي به أن سريرته خير من علانيته، وأنه ليس فينا مثله، فقال أبو بكر : يرحمك الله، والله لو تركته ما عدوتك.
ثم دعا أسيد بن حضير فقال له مثل ذلك، فقال أسيد : اللهم أعلمه الخيرة بعدك، يرضى للرضا، ويسخط للسخط، والذي يسرّ خير من الذي يعلن، ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه.
وكذلك استشار سعيد بن زيد وعدداً من الأنصار والمهاجرين، وكلهم تقريباً كانوا برأي واحد في عمر إلا رجل خاف من شدته، وقد عاتبه بعضهم باستخلافه فقال أبو بكر : لا والله ولا نعمة عين، هو والله خير لكم، والله لو وليتك لجعلت أنفك في السماء ولرفعت نفسك فوق قدرك حتى يكون الله هو الذي يضعك، تريد أن تردني عن رأيي وتفتني في ديني ؟ فوالله لئن بلغني أنك عصيته أو ذكرته بسوء لأفعلن ولأفعلن... ثم دخل على أبي بكر عثمان وعلي فقال لهما مباشرة لعلكما تقولان في عمر ما قال فلان آنفاً ؟ -قالا : وماذا قال يا خليفة رسول الله ؟
-قال : زعم أن عمر أحدثكم إسلاماً و....
فقال عثمان : بئس لعمر الله ما قال فلان، عمر بحيث يحب من قوته مع سابقته.وقال علي : بئس ما قال، عمر عند ظنك به، ورأيك فيه، إن وليته ـ مع أنه كان والياً معك ـ نحظى برأيه ونأخذ منه، فامض لما تريد، ودع مخاطبة الرجل فإن يكن على ما ظننت إن شاء الله فله عمدت، وإن يكن مالا تظن لم ترد إلا الخير.
ودخل عبد الرحمن بن عوف على أبي بكر الصديق يعوده في مرضه الذي مات فيه فوجده مقنعاً، فقال له عبد الرحمن : أصبحت بحمد الله بارئاً، فقال : أبرء ذاك ؟ قال : نعم، قال : أما إني على ذلك لشديد الوجع ولما لقيت منكم أيها المهاجرون أشد علي من وجعي، إني وليت أمركم خيركم في نفسي، فكلكم رغم أنفه أن يكون له الأمر دونه ورأيتم الدنيا قد أقبلت، ولما تقبل، وهي مقبلة، حتى تتخذوا ستور الحرير ونضائد الديباج، وحتى يألم أحدكم بالاضطجاع على الصوف الأذربي(نسبة إلى أذربيجان، وهو صوف شديد النعومة) كما يألم أحدكم إذا نام على حسك السعدان( نبات كثير الشوك )، والذي نفسي بيده لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد، خير له من أن يخوض غمرات الدنيا، ثم أنتم غدا أول ضال بالناس يميناً وشمالاً، لا تضيعوهم عن الطريق، يا هادي الطريق جرت، إنما هو الفجر أو البجر(الدهماء والمعنى في الفجر تبصر الطريق، وفي الظلمة تنزل بالمكروه). فقال له عبد الرحمن :حفظ الله عليك يرحمك الله فإن هذا يهيضك إلى ما بك، إنما الناس في أمرك رجلان : إما رجل رأى ما رأيت فهو معك، وإما رجل رأى ما لم تر فهو يشير عليك بما يعلم، وصاحبك كما تحب أو كما يحب، ولا نعلمك أردت إلا الخير، ولم تزل صالحاً مصلحاً مع أنك لا تأسى على شيء من الدنيا.
ودخل بعض الصحابة على أبي بكر وقد علموا باستشارته في عمر، فقال أحدهم : ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا، وقد ترى غلظته، وهو إذا ولى كان أفظ وأغلظ ؟ فقال أبو بكر : أجلسوني فلما جلس، قال : أبا الله تخوفونني ؟ خاتزوّد من أمركم بظلم. أقول : اللهم إني قد استخلفت على أهلك خير أهلك. ثم قال للقائل أبلغ عني ما قلت لك من وراءك.
ثم اضطجع ودعا بعثمان، فقال له : اكتب، بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما دعا به أبو بكر ابن أبي قحافة، في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وأول عهده بالآخرة داخلاً فيها حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب، إني استخلف عليكم بعدي ... وأخذته غشية قبل أن يسمى أحداً. فكتب عثمان : إني استخلف عليكم بعدي عمر بن الخطاب ... ثم أفاق أبو بكر فقال : اقرأ علي ما كتبت فقرأ عليه ذكر عمر، فكبر أبو بكر، وقال : أراك خفت أن تذهب نفسي في غشيتي تلك فيختلف الناس، فجزاك الله عن الإسلام خيراً، والله إن كنت لها لأهلاً. ثم أمره أن يتمم فأملى عليه : فاسمعوا وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً، فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدّل فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردت، ولا أعلم الغيب ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ثم أمره فختم الكتاب وخرج به مختوماً، ومعه عمر بن الخطاب وأسيد بن حضير. وأشرف أبو بكر على الناس من كوته فقال: أيها الناس إني قد عهدت عهداً، أفترضونه ؟ فقال الناس : رضينا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علي فقال : لا نرضى إلا أن يكون عمر فأقروا بذلك جميعاً. ورضوا به، ثم بايعوا، فرفع أبو بكر يديه فقال: اللهم إني لم أرد بذلك إلا صلاحهم، وخفت عليهم الفتنة، فعلمت فيهم ما أنت أعلم به، واجتهدت لهم رأيي، فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليه، وأحرصهم على ما أرشدهم. وقد حضرني من أول ما حضر، فاخلفني فيهم، فهم عبادك ونواصيهم بيدك، فأصلح لهم أميرهم، واجعله من خلفائك الراشدين، يتبع هدى نبي الرحمة، وهدى الصالحين بعده، وأصلح له رعيته، ثم دعاه فأوصاه.

وَصيَّة أبي بَكر رَضيَ الله عَنه
1 ـ يرد ما عنده من مال إلى بيت مال المسلمين عن طريق الخليفة عمر بن الخطاب.
2 ـ يرد بستان يملكه إلى بيت مال المسلمين عوضاً عما أخذه من بيت المال مدة خلافته.
3 ـ أن يتصدق بمقدار خمس ما يملك من أرض العالية، وما يبقى يقسم بين أولاده وهم :عبد الرحمن ومحمد وأسماء وعائشة.
وما تضع حبيبة بنت خارجة، ويتوقع أن تكون أنثى. وقد أوصى بها أولاده خيراً. (وبالفعل فقد وضعت أنثى - وهي أم كلثوم -).
4- أن يكفن بثوبيه بعد غسلها.
5- أن تغسله زوجه أسماء بنت عميس، وأن يدفن بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والى لقاء قريب وحلقة جديده ان شاء الله

دمتم بكل خير

ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة ميسون ; 02-01-2010 الساعة 06:53 PM

قديم 02-01-2010, 06:00 PM   #3

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** الحلقة الثانية **







ونستمر معكم اخوتى في رحلتنا الملحمية لنصل الى زمن العدل لنصل الى زمن الخوف من الله لنصل الى زمن نام فيه امير اعظم دولة اسلامية في العالم على الرمال لا يحرسه الا الله ولا يخشي من احد ولا هناك حرس فوقه او عن يمينه او عن شماله الا الحافظ عز وجل


** عهد الفاروق عمر بن الخطاب **


عمر بن الخطاب الملقب بالفاروق هو ثاني الخلفاء الراشدين; فكان الصحابة ينادون أبو بكر بخليفة رسول الله وبعد تولي عمر الخلافة نودي عمر بخليفة خليفة رسول الله فاتفق الصحابة على تغيير الاسم إلى أمير المؤمنين، ولقد كان من أصحاب الرسول وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهادهم. وأول من عمل بالتقويم الهجري. وفي عهده فتحت العراق ومصر وليبيا والشام وفلسطين وصارت القدس تحت ظل الدولة الإسلامية والمسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين تحت حكم المسلمين وفي عهده قضى على أكبر قوتين عظمى في زمانهِ دولة الروم ودولة الفرس مع أنه القائد الزاهد الذي ينام تحت الشجرة ويطبخ للفقيرة أم اليتامى وينفخ لها حتى تطعم صغارها.

*****************************************
** مقدمة **

يبدو أن القيادة الإِسلامية في المدينة المنورة بعد أن انتهت من حروب الردة وقررت مواجهة الدولتين العظميين آنذاك، كانت الخطة الموضوعة أن تفتح المعركة بكل ثقلها على جبهة، وتقوم بدور الدفاع على الجبهة الثانية، وتعتمد على سرعة الحركة بالانتقال من جبهة إلى أخرى حيث تبقى الدولتان في ذعر شديد وضعف معنوي كبير يحول دون التفاهم بينهما، إذ تستمر المعركة قائمة على الجبهتين معاً حيث تخاف كل دولة على وجودها فلا تحرص أن تتفق الواحدة مع الأخرى وإزالة ما كان بينهما من آثار الحرب.
ومع انتهاء حروب الردة كانت الدولة الفارسية هي التي تشكل الخطر الأكبر بالنسبة إلى المسلمين إذ كان الفرس يدعمون المرتدين، ويحاولون القضاء على المسلمين، ويمدون كل متنبئ كذاب أو مرتد خارج على الحكم بكل ما يمكنهم من دعم، لذا كانت الخطة البدء بالقتال على الجبهة الفارسية، لذا وافقت قيادة المدينة المنورة على طلب المثنى بن حارثة الشيباني بالتحرش بالفرس ومنازلتهم. وعندما انتهى خالد بن الوليد من حروب الردة طلبت منه القيادة التوجه إلى العراق لدعم المثنى بن حارثة، كما طلبت ذلك من عياض بن غنم، وأعطته قوة يتحرك بها نحو شمالي العراق.
استطاع خالد بن الوليد أن ينتصر على الفرس، وأن تجوس خيله منطقة السواد وجزءاً من أرض الجزيرة، هذا بالإضافة إلى مناطق غربي الفرات وبادية الشام ، وهذا ما جعل الفرس يشعرون بقوة الجيش الإِسلامي وإمكاناته القتالية والتعبوية - على عكس ما كانوا يظنون - الأمر الذي جعلهم يستعدون الاستعداد الكبير للمعركة الحاسمة المقبلة، وحشد الجنود لذلك. وفي هذا الوقت كانت القوة الإِسلامية على الجبهة الرومية تقوم بالدفاع فقط حيث كان خالد بن سعيد بن العاص يرابط بقواته قرب مناطق سيطرة الروم والقبائل العربية المتنصّرة المتحالفة مع الروم. ثم جهز الخليفة الصديق الجيوش وأرسلها إلى الشام - كما رأينا في الحلقة السابقة - إلا أن الروم كانوا يستعدون لذلك، ويتوقعون حرباً عامة شاملة، لذا فقد جمعوا أعداداً كبيرة وبعثوها باتجاه الجيوش الإِسلامية الأربعة، كما نقل هرقل مقر قيادته إلى حمص لتكون على مقربة من ساحة المعركة، ولما رأى المسلمون ذلك طلبوا المدد من المدينة والدعم، وكان على القيادة الإِسلامية أن تنقل المعركة الرئيسية من العراق إلى الشام إذ كان الفرس في حالة من الضعف بعد الهزيمة التي منوا بها، وهم بحاجةٍ إلى مدة للاستعداد والتفاهم على الحكم بعد الخلاف الواقع بينهم، لذا طلب الخليفة من خالد بن الوليد أن ينتقل بمن معه من الجند الذين كانوا معه في نجد والذين جاءوه دعماً من المدينة واليمن إلى الشام لدعم المسلمين هناك.
انتقل خالد بن الوليد إلى الشام ومر في مناطق سوريا وبعد فتح (بصرى) وصل إلى اليرموك وجرت معركة اليرموك بين الروم والمسلمين، وكانت معركة حاسمة، ولم تبدأ حتى كانت الخلافة قد آلت إلى عمر بن الخطاب، وبعد انتهاء المعركة كان استعداد الفرس قد تم، واتفاقهم قد حصل بعد اختلاف، وقرروا تصعيد القتال ضد المسلمين، الأمر الذي جعل القيادة الإِسلامية في المدينة تطلب من القيادة العسكرية في الشام إعادة قسم من الجند بإمرة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى العراق، هذا بالإضافة إلى إعلان النفير في جزيرة العرب للسير ودعم قوة المسلمين هناك وبدأت الامدادات تصل،. أما في الشام فقد تمّ طرد الروم وهزيمتهم وإنهاء الوجود البيزنطي فيها بعد عددٍ من المعارك، وهذا ما نلاحظه في خلافة عمر بن الخطاب . وبدأت المعارك في العراق ثم الشام وانتقلت إلى فارس حتى قضي على الدولة الفارسية ، ولم ينته عهد الفاروق بعد. وبانتهاء المقاومة على الجبهة الشرقية عاد القتال إلى الجبهة الغربية، إذا انتقل القتال إلى شمالي إفريقية وجزر البحر المتوسط، واستمر ذلك في عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان .
*****************************************
معركة اليرموك

تولى عمر بن الخطاب الخلافة في بداية القتال العنيف على الجبهة الغربية، إذ كان المسلمون قد تجمعوا في اليرموك في منطقة حوران أمام تحشدات الروم الهائلة.
كان تجمع المسلمين في المنطقة الغربية من مدينة درعا في سوريا ، وقد أخطأ كثير من المؤرخين، فجعلوا نهر اليرموك المنطقة الفاصلة بين المسلمين والروم، ومن يجول في تلك البقعة يدرك مباشرة أنه لا يمكن لهذا الوادي السحيق أن يكون ميداناً لمعركة أو تكون جنباته ساحة لها، هذا بالإضافة إلى أن الخليفة الصديق كان قد طلب من القيادة العسكرية في بلاد الشام أن يكون تجمع جندها في مكان يسهل معه الاتصال مع المدينة لإمكانية وصول الإِمدادات وسهولة الاتصال، ولو قطع المسلمون الوادي قبل احتدام المعركة وانتقلوا منه إلى الجهة الثانية وبصعوبة كبيرة لما أمكن وصول الامدادات إليهم، ولما أمكن الاتصال مع المدينة بعد نشوب الحرب، فكيف بالانتقال والحركة السريعة أثناء القتال كما يحلوا لبعض المؤرخين أن يخططوا ذلك، لهذا كله فقد جعل المسلمون مؤخرة جندهم إلى الشمال الغربي من درعا، لتكون درعا طريقاً لوصول الدعم إليها والاتصال مع المدينة، حيث يمكن في هذا المكان قطع الوادي بسهولة. هذا مع العلم أن خالد بن الوليد قد انتقل إلى اليرموك من بصرى الشام فيكون طريقه عن درعا أو إلى الشمال قليلاً منها. وتكون معركة اليرموك قد وقعت على جانبي أحد روافد اليرموك وهي إما (الرقاد) أو (العلق)، ويكون عمر بن العاص الذي كان على ميمنة المسلمين إلى الشمال، ويزيد بن أبي سفيان الذي كان على الميسرة في الجنوب، على مقربة من نهر اليرموك وأبو عبيدة بينهما ما بين منطقة الجولان ومنطقة حوران.
وخرج المسلمون على راياتهم وعلى وكانو 5 فرق في الميمنة عمر بن العاص وعلى القلب الأول شرحبيل بن حسنة وعلى القلب الثاني أبو عبيدة بن الجراح وعلى الميسرة يزيد بن ابي سفيان، وفي خلف الجيوش الاربعة كان خالد بن الوليد بجيش احتياطي وكانت هذة الفكرة سبب من اسباب الانتصار في المعركة وعلى الرجالة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعلى الخيالة خالد بن الوليد وهو المشير في الحرب الذي يصدر الناس كلهم عن رأيه، ولما أقبلت الروم في خيلائها وفخرها قد سدت أقطار تلك البقعة بما يوازى 150 الف مقاتل سهلها ووعرها كأنهم غمامة سوداء يصيحون بأصوات مرتفعة، ورهبانهم يتلون الانجيل، ويحثونهم على القتال، وكان خالد في الخيل بين يدي الجيش، فساق بفرسه إلى أبي عبيدة فقال له : إني مشير بأمر فقال : قل ما أمرك الله أسمع لك وأطيع. فقال له خالد : إن هؤلاء القوم لا بدّ لهم من حملة عظيمة لا محيد لهم عنها، وإني اخشى على الميمنة والميسرة، وقد رأيت أن افرق الخيل فرقتين وأجعلها وراء الميمنة والميسرة حتى إذا صدّوهم كانوا لهم ردءاً فنأتيهم من ورائهم. فقال له : نعم ما رأيت. فكان خالد في أحد الخيلين من وراء الميمنة، وجعل قيس بن هبيرة في الخيل الأخرى، وأمر أبا عبيدة أن يتأخر عن القلب إلى وراء الجيش كله حتى اذا رآه المنهزم استحى منه ورجع إلى القتال، فجعل أبو عبيدة مكانه في القلب سعيد بن زيد أحد العشرة م. وساق خالد إلى النساء أن يكنّ من وراء الجيش ومعهن عدد من السيوف وغيرها، فقال لهن : من رأيتموه مولياً فاقتلنه. ثم رجع إلى موقفه .
ولما تراءى الجمعان وتبارز الفريقان وعظ أبو عبيدة المسلمين فقال : عباد الله انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، يا معشر المسلمين اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر ومرضاة للرب ومدحضة للعار، ولا تبرحوا مصافكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدؤوهم بالقتال، واشرعوا الرماح، واستتروا، والزموا الصمت إلا من ذكر الله في أنفسكم حتى آمركم إن شاء الله وخرج معاذ بن جبل على الناس فجعل يذكرهم ويقول : يا أهل القرآن والكتاب وأنصار الهدى والحق، إن رحمة الله لا تنال، وجنته لا تدخل بالأماني، ولا يؤتي الله المغفرة والرحمة الواسعة إلا الصادق المصدق، ألم تسمعوا لقول الله "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ..." الآية، فاستحيوا - رحمكم الله - من ربكم أن يراكم فراراً من عدوكم، وأنتم في قبضته وليس لكم ملتحد من دونه ولا عز بغيره.
وقال عمرو بن العاص : يا أيها المسلمون غضوا الأبصار، واجثوا على الركب، واشرعوا الرماح، فإذا حملوا عليكم فأمهلوهم حتى إذا ركبوا أطراف الأسنة فثبوا إليهم وثبة الأسد، فوالذي يرضى الصدق ويثيب عليه، ويمقت الكذب، ويجزي بالاحسان إحساناً - لقد سمعت أن المسلمين سيفتحونها كفراً كفراً(المزرعة) وقصراً وقصراً، فلا يهولنكم جموعهم ولا عددهم، فإنكم لو صدقتموهم الشد تطايروا تطاير أولاد الحجل.
وقال أبو سفيان : يا معشر المسلمين أنتم العرب، وقد أحجمتم في دار العجم منقطعين عن الأهل، نائين عن أمير المؤمنين وامداد المسلمين، وقد والله أصبحتم بازاء عدو كثير عدده، شديد عليكم حنقه، وقد وترتموهم في أنفسهم وبلادهم ونسائهم، والله لا ينجيكم من هؤلاء القوم، ولا يبلغ بكم رضوان الله غداً إلا بصدق اللقاء والصبر في المواطن المكروهة، ألا وإنها سنة لازمة وأن الأرض وراءكم، بينكم وبين أمير المؤمنين وجماعة المسلمين صحارى وبراري، ليس لأحد فيها معقل ولا معدل إلا الصبر ورجاء ما وعد الله فهو خير معول، فامتنعوا بسيوفكم وتعاونوا ولتكن هي الحصون. ثم ذهب إلى النساء فوصّاهن، ثم عاد فنادى : يا معشر أهل الإِسلام حضر ما ترون، فهذا رسول والجنة أمامكم، والشيطان والنار خلفكم. ثم سار إلى موقفه.
وقد وعظ الناس أبو هريرة أيضاً فجعل يقول : سارعوا إلى الحور العين وجوار ربكم عز وجل في جنات النعيم. ما أنتم إلى ربكم في موطن بأحب إليه منكم في مثل هذا الموطن، ألا وإن للصابرين فضلهم.
ولما تقارب الناس تقدم أبو عبيدة ويزيد بن أبي سفيان ومعهما ضرار بن الأزور، والحارث بن هشام، وأبو جندل بن سهيل بن عمرو إلى معسكر الروم، ونادوا : إنما نريد أميركم لنجتمع له، فأذن لهم في الدخول، وإذا هو جالس في خيمة من حرير. فقال الصحابة : لا نستحل دخولها، فأمر لهم بفرش بسط من حرير، فقالوا : لا نجلس على هذه، فجلس معهم حيث أحبوا ... وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يقبلون الاستهانة بشيء من حرمات الله مهما قل، ومع أنه ليس فيه اللباس إلا أنهم رغبوا أن يأخذوا أنفسهم بالشدة، ورفض هذه الأمور وأمثالها، الأمر الذي جعلهم يعظمون في عين أعدائهم فيسايروهم، ويرتفعون في أنفسهم. وهذا ما وضعهم حيث وضعوا هم أنفسهم، وتميزوا بشخصيتهم فكان لهم ما تمنوا.
وعرض الصحابة على الاعداء : الإِسلام، أو الجزية، أو السيف، وكان من تعنت الروم ان كان لابدّ من القتال.
وطلب ماهان خالداً ليبرز إليه فيما بين الصفين فيجتمعا في مصلحة لهم، فقال له ماهان: إنا قد علمنا أن ما أخرجكم من بلادكم الجهد والجوع، فهلموا إلى أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاماً وترجعون إلى بلادكم، فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها، فقال خالد : إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت، غير أنا قوم نشرب الدماء، وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم، فجئنا لذلك. فقال أصحاب ماهان : هذا والله ما كنا نحدث به عن العرب، وهكذا كلمة واحدة بعزة النفس تميت معنويات الخصم.
تقدم خالد إلى عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو - وهما على مجنبتي القلب -أشار لهما أن ينشبا القتال، وهكذا بدأت المعركة. وكان ذلك في أوائل شهر رجب من السنة الثالثة عشرة، وحملت ميسرة الروم على ميمنة المسلمين فمالوا إلى جهة القلب، وكان معاذ بن جبل يقول : اللهم زلزل أقدامهم، وأرعب قلوبهم، وأنزل السكينة علينا، وألزمنا حكمة التقوى، وحبب إلينا اللقاء، وأرضنا بالقضاء. وانكشفت زبيد، ثم تنادوا فتراجعوا، وحملوا على الروم وأشغلوهم عن اتباع من انكشف، وردت النساء من فرّ، فرجع الناس إلى مواقعهم.
وقال عكرمة بن أبي جهل : قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن وأفر منكم اليوم ؟ ثم نادى من يبايع على الموت ؟ فبايعه ضرار به الأزور، والحارث بن هشام عم عكرمة وعدد من المسلمين ووصل عددهم إلى أربعمائة رجل من أعيان الناس، وقاتلوا أمام فسطاط خالد حتى أثبتوا جميعاً جرحى، وقتل منهم عدد كبير منهم ضرار بن الأزور. ويذكر أنهم استسقوا ماء وهم جرحى فجيء إليهم بشربة ماء، فلما قربت إلى أحدهم نظر إليه الآخر، فقال : ادفعها إليه، فلما دفعت إليه نظر إليه الآخر، فقال : ادفعها إليه، فتدافعوها كلهم من واحد إلى واحد حتى ماتوا جميعاً، ولم يشربها أحد منهم.
ثم حمل خالد بن الوليد بالخيل على ميسرة الروم التي حملت على ميمنة المسلمين، فأزالوهم إلى القلب، وقتل المسلمون في حملتهم هذه ستة آلاف من الروم، ثم حمل بمائة فارس على ما يقرب من مائة ألف من الروم فانهزموا أمامهم بإذن الله، وتبعهم ... ولما عاد المسلمون من حملتهم جاء البريد - الذي ذكرنا - يحمل وفاة الصديق وبيعة عمر وتولية أبي عبيدة إمرة القتال.
وخرج من بين الروم أحد أمرائهم الكبار وهو (جرجه) واستدعى خالد ابن الوليد إلى بين الصفوف حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال جرجة : يا خالد أخبرني فاصدقني ولا تكذبني، فإن الحر لا يكذب، ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله، هل أنزل الله على نبيكم سيفاً من السماء فأعطاكه فلا تسله على أحد إلا هزمتهم ؟ قال : لا ‍‍‍ قال : فبم سميت سيف الله ؟ قال : إن الله بعث فينا نبيه فدعانا فنفرنا منه ونأينا عنه جميعاً، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه، وبعضنا كذبه وباعده، فكنت فيمن كذبه وباعده، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به وبايعناه، فقال لي : أنت سيف من سيوف الله سلّه الله على المشركين. ودعا لي النصر، فسميت سيف الله بذلك فأنا أشد المسلمين على المشركين.
فقال جرجه : يا خالد إلى ما تدعون ؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله والإِقرار بما جاء به من عند الله عز وجل : قال : فمن لم يجبكم ؟ قال : فالجزية ونمنعهم. قال : فإن لم يعطها ؟ قال : نؤذنه بالحرب ثم نقاتله. قال : فما منزلة من يجيبكم ويدخل في هذا الأمر اليوم ؟ قال : منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا، شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا. قال جرجه: فلمن دخل فيكم اليوم من الأجر مثل ما لكم من الأجر والذخر قال : نعم وأفضل. قال : وكيف يساويكم وقد سبقتموه ؟ فقال خالد : إنا قبلنا هذا الأمر عنه وبايعنا نبينا وهو حي بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء، ويخبرنا بالكتاب ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا، وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقةٍ ونيةٍ كان أفضل منا، فقال جرجه : بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ؟ قال : تالله لقد صدقتك وأن الله ولي ما سألت عنه. فعند ذلك قلب جرجه الترس ومال مع خالد وقال : علمني الإِسلام، فمال به خالد إلى فسطاطه فسن عليه قربة من ماء ثم صلى به ركعتين ... فحملت الروم عند ذلك على المسلمين حملة أزالوا بها المسلمين عن مواقعهم إلى المدافعين أمثال عكرمة بن أبي جهل وعمه الحارث بن هشام.
وحمل خالد وجرجه بالمسلمين على الروم حتى هزموهم بإذن الله ... وقتل جرجه ولم يصل سوى هاتين الركعتين مع خالد، وصلى المسلمون يومذاك صلاة الظهر والعصر إيماء، وأخّروا صلاة العشاءين. وفرّ الروم ليلاً إلى الواقوصة، وسقط الذين ربطوا أنفسهم بالسلاسل.
وكان ممن شهد اليرموك الزبير بن العوام ، وهو أفضل من هناك من الصحابة، وكان من فرسان الناس وشجعانهم، فاجتمع إليه جماعة من الأبطال يومئذ فقالوا : ألا تحمل فنحمل معك ؟ فقال : إنكم لا تثبتون، فقالوا : بلى فحمل وحملوا، فلما واجهوا صفوف الروم أحجموا وأقدم هو فاخترق صفوف الروم حتى خرج من الجانب الآخر وعاد إلى أصحابه. ثم جاءوا إليه مرة ثانية ففعل كما فعل في الأولى، جرح يومئذ جرحين في كتفه. وقتل عكرمة بن أبي جهل وعمه الحارث بن هشام، وابنه عمرو بن عكرمة، وسلمة بن هشام، وعمرو بن سعيد، وأبان بن سعيد، وهشام بن العاص، وعمرو بن الطفيل بن عمرو الدوسي. وانهزم يومذاك عمرو بن العاص في أربعة حتى وصلوا إلى النساء فزجرنهم فعادوا. وانكشف شرحبيل بن حسنة وأصحابه فتراجعوا فوعظهم الأمير فرجعوا. وثبت يزيد بن أبي سفيان وقاتل قتالاً شديداً، وذلك أن أباه مرّ به فقال له : يا بني عليك بتقوى الله والصبر فإنه ليس رحل بهذا الوادي من المسلمين إلا محفوفاً بالقتال، فكيف بك وبأشباهك الذين ولّوا أمور المسلمين ؟ أولئك أحق الناس بالصبر والنصيحة، فاتق الله يا بني ولا يكونن أحد من أصحابك بأرغب في الأجر والصبر في الحرب ولا أجرأ على عدو الإِسلام منك. فقال : افعل إن شاء الله، فقاتل يومئذ قتالاً شديداً وكان من ناحية القلب .
وروى سعيد بن المسيب عن أبيه قال : هدأت الأصوات يوم اليرموك فسمعنا صوتاً يكاد يملأ العسكر يقول : يا نصر الله اقترب، الثبات الثبات يا معشر المسلمين، قال : فنظرنا فإذا هو أبو سفيان تحت راية ابنه يزيد.
وروي أن الأشتر قد شهد اليرموك ولم يشهد القادسية، فخرج يومئذٍ رجل من الروم، فقال: من يبارز ؟ فخرج إليه الأشتر، فاختلفا ضربتين، فقال للرومي : خذها وأنا الغلام الايادي، فقال الرومي: أكثر الله في قومك مثلك ‍‍ أما والله لو أنك من قومي لآزرت الروم، فأما الآن فلا أعينهم.
وروي أن هرقل قال وهو على إنطاكية في شمال سورية لما قدمت منهزمة الروم : ويلكم أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم أليسوا بشراً مثلكم ؟ قالوا : بلى. قال : فأنتم أكثر أم هم ؟ قالوا : بل نحن أكثر منهم أضعافاً في كل موطن. قال : فما بالكم تنهزمون ؟ قال شيخ من عظمائهم : من أجل أنهم يقومون الليل ويصومون النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنا نشرب الخمر، ونزني، ونركب الحرام، وننقض العهد، ونغضب ونظلم ونأمر بالسخط وننهى عما يرضي الله ونفسد في الأرض. فقال : أنت صدقتني.
وروي أن أحد أمراء الروم وهو (القُبُقلار) بعث رجلاً عربياً من قضاعة عيناً له بين المسلمين، وقال له : ادخل في هؤلاء القوم فأقم فيهم يوماً وليلة، ثم ائتني بخبرهم. قال : فدخل في الناس رجل عربي لا ينكر، فأقام فيهم يوماً وليلة، ثم أتاه فقال له : ما وراءك ؟ قال : بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق ابن ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجم، لإِقامة الحق فيهم. فقال له القبقلار : لئن صدقتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها، ولوددت أن حظي من الله أن يخلي بيني وبينهم، فلا ينصرني عليهم، ولا ينصرهم علي.
وفقد عدد من المسلمين عيونهم في يوم اليرموك منهم : أبو سفيان وكان قد فقده عينه الأولى يوم حنين والثانية في اليرموك، وعاش بعدها ضريراً، والمغيرة بن شعبة، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص، والأشعث بن قيس، وعمرو ابن معد يكرب، وقيس بن المكشوح وغيرهم.
وبعد معركة اليرموك التي فر منها الروم، وتابعهم المسلمون ، صالح أهل دمشق وأهل حمص، إذ خلت أكثر هذه المناطق من الجنود الروم، كما أن هرقل قد انتقل من مقره في مدينة حمص إلى إنطاكية التي اتخذها قاعدة له يسير فيها الجند، وتصدر عنه الأوامر.
وانتقل أبو عبيدة بالجيش من اليرموك إلى مرج الصفر ببقية الجيش الذي لم يلاحق الروم، وفي المرج وصل إليه الخبر بأن الروم قد تجمعوا بفحل بغور الأردن، فتوقف لا يدري بأي الأمرين يبدأ، أبمدينة دمشق التي يتركزّ قيادة جيش المسلمون فيها أم يعود إلى فحل ؟ فكتب إلى أمير المؤمنين يصف له الموقف، ويستشيره بالأمر، وجاء الأمر من أمير المؤمنين أن ابدأ بدمشق فإنها حصن الشام وبيت مملكتهم واهما ، فانهد لها، وأشغلوا عنكم أهل فحل بخيول تكون تلقاءهم، فإن فتحها الله قبل دمشق فذلك الذي نحب، وإن فتحت دمشق قبلها فسر أنت ومن معك واستخلف على دمشق، فإذا فتح الله عليكم فحل فسر أنت وخالد إلى حمص واترك عمراً و شرحبيل على فلسطين لتستكمل فتح بلاد الشام .
معركة فحل
بعث أبو عبيدة عمارة بن مُخِشَ إلى فحل، فوجد أن الروم يقاربون ثمانين ألفاً، وقد طوفوا المياه في المنطقة إلا أن المسلمين استطاعوا بإذن الله إحراز النصر ودخول (فحل) و (بيسان)، وذلك قبل المعركة الكبرى وفتح دمشق أهم مدن الشام .

والى لقاء اخر وحلقة اخرى من هذه السلسلة العظيمة التى اذهلت العالم

دمتم بكل خير

ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة ميسون ; 03-01-2010 الساعة 02:45 PM

قديم 02-01-2010, 06:01 PM   #4

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** الحلقة الثالثة **






نستمر معكم في رحلتنا عبر التاريخ لنصل الى زمن الفتوحات الكبرى لنصل الى زمن ملكنا فيه اقطار الارض وبسطنا عليها سلطان التوحيد ورفرفرت رايات لا اله الا الله فوق المدائن وفوق ابواب مصر


** الفتوحات في عهد الفارووق **

** فتح دمشق **

أرسل أبو عبيدة أبا الأعور السلمي إلى طبريا الواقعة إلى جنوب غرب دمشق ليفتحها وليكون ردءاً للمسلمين المتجهين إلى دمشق، وحائلاً دون وصول إمدادات رومية إلى دمشق ، وكذلك إلى حمص ، وتجهز الروم بقوة كبيرة للحفاظ على المدينة نظرآ لأهميتها وموقعها في قلب بلاد الشام ، وتحرك جيش المسلمين في المنطقة الداخلية من بلاد الشام وكان لوجود الحياة القبلية في بعض المناطق التي ساعدت كثيرا جيش المسلمون ، بينما كانت المناطق الساحلية والجبلية أكثر صعوبة امام تحرك الجيش والدفاع عنها يكون كبيراً من قبل الروم لذلك السبب، وعند وصول المسلمون إلى المناطق الشمالية الغربية من سوريا من الجهات الساحلية وجدوا أرضي جبلية وعرة المسالك وجبال عالية ، إضافة إلى المقاومة الكبيرة في المنطقة الساحلية ، وكان فيها المردة والجراجمة، وهم من قدامى السكان، وبعضهم من بقايا العمالقة، ولهم ارتباطات كبيرة بالروم أيضاً.
سار أبو عبيدة باتجاه -( دمشق ) -، وقد جعل خالد بن الوليد في القلب، وسار هو في الميسرة، وعمرو بن العاص في الميمنة، وكان عياض بن غنم على الخيل، وشرحبيل بن حسنة على الرجالة. وفي الوقت نفسه بعث ذا الكلاع في فرقة لترابط بين دمشق وحمص لتحول دون وصول الامدادات من جيش الروم إلى دمشق من جهة الشمال، كما جعل أبا الدرداء في فرقة أخرى لتكون في برزة على مقربة من دمشق ردءاً للجيش الإِسلامي الذي يحاصر المدينة المحصنة بشكل كبير .
وبعث أبو عبيدة طليعة تتألف من ثلاثة عناصر أحدهم وأميرهم أبو أمامة الباهلي الذي يقول : فسرت فلما كنا ببعض الطريق، أمرت أحد من معي أن يكمن، وبعد مسافة أمرت الآخر فكمن هناك وسرت أنا وحدي حتى باب البلد، وهو مغلق في الليل وليس هناك أحد، فنزلت وغرزت رمحي بالأرض ونزعت لجام فرسي، وعلقت عليه مخلاته ونمت، فلما أصبح الصباح قمت فتوضأت وصليت الفجر، فإذا باب المدينة بقعقع فلما فتح حملت على البواب فطعنته بالرمح فقتلته، ثم رجعت والطلب ورائي ، فلما انتهينا إلى الرجل الذي في الطريق من أصحابي ظنوا أنه كمين فرجعوا عني، ثم سرنا حتى أخذنا الآخر وجئت إلى أبي عبيدة فأخبرته بما رأيت، فأقام أبو عبيدة ينتظر كتاب عمر فيما يعتمده من أمر دمشق، فجاءه الكتاب يأمره بالمسير إليها، فساروا إليها حتى أحاطوا بها، واستخلف أبو عبيدة على اليرموك بشير بن كعب في خيل هناك.
ولا شك فإن الإيمان وحده هو الذي كان سبب نصر المسلمين في معاركهم التي خاضوها ضد أعدائهم على الرغم من قلتهم وقلة إمكاناتهم، وبالإِيمان نفسه استطاع هذا الصحابي أبو أمامة أن ينطلق منفرداً إلى أحد أبواب مدينة دمشق، وأن يبيت ليلة ونفسه مطمئنة وفكره مرتاحاً فيما سيكون وأن يصبح فيتوضأ ويصلي الفجر، ويقتل الحارس وينطلق ... وهذا ما أرعب الروم، وأضعف معنويات الروم وساعد المسلمين على النصر .
انطلق الجيش الإسلامي نحو دمشق قلب الشام ومركزها في أكبر المعارك فدخل الغوطة واحتلها وقطع التموينات منها، ووصل إلى دمشق من ناحية الشرق وكانت المدينة العريقة محصنة بشكل كبير ، فتوزع يحاصرها حسب التشكيل الذي يسير عليه، فتوقف خالد، وهو على قلب الجيش، على الباب الشرقي وحتى باب كيسان شرق المدينة ، وسارت الميسرة على جنوب دمشق، فنزل يزيد بن أبي سفيان على الباب الصغير وإلى باب كيسان جنوب المدينة ، ونزل أبو عبيدة على باب الجابية من جهة الغرب وحتى الباب الصغير. وسارت الميمنة على شمالي دمشق فنزل عمرو بن العاص على باب توما، ونزل شرحبيل ابن حسنة على باب الفراديس وباب السلام .
استمر حصار دمشق عدة أشهر وقد كانت صعبة الاقتحام لسورها الحصين وومنارعة ابراجها وأبوابها ودفاعاتها ، وبعد حصار طويل شعر أهل دمشق أن الامدادات لا يمكن أن تصل إليهم، وجاء وقت البرد وهو في دمشق برد قارص وكان في هذه السنة قاسياً جدا ، فصعب القتال ، وفي إحدى الليالي ولد لبطريرك المدينة مولود ، فأقام وليمة كبيرة للجند والناس وعمت الاحتفالات المدينة ، فباتوا ليلتهم تلك سكارى ، وشعر خالد بن الوليد بذلك نتيجة ضعف قتال الذين فوق الأسوار المنيعة والحصينة للمدينة وقلة حركة الناس عامة، ونتيجة المعلومات التي وصلت إليه من العيون، وهو على عين يقظة لا ينام إلا قليلاً ، وكانت عنده سلالم مهيأة لتسلق اسوار المدينة العالية والمحصنة . فلما أحس بذلك استدعى بعض صنايد القوم أمثال القعقاع بن عمرو، ومذعور بن عدي، وأحضر جنده عند أحد الأبواب ، وقال لهم : إذا سمعتم تكبيرنا فوق السور فارقوا إلينا. ثم إنه قطع الخندق وهو وأصحابه سباحة وقد وضعوا قرباً في أعناقهم تساعدهم على السباحة. إذ كانت الخنادق تحيط بدمشق وهي مليئة بالماء عدا الجهة الشمالية حيث كان نهر بردى هناك يعد بمثابة الخندق ، وكان السور على ضفافه يتعرج حسب المجرى على حين كانت الأسوار في الجهات الأخرى تسير بشكل مستقيم، وأثبت خالد وصحبه السلالم على شرفات السور، وصعدوا عليها، فلما صاروا أعلى السور رفعوا أصواتهم بالتكبير لإرهاب العدو ونزلوا على حراس الباب فقتلوهم، وفتحوا الباب عنوة، وقد طعنوا مغاليقه، واندفع الجند من الباب الشرقي إلى داخل المدينة .
وانطلق خالد بن الوليد مع جنده داخل المدينة يعمل في من وقف في وجهه قتلاً، ويتجه نحو مركزها، وأسرع وجهاؤها نحو بقية الأبواب وخاصة نحو الغرب حيث باب الجابية خوفاً من أن ينالهم القتل، وفتح مدينتهم على يد المسلمين ، فتم الصلح، ودخل بقية قادة المسلمين وجيوشهم من الأبواب الأخرى للمدينة صلحاً يتجهون نحو داخل المدينة والتقوا في مركزها، خالد يعمل السيف، وهم في السلم، فقالوا له : يا أبا سليمان إن القوم قد طلبوا الصلح، وفتحوا الباب لنا، ودخلنا سلماً، فقال لهم : وإنما دخلت أنا ومن معي المدينة عنوة، ولم يزل يعمل السيف حتى طلب منه أبو عبيدة الكف عن ذلك. والتقى الأمراء عند المقسلاط قرب سوق النحاسين اليوم (سوق المناخلية). وكان فتح دمشق في رجب من السنة الرابعة عشر أي بعد معركة اليرموك بسنة كاملة. ولمناعة اسوارها وتحصيناتها استمر حصارها عدة أشهر وأصبحت بعد ذلك الفتح أهم المدن الإسلامية .
وبعد فتح دمشق طلب أمير المؤمنين من أبي عبيدة أن يسير بعض الجند من الشام مع خالد بن الوليد إلى العراق مرة ثانية ليدعموا الفاتحين فيها، فسيرهم بإمرة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص.
وولى أبو عبيدة على دمشق يزيد بن أبي سفيان وكانت مرحلة من أهم مراحل الفتوحات الإسلامية قد اكتملت في دمشق ، وسيّر شرحبيل بن حسنة إلى الأردن، وعمرو بن العاص إلى فلسطين، أي سار كل من الأمراء إلى المنطقة التي كانت وجهته الأولى إليها.
بعث يزيد بن أبي سفيان أمير دمشق دحية بن خليفة إلى تدمر، كما بعث أبا الزهراء القشيري إلى حوران فصالح أهلها، إذ كان طريق المسلمين إلى دمشق عن طريق مرج الصفرّ ومن جهة الغرب من حوران لذا فقد بقيت حوران دون مصالحة وتم الصلح ودخول حوران بعد بعد ذلك .

في البقاع

وأرسل أبو عبيدة خالد بن الوليد إلى البقاع، وعندما وصل إلى تلك الجهة جاءت حملة من الروم عن طريق ما يعرف اليوم باسم ظهر البيدر تحت إمرة سنان، واستطاع قتل عدد من المسلمين عند (عين ميسون) وعرفت تلك العين بعد ذلك باسم عين الشهداء. ثم تابع خالد سيره في البقاع نحو الشمال فصالحه أهل بعلبك.

معركة مرج الروم وفتح حمص


وكان أبو عبيدة قد اتجه إلى شمال دمشق أيضاً فنزل على ذي الطلاع الذي كان في آخر ثنية العقاب وشرف على (القطيفة) اليوم، وإذ وصل إليه خبر إرسال هرقل بطريقاً من قبله يدعى (توذرا) إلى مرج الروم (منطقة الصبورة اليوم) لينزل دمشق فسار إليه أبو عبيدة وخرج إلى( توذرا) وجاء خالد من الخلف، وبدأ القتال فلم ينج من الروم إلا من شرد، وقتل خالد (توذرا)، وكان أبو عبيدة قد التقى ببطريق آخر يدعى (شنس) نزل بجانبه فتنازلا وقتل أبو عبيدة شنس أيضاً، وفر أتباعه باتجاه حمص فلاحقهم أبو عبيدة، ولما انتهى خالد من (توذرا) تبع أبا عبيدة نحو حمص فحاصراها معاً، وطال الحصار، وجاء فصل الشتاء، وكان شديد البرد، وصبر الصحابة صبراً عظيماً، ولما انسلخ الفصل البارد اشتد الحصار، وأجبر الأهالي المسؤولين على الاستسلام، وطلبوا الصلح حسب الصلح الذي صالح عليه أهل دمشق على نصف المنازل، وضرب الخراج على الأرض، وأخذ الجزية على الرقاب حسب الغنى والفقر. وبعث أبو عبيدة بالأخماس والبشارة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مع عبد الله بن مسعود ... كما طلب منه الرأي بشأن هرقل ... فجاءه الجواب بالبقاء في حمص بالنسبة إلى أبي عبيدة.

فتح قنسرين

وأرسل أبو عبيدة خالد بن الوليد إلى قنسرين في شمال سوريا فقاتل أهلها بعد حصار واعتذار بعد هزيمة أولى، وإثر ذلك دخل المدينة عنوة، وذلك في السنة الخامسة عشرة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا التقدم السريع في المناطق الداخلية من سورية كان لا يوازيه تقدم آخر في المناطق الساحلية للأسباب التي سبق أن ذكرناها، الأمر الذي اقتضى أن يقوم عمرو بن العاص الذي ولي أمر فلسطين بحرب عنيفة في مناطقه الجنوبية حتى يستطيع المسلمون أن يتقدموا في الساحل والداخل بصورة متوازية، واقتضى الأمر من القيادة أن توجه حملات من الداخل إلى الساحل لتقطع المناطق الساحلية إلى وحدات، ولتقلل الضغط أمام الفاتحين المسلمين المتقدمين من الجنوب، وليضعف معنويات المتعنتين من الروم، وليقلل أملهم في إمكانية التشبث بالأرض والبقاء في تلك الجهات، لذا أمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب معاوية بن أبي سفيان بالتحرك نحو قيسارية وتولي أمورها وكتب إليه : أما بعد فقد وليتك قيسارية فسر إليها واستنصر الله عليهم، وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، الله ربنا وثقتنا ورجاؤنا فنعم المولى ونعم النصير. فسار إليها فحاصرها، وقاتل أهلها عدة مرات وفي النهاية انتصر عليهم وقتل منهم ما يقرب من ثمانين ألفاً، وبهذا الفتح انقطع رجاء الروم في النصر ... ثم كتب عمر إلى عمرو بن العاص أن يسير إلى ايلياء (بيت المقدس).

فتح أجنادين

سار عمرو بن العاص إلى أجنادين وهي موقع قريب من الفالوجة ومكان عبور فلسطين من الجنوب، إذا رابط فيها الأرطبون، كما كانت قوة للروم في الرملة، وأخرى في بيت المقدس، وكانت إذا جاءت قوات داعمة إلى عمرو أرسل بها تارة إلى الرملة وأخرى إلى بيت المقدس ليشاغلوا الروم في تلك الجهات خوفاً من دعمهم للأرطبون في أجنادين. وطال تأخر الفتح في أجنادين، وسارت الرسل بين الطرفين، ولم يشف أحدهما غليل عمرو، فسار بنفسه باسم رسول، ودخل على الأرطبون، وجرى الحديث بينهما، استنتج الأرطبون على أن هذا الرسول إنما هو عمرو بالذات أو أنه شخص ذو قيمة وأثر بين المسلمين، وقال في نفسه : ما كنت لأصيب القوم بأمر هو أعظم من قتله. فدعا حرساً فسارّه وأمره بالفتك به فقال : اذهب فقم في مكان كذا وكذا، فإذا مرَّ بك فاقتله، ففطن عمرو بن العاص فقال للأرطبون : أيها الأمير إني قد سمعت كلامك وسمعت كلامي، وإني واحد من عشرة بعثنا عمر بن الخطاب لنكون مع هذا الوالي لنشهد أموره. وقد أحببت أن آتيك بهم ليسمعوا كلامك ويروا ما رأيت. فقال الأرطبون : نعم ‍ فاذهب فائتني بهم، ودعا رجلاً فسارّه فقال : اذهب إلى فلان فردّه. وقام عمرو ابن العاص فرجع إلى جيشه، ثم تحقق الأرطبون أنه عمرو بن العاص نفسه فقال : خدعني الرجل، هذا والله أدهى العرب. وبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال : لله در عمرو. وحدث قتال عظيم في أجنادين كقتال اليرموك .. ثم دخل المسلمون أجنادين، وتقدموا نحو بيت المقدس.
************************************************** *
فتح بيت المقدس

لقي المسلمون عناداً قوياً من الروم الأمر الذي جعل الجيوش الإِسلامية تجتمع مرة أخرى، وولى أبو عبيدة على دمشق سعيد بن زيد، وسارت الجيوش لتحاصر بيت المقدس وتضيق على من فيها حتى أجابوا إلى الصلح بشرط أن يقدم عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. أرسل أبو عبيدة إلى عمر يخبره الخبر، واستشار عمر الصحابة فأشار علي بن أبي طالب عليه بالمسير ورأى عثمان بن عفان غير ذلك، فأخذ عمر برأي علي وولاّه على المدينة وسار إلى الشام ( دمشق ) وعلى مقدمته العباس بن عبد المطلب، وفي الجابية ( باب الجابية أحد أبواب دمشق ) أستقبله أمراء المسلمين أبو عبيدة وخالد ويزيد، ومن دمشق سار عمر على رأس جيش المسلمين إلى بيت المقدس، ثم صالح النصارى، واشترط عليهم إخراج الروم خلال ثلاثة أيام، ثم دخل المسجد من حيث دخل رسول الله يوم الإسراء وصلى فيه مع المسلمين، ثم سار إلى الصخرة وجعل المسجد في قبلة بيت المقدس. وبعد فتح بيت المقدس رجع كل أمير إلى مكانه.

فتح حمص ثانية

وما أن وصل أبو عبيدة إلى مركزه في حمص حتى حاصره الروم، وقد استنفروا معهم أهل الجزيرة( منطقة شرق سوريا ) وكان أبو عبيدة قد استشار المسلمين في التحصن بالمدينة أو قتال الروم خارجها، فأشاروا عليه بالتحصن إلا خالد ابن الوليد الذي كان قد استقدمه من قنسرين لمساعدته ودعمه، فقد رأى قتال الأعداء خارج البناء، إلا أن أبا عبيدة رأى ما رآه بقية المسلمين، وكتب أبو عبيدة إلى أمير المؤمنين يعلمه الخبر. وكانت بقية مدن الشام كل منها مشغول بما فيه، ولو جاءته نجدة من أية مدينة فلربما اختل النظام في بلاد الشام كافة. وبخاصة أن هناك جيوب رومية كثيرة، ويختلط السكان بالروم ، وكتب عمر ابن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص في العراق يطلب منه أن يسيّر مدداً بإمرة القعقاع بن عمرو إلى حمص، وأن يبعث بعثاً بإمرة عياض بن غنم إلى بلاد الجزيرة الذي يسيطر عليها الروم. خرج من الكوفة جيشان أولاهما اتجه نحو حمص وقوامه أربعة آلاف مقاتل بقيادة القعقاع بن عمرو، والآخر اتجه نحو الجزيرة بقيادة عياض بن غنم، وفي الوقت نفسه خرج عمر بن الخطاب نفسه من المدينة لينصر أبا عبيدة. علم أهل الجزيرة أن الجيش الإِسلامي قد طرق بلادهم فتركوا حمص ورجعوا إلى أرضهم. وأخبر الروم أن أمير المؤمنين قد سار إلى الشام ليدعم حمص فانهارت معنوياتهم وضعف أمرهم، وأشار خالد على أبي عبيدة بأن يبرز لهم ليقاتلهم فوافق، فنصر الله عباده المؤمنين على اعدائهم ولم يصل بعد القعقاع إذ وصل إلى حمص بعد انتصار المؤمنين بثلاثة أيام، كما أن عمر بن الخطاب كان قد وصل إلى الجابية في دمشق وجاءه خبر المعركة وهو فيها، وعدّ المدد بين المقاتلين ونال نصيبه من الغنائم. كما صالح أهل حلب ومنبج وإنطاكية.

فتح الجزيرة

أما عياض بن غنم فقد وصل إلى الجزيرة ( الجزيرة السورية ) وصالح أهل (حران) و (الرها) و (الرقة)، وبعث أبا موسى الأشعري إلى (نصيبين)، وعمر بن سعد بن أبي وقاص إلى (رأس العين) وسار هو إلى (دارا) (مكان دير الزور اليوم على نهر الفرات ، وهي قرب قرقيساء التي هي مكان البصيرة عند التقاء نهر الخابور بنهر الفرات) ففتحت هذه المدن، كما أرسل عثمان بن أبي العاص إلى أرمينيا فحدث قتال ثم صالح عثمان أهل البلاد على جزية مقدارها دينار على كل أهل بيت.

فتح سواحل الشام

وفتحت (قرقيساء) على يد عمر بن مالك، وصالح أهل (هيت)، وكان يزيد بن أبي سفيان قد أرسل أخاه معاوية على مقدمته ففتح بناء على أوامر أبي عبيدة المدن الساحلية طرطوس واللاذقية وانطاكية وصور وصيدا وبيروت وعرقة . إلا أن خطأ قد وقع أثناء الفتح، وهو أن المسلمين لم يكونوا ليمشّطوا البلاد التي يفتحونها تمشيطاً كلياً حيث يخلونها من كل من يمكن أن يتمرد في المستقبل أو يكون عوناً للروم الذين يفكرون في استعادة بلاد الشام ويعتقدون أنه لا تزال لهم مراكز قوة فيها، إذ أن المسلمين كما رأينا قد بدؤوا بالمناطق الداخلية التي هي مجال حركتهم، وعلى صلة بالمدينة المنورة قاعدة الحكم الإِسلامي، بناءً على أوامر القيادة العامة، وحاولوا الابتعاد عن السواحل التي كانت للروم فيها قواعد بحرية، الأسطول الرومي يجوب تلك السواحل على حين لم يكن للمسلمين بعد أية قوة بحرية، فهم بالدرجة الأولى أبناء داخل وصحارى ولربما كان أكثرهم لم ير البحر بعد، ومنهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نفسه. وكذلك فقد تركوا الجزر الجبلية والتفوا حولها ظناً منهم أن أولئك السكان الذين كانوا على درجة من القلة لا تمكنهم من عمل شيء، لذا فإنهم ينزلون على حكم المسلمين راضين أو كارهين إضافة إلى فقر تلك الجهات هذا ويزيد ذلك وعورة تلك الأماكن وصعوبة مسالكها، وهذه الخطيئة نفسها تكررت في الأندلس، فكان من تلك الجزر الجبلية البلاء العظيم الذي أطاح بالمسلمين من الأندلس بعد مدة طويلة من الزمن، والذي لا نزال نذوق منه الويلات، إذ كان سكان الجبال عوناً للروم ودعماً لهم كلما ظهر الروم على الشواطئ الشامية، وهذا ما كان يستشعره الروم من أن لهم قوة تعتصم في المناطق الجبلية كما دعت الحاجة، كما أن قوة أخرى كانت لهم، وهي أن الروم عندما اجلوا عن تلك البلاد الشامية رحلت معهم بعض القبائل العربية المتنصِّرة الحليفة لهم والمنتصّرة من غسان وتنوخ واياد ولخم وجذام وعاملة وكندة وقيس وكنانة ظناً من هذه القبائل أن الروم لا يمكنهم أن يتركوا الفاتحين الجدد في البلاد الشامية، وكان لهذه القبائل مراكزها وأنصارها في المنطقة، كل هذا كان يشجع الروم على التفكير في محاولة استرجاع البلاد، وقد تمكن الروم فعلاً من استعادة بعض السواحل الشامية في الوسط ، ولكنهم لم يلبثوا أن طردوا منها. ولعل من الأخطاء التي وقعت آنذاك الاستعانة بالجراجمة، وهم سكان منطقة الجرجومة وهي مدينة تقع في جبل الأمانوس (اللكام) شمال إنطاكية، وقد كانت لهم دولة مركزها مرعش، ويعتقد أنهم من بقايا الحثيين. وعندما صالح أبو عبيدة بن الجراح أهل إنطاكية همّ الجراجمة بالانتقال إلى بلاد الروم خوفاً على أنفسهم، إلا أن المسلمين لم يأبهوا بهم آنذاك، ولكن إنطاكية لم تلبث أن نقضت العهد، واضطر المسلمون إلى فتحها ثانية، وعين أبو عبيدة عليها (حبيب بن مسلمة الفهري) الذي استعد لغزو جرجومة، فاضطر أهلهالطلب الصلح، وكانوا يساعدون المسلمين أحياناً عندما يرون فيهم القوة، ولكنهم إن وجدوا في الروم قوة كاتبوهم على أن ينقضّوا على المسلمين، وهذا ما كان يشجع الروم، ويُبقي عندهم الأمل في العودة إلى بلاد الشام، ولربما كان المسلمون بحاجة إلى الجند آنذاك، وقد وجدوا في الجراجمة عنصراً محارباً ودعماً عسكرياً فاستفادوا منهم، إلا أنه لا يؤمن لهم ولا لعهودهم ما دامو لا يدينون دين الحق، ولا ينظرون إلا إلى مصالحهم، وهذا ما كان يجعلهم يقفون بجانب الروم أحياناً وبجانب المسلمين مرة أخرى، ثم توزعوا في المناطق الجبلية الغربية عوناً للروم، وبقي لهم خطر على البلاد ولأحفادهم الذين اعتقدوا عقائد غريبة حتى الآن.
**********************************************
فتح مصر


لما انتهى فتح المسلمين لبلاد الشام، وانتهى عمرو بن العاص من فتح فلسطين، استأذن عمرو بن العاص من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في السير إلى مصر للفتح، فوافق عمر وسيّره إليها، ثم أمده بالزبير بن العوام ومعه بسر ابن أرطأة وخارجة بن حذافة، وعمير بن وهب الجمحي، فالتقيا عند باب مصر، ولقيهم أبو مريم ومعه الأسقف أبو مريام وقد بعثه المقوقس من الإسكندرية، فدعاهم عمرو بن العاص إلى الإِسلام أو الجزية أو القتال، وأمهلهم ثلاثة أيام فطلبوا منه أن يزيد المدة فزادها لهم يوماً واحداً، ثم نشب القتال، فهزم البيزنطيون وقتل منهم عدد كبير، منهم الأرطبون الذي فر من بلاد الشام إلى مصر، والذي أجبر أهل مصر على المقاومة، وحاصر المسلمون عين شمس، وارتقى الزبير بن العوام السور، فلما أحس السكان بذلك انطلقوا باتجاه عمرو على الباب الآخر، إلا أن الزبير كان قد اخترق البلد عنوة ووصل إلى الباب الذي عليه عمرو، فصالحوا عمراً وأمضى الزبير الصلح، وقبل أهل مصر كلهم الصلح، إذ كان قد وجه عبد الله بن حذافة إلى عين شمس فغلب على أرضها وصالح أهل قراها على مثل صلح الفسطاط.
ثم أرسل عمرو جيشاً إلى الإسكندرية حيث يقيم المقوقس، وحاصر الجيش المدينة، واضطر المقوقس إلى أن يصالح المسلمين على أداء الجزية واستخلف عمرو بن العاص عليها عبد الله بن حذافة. وانشئت مدينة الفسطاط مكان خيمة عمرو حيث بني المسجد الذي ينسب إليه الآن. وأقيمت البيوت حوله.
وأرسل عمرو قوة إلى الصعيد بإمرة عبد الله سعد بن أبي سرح بناءً على أوامر الخليفة ففتحها، وكان الوالي عليها كما أرسل خارجة بن حذافة إلى الفيوم وما حولها ففتحها وصالح أهلها، وأرسل عمير بن وهب الجمحي إلى دمياط وتنيس وما حولهما فصالح أهل تلك الجهات.
ثم سار عمرو بن العاص إلى الغرب ففتح برقة وصالح أهلها، وأرسل عقبة ابن نافع ففتح (زويلة) واتجه نحو بلاد النوبة، ثم انطلق عمرو إلى طرابلس الغرب ففتحها بعد حصار دام شهر، كما فتح (صبراته) و (شروس) ومنعه عمر بن الخطاب أن يتقدم أكثر من ذلك إلى جهة الغرب.

وبهذا انتهى فتح المغرب وتم القضاء على دولة الرووم البيزنطيين ليفرغ بعدها الخليفة للقضاء على دولة الفرس في الشرق

وهذا له حديث اخر

دمتم في حفظ الله ورعايته

ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة ميسون ; 03-01-2010 الساعة 03:32 PM

قديم 02-01-2010, 06:01 PM   #5

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



** الحلقة الرابعة **





استكمالا لما سبق
اتجهت انظار الخليفة الراشد عمر بن الخطاب نحو المشرق نحو الدولة الفارسيه فقرر ان يقضي عليها كما قضى على دولة الروم البيزنطيين

الجبهة الشرقية

كان الخلاف على الحكم قوياً في الدولة الفارسية الفرس كما كان الحكام على خلاف فيما بينهم، فلما غادر خالد بن الوليد العراق إلى الشام شعر الفرس بقلة من بقي من جند المسلمين هناك، فأرادوا النيل منهم وطردهم من أرض العراق، فأرسل شهريار ملك الفرس جيشاً قوامه عشرة آلاف مقاتل لمحاربة جيش المسلمين بقيادة المثنى بن حارثة الشيباني، إلا أن الفرس قد هزموا هزيمة منكرة أيضاً.
طلب المثنى بن حارثة المدد من المدينة، إلا أن أخبار الصديق قد تأخرت عليه لانشغاله بقتال الشام الأمر الذي جعل المثنى يسير بنفسه إلى المدينة وقد خلّف وراءه على المسلمين بشير بن الخصاصية، فلما وصل إلى قاعدة الحكم وجد أبا بكر في آخر عهده وقد استخلف عمر من بعده. فلما رأى أبو بكر المثنى قال لعمر : إذا أنا مت فلا تمسين حتى تندب الناس لحرب أهل العراق مع المثنى، وإذا فتح الله على أمرائنا بالشام فاردد أصحاب خالد إلى العراق فإنهم أعلم بحربه. فلما مات الصديق ندب عمر المسلمين إلى الجهاد في أرض العراق، وأمر على المجاهدين أبا عبيد بن مسعود الثقفي حيث كان أول من لبى النداء ولم يكن من الصحابة، مع العلم أن عمر لم يكن ليولي إلا من كان صحابياً، وعندما سئل في هذا الأمر أجاب : إنما أؤمر أول من استجاب، إنكم إنما سبقتم الناس بنصرة هذا الدين، وإن هذا هو الذي استجاب قبلكم، ثم دعاه فوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً. وأمره أن يستشير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار المجاهدون إلى العراق.
وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الوقت نفسه إلى أبي عبيدة في الشام أن يرسل جيش وامداد من دمشق مع خالد بن الوليد، فسيّرهم أبو عبيدة بعد فتح دمشق بإمرة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص.
وأرسل عمر أيضاً مدداً آخر بقيادة جرير بن عبد الله البجلي قوامه أربعة آلاف، فسار باتجاه الكوفة، والتقى بقائد فارس فهزمه شر هزيمة وسقط أكثر جند الفرس في النهر.

معركة النمارق

بعث رستم جيشاً لقتال أبي عبيد فالتقى الطرفان في النمارق بين الحيرة والقادسية، وكان على خيل المسلمين المثنى بن حارثة، فهُزم الفرس، وولوا الأدبار، وساروا إلى (كسكر) فلحقهم أبو عبيد، ثم هزمهم ثانية بعد أن جاءتهم قوة داعمة لنصرتهم، وفرّ الفرس إلى المدائن.

معركة الجسر


بعد أن هزم الفرس في النمارق وما بعدها اجتمعوا إلى رستم، فأرسل جيشاً كثيفاً ومعهم راية (كسرى) وراية (أفريدون) التي تسمى (الدرفس) وسار هذا الجيش نحو المسلمين فالتقوا، وبينهم جسر، فقال الفرس : إما أن تعبروا إلينا، أو نعبر إليكم، فقال المسلمون لأبي عبيد : أمرهم أن يعبروا إلينا، فقال أبو عبيد : ما هم أجرأ منا على الموت بل نعبر إليكم، ثم اقتحم الجسر إليهم، وجرت معركة عنيفة بين الطرفين. وكانت فيلة الفرس تؤذي المسلمين حيث تخافها خيولهم الأمر الذي جعل أبا عبيد يأمر المسلمين بقتل الفيلة فقتلوها وكان بين الفيلة فيل عظيم هجم عليه أبو عبيد، فضرب خرطومه فاستدمى الفيل وصرخ وقتل أبا عبيد وبرك فوقه، وقتل القادة الذين تولوا أمر المسلمين بعد أبي عبيد، حتى جاء دور المثنى بن حارثة في الإمارة، وكان قد ضعف أمر المسلمين، وأرادوا التراجع، وعبر بعضهم الجسر، ولتزاحمهم عليه تحطم الأمر الذي جعل ظهور المسلمين للفرس وبدأ القتل فيهم حتى عظم، فقتل منهم من قتل، وغرق من غرق. فجاء المثنى ووقف عند مدخل الجسر يحمي المسلمين ليقطعوا الطريق ببطء فأصلحوا الجسر وعبروا خلاله، حتى انتهوا والمثنى وشجعان المسلمين يحمونهم. وقد وقعت هذه المعركة بعد معركة اليرموك بأربعين يوماً أي في شهر شعبان في السنة الثالثة عشرة للهجرة واختلف الفرس ثانية على الحكم إذ خلعوا رستم، ثم عادوا فولوه، وأضافوا إليه الفيرزان، وسار الفرس إلى المدائن فلحقهم المثنى، وهزم من اعترض سبيله منهم وأسر عدداً كبيراً ضرب أعناقهم، وطلب النجدة والمدد من أمراء المسلمين، فوافوه، كما كان قد وصل إليه جرير بن عبد الله البجلي ومن معه.

معركة البويب

لما علمت الفرس باجتماع عدد من جيوش المسلمين بعثت جيشاً كثيفاً، والتقى الطرفان في مكان يقال له (البويب) قرب الكوفة، وطلبت الفرس أن يعبر المسلمون إليها، أو تعبر إليهم، فأجاب المثنى بأن يعبر الفرس فعبر وجرت معركة عنيفة هزمت فيها المجوس، وقتل منهم عدد كبير قتلاً وغرقاً في النهر، وكانت هذه المعركة عظيمة إذ اقتص فيها المسلمون من معركة الجسر ونالوا غنائم عظيمة، وقتل فيها قائد الفرس مهران، وكان ذلك في شهر رمضان من السنة الثالثة عشرة الهجرية.
وبعد معركة البويب التي اقضت مضاجع الفرس اجتمع أمراؤهم على تمليك يزدجرد بن شهريار بن كسرى، واتفقوا على ذلك فيما بينهم، وأرسلوا بالخبر إلى إتباعهم في الأمصار كافة، الأمر الذي جعل المجوس وأنصارهم الذين صالحوا المسلمين وأظهروا الطاعة ينقضون العهد. وأخبر المسلمون بذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
حث عمر بن الخطاب المسلمين على الجهاد وخرج بنفسه على رأس الجيش من المدينة بعد أن ولّى مكانه علي بن أبي طالب واستصحب معه عثمان بن عفان وسادات الصحابة حتى وصل إلى ماء يقال له ( الصرار ) فعقد مجلساً استشارياً في الذهاب، وقد أرسل إلى علي أن يأتي من المدينة، فكلهم وافقه على رأيه إلا عبد الرحمن بن عوف فإنه قال له : إني أخشى إن كسرت أن تضعف أمر المسلمين في سائر أقطار الأرض، وإني أرى أن تبعث رجلا وترجع إلى المدينة، فمال عمر إلى هذا الرأي، ووقع الاختيار على سعد بن أبي وقاص قائداً للجيش، فأوصاه، وكتب إلى المثنى بن حارثة وجرير بن عبد الله البجلي في إطاعة سعد، كما أصبح جميع أمراء العراق تبعاً له، ولكن المثنى قد توفي قبل وصول سعد إذ انتقض عليه جرحه الذي أصابه يوم الجسر.
اجتمع المسلمون في القادسية حسبما واعدهم سعد بن وقاص بناء على أوامر الخليفة عمر بن الخطاب، كما نصَّب الخليفة عبد الرحمن على القضاء ولما بلغ سعد ماء العذيب اعترضه جيش للفرس، فهزمه، وغنم منه غنائم كثيرة . ويبدو من هذه المعارك أن المسلمين كانوا يتوغلون في أعماق العدو دون تطهير كامل للمناطق الخلفية مما يجعل الفرس يستطيعون تحريك جيوشهم إلى قرب أماكن المعارك الأولى.
************************************************** ********
معركة القادسية

ثم سار سعد حتى نزل القادسية، فمكث فيها شهراً لم ير فيه أثر للفرس، وكان يبث سراياه في كل الجهات، فكانت تأتيه بالغنائم الأمر الذي جعل الفرس وحلفائهم يتضايقون جداً، وأخبروا ملكهم ( يزدجرد ) بأنه إن لم ينجدهم فإنهم سيضطرون إلى تسليم ما بأيديهم إلى المسلمين أو يصالحونهم، وهذا ما جعل ( يزدجرد ) يدعو رستم ويؤمره على الحرب بجيش كثيف، وقد حاول رستم أن يعفيه الملك من ذلك وأبدى الأعذار بأن إرسال جيش كثيف واحد إلى المسلمين فيه شيء من الخطأ، وإنما من الصواب أن يرسل جيشاً إثر آخر لإضعاف المسلمين، إلا أن الملك قد أصر على إرساله بهذا الجيش اللجب الذي يبلغ قوامه مائة وعشرين ألفاً، ويكون مثلها مدداً لها.
سار رستم وعسكر بساباط، وكان سعد يكتب في كل يوم إلى الخليفة حسب أوامره إليه، ولما اقترب رستم من المسلمين بعث إليه سعد جماعة من سادات المسلمين يدعونه إلى الله عز وجل وكان بينهم: النعمان بن مقرن، والمغيرة بن شعبة، والأشعث بن قيس، وفرات بن حبان، وعطارد بن حاجب، وحنظلة بن الربيع، وعمرو بن معد يكرب. فقال لهم رستم: ما أقدمكم ؟ فقالوا: جئنا لموعود الله إيانا، أخذ بلادكم وسبي نسائكم وأبنائكم وأخذ أموالكم، ونحن على يقين من ذلك. وقد تأخر رستم في الخروج من المدائن للقاء سعد في القادسية مدة أربعة أشهر عسى أن يضجر سعد ومن معه من المسلمين، كما أن رستم كان يعتقد أن النصر سكون حليف المسلمين لما يرى ويسمع عن معاركهم وأخلاقهم. وقد ضعفت معنويات رستم ومن معه بعد أن سمعوا كلام الوفد، وما فيه من ثقة بالله ويقين بالنصر.
ولما اقترب الجيشان طلب رستم من سعد أن يبعث له رجلاً عاقلاً عالماً يجيبه عن بعض أسئلته، فأرسل له سعد المغيرة بن شعبة. فقال له رستم : إنكم جيراننا وكنا نحسن إليكم ونكف الأذى عنكم، فارجعوا إلى بلادكم ولا نمنع تجارتكم من الدخول إلى بلادنا. فقال له المغيرة : إن ليس طلبنا الدنيا، وإنما همنا وطلبنا الآخرة، وقد بعث الله إلينا رسولاً قال له : إني قد سلطت هذه الطائفة على من لم يدن بديني فأنا منتقم بهم منهم، واجعل لهم الغلبة ما داموا مقرين به، وهو دين الحق، لا يرغب عنه أحد إلا ذل، ولا يعتصم به إلا عز. فقال له رستم : فما هو ؟ فقال : أما عموده الذي لا يصلح شيء منه إلا به فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والإقرار بما جاء به من عند الله، فقال : ما أحسن هذا ! وأي شيء أيضاً، قال : وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله.قال : وحسن أيضاً وأي شيء أيضاً ؟ قال : والناس بنو آدم، فهم إخوة لأب وأم، قال : وحسن أيضاً : ثم قال رستم : أرأيتم إن دخلنا في دينكم أترجعون عن بلادنا ؟ قال : إي والله ثم لا نقرب بلادكم إلا في تجارة أو حاجة. قال : وحسن أيضاً. وإن هذا الحديث قد زاد إلى أضعاف معنويات رستم والفرس، وزاد يقينهم في انتصار المسلمين، وزادت قناعتهم بهذا الدين الجديد حتى إن رستم قد ذاكر وجهاء قومه في الدخول في الإِسلام فأنفوا وأبوا فأخزاهم الله.
وحاول رستم والفرس أن يلجؤوا إلى طريق الإغراء فزينوا مجلس رستم بالنمارق المذهبة والحرير، وأظهروا اللآلئ والياقوت والأحجار الكريمة الثمينة، والزينات العظيمة، وجلس رستم على سرير واسع من الذهب، وعليه تاج مرصع، ثم طلب رستم ثانية من سعد إرسال رجل آخر، فأرسل إليه ربعي بن عامر، فسار إليه بثياب صفيقة وأسلحة متواضعة وفرس صغيرة، ولم يزل راكبها حتى داست على الديباج والحرير، ثم نزل عنها وربطها في قطع من الحرير مزقها مما رأى أمامه، وأقبل على رستم وعليه سلاحه الكامل، فقالوا له : ضع سلاحك. فقال : إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت، فنقلوا ذلك لرستم فقال : ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق أكثرها، فقالوا له : ما جاء بكم ؟ فقال : الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإِسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نفضي إلى موعود الله. قالوا : وما موعود الله ؟ قال : الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي. فقال رستم: قد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا ؟ قال : نعم ! كم أحب إليكم ؟ يوماً أو يومين ؟ قال : لا، بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا. فقال : ما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك وأمرهم واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل، فقال : أسيدهم أنت ؟ قال : لا! ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم. فاجتمع رستم برؤساء قومه فقال : هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل ؟ فقالوا : معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا وتدع دينك إلى هذا ال***، أما ترى إلى ثيابه ؟ فقال : ويلكم لا تنظروا إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل، ويصونون الأحساب.
وبعث الفرس في اليوم الثاني يطلبون رجلا آخر يريدون أن يعرفوا نماذج من المسلمين، فهل كلهم على هذا اليقين وهذا الرأي ؟ علهم يجدون ثغرة يستطعون أن ينفذوا منها، فبعث إليهم سعد بن أبي وقاص رجلا آخر هو حذيفة بن محصن، فتكلم على النحو الذي تكلم فيه ربعي بن عامر.
وتكرر الطلب في اليوم الثالث فأرسل إليهم سعد ثالثاً هو المغيرة بن شعبة. فقال رستم للمغيرة : إنما مثلكم في دخول أرضنا مثل الذباب رأى العسل. فقال : من يوصلني إليه وله درهمان؟ فلما سقط عليه غرق فيه، فجعل يطلب الخلاص فلم يجده، وجعل يقول : من يخلصني وله أربعة دراهم ؟ ومثلكم كمثل ثعلب ضعيف دخل حجراً في كرم، فلما رآه صاحب الكرم ضعيفاً رحمه فتركه، فلما سمن أفسد شيئاً كثيراً فجاء بجيشه، واستعان عليه بغلمانه فذهب ليخرجه فلم يستطع لسمنه فضربه حتى قتله، فهكذا تخرجون من بلادنا، ثم ازداد غضباً وحمقاً وأقسم بالشمس لأقتلنكم غداً.
فقال المغيرة : ستعلم. فقال رستم للمغيرة : قد أمرت لكم بكسوة ولأميركم بألف دينار وكسوة ومركوب وتنصرفون عنا.
فقال المغيرة : أبعد أن أوهنا ملككم وضعفنا عزكم، ولنا مدة نحو بلادكم ونأخذ الجزية منكم عن يد وأنتم صاغرون وستصيرون لنا عبيداً على رغمكم ؟
كان سعد بن أبي وقاص مريضاً لا يستطيع الركوب، لذا فقد جلس في القصر متكئاً على صدره فوق وسادة ينظر إلى الجيش يدبر أمره ويصدر تعليماته، وقد أعطى القيادة إلى خالد بن عرفطة، وكان على الميمنة جرير بن عبد الله البجلي وعلى الميسرة قيس بن مكشوح.
بدأت المعركة بعد الظهيرة وبعد أن صلى سعد الظهر بالناس وخطب فيهم وحثهم على القتال، واستمر القتال حتى الليل، ثم استؤنف في اليوم الثاني ولمدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع اشتد أثر الفيلة الفارسية على الجيش إذ كانت الخيول تنفر منها الأمر الذي جعل الصحابة يوجهون اهتمامهم اليها حتى قتلوها مع من عليها، وقد أبلى جرير بن عبد الله البجلي، والقعقاع بن عمرو، وطليحة الأسدي، وعمرو بن معد يكرب، وخالد بن عرفطة، وضرار بن الخطاب بلاء كبيراً، إذ كانوا يقلعون عيون الفيلة فتشرد بمن عليها ثم تقتل ويقتل أصحابها، فلما كان الزوال من ذلك الذي عرف بالقادسية وهو الاثنين الرابع عشر من شهر محرم من السنة الرابعة عشرة هبت ريح شديدة على الفرس فأزالت خيامهم وما كان منهم إلا الهرب. وقد قتل القعقاع بن عمرو التميمي وهلال بن علقمة التميمي رستم قائد الفرس، وفرّت جماعة منهم ولحقهم المسلمون حتى دخلوا وراءهم مدينة المدائن مركز الحكم ومقر يزدجرد بن شهريار. وقد قتل من الفرس في اليوم الرابع عشرة آلاف ومثلهم في الأيام السابقة، فكان مجموع القتلى عشرين ألفاً، وهو ما يقرب من ثلثي الجيش الفارسي، واستشهد من المسلمين في الأيام كلها ألفاً وخمسمائة شهيد، وغنم المسلمون غنائم كبيرة جداً، وأرسلت البشارة إلى أمير المؤمنين الذي كان في غاية الاهتمام بالمعركة حتى كان يخرج وحده أحياناً إلى خارج المدينة يسأل الركبان ويتقصى الأخبار حتى جاءه النبأ. وكانت المناطق التي فيها خالد بن الوليد من قبل قد نقضت العهد، فلما كانت معركة القادسية رجع أهلها إلى عهودهم وادعوا أن الفرس قد أجبروهم على ذلك النقض.
ثم تقدم المسلمون بإمرة زهرة بن حوية أميراً إثر أمير نحو المدائن فالتقوا بجيش فارسي فهزموه، واتجه المنهزمون نحو بابل، وانطلقت جماعة أخرى نحو نهاوند، فاقام سعد في بابل عدة أيام ثم سار نحو المدائن، فالتقى بجيش آخر من الفرس فهزمه، وفي ساباط التقى بكتائب أخرى ليزدجرد أصابها كلها ما أصاب سابقتها، وقَتَل هاشم بن عتبة بن أبي وقاص أسد يزدجرد الذي وضع في الطريق لإخافة المسلمين، وكان ذلك في نهاية السنة الرابعة عشرة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتحصن الفرس (بهرسير) وهي قرية من المدائن لا يفصل بينها سوى نهر دجلة بعد أن هزموا أمامها، إلا أن حصارهم لم يهن من عزيمة المسلمين، وكان أن فرّ الفرس إلى المدائن، وسار المسلمون وراءهم، فلما اقتربوا منها لاح لهم القصر الأبيض قصر كسرى. وكان المسلمون قد قطعوا نهر دجلة وكان في حالة فيضان كبير الأمر الذي جعل الفرس يخافون لقاء المسلمين ويهابونهم.
************************************************
فتح المدائن


ودخل المسلمون المدائن فلم يجدوا بها أحداً بل فرّ أهلها كلهم مع الملك سوى بضعة من المقاتلة بقوا في القصر الأبيض، فدعاهم سلمان الفارسي ثلاثة أيام، نزلوا بعدها منه، وسكنه سعد، وجعل الايوان مصلى وتلا حين دخوله {كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين، كذلك وأورثناها قوماً آخرين، فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين} [الدخان : 25-29]، كما صلى الجمعة في الايوان وذلك في شهر صفر من السنة السادسة عشرة للهجرة. وأقامت أسر المسلمين في المدائن حتى فتح الله عليهم جلولاء وتكريت والموصل، وبعدها تحولت الأسر إلى الكوفة. وأرسل سعد السرايا تتعقب الفارين فحصلت هذه السرايا على غنائم كثيرة لم يستطع الفارون حملها فتركوها وأكثرها من ثياب كسرى ولباسه. وقد خمّس سعد الغنائم، وبعث بها إلى المدينة مع بشير بن الخصاصية، وفيها بساط كسرى وتاجه وسواريه، فلما رآها عمر قال : إن قوما أدوا هذا لأمناء، فقال له علي : إنك عففت فعفت رعيتك ولو رتعت لرتعت.
فمنحها عمر بن الخطاب الى سراقة بن مالك تصديقا لوعد رسول الله له بسواري كسرى عندما كان صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة واعترضه سراقه
************************
فتح جلولاء

فر يزدجرد من المدائن، وسار باتجاه حلوان، والتف حوله أثناء سيره عدد كثير من الفرس، فأمر عليهم مهران، وأقاموا بجلولاء، وقد تحصنوا بها، وحفروا الخنادق حولها، فبعث سعد إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخبره بذلك، فأمره أن يقيم هو بالمدائن وأن يرسل إليهم ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وأن يكون على المقدمة القعقاع بن عمرو التميمي، وعلى الميمنة سعد بن مالك، وعلى الميسرة عمر بن مالك، وعلى المؤخرة عمرو بن مرة الجهني، ففعل، فسار هاشم وحاصرهم، واشتد القتال، وكانت تصل النجدات إلى الطرفين، وأخيراً فتح الله على المسلمين جلولاء، وقد قتلوا من الفرس الكثير حتى تجلت بجثثهم الأرض، وبرز من الأبطال في هذه المعركة القعقاع بن عمرو، وعمرو بن معد يكرب، وحجر بن عدي، وقيس بن مكشوح، وطليحة الأسدي.
وبعث هاشم في أثر الفرس المنهزمين القعقاع بن عمرو فكانوا يفرون من وجهه، وقد غنم الكثير أثناء تحركاته تلك. وقد كانت غنائم جلولاء لا تقل عن غنائم المدائن. وقد ادرك القعقاع مهران وقتله، ونجا الفيرزان فسار إلى حلوان وأخبر يزدجرد فترك المدينة بعد أن ترك عليها قائدا، وسار هو إلى الري (طهران اليوم)، وسار القعقاع إلى حلوان فانتصر على حاميتها ودخلها.

فتح تكريت والموصل

في الوقت الذي سار فيه هاشم بن عتبة إلى جلولاء سار أيضاً إلى تكريت عبد الله بن المعتم على رأس جيش بأمر الخليفة أيضاً، فلما وصل إلى تكريت وجد فيها جماعة من الروم، ومن نصارى العرب، من إياد وتغلب، وعدد من أهل الموصل فحاصرهم أربعين يوماً نازلهم خلالها أربعاً وعشرين مرة، وانتصر فيها كلها، ثم دخل المدينة عنوة، وقد قتل جميع من فيها سوى من أسلم من الأعراب. وسار ربعي بن الافكل بعدها إلى الموصل واضطر أهلها إلى الصلح والتسليم، وفرضت عليهم الجزية.

فتح ماسبذان

بلغ سعد أن جماعة من الفرس قد تجمعت في ماسبذان الواقعة على يمين حلوان على الطريق إلى همدان، فأخبر بذلك أمير المؤمنين فطلب منه أن يرسل لهم جيشاً بإمرة ضرار بن الخطاب الفهري، ففعل وانتصر عليهم، وهرب أهل ماسبذان إلى رؤوس الجبال، فدعاهم ضرار فاستجابوا له، ومنهم من أسلم، ومنهم من لم يسلم فوضع عليه الجزية.

فتح الأهواز

تغلب الهرمزان على منطقة الأهواز، وهو من أحد بيوتات فارس المشهورة وكان من الذين فروا من القادسية، وأصبح يغير على المناطق التي دانت لحكم المسلمين، فسار إليه جيشان من المسلمين، انطلق أحدهما من الكوفة من قبل واليها عتبة بن غزوان، وسار الثاني من البصرة من قبل حاكمها أبي موسى الأشعري، وانتصر المسلمون عليه وهذا ما أجبره على طلب الصلح، فأعطوه ذلك. ثم نقض الهرمزان الصلح بعد أن استعان بجماعة من الكرد، فبرز إليه المسلمون فهزموه فتحصن في تستر (ششتر اليوم)، إلا أن أهل المنطقة قد صالحوا المسلمين عندما رؤوا إصلاح بلادهم، ودفعوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، وهذا ما جعل الهرمزان يطلب الصلح ثانية، ويصالح على عدد من المدن منها (تستر) و (جنديسابور)، وكان حرقوص بن زهير قد فتح سوق الأهواز. ثم نقض الهرمزان الصلح ثانية بناء على تحريض يزدجرد، وبلغ الخبر عمر، فأمر أن يسير إليه جيش من الكوفة بإمرة النعمان بن مقرن، وكانت الكوفة مقر سعد بن أبي وقاص، كما أمر أن يسير جيش آخر من البصرة بإمرة سهيل بن عدي، وأن يكون على الجميع أبو سيرة بن أبي رهم، فالتقى النعمان بالهرمزان فهزمه، ففر إلى تستر فسار إليه سهيل بن عدي، كما لحقه النعمان، فحاصروه هناك، وكان أمير الحرب أبو سبرة بن أبي رهم ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وجد أن مع الهرمزان عدداً كبيراً من المقاتلين، فكتبوا بذلك إلى أمير المؤمنين، فطلب من أبي موسى الأشعري أن يذهب إليهم مدداً، فسار نحوهم، وحاصروا الفرس، واضطرهم إلى الاستسلام بعد فتح البلد عنوة، ولجأ الهرمزان إلى القلعة، فحاصروه وأجبروه على الاستسلام، وأرسلوه إلى عمر بن الخطاب بالمدينة مع وفد فيه الأحنف بن قيس وأنس بن مالك.
ثم سار أبو سبرة بن أبي رهم في قسم من الجيش ومعه أبو موسى الأشعري والنعمان بن مقرن واستصحبوا معهم الهرمزان، وساروا حتى نزلوا (السوس) فحاصروها، وكتب إلى أمير المؤمنين بذلك، فأجابهم بأن يرجع أبو موسى الأشعري إلى البصرة، وأن يسير زر بن عبد الله بن كليب إلى جنديسابور، فسار، وبعث أبو سبرة بالخمس وبالهرمزان إلى المدينة، ولما وصل الوفد بالهرمزان إلى المدينة اتجه إلى بيت أمير المؤمنين، فقيل لهم : إنه بالمسجد للقاء وفد الكوفة، فانطلقوا إلى المسجد، فلم يروا فيه أحداً، ولما هموا بالعودة قال لهم غلمان يلعبون أمام المسجد : إنه نائم في زاوية المسجد، فانطلقوا فوجدوه نائماً، فقال الهرمزان : أين عمر ؟ فأشاروا إليه، وقد دهش لعدم وجود الحرس والحجاب كما اعتاد أن يرى في ملوك فارس وأكاسرتها.

فقال مقولته الشهيرة ( حكمت فعدلت فامنت فنمت )
وفتحت السوس عنوة بعد حصار حتى طلب أهلها الصلح، وكذلك فقد فتح زر بن عبد الله جند يسابور.وتقدم المسلمون في بلاد فارس أيام عمر بن الخطاب من جهة ثانية، فقد كان العلاء بن الحضرمي والي البحرين يسابق سعد بن أبي وقاص في الفتح، فلما كتب الله النصر لسعد في القادسية، وكان له ذلك الصدى الواسع، أحب العلاء أن يكون له النصر على فارس من جهته، فندب الناس إلى الجهاد ضد فارس، فاجتمع الجيش وعبر العلاء بن الحضرمي البحر إلى فارس من جهته وذلك دون إذن أمير المؤمنين، اتجه العلاء نحو اصطخر، إلا أن الفرس قد حالوا بين المسلمين وسفنهم، فوجد المسلمون أنفسهم بين العدو والبحر، فعلموا جهدهم وقاتلوا بقوة فنصرهم على عدوهم، ثم خرجوا يريدون البصرة، فلم يجدوا سفنهم، كما رؤوا أن الفرس قد قطعوا عنهم الطرق، فاضطروا إلى البقاء محاصرين، ووصل الخبر إلى عمر بن الخطاب، فتأثر جداً، وأمر بعزل العلاء، وطلب منه الالتحاق بسعد بن أبي وقاص، وطلب من عتبة بن غزوان أن ينجد العلاء، فأرسل قوة بإمرة أبي سبرة بن أبي رهم ومعه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعاصم بن عمرو، والأحنف بن قيس، وحذيفة بن محصن، وعرفجة ابن هرثمة، وكان عدد هذه القوة اثنا عشر ألفاً، وسارت هذه القوة حتى وصلت إلى مكان حصار المسلمين، وكاد القتال أن ينشب بين المحاصرين والفرس، فجاءت القوة في الوقت المناسب، وانتصر المسلمون انتصاراً رائعاً، ثم عاد الجميع إلى عتبة بن غزوان في البصرة.
وتجمع الفرس في مدينة نهاوند، وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لا يريد أن ينساح المسلمون في بلاد فارس الواسعة خوفاً عليهم من ضياعهم فيها، وخوفاً عليهم من الفرس، واستمر ذلك مدة حتى وصل إليه الأحنف بن قيس في الوفد الذي يسوق الهرمزان معه، فسأل عمر الأحنف بن قيس عن الأحوال، وكان عمر يخشى أن يكون المسلمون يحيفون على أهل الذمة الأمر الذي يجعلهم ينقضون العهد، فقال عمر : لعل المسلمين يفضون إلى أهل الذمة بأذى وبأمور لها ما ينتقضون بكم، فأجاب : ما نعلم إلا وفاء وحسن ملكة، قال : فكيف هذا ؟ فقال له الأحنف : يا أمير المؤمنين، أخبرك أنك نهيتنا عن الانسياح في البلاد، وأمرتنا بالاقتصار على ما في أيدينا، وإن ملك فارس حي بين أظهرهم، وإنهم لا يزالوا يساجلوننا ما دام ملكهم فيهم ولم يجتمع ملكان يتفقان حتى يخرج أحدهما صاحبه : وقد رأيت أنا لم نأخذ شيئاً بعد شيء إلا بانبعاثهم، وأن ملكهم هو الذي يبعثهم، ولا يزال هذا دأبهم حتى تأذن لنا فلنسح في بلادهم حتى نزيله عن فارس ونخرجه عن مملتكه وعزّ أمته : فهنالك ينقطع رجاء أهل فارس. فقال عمر : صدقتني والله وشرحت لي الأمر عن حقه.
وجاءت الأخبار إلى عمر بن الخطاب أن الفرس قد تجمعوا في نهاوند، وهذا ما جعله يأمر بالانسياح في أرض فارس، وقد رغب أن يسير هو بنفسه على رأس جيش لقتال الفرس، إلا أنه عندما استشار الصحابة رؤوا غير ذلك، فعدل عن رأيه، وكان الذي أقنعه بذلك علي بن أبي طالب، فكتب إلى حذيفة ابن اليمان أن يسير بجند الكوفة، وإلى أبي موسى الأشعري أن يسير بجند البصرة، وإلى النعمان بن مقرن أن يسير بجند فإذا التقوا فكل على جنده أميرا، وعلى الجميع النعمان بن مقرن فإن قتل فقيس بن مكشوح و... حتى سمى عدة أمراء.
وسار المسلمون نحو نهاوند ولا يزيد عددهم على الثلاثين ألفاً إلا قليلاً، وكان قد تجمع فيها من الفرس ما يزيد على المائة والخمسين ألفاً، وكانت المعارك سجالا بين الطرفين مدة يومي الأربعاء والخميس، ثم انتصر المسلمون على أعدائهم الأمر الذي جعل الفرس يدخلون المدينة ويتحصنون فيها، فحاصرهم المسلمون، ولما طال الحصار استشار النعمان رجاله فأشاروا عليه بالتراجع أمامهم حتى إذا ابتعدوا من حصونهم انقضوا عليهم، فوافق النعمان على ذلك، وأمر القعقاع أن يبدأ القتال مع الفرس وأن يتراجع أولهم ففعل فلحقه الفرس. وعندما ابتعدوا من حصونهم بدأ النعمان بالقتال ونشبت معركة حامية قتل فيها من الفرس أكثر من مائة ألف رجل وتجلل وجه الثرى بالجثث، وسقط النعمان عن فرسه واستشهد، ولم يعلم بذلك سوى أخيه نعيم، فأخفى ذلك وأخذ الراية وسلمها لحذيفة بن اليمان فقاد المعركة إلى النهاية، وبانتهائها أعلم نعيم الجند عن مصرع قائدهم النعمان. أما قائد الفرس الفيرزان فقد فر، ولحقه القعقاع وقتله عند ثنية همدان، ودخل المسلمون نهاوند عنوة، ثم فتحوا أصبهان (جي). وفتح أبو موسى الأشعري (قم) وقاشان، وفتح سهيل بن عدي مدينة (كرمان). ولما وصلت أخبار نهاوند إلى عمر بن الخطاب بكى بكاء مريراً على شهدائها، وكلما ذكر له شهيد زاد بكاؤه، ولما وصلوا إلى ذكر أسماء لا يعرفها بكى وقال : وما ضرهم أن لا يعرفهم أمير المؤمنين ؟ لكن الله يعرفهم وقد أكرمهم بالشهادة، وما يصنعون بمعرفة عمر.
ولعل المرء يستطيع هنا أن يقف وقفة على اختيار عمر للأمراء وقادة الجند، وصحيح أنه كان لا يختار إلا الصحابة، إلا أنه في الوقت نفسه كان يعين الجندي أميراً ثم لا يلبث أن يضع أميراً عليه ويعيده جندياً يقاتل تحت راية من كان بالأمس يقاتل تحت رايته، وذلك حتى لا ترتفع بإنسان نفس وكي يشعر دائماً بالتواضع ويعرف مكانه الحقيقي، وأن قتاله إنما هو لله، وكذلك يشعر كل جندي في الجيش.
ولما فتحت نهاوند أمر عمر بن الخطاب المسلمين بالانسياح في أرض فارس، وأعطيت الأوامر لسبعة أمراء بالتوغل في أعماق فارس بغض النظر عن عدد الجيش المنطلق وبغض النظر عن عتاده وتجهيزاته وبغض النظر عن القوة التي يمكن أن يلاقيها وعددها إذ أن المسلمين لم يكونوا ليقاتلوا بعدد أو بقوة تجهيزات وإنما بقوة الإِيمان الذي يحملونه بين جوانحهم.
1- سار نعيم بن مقرن إلى همدان ففتحها، واستخلف عليها يزيد بن قيس، وتابع سيره إلى الري (موقع طهران اليوم) ففتحها، ثم بعث بأخيه سويد بن مقرن بناء على أوامر الخليفة إلى قومس فأخذها سلماً، وصالح أهلها، وجاء إليه أهل (جرجان) و (طبرستان) وصالحوه. وكان نعيم قد بعث وهو بهمدان (بكير بن عبد الله) إلى أذربيجان ثم أمده بسماك بن خرشة ففتح بعض بلاد أذربيجان على حين كان عتبة بن فرقد يفتح البلدان من الجهة الثانية.
2- سار سراقة بن عمرو نحو باب الأبواب على سواحل بحر الخزر الغربية، وكان على مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة فصالح عبد الرحمن ملكها بعد أن أرسله إلى سراقة بن عمرو، ثم بعث سراقة إلى الجبال في تلك المناطق بكير ابن عبد الله، وحبيب بن مسلمة، وحذيفة بن أسيد، وسلمان بن ربيعة، ومات هناك سراقة بن عمرو واستخلف مكانه عبد الرحمن بن ربيعة، وأقر الخليفة ذلك.
3- سار الأحنف بن قيس على رأس جيش حتى دخل خراسان من الطبسين ففتح هراة عنوة، واستخلف عليها (صحار بن فلان العبدي)، وسار نحو (مرو الشاهجان) عن طريق نهر هراة، فامتلكها واستخلف عليها (حارثة بن النعمان)، ومنها سار إلى (مرو الروذ) مع وادي (مورغاب) ليلاحق يزدجرد حيث فر إليها، ووصلت الامدادات من الكوفة إلى الأحنف بن قيس، وسار المدد نحو (بلخ) حيث انتقل يزدجرد إليها، واستطاع أهل الكوفة دخول بلخ، ففر بزدجرد إلى بلاد ما وراء النهر، ولحق الأحنف بأهل الكوفة في بلخ وقد نصرهم الله على عدوهم، وأصبح الأحنف سيد خراسان إذ تتابع أهلها الذين كانوا قد شذوا أو تحصنوا إلى الصلح. وكان الأحنف وهو في طريقه إلى مرو قد بعث (مطرف بن عبد الله) إلى نيسابور، كما أرسل الحارث بن حسان إلى سرخس.
عاد الأحنف إلى مرو الروذ بعد أن استخلف على (طخارستان) (ربعي بن عامر التميمي)، وكتب الأحنف إلى الخليفة عمربن الخطاب بفتح خراسان، فكتب عمر بن الخطاب إلى الأحنف "أما بعد : فلا تجوزن النهر واقتصر على ما دونه، وقد عرفتم بأي شيء دخلتم على خراسان، فداوموا على الذي دخلتم به يدم لكم النصر، وإياكم أن تعبروا فتنفضوا".
4- واتجه عثمان بن أبي العاص على رأس جيشٍ إلى اصطخر، وقد اجتاز مياه الخليج العربي من البحرين ففتح جزيرة (بركاوان) ونزل أرض فارس، ففتح جور واصطخر وشيراز وكان قد انضم إليه أبو موسى الأشعري بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب. وكان الحكم بن أبي العاص عون أخيه في فتوحاته.
5- واتجه سارية بن زنيم الكناني نحو تحشد للفرس فحاصرهم فاستنجدوا بالأكراد فأمدوهم، فتكاثر العدو على المسلمين وأصبحوا في خطر عظيم، عندئذ التجأ سارية إلى سفح جبل واتخذ ذروته درءاً له يحمي مؤخرته، وواجه الفرس من جهة واحدة، واستطاع الانتصار عليهم. وفي هذا التحرك من قبل سارية نحو الجبل يذكر أن عمر بن الخطاب كان يخطب على المنبر يوم الجمعة، فعرض له في خطبته أن قال (يا سارية الجبل ... الجبل ... من استرعى فقد ظلم"، ويذكر أن سارية قد سمع كما سمع المسلمون الذين يسمعون خطبة عمر ذلك الكلام في ذلك اليوم وتلك السرعة، وأن الصوت الذي سمعه يشبه صوت عمر فعدل بالمسلمين إلى الجبل، ففتح الله عليهم.
6- وسار عاصم بن عمرو التميمي على رأس قوة من أهل البصرة إلى إقليم سجستان، ففتح المنطقة، ودخل عاصمتها (زرنج) بعد حصار طويل اضطر أهلها إلى طلب الصلح، وتولى عاصم إدارة المنطقة، وعمل على توطيد الأمن فيها.
7- وسار سهيل بن عدي الخزرجي بجيش إلى كرمان ففتحها.
8- وانطلق الحكم بن عمير التغلبي بقوة إلى (مكران)، وتبعه مدد، والتقى المسلمون بأعدائهم على شاطئ نهر هناك، وعبر الفرس إلى المسلمين، ولكنهم لم يصمدوا طويلاً أمامهم، فدخل المسلمون معسكر الفرس، وقتلوا منهم عدداً كبيراً، وفتحوا المنطقة كاملة.
9- واتجه عتبة بن فرقد إلى جهة شمال غربي فارس ففتحها - كما مر معنا

مَقتَل الخليفَة عُمَر بن الخَطّابْ

كان عمر بن الخطاب بعيد النظر واسع الفكر، يخشى على المجتمع الإِسلامي من التلوث، ويخاف عليه من عدم التجانس بوجود عناصر غريبة فيه، تضيع معها الرقابة، وتنتشر آراء متباينة بالاختلاط، وتكثر فيه الإِساءة والنيل من مقوماته، يخشى أن يقوم الذي يأتون من خارج المجتمع من المجوس وسبي القتال بأعمال يريدون بها تهديم الكيان الإِسلامي، لهذا فإنه منع من احتلم من هؤلاء دخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أن عدداً من الفرس الذين دالت دولتهم قد أظهروا الإِسلام، ودخلوا المدينة، ولا تزال عندهم من رواسب الماضي صلات مختلفة بعقيدتهم المجوسية القديمة، وارتباطات بحكومتهم السابقة، أو أنهم أظهروا الإِسلام وأبطنوا المجوسية.
طلب المغيرة بن شعبة أمير الكوفة من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن يسمح لغلامه (فيروز) الذي يدعى (أبا لؤلؤة) بدخول المدينة للعمل فيها خدمة للمسلمين حيث هو رجل ماهر يجيد عدداً من الصناعات التي تفيد المجتمع وتخدم الدولة، فهو حداد ونقاش ونجار، فأذن له عمر. وكان أبو لؤلؤة خبيثاً ماكراً، يضمر حقداً، وينوي شراً، يحن إلى المجوسية ولا يستطيع إظهارها، وتأخذه العصبية ولا يمكنه إبداءها، فكان إذا نظر إلى السبي الصغار يأتي فيسمح رؤوسهم ويبكي، ويقول : أكل عمر كبدي. وكان أبو لؤلؤة يتحين الفرص، ويراقب عمر وانتقاله وأفعاله، ويبدو أنه قد وجد أن قتل الخليفة وقت الصلاة أكثر الأوقات مناسبة له، إذ يستطيع أن يأخذه على غفلة منه، ويغدر به دون مواجهة، وكان عمر إذا مر بين صفوف المصلين قال : استووا، حتى إذا لم ير فيها خللاً تقدم فكبر ودخل في الصلاة.

فلما كانت صلاة فجر الثالث والعشرين من ذي الحجة في السنة الثالثة والعشرين من هجرة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، وفعل عمر كعادته، فما هو إلا أن كبر حتى طعنه أبو لؤلؤة ست طعنات، وهرب العلج بين الصفوف، وبيده سكين ذات طرفين لا يمر على أحد يميناً أو شمالاً إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم ما يزيد على النصف، فلما رأى عبد الرحمن بن عوف ذلك القى عليه برنساً له، وأحس أبو لؤلؤة أنه مأخوذ لا محالة، لذا فقد أقدم على الانتحار بالسكين ذاتها. وجاء عبد الرحمن ليرى ما حل بالخليفة فوجده صريعاً، وعليه ملحفة صفراء قد وضعها على جرحه الذي في خاصرته، ويقول : (وكان أمر الله قدراً مقدوراً). وأخذ عمر بيد عبد الرحمن فقدمه للصلاة، وفقد عمر بعد ذلك وعيه، أما عبد الرحمن فقد صلى بالناس صلاة خفيفة. وقد رأى هذا من كان على مقربة من الإمام، أما الذين كانا في نواحي المسجد فإنهم لم يعرفوا ما الأمر، وإنما افتقدوا صوت عمر، فجعلوا يقولون : سبحان الله ... سبحان الله... حتى صلى عبد الرحمن فانقطع صوت التسبيح.

فلما أفاق عمر قال : أصلى الناس ؟ وهكذا لم ينقطع تفكيره بالصلاة على الرغم مما حل به.

قال عبد الله بن عباس : نعم.

قال عمر : لا إسلام لمن ترك الصلاة. ثم دعا بوضوء فتوضأ وصلى، وإن جرحه لينزف.

ثم احتمل إلى بيته، فقال لابن عباس - وكان معه - : اخرج، فسل من قتلني، فخرج فقيل له طعنه عدو الله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، ثم طعن رهطاً معه، ثم قتل نفسه. فرجع وأخبر عمر بذلك، فقال عمر : الحمد لله الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط.

وخشي عمر أن يكون له ذنب إلى الناس لا يعلمه، وقد طعن من أجله، فدعا ابن عباس وقال له : أحب أن تعلم لي أمر الناس، فخرج إليه ثم رجع فقال يا أمير المؤمنين، ما أتيت على ملأ من المسلمين إلا يبكون، فكأنما فقدوا اليوم أبناءهم.

وجيء له بطبيب من الأنصار فسقاه لبناً فخرج اللبن من الجرح، فاعتقد الطبيب أنه منته، فقال : يا أمير المؤمنين اعهد. فبكى القوم لما سمعوا ذلك. فقال عمر : لا تبكوا علينا، من كان باكياً فليخرج، ألم تسمعوا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعذب الميت ببكاء أهله عليه.

وكان عمر يخشى ما هو قادم عليه، فالمؤمن بين الخوف والرجاء، فيخاف عمر أن يكون قد قصر بحق الرعية ومسؤوليته، ويقول لمن كان حاضراً "وما أصبحت أخاف على نفسي إلا بإمارتكم هذه". وكان ابن عباس ما يريد أن يطمئنه ويخفف عنه، فيذكره بمكانه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند أبي بكر الصديق ، وأن رسول الله قد بشره بالجنة، فكان عمر يقول "والله لوددت أني نجوت منها كفافاً لا علي ولا لي"، "والذي نفسي بيده لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها لا أجر ولا وزر".

وقال به ابن عباس، لقد كان إسلامك عزّاً، وإمارتك فتحاً، ولقد ملأت الأرض عدلاً. فقال عمر : أتشهد لي بذلك يا ابن عباس ؟ فقال علي بن أبي طالب لابن عباس : قل نعم وأنا معك.
وطلب عمر من ابنه عبد الله أن يفي ما عليه من الديون. ثم أرسله إلى أم المؤمنين عائشة ا يستأذنها في أن يدفن بجانب صاحبيه، وقال له : قل لها : يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً، وقل : يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه. فمضي عبد الله فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فسلم عليها وقال : يقرأ عليك عمر السلام، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت : كنت أريده (المكان) لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي.

هل شاهدت عدلا كهذا امير اعظم دولة اسلامية يستاذن ليدفن وغيره من الملوك والرؤساء يستولون على قوت يومنا
وكان عمر لا يريد أن يستخلف إلا أن ابنه عبد الله قد أقنعه بذلك. فعن عبد الله بن عمر أنه قال : دخلت على حفصة ونوساتها (ضفائرها) تقطر ماء فقالت : علمت أن أباك غير مستخلف ؟ قلت : ما كان ليفعل، قالت : إنه فاعل.

فحلفت أن أكلمه في ذلك، فغدوت عليه ولم أكلمه فكنت كأنما أحمل بيميني جبلاً حتى رجعت فدخلت عليه، فسألني عن حال الناس وأنا أخبره، ثم قلت له إني سمعت الناس يقولون مقالة، فآليت أن أقولها لك، زعموا أنك غير مستخلف. أرأيت لو أنك بعثت إلى قيم أرضك ألم تحب أن يستخلف مكانه حتى يرجع إلى الأرض ؟ قال : بلى. قلت : أرأيت لو بعثت إلى راعي غنمك، ألم تكن تحب أن تستخلف رجلاً حتى يرجع ؟ فماذا تقول لله عز وجل إذا لقيته ولم تستخلف على عباده ؟ فأصابه كآبة ثم نكس رأسه طويلاً ثم رفع رأسه وقال : إن الله حافظ هذا الدين، وأي ذلك أفعل فقد سن لي، إن لم استخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن استخلف فقد استخلف أبو بكر.فعلمت أنه لا يعدل أحداً برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه غير مستخلف.
قال عمر : قد رأيت من أصحابي حرصاً شديداً، وإني جاعل هذا الأمر إلى هؤلاء النفر الستة الذين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، ثم قال : لو أدركني أحد رجلين، فجعلت هذا الأمر إليه لوثقت به. سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح فإن سألني ربي عن أبي عبيدة قلت : سمعت نبيك يقول إنه أمين هذه الأمة، وإن سألني عن سالم قلت : سمعت نبيك يقول إن سالماً شديد الحب لله.
قال : المغيرة بن شعبة : أدلك عليه، عبد الله بن عمر.
قال : قاتلك الله ‍ والله ما أردت الله بهذا، لا أرب لنا في أموركم وما حمدتها فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي، إن كان خيراً فقد أصبنا منه، وإن كان شراً فبحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد ويسأل عن أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أما لقد جهدت نفسي، وحرمت أهلي، وإن نجوت كفافاً لا وزر ولا أجر إني لسعيد.
وجعلها شورى في ستة : عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص م. وجعل عبد الله عمر معهم مشيراً وليس منهم، وأجّلهم ثلاثاً، وأمر صهيباً أن يصلي بالناس.
وكان طلحة بن عبيد الله غير موجود آنذاك بالمدينة حيث كان مشغولاً، خارجاً ببعض أعماله. فدعا عمر القوم، وقال لهم : إني قد ظهرت لكم في أمر الناس فلم أجد عند الناس شقاقاً إلا أن يكون فيكم، فإن كان شقاق فهو منكم، وقال إن قومكم إنما يؤمرون أحدكم أيها الثلاثة (لعثمان وعلي وعبد الرحمن) فاتق الله يا علي، إن وليت شيئاً من أمور المسلمين فلا تحملن بني هاشم على رقاب المسلمين، ثم نظر إلى عثمان وقال : اتق الله، إن وليت شيئاً من أمور المسلمين فلا تحملن بني أمية على رقاب المسلمين. وإن كنت على شيء من أمر الناس يا عبد الرحمن فلا تحمل ذوي قرابتك على رقاب الناس. ثم قال : قوموا فتشاورا فأمّروا أحدكم.
فلما خرجوا قال : لو ولوها الأجلح (علي) لسلك بهم الطريق، فقال ابنه عبد الله : فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تقدّم علياً ؟ قال : أكره أن أحملها حياً وميتاً.
وذكر عمر سعد بن أبي وقاص فقال : إن وليتم سعداً فسبيل ذاك، وإلا فليستشره الوالي فإني لم أعزله عن عجزٍ ولا خيانة.
وقال عمر : أمهلوا فإن حدث بي حدث فليصل لكم صهيب - مولى بني جدعان - ثلاث ليالٍ، ثم أجمعوا أمركم، فمن تأمرّ منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه.
وأرسل عمر إلى أبي طلحة الأنصاري قبل أن يموت بقليل فقال له : كن في خمسين من قومك من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت أحدهم فقم على الباب بأصحابك، فلا تترك أحداً يدخل عليهم، ولا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمّروا أحدهم. وقم على رؤوسهم، فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة ورضوا رجلاً منهم وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما، فإن رضي ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً فحكموا عبد الله بن عمر فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس، ولا يحضر اليوم الرابع إلا وعليكم أمير منكم، اللهم أنت خليفتي فيهم.
وقد لزم أبو طلحة أصحاب الشورى بعد دفن عمر حتى بويع عثمان بن عفان.
وبقي عمر ثلاثة أيام بعد طعنه ثم توفي يوم الأربعاء لأربع بقين من شهر ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وقد غسله وكفنه ابنه عبد الله، وصلى عليه صهيب.ويبدو أن سيدنا عمر سار في جعل الأمر بين رجال الشورى على غير الطريق كان يتبعهاوهي طريقة الحسم في الأمر، إذ أن الاختيار ربما يجعل الرجل يفكر في أمر لم يكن يخطر في باله من قبل، بل ربما حدثت خلافات لم تكن لتحدث لو استخلف رجل معين فالكل يطيعون، والجميع لا يرغبون في هذا الأمر، هكذا الفطرة البشرية ترغب عند الاختيار، وتطلب حين الترشيح.
وربما ظن بعضهم أن هذه خطيئة وقع فيها سيدنا عمر، ويحاولون تخفيف ذلك الخطأ بأنه كان مصاباً ومن أجل ذلك حدث ما وقع، إلا أن التخطيط للانتخاب، ومحاولته معرفة سبب قتله، والنظرة البعيدة إلى المستقبل مع إصابته لتدل على مدى صحة تفكيره وسلامة عقله وعدم إضاعة أي شيء من النظر لمصلحة المسلمين. ولكن الخوف مما هو قادم عليه، جعله يريد أن يرفع المسؤولية عن نفسه، لقد كان يريد أن يستخلف إلا أنه خاف من تحمل التبعات وهو قادم للقاء الله عز وجل، وقد قال : لو ولوها الأجلح لسلك بهم الطريق، ويعني علياً، ولما قال ابنه عبد الله : فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تقدم علياً ؟ قال : أكره أن أحملها حياً وميتاً.
وهكذا انتهت حياة من عرف بالعدل والتقشف
انتهت حياة اعظم حاكم عرفه التاريخ كان لا ينام واحد الرعية جوعان او عريان
قدم اروع مثل للحاكم والمحكوم فطوبى له الشهاده وجزاة الله كل خير عنا وعن جميع المسلمين
والى لقاء اخر وحلقة اخرى قريبا ان شاء الله
ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة it is me ; 08-01-2010 الساعة 03:48 PM

قديم 02-01-2010, 06:02 PM   #6

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** الحلقة الخامسة **





استكمالا لما سبق
وبعد تولى سيدنا عثمان بن عفان ( ذو النورين ) الخلافة وتوطيد اركان الدولة وحدوث الفتنه ومقتل الخليفه وتولية سيدنا على ابن ابى طالب ( كرم الله وجهه ) الخلافة وخلافه مع معاوية بن ابى سفيان نطوى هذه الصفحه لنصل الى بداية اتساع الدولة الاسلامية الكبرى وهذا قد حدث في عهد بنى امية

بنى امية

الأمويون أو بنو أمية هم أولى الأسر المسلمة الحاكمة ، حكمت ما بين 662 إلى 750.الاصل والمنشأ مكه المكرمه. المقر : العاصمة دمشق عاصمة الدولة الأموية. والمقر في الأندلس قرطبة.
وهم من البيوت الكبرى في قريش، وبيوت الرئاسة فيها. و أمية هو أبن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب الجد الأكبر للأمويين.
أشهر سادات بني أمية أبو سفيان وأسمه صخر ابن حرب، وهو سيد قريش في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والذي أسلم عام الفتح .
مؤسس السلالة الأموية الحاكمة ب دمشق هو معاوية بن أبي سفيان (662-680 م) المولود بمكه المكرمه. كان أخوه يزيد بن أبي سفيان واليا على الشام في عهد الخليفة الأول أبو بكر وبعد وفاته بعث هو واليا عليها منذ 657 م من قبل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب.
مؤسس الخلافة الأموية - معاوية بن أبي سفيان
تولى الخلافة معاوية الأول بن أبي سفيان (662 - 680م) بعد أن اجمع المسلمون بخلافة معاوية و تنازل له الحسن بن علي رضي الله عنهما في عام الجماعة سنة 41هـ ، واتخذ معاوية من دمشق عاصمة للخلافة الإسلامية . وبذلك انتقلت الخلافة إلى الفرع السفياني من بني أمية، أسس معاوية الخلافة الاموية وارسى كيانها كخلافة قوية جذب مخالفيه على طاعته ارسى كيان الدولة وعمل على توحيد المسلمين . وتميز حكمه بالحكمة والعدل. أنشأ أول اسطول بحري إسلامي ، ووصل إشعاع الحضارة الإسلامية من دمشق إلى اصقاع بعيدة من العالم لتكون الدولة الاموية أكبر دولة إسلامية عرفها التاريخ , من بعد معاوية بن ابي سفيان انتقلت الخلافة إلى : -
الخليفة يزيد الأول بن معاوية ابن سفيان استمر تطور الدولة الإسلامية في عهده وقعت واقعة كربلاء الشهيرة والتي قتل فيها حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام الحسين هو واهله واصحابه حيث خرج على يزيد رافضاً خلافته وكان أول من خانه الذين وعدوه بالنصر في الكوفة رغم ان كثيراً ممن بقي من الصحابة والتابعين نهوه عن الخروج من المدينة خوفاً عليه من الخيانة والغدر ، بعدها ثار عبد الله بن الزبير بن العوام على يزيد بن معاوية وبايعة أهل الحجاز واليمن والجزيرة والعراق .
من بعده معاوية الثاني بن يزيد الأول بن معاوية والذي تنازل عن حقه في الخلافة لأنه محباً للعلم والأدب والشعر ولم يكن يرغب في الخلافة رغم أنه تولاها 6 أشهر ومن بعدها ترك الأمر شورى بين المسلمين .
الخليفة مروان الأول بن الحكم المولود بمكه المكرمه . ويعتبر هو المؤسس الحقيقي للخلافة الأموية في دمشق، حيث توالى ابناؤه على الحكم من بعده استمرت الفتوحات في عهده ومتداد الدولة نحو الشرق , مات مروان بن الحكم بالسم وخلفة ابنه عبد الملك .
الخليفة / عبد الملك بن مروان

من بعده آلت الخلافة إلى ابنه عبد الملك بن مروان بن الحكم (685 - 705م) وهو مؤسس الفرع المرواني في الخلافة الأموية والمؤسس الفعلي لكيان الدولة الأموية القوية. وأستطاع الخليفة عبد الملك بن مروان (685-705 م) من أن يسيطر على الأمور و يخضع الخوارج على يد المهلب بن أبي صفره وأن يخمد ثورات العراق والمتمردين على كيان الدولة امثال عبد الله بن الزبير على يد الحجاج بن يوسف الثقفي بعد حصار لمكة دام 6 شهور وارساء الامن في انحاء البلاد .
ازدهرت العلوم في عهد عبد الملك بن مروان وصك النقود الإسلامية الاموية ، واقام المكتبات وشجع العلماء واهتم بهم ، وأنشأ في دمشق الكثير من دور العلم والمدارس والفقه ودور العبادة واجتذب العلماء والمفكرين والفقهاء وتم في عهد الخليفة عبد الملك تعريب الدواوين الحكومية بعدما كانت المراسلات والسجلات تكتب بالرومية وبناء مسجد قبة الصخرة على وضعهة الحالي حتى اليوم كم زادت في عهد عبد الملك رقعة الدولة وامتدادها .
الخليفة / الوليد الأول بن عبد الملك
من بعد الخليفة ( عبد الملك بن مروان ) آلت الخلافة إلى ابنه البكر الوليد (705 - 715 ميلادي) وتواصلت حركة الفتوحات والغزوات الإسلامية وفتح الامويون مزيدا من البلاد في آسيا شرقآ إلى أوروبا غربا لتصبح الدولة الإسلامية أهم وأكبر إمبراطورية في التاريخ على الإطلاق الدولة الاموية وعاصمتها دمشق ، إذ وصلت سنة 711 م غرباً حتى إسبانيا في أوروبا ، ثم شرقا حتى تخوم الهند و الصين في وسط آسيا، ثم سنة 715 م كان غزو بخارى و سمرقند وتكملة فتح الاندلس وغيرها من البلاد في كل اتجاه ، وفي عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك تم تطوير بناء الجامع الاموي - جامع دمشق الكبير واهتم بعمارته وزينة بالفسيفساء والزخارف والنقوش ليصبح الجامع الاموي بدمشق أهم معلم إسلامي ، وكان للعلم والعلماء والادباء والشعراء مساحة من اهتمام الوليد وشجعهم واهتم بأنشا العمائر في عاصمة الدولة دمشق وفي المدن الإسلامية كافة وظهر فن العمارة الاموية الذي تميز العصر الاموي بعد ذلك .
ممما هو جدير بالذكر في عهد الخلفاء الامويون تقدمت وازدهرت الخلافة بكل مقوماتها وقوتها ، وامتد النفوذ الاموي في كل مكان شرقآ وغربآ وعملوا على تقوية أواصر الدولة الإسلامية التي وصلت إلى أكبر اتساع لها بشكل لم تصل إليه أي دولة إسلامية في كافة العهود السابقة أو اللاحقة ، وبرزت الدولة الآسلامية كإمبراطورية ضخمة بكل المقاييس وصل نورها إلى اصقاع بعيدة من العالم ، وازدهرت في العهد الأموي العلوم والعمارة والادب والشعر والفنون والصناعة .
تواصل الخلافاء الأمويون , فتولى الخلافة بعد ذلك الخليفة سليمان بن عبد الملك ، و الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز بن مروان الأول بن الحكم وهو الخليفة الأموي الذي لقب بخامس الخلفاء الراشدين وعرف بالعدل والزهد والسخاء على الرعية حتى لم يبقى في عهده من يستحق الزكاة (قيل أنه مات مسموماً) ، ومن بعده الخليفة يزيد بن عبد الملك والذي أراد أن يسير بالناس سيرة عمر لكنه لم يستطيع بسبب حاشية السوء ، ومن ثم الخليفة هشام بن عبد الملك .
الخليفة / هشام بن عبد الملك
تولى الخليفة هشام بن عبد الملك (724-743م) الخلافة ليكمل رسالة الخلافة الاموية الحضارية واهتم في ترسيخ الامن في الولايات الإسلامية كافة ، ووصلت الحضارة الإسلامية الاموية في عهده إلى مستوى من التقدم في شتى المجالات ، واشتهر عهده بأزدياد اقبال العلماء وانشأ المزيد من دور العلم والمدارس المتخصصة ودور العبادة وعرفت فنون العمارة الاموية الإسلامية المميزة للعهد لاموي التي تميزت ببناء القصور والحصون التي انتشرت في دمشق وانحاء مدن الشام وكافة ارجاء البلاد الإسلامية .
ومن بعد هشام بن عبد الملك تسلم الخلافة على التوالي وهم :-
الخليفة الوليد الثاني بن يزيد الثاني بن عبد الملك وهو أول خلفاء عهد الضعف للدولة الأموية ، كان مهملاً للخلافة طائشاً لايُحسن تصريف الأمور (مات مقتولاً) .
الخليفة يزيد الثالث بن الوليد الأول بن عبد الملك كان حسن السيرة حاول إنقاذ مايمكن إنقاذه من الدولة بسبب ثورات العرب اليمانية والقيسية لكن بعد فوات الأوان .
الخليفة إبراهيم بن الوليد الأول بن عبد الملك تولاها بعد أخية يزيد الثالث ولم يستمر بها أكثر من 6 شهور حيث ثار عليه ابن عم أبيه مروان الثاني بن محمد بن مروان بن الحكم .
آخر الخلفاء الأمويون في المرحلة الأولى كان الخليفة مروان الثاني بن محمد (744-750م) الذي واجه مؤامرة من العباسيين الذين تمكنوا من قبض زمام الأمور وتكوين دولتهم في خراسان فواجه دسائس المفسدين والخارجين على أسس الدولة الإسلامية إلى أن انتهى مروان مقتولاً في دير بمصر بعد هروبة من جنود العباسيين وبه انتهى عصر الخلافة الاموية في المشرق سنة 750 م والذي دام أكثر من 90 سنة .

الامويين في الاندلس

تمكن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك من الفرار من بطش العباسيين هو ومولاً له اسمه بدر حيث تمكن من بناء بيت الحكم بالأندلس ويجمع حوله مؤيدى الامويون وكون جيش قوي استطاع بعدها ان يقيم الدولة الاموية من جديد في الاندلس ، وحارب عبد الرحمن الداخل العباسيين وانتصر عليهم وهزمهم شر هزيمة واعاد امجاد البيت الاموي ، ولقبه أبو جعفر المنصور الخليفة الثاني العباسي بـ صقر قريش ، وفي سنة 756 م استطاع أن يؤسس حكما امويا جديدأ في الاندلس ، واتخذ مدينة قرطبة عاصمة له وجعلها على غرار دمشق وأصبحت منارة للعالم الإسلامي في أوروبا كما دمشق كانت منارة للعالم في المشرق . وأعلن عبد الرحمن الثالث بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل نفسه خليفة امتدادا للخلافة الأموية.
************************************************** ************************
في دمشق

معاوية بن أبي سفيان 662-680
تاسيس الخلافة الأموية وعاصمتها دمشق.
توحيد البلاد الإسلامية
وقعة صفين في عام 36 هجري.
معركة سيلايوم في عام 677 ميلادي.
تأسيس اول اسطول بحري إسلامي في عهد معاوية
يزيد بن معاوية 680-683
اتساع الدولة الأموية.
ملاحقة المناهضين لخلافته.
معركة كربلاء 61 هجري.
معركة الحرة 63 هجري.
معاوية بن يزيد 683-684
مروان بن الحكم 684-685
عبد الملك بن مروان 685-705
مزيد من اتساع الدولة الأموية واستمرار الفتوحات .
بناء قبة الصخرة بالقدس.
تنقيط القرآن الكريم.
وصول الفتوحات الأموية إلى مشارف الصين.
فتح الهند بقيادة محمد بن القاسم الثقفي.
صك النقود الإسلامية الأموية دينار عبد الملك بن مروان.
الوليد بن عبد الملك 705-715
فتح بخارى وسمرقند.
فتح الاندلس ووصول الأمويون إلى أوروبا.
بناء الجامع الأموي في دمشق عاصمة الخلافة.
فتح بلاد آسيا الوسطى.
الخلافة الأموية في أكبر اتساع لها لتصبح أكبر خلافة إسلامية في التاريخ.
الاهتمام بالعلماء ودمشق منارة العلم والعلماء .
سليمان بن عبد الملك 715-717
مقتل قتيبة بن مسلم.
عمر بن عبد العزيز 717-720
وقف العطايا.
الحكم بالعدل في أرجاء الخلافة.
يزيد بن عبد الملك 720-724
هشام بن عبد الملك 724-743
عصر ازدهار للدولة الأموية.
تعريب الدواوين.
ازدهار العلم والاهتمام بالعلماء.
الاهتمام بالعمارة وبروز فن العمارة الأموية بشكل واضح .
خروج زيد بن علي ومقتله.
إخماد ثورة الخوارج والقضاء على الفتنة.
الوليد بن يزيد 743-744
يزيد بن الوليد 744
إبراهيم بن الوليد 744
مروان بن محمد 744-750
وصول عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس.
انتصار عبد الرحمن الداخل وهزيمة العباسين على يدية.
قيام الدولة الأموية في الأندلس.

في الأندلس

عبد الرحمن الداخل - صقر قريش .
هشام بن عبد الرحمن الداخل.
الحكم بن هشام.
عبد الرحمن الثاني.
محمد بن عبد الرحمن.
المنذر بن محمد.
عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن.
عبد الرحمن "الناصر لدين الله".
الحكم المستنصر بالله.
هشام المؤيد بالله.
هشام الرشيد.
محمد المهدي بالله.
سليمان المستعين بالله.
علي المتوكل على الله.
عبد الرحمن المرتضى.
عبد الرحمن بن هشام المستظهر بالله.
محمد المستكفي.
هشام المعتمد على الله.
نهاية العصر الأموي وبداية العصر العباسي.
************************************************** *******
الامويين الصحابة

عدد الصحابة من الأمويين كثير يصعب عده. من أشهرهم:
أمير المؤمنين عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ، من أوائل من أسلم ، تزوج السيدة رقية والسيدة أم كلثوم بنات رسول الله صلى الله عليه وعليهما وسلم ، هو ثالث أفضل رجال الأمة بعد أبي بكر وعمر بن الخطاب.
أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية ، قديمة الإسلام تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي في الحبشة (حالياً أريتيريا وإثيوبيا) بعد ارتداد زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي عن الإسلام وقد كان ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية ، قديمة الإسلام من المهاجرات ، تزوجها زيد بن حارثة فمات عنها شهيداً في مؤتة ثم تزوجت الزبير بن العوام فمات عنها شهيداً قتله عمرو بن جرموز ثم تزوجت عبد الرحمن بن عوف فماتت عنده.
عبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية ، قديم الإسلام شهد بدراً ، أمره النبي صلى الله عليه وسلم بتعليم القرآن بـالمدينة ثم ولاه بعض قرى العرب ، استشهد يوم بدر.
عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية، قديم الإسلام شهد بدراً وهاجر الهجرتين ، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على وادي القرى (حالياً العلا).
خالد بن سعيد بن العاص بن أمية ، قديم الإسلام جداً أسلم في أيام الإسلام الأولى ، من مهاجرة الحبشة ، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على صنعاء.
أبان بن سعيد بن العاص بن أمية ، أسلم أثناء غزوة خيبر عام 7هـ ، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على الخطّ (حالياً القطيف).
أبو سفيان بن حرب بن أمية، أسلم قبل فتح مكة بسويعات ، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على نجران.
يزيد بن أبي سفيان بن حرب بن أمية ، أسلم يوم فتح مكة ، أحد قادة الجيوش في فتوح الشام ، ولاه عمر بن الخطاب على دمشق.
معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية ، أسلم عام عمرة القضاء سنة 7هـ ، أحد قادة الجيوش في فتوح الشام ، ولاه عمر بن الخطاب دمشق وبعلبك والبلقاء ، ثم جمع له عثمان بن عفان الشام بأسرها ، ثم صار أول ملوك الإسلام.
مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، أسلم يوم فتح مكة. وقد طرده رسول الله من المدينة هو واباه حيث التفت رسول الله خلفه فوجد الحكم يقلد مشيته ويستهزأ به ,, أراد الحكم ومروان الرجوع إلى المدينة في عهد أبي بكر فرفض السماح لهما وهكذا فعل عمر


************************************************** ******

الامويين والجهاد

فقال الحافظ ابن كثير: ":فكانت سوق الجهاد قائمة في بنى أمية ،ليس لهم شغل إلا ذلك ،قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ،وبرها وبحرها ،وقد أذلوا الكفر وأهله ،وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا. لا يتوجه المسلمون إلى قُطْرٍ من الأقطار إلا أخذوه ،وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين في كل جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينه "... ويعترف جورجي زيدان بذلك ويقول: "ولم يبلغ العرب من الغزو والسؤدد ما بلغوا إليه في أيام هذه الخلافة ،وقد تكاثروا في عهدها ،وانتشروا في ممالك الأرض "
وكان الأمويون أنفسهم يصطلون بنيران هذا الجهاد ، ويقدمون بأنفسهم القدوة والمثل في التضحية وقيادة الجيوش ومصادمة الأعداء فقد أرسل معاوية ابنه يزيد على رأس جيش لحصار القسطنطينية ،وأرسل عبد الملك ابنه الوليد مراتٍ للغزو في بلاد الروم، وكان ابنه الثاني مسلمة قائد جبهة الروم، وغزواته أكثر من أن تُعد، وحصاره مدينة الروم-القسطنطينية- معروف ومشهور، وكان أخوه محمد بن مروان أمير الجزيرة يتولى الغزو في أغلب الأحيان ،وأولاد الوليد بن عبد الملك وهم العباس وعبد العزيز وعمر ومروان يقودون الغزو في بلاد الروم، ويساعدون عمهم مسلمة بن عبد الملك في ذلك، كما أن سليمان بن عبد الملك كان ابنه داود على رأس قواته المجاهدة في بلاد الروم ، وأما هشام بن عبد الملك فقد كان يفرض الغزو على بنى مروان جميعا، ومن يتأخر عن الغزو يمنع عنه العطاء، وكان أولاده في مقدمة الغزاة ،ومنهم معاوية وسليمان ومسلمة وسعيد وغيرهم ،أما مروان بن محمد فكان بنفسه يقود الجيوش ويصبر في القتال صبرا شديدا .

مميزات الدولة الاموية

قامت الخلافة الأموية واتخذ بني امية دمشق عاصمة لها وأصبحت منارة للعلم والعلماء والفقهاء واهتم الخلفاء الامويون بالعمارة وإنشاء المساجد والتي تعد أهم المعالم الإسلامية اليوم , وفتحوا الكثير من البلاد من حدود الصين شرقا إلى الاندلس غربا وأصبحت أكبر خلافة في التاريخ الإسلامي امتدت سلطتها في جميع الاتجاهات وأصبحت مدينة دمشق العاصمة أهم مدن العالم الإسلامي ، واهتم الخلفاء الامويون بمدارس العلم و العمارة واهتموا ببناء المساجد كما الجامع الاموي بدمشق والمسجد الاقصى في القدس و المسجد النبوي بالمدينة المنورة و مسجد قرطبة وغيرها في ارجاء الخلافة التي اتسعت في كل اتجاه .

انجازات الدولة الاموية

باتساع الخلافة الأموية وضمها للعديد من البلاد في الشرق والغرب قدمت الخلافة الكثير من المعطيات لـ الحضارة الإسلامية ، اهتم الخلفاء بالحياة الاقتصادية لمختلف البلاد الإسلامية وبتعيين الولاة والحكام ومحاسبة المقصرين منهم ، وفي ارجاء الخلافة المترامية الاطراف كما في العاصمة دمشق اهتموا بالصناعة والعلم والفقه والطب وانشئوا المشافي وقدموا العلاج وشجعوا العلماء وافتتحوا المكتبات والمطابع ، وصكوا أول عملة إسلامية ( الدينار الاموي ) ، وعمل الخلفاء الامويون على جمع المسلمين والمساواة والحكم بالعدل واتخذوا من الكتاب والسنة مرجع في إدارة شئون الخلافة ، وساهم الامويون في نشر الدين الإسلامي بشكل كبير في وسط آسيا وحتى مشارف باريس حيث موقعة بلاط الشهداء بعهد الخلافة الاموية في الاندلس, وقد تم بناء أول اسطول بحري إسلامي في عهد الخلافة الاموية .
جاء في أطلس تاريخ الإسلام (ص51): "إن الخلافة العباسية لو تنبهت إلى حقيقة وظيفتها كخلافة إسلامية، وهي نشر الإسلام لا مجرد المحافظة عليه كما وجدته، لو أنها قامت برسالتها وأدخلت كل الترك والمغول في الإسلام، لأدت للإسلام والحضارة الإنسانية أجَلَّ الخدمات، ولغيّرت صفحات التاريخ. وهكذا تكون الخلافة العباسية قد خذلت الإسلام في الشرق والغرب. فهي في الشرق لم تتقدم وتُدخل كل الأتراك والمغول في الإسلام، كما تمكنت الخلافة الأموية من إدخال الإيرانيين ومعظم الأتراك في الإسلام وفتحت أبواب الهند لهذا الدين. وفي الغرب قعدت الخلافة العباسية عن فتح القسطنطنية. ولو أنها فعلت ذلك لدخل أجناس الصقالبة والخزر والبلغار الأتراك في الإسلام تبعاً لذلك، إذ لم تكن قد بقيت أمام هذه الأجناس أية ديانة سماوية أخرى يدخلونها. وهنا ندرك الفرق الجسيم بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية. فالأولى أوسعت للإسلام مكاناً في معظم أراضي الخلافة البيزنطية، وأدخلت أجناس البربر جميعاً في الإسلام، ثم انتزعت شبه جزيرة أيبريا (الأندلس) من القوط الغربيين، ثم اقتحمت على الفرنجة والبرغنديين واللومبارد بلادهم بالإسلام، وحاولت ثلاث مرات الاستيلاء على القسطنطنية. أما العباسيون فلم يضيفوا الا القليل -رغم طول عمر خلافتهم- إلى عالم الإسلام إلا القليل، ومعظمه في شرقي آسيا الصغرى". انتهى النقل وخسروا مناطق نفوذ كانت تتبع للخلافة الاموية وتقلص حجم الخلافة الإسلامية في العصر العباسي ، بينما حقق الأمويون انتصارات كبيرة وكونوا أكبر دولة إسلامية في التاريخ .
الى هنا ونكتفى بهذا القدر على امل اللقاء قريبا وحلقة جديده من هذه السلسله العظيمة
في رعاية الله وحفظه
ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة it is me ; 08-01-2010 الساعة 03:49 PM

قديم 02-01-2010, 06:02 PM   #7

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** الحلقة السادسة **



استكمالا لما سبق
نصل معكم الى معارك التوسع لنشر دين الله فوق ربوع المعموره في عهد بنى امية

الفتوحات في عهد بنى امية

كانت حدود الدولة الإسلامية عندما انتقلت إلى بني أمية هي شبة الجزيرة العربية بأكملها مع بلاد الشام ومصر والعراق وأجزاء من بلاد فارس (إيران) ومن ثم وصلت حدود الدولة الإسلامية في عهد بني أمية إلى غرب الصين ، وباكستان، وأفغانستان وأذربيجان ، وكازاخستان، وأوزباكستان، وطاجاكستان، وتركمانستان، وشمال ووسط الهند، وبنغلادش بالإضافة إلى إيران بأكملها وأرمينينا والقسطنطينية (تركيـــــا)، وهذا بالطبع في قارة آسيا.
أما في قارة أفريقيا.. السودان، وليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب، وموريتانيا، والسنغال، ومالي، والنيجر، وتشاد، وشمال نيجيريا.
وبالنسبة لقارة أوربا.. جزيرة قبرص واليونان والأندلس، والبرتغال، وجنوب وبعض أجزاء من غرب فرنسا حتى الوصول إلى مشارف باريس لولا ما حصل في معركة (بلاط الشهداء) الشهيرة إلى يومنا هذا.


ولقد بلغت ذروة الفتوحات الإسلامية في عهد أمير المؤمنين الوليد وكذلك أخيه هشام أبناء عبد الملك بن مروان الذي تمكن من توحيد العالم الإسلامي الشرقي تحت إمرته لذلك يعتبر المؤسس الثاني للدولة الأموية بعد معاوية بن أبي سفيان‏، وهذه الدلالات المذكورة أعلاه تشير بأنه كان عهد بني أمية زمن الجهاد والفتوحات الإسلامية وليس كما يقال بأنه زمن استيلاء والتحايل على الخلافة من قبل بعض المغرضين، والذين يشككون في طريقة حصول بني أمية للخلافة، وينظرون للقائد الحجاج بن يوسف الثقفي من زاوية ضيقة ومن جانب واحد سلبي متجاهلين الجانب المشع والمضيء من حياته، حيث أنه لو افترضنا جدلاً بأن كان الحجاج متسلط في الحكم..؟ كيف وصلت الفتوحات الإسلامية كل هذه الأقطار، لذا وجب العلم بأن بعض المؤرخين قد تجنوا بأقلامهم عندما تناولوا سيرة القائد الحجاج بشكل خاص،وبني أمية بشكل عام، ولا شك أن الحجاج اتبع أسلوبا حازماً مبالغاً فيه، وأسرف في قتل الخارجين على الدولة، وهو الأمر الذي أدانه عليه العديد من المؤرخين، ولكن هذه السياسة هي التي أدت إلى استقرار الأمن في مناطق الفتن والقلاقل التي عجز الولاة من قبله عن التعامل معها.
وقد ذهب بعض المؤرخين المعاصرين والمتأثرين بالنظرة الاستشراقية في تفسير أحداث التاريخ الإسلامي فاعتبروها دولة مغتصبة للخلافة، مَتوقة للزعامة، قامت دعائمها قوية وطيدة بعد أن شردت آل البيت وأبعدتهم عن الحياة السياسية ثم حولت الخلافة إلى ملك عضوض يتوارث، ومتجاهلين تنازل الخليفة الخامس الحسن بن علي بن طالب رضي الله عنه لمعاوية بن أبي سفيان، وذلك حقناً لدماء المسلمين، وبهذا شرع لبداية الخلافة الأموية، والأدهى من ذلك أن يذهب بعض هؤلاء إلى الاعتداء على خلفاء تلك الدولة بالتشريح والتجريح لمواقفهم وأفعالهم تجاه الأمة الإسلامية، كمعاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه، وابنه يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان، وغيرهم . ثم يقفون عند عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ويعدونه النقطة الوحيدة المضيئة في تلك البقعة الزمنية المظلمة، ناسين أو جاهلين أدوار الخلفاء الآخرين في نشر الإسلام وإعلاء كلمته في أنحاء الدنيا.
بني أمية هم من أولى الأسر المسلمة الحاكمة، وهم من البيوت الكبرى في قريش، وبيوت السادة فيها وأمية هو أبن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب الجد الأكبر للأمويين.
أشهر وجهاء بني أمية أبو سفيان وأسمه صخر ابن حرب، وهو سيد قريش في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والذي أسلم عام الفتح، والذي أسس الدولة الأموية هو معاوية بن أبي سفيان سنة41 هـ، حتى آلت الخلافة لمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية فسقطت الدولة في عهده، بعد فتنة واضطرابات دامت خمس سنوات، وكان سقوطها في سنة 132هـ.‏
ولقد امتدت الدولة الأموية واحد وتسعون عاماً تعصب فيها الأمويين للعرب على حساب الموالين للدولة الأموية من غير العرب في فارس وبعض بلاد المغرب العربي، مما أدى إلى خلق حالة عداء للعرب من بني أمية، ومما لا شك فيه أثار هذا.. الأحقاد في بقية الطوائف المسلمة‏، وذلك بسبب شعورهم بالعنصرية إلى يومنا هذا.
ولد في بداية عصر بني أمية أبو محمد الحجاج بن يوسف بن أبي عقيل بن الحكم الثقفي في منازل ثقيف بمدينة الطائف التي تعد مسقط رأسه، وكان اسمه كليب ثم أبدله بالحجاج، والدته هي الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي الصحابي الشهيد، وكان لنشأة الحجاج في الطائف أثر بالغ في فصاحته؛ حيث كان على اتصال بقبيلة هذيل أفصح العرب، فشب خطيبا، حتى قال عنه أبو عمرو بن العلاء: "ما رأيت أفصح من الحسن البصري، ومن الحجاج"، وتشهد خطبه بمقدرة فائقة في البلاغة والبيان.

وعندما ترعرع الحجاج كانت مدينته التي نشأ فيها بين ولاية عبد الله بن الزبير، و بين ولاية الأمويين، حيث يقال بأن أصحاب عبد الله بن الزبير تجبروا على أهل الطائف، الأمر الذي دفع بالحجاج للانطلاق إلى الشام، حاضرة الخلافة الأموية حيث التحق بجهاز الشرطة فيها فأبدى حماسة و انضباطاً، وسارع إلى تنبيه أولياء الأمر لكل كبيره وصغيرة وكل خطأ أو خلل، وأخذ نفسه بالشدة، فقربه روح بن زنباع قائد الشرطة إليه، و رفع من مكانته، وقام بترقيته على من هم أقدم منه، في تلك الأثناء كان عبد الملك بن مروان قد قرر تسيير الجيوش لمحاربة الخارجين على الدولة، فضم الحجاج إلى الجيش الذي قاده بنفسه لحرب مصعب بن الزبير.
ومن ثم في سنة 73 هـ حاصر مكة بجيش كبير، وذلك للتخلص من عبد الله بن الزبير إلى الأبد وكان الحجاج قائداً على رأس هذا الجيش، ودامت الحرب أشهراً حيث تشتت بعض أصحاب عبد الله بن الزبير وخذله البعض الأخر، وتمت هزيمتهم، وفي سنة 74 هـ تم تعيين الحجاج بن يوسف على الحجاز حيث بعد مضي عامان تم نقله من قبل الخليفة ليكون والياً على العراق بعد وفاة أخيه بشر بن مروان، وكانت الأمور في العراق بالغة الفوضى والاضطراب، تحتاج إلى من يعيد الأمن والاستقرار، ويحث الناس على الجهاد بعد أن تقاعسوا عن الخروج عنه وركنوا إلى الخمول، ويقال أنه اشتدت معارضتهم للدولة، وازداد خطر الخوارج، وقويت شكوتهم بعد أن عجز الولاة عن كبح جماحهم.
وتعد العلاقة بين الحجاج وأهل العراق هي من أكثر العلاقات تعقيداً وغرابة، ومن أكثرها ترويعاً في التاريخ الإسلامي، فالحجاج وُلي على العراق كارهاً لأهلها، وهُم له كارهون، و استمرت العلاقة بينهم عشرون عاماً.
ولبى الحجاج أمر الخليفة وأسرع في سنة (75هـ) إلى الكوفة، وفي أول لقاء معهم خطب في المسجد خطبة عاصفة أنذر فيها وتوعد المخالفين والخارجين على سلطان الخليفة والمتقاعسين عن الخروج لقتال الخوارج الأزارقة، وخطبة الحجاج هذه مشهورة معروفة، ولقد رسم الحجاج سياسته القيادية للرعية منذ بداية تكليفه والتي تتسم بالقوة والصرامة بخطبته المشهورة، ومما جاء فيها: "… يا أهل الكوفة إني لأرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها، وإن أمير المؤمنين –أطال الله بقاءه- نثر كِنانته (جعبة السهام) بين يديه، فعجم عيدانها (اختبرها)، فوجدني أمرّها عودا، وأصلبها مكْسِرًا فرماكم بي؛ لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة، واضطجعتم في مراقد الضلالة، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، وأن أوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلّب بن أبي صفرة، وإني أقسم بالله لا أجد رجلا تخلّف بعد أخذ عطائه ثلاثة أيام إلا ضربت عنقه".
ولما اطمأن الحجاج إلى استقرار الأوضاع في الكوفة، ذهب إلى البصرة تسبقه شهرته في الحزم، وأخذ الناس بالشدة والصرامة وخطب فيهم خطبة منذرة زلزلت قلوبهم، وحذرهم من التخلف عن الخروج مع المهلب قائلا لهم: "إني أنذر ثم لا أنظر، وأحذر ثم لا أعذر، وأتوعد ثم لا أعفو."
ولم يكتف الحجاج بحشد الجيوش مع المهلب بل خرج في أهل البصرة والكوفة إلى "رشتقباذ" ليشد من أزر قائده المهلب ويساعده إن احتاج الأمر إلى مساعدة، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان؛ إذ حدثت حركة تمرد في صفوف الجيش، وتزعم الثورة رجل يدعى "ابن الجارود" بعد أن أعلن الحجاج عزمه على إنقاص المحاربين من أهل العراق 100 درهم، ولكن الحجاج تمكن من إخماد الفتنة والقضاء على ابن الجارود وأصحابه.
وما كاد الحجاج يقضي على فتنة الخوارج حتى شبت ثورة عارمة دامت ثلاث سنوات (81-83 هـ ) زعزعت استقرار الدولة، وكادت تعصف بها، وكان يقودها "عبد الرحمن بن الأشعث" أحد رجالات الحجاج الذي أرسله على رأس حملة جرارة لإخضاع الأجزاء الشرقية من الدولة، وبخاصة سجستان لمحاربة ملكها "زنبيل".
وبعد أن حقق ابن الأشعث عددا من الانتصارات غرّه ذلك، وأعلن العصيان، وخلع طاعة الخليفة، وكان في نفسه عجب وخيلاء واعتداد كريه، وبدلا من أن يكمل المهمة المنوط بها عاد ثائرا على الدولة الأموية مدفوعا بطموحه الشخصي وتطلعه إلى الرئاسة والسلطان.
ووجد في أهل العراق ميلا إلى الثورة والتمرد على الحجاج، فتلاقت الرغبتان في شخصه، وآزره عدد من كبار التابعين انغروا بدعوته، مستحلّين قتال الحجاج بسبب ما نُسب إليه من أعمال وأفعال، وحالف النصر ابن الأشعث في جولاته الأولى مع الحجاج، واضطرب أمر العراق وسقطت البصرة في أيدي المتمردين، غير أن الحجاج نجح في أن يسترد أنفاسه، وجاء المدد من دمشق وواصل قتاله ضد ابن الأشعث، ودارت معارك طاحنة حسمها الحجاج لصالحه، وتمكن من سحق عدوه في معركة دير الجماجم سنة (83 هـ)، والقضاء على فتنته.
بعد أن قطع الحجاج دابر الفتنة، وأحل الأمن والسلام إلى استئناف حركة الفتوحات الإسلامية التي توقفت بسبب الفتن والثورات التي غلت يد الدولة، وكان يأمل في أن يقوم الجيش الذي بعثه تحت قيادة ابن الأشعث بهذه المهمة، وكان جيشا عظيما أنفق في إعداده وتجهيزه أموالا طائلة حتى أُطلق عليه جيش الطواويس، لكنه نكص على عقبيه وأعلن الثورة، واحتاج الحجاج إلى سنوات ثلاثة حتى أخمد هذه الفتنة العمياء.
وبعد ذلك عاود سياسة الفتح، وأرسل الجيوش المتتابعة، واختار لها القادة الأكفاء، مثل قتيبة بن مسلم الباهلي، الذي ولاه الحجاج خراسان سنة (85هـ)، وعهد إليه بمواصلة الفتح وحركة الجهاد؛ فأبلى بلاء حسنا، ونجح في فتح العديد من النواحي والممالك والمدن الحصينة، مثل: بلخ، وبيكند، وبخارى، وشومان، وكش، والطالقان، وخوارزم، وكاشان، وفرغانه، والشاس، وكاشغر الواقعة على حدود الصين المتاخمة لإقليم ما وراء النهر وانتشر الإسلام في هذه المناطق وأصبح كثير من مدنها مراكز هامة للحضارة الإسلامية مثل بخارى وسمرقند.
وفي المدة التي أمضاها الحجاج في ولايته على العراق قام بجهود إصلاحية عظيمة، ولم تشغله الفترة الأولى من ولايته عن القيام بها، وشملت هذه الإصلاحات النواحي الاجتماعية والصحية والإدارية وغيرها؛ فأمر بعدم النوح على الموتى في البيوت، وبقتل الكلاب الضالة، ومنع بيع الخمور، وأمر بإحراق ما يوجد منها، وعندما قدم إلى العراق لم يكن لأنهاره جسور فأمر ببنائها، وأنشأ عدة صهاريج بالقرب من البصرة لتخزين مياه الأمطار وتجميعها لتوفير مياه الشرب لأهل المواسم والقوافل، وكان يأمر بحفر الآبار في المناطق المقطوعة لتوفير مياه الشرب للمسافرين.
وساعد الحجاج في تعريب الدواوين، وفي الإصلاح النقدي للعملة، وضبط معيارها، وإصلاح حال الزراعة في العراق بحفر الأنهار والقنوات، وإحياء الأرض الزراعية، واهتم بالفلاحين، وأقرضهم، ووفر لهم الحيوانات التي تقوم بمهمة الحرث؛ وذلك ليعينهم على الاستمرار في الزراعة.
كذلك من أعماله الكبيرة بناء مدينة واسط بين الكوفة والبصرة، واختار لها مكانا مناسبا، وشرع في بنائها سنة (83هـ) واستغرق بناؤها ثلاث سنوات، واتخذها مقراً لحكمه.
و كان يدقق في اختيار ولاته وعماله، ويختارهم من ذوي القدرة والكفاءة، ويراقب أعمالهم، ويمنع تجاوزاتهم على الناس، وقد أسفرت سياسته الحازمة عن إقرار الأمن الداخلي والضرب على أيدي اللصوص وقطاع الطرق.
ومن أهم الأعمال التي تنسب إلى الحجاج اهتمامه بنقط حروف المصحف وإعجامه بوضع علامات الإعراب على كلماته، وذلك بعد أن انتشر التصحيف؛ فقام "نصر بن عاصم" بهذه المهمة العظيمة، ونُسب إليه تجزئه القرآن، ووضع إشارات تدل على نصف القرآن وثلثه وربعه وخمسه، ورغّب في أن يعتمد الناس على قراءة واحدة، وأخذ الناس بقراءة عثمان بن عفان، وترك غيرها من القراءات، وكتب مصاحف عديدة موحدة وبعث بها إلى الأمصار.
كان رحمه الله حريصاً على الجهاد وفتح البلاد، وكانت فيه سماحة إعطاء المال لأهل القرآن؛ فكان ينفق على القرآن كثيرا، ولما توفاه الله لم يترك وراءه سوى ثلاثمائة درهم".
وإني لأرجو من خلال هذا البحث أن يعرف الجميع الجانب الأخر من حياة القائد الإسلامي الحجاج بن يوسف الثقفي.
************************************************** ***


فتح شمال افريقية

لما ولى «عبدالله بن سعد بن أبى السرح» ولاية «مصر» من قبل «عثمان بن عفان»؛ كتب إليه أن الروم الذين لا يزالون يسيطرون على «شمال إفريقيا» يغيرون على حدود «مصر» الغربية، ولابد من مواجهتهم قبل أن يتجرءوا ويهاجموا «مصر» نفسها، فاقتنع «عثمان» بعد أن استشار كبار الصحابة، وأذن له بتجريد حملات عسكرية لردعهم وكف عدوانهم، كما أرسل إليه جيشًا من «المدينة» مددًا، يضم عددًا من الصحابة كابن عباس، و«عبد الله بن الزبير» رضى الله عنهما. وفى سنة (27هـ = 647م) انطلق جيش المسلمين بقيادة «عبدالله بن سعد»، وتوغل غربًا حتى وصل إلى «قرطاجنة» عاصمة إقليم «تونس» فى ذلك الوقت، ودارت عدة معارك بين المسلمين وبين ملكها «جريجوار» أو«جرجير» كما تسميه المصادر العربية، انتهت بانتصارالمسلمين وقتل الملك «جريجوار» على يد «عبدالله بن الزبير». ولم تكن تلك الحملة تهدف إلى الاستقرار، بل إلى ردع العدوان، ولذا اكتفى «عبدالله بن سعد» بعقد معاهدات صلح مع زعماء تلك البلاد تعهدوا فيها بدفع مبلغ كبير. وصل المسلمون فى أواخر خلافة «عثمان» إلى «تونس» الحالية، لكنهم لم يواصلوا فتوحاتهم بسبب الفتن التى استمرت حتى نهاية خلافة «على بن أبى طالب» (36 - 40هـ)، فلما استتب الأمر لمعاوية سنة (41هـ)، كانت جبهة «شمالى إفريقيا» أولى الجبهات التى اهتم بها، لأنها كانت تخضع لنفوذ الدولة البيزنطية التى عزم على تضييق الخناق عليها، فأرسل سنة (41هـ) حملة إلى «شمالى إفريقيا» بقيادة «معاوية بن حديج»، ثم أرسله على رأس حملة أخرى سنة (45هـ)، فاستطاع أن يفتح العديد من البلاد، مثل «جلولاء» و«سوسة». أسند «معاوية بن أبى سفيان» قيادة الجيش الفاتح إلى «عُقبة بن نافع»، وهو واحد من كبار القادة الذين لمعت أسماؤهم فى الفتوحات الإسلامية فى العصر الأموى، ولم يكن «عُقبة» جديدًا على الميدان، فقد شارك فى فتح تلك البلاد منذ أيام «عمرو»، واكتسب خبرة كبيرة، فواصل فتوحاته فى هذه الجبهة. ولما رأى «عقبة» اتساع الميدان، وبعد خطوط مواصلاته عن قواعده فى «مصر»، شرع فى بناء مدينة تكون قاعدة للجيش، ومركزًا لانطلاقاته وإمداداته، فبنى مدينة «القيروان» (50 - 55هـ) بإذن من «معاوية»، وكان لهذه المدينة شأن عظيم فى الفتوحات وفى الحركة العلمية، وأثناء تأسيسها كان «عقبة» يرسل السرايا للفتح، ويدعو الناس إلى الإسلام، فدخل كثير من «البربر» -سكان البلاد- فى الإسلام. ظل «عقبة بن نافع» يواصل فتوحاته ونشر الإسلام حتى عزله «معاوية» وولَّى مكانه قائدًا آخر، لا يقل عنه شجاعة وإقدامًا، وحبا للجهاد فى سبيل الله، هو «أبو المهاجر دينار»، وكان يتمتع إلى جانب مهارته العسكرية بقدر من الكياسة وحسن التصرف والفطنة، فقد أدرك أن «البربر» سكان الشمال الإفريقى قوم أشداء، يعتدُّون بكرامتهم ويحرصون على حريتهم كالعرب تمامًا، وأن سياسة اللين والتسامح قد تجدى معهم أكثر من سياسة الشدة. وقد نجحت سياسة «أبى المهاجر» فى اجتذاب البربر إلى الإسلام، وبخاصة عندما أظهر تسامحًا كبيرًا مع زعيمهم «كسيلة بن لمزم»، وعامله فى إجلال وإكرام، فأسلم الرجل متأثرًا بتلك المعاملة، وأسلم بإسلامه طائفة كبيرة من قومه. وفى مقابل تلك السياسة المتسامحة مع «البربر» كان «عقبة» حازمًا فى تعامله مع الدولة البيزنطية التى حاولت أن تحتفظ بالشمال الإفريقى بعد أن فقدت «مصر» والشام، لكنها لم تنجح، فقد حقق «أبو المهاجر» نصرًا عسكريا عليها، مكَّنه من السير إلى الغرب، فاتحًا معظم «المغرب الأوسط» - الجزائر الحالية - ووصل إلى «تلمسان». أعاد الخليفة «يزيدُ بن معاوية» «عقبةَ بن نافع» مرة أخرى إلى «شمالى إفريقيا»، فواصل جهود «أبى المهاجر»، وقام بحملته التى اخترق بها الساحل كله فى شجاعة وجرأة حتى بلغ شاطئ «المحيط الأطلسى»، وأوطأ أقدام فرسه فى مياهه، وقال قولته المشهورة: «اللهم اشهد أنى قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت فى البلاد، أقاتل من كفر بك حتى لا يعبد أحدًا دونك». وفى أثناء عودة «عقبة» من غزوته المظفرة تعرض لكمين نصبه له البيزنطيون بمساعدة «كسيلة» زعيم «البربر»، الذى كان «عقبة» قد أهانه، فبينما هو يسير فى عدد قليل من جنوده يبلغ زهاء ثلاثمائة جندى انقضت القوات البيزنطية عليه وعلى من معه عند بلدة تهودة فاستشهدوا جميعًا سنة (63هـ). ومما أسهم فى وقوع الكارثة أن «عقبة» قد وقع فى خطأ عسكرى كبير، إذ سرَّح معظم جيشه، وأمرهم بالسير أمامه، فابتعد عنه لمسافة طويلة، مما جعل الجيش البيزنطى ينفرد به ويهزمه هزيمة ثقيلة أضاعت كل الجهود التى بذلها المسلمون فى فتح تلك البلاد، واضطر المسلمون إلى الارتداد إلى الخلف، ولم يستطيعوا الاحتفاظ بالقيروان، وعادوا إلى «برقة». تسلَّم «زهير بن قيس البلوى» قيادة الجيش خلفًا لعقبة بن نافع سنة (63هـ)، وعزم على الثأر من البيزنطيين و«البربر»، لكنه لم يستطع أن يحقق هدفه إلا فى سنة (69هـ)، نظرًا لانشغال الدولة الأموية بالأحداث والفتن الخطيرة التى حدثت فى الداخل بعد وفاة «يزيد بن معاوية» سنة (64هـ). تحرّك «زهير» بجيش كبير وزحف على «القيروان» سنة (69هـ)، والتقى على مقربة منها بجيش «كسيلة»، فهزم «البربر» هزيمة ساحقة بعد معركة شديدة وفى أثناء عودته إلى «برقة» للدفاع عنها - بعد ما نمى إلى علمه أن البيزنطيين زحفوا عليها فى جموع عظيمة - تعرض لهجوم بيزنطى مفاجئ، فلقى حتفه هو ومن معه. وصلت أخبار استشهاد «زهير» ومن معه إلى الخليفة «عبدالملك بن مروان» وهو مشغول بصراعه مع الخوارج والشيعة وآل الزبير، فلم يتمكن من القيام بعمل حاسم إلا بعد أن استقرت له الأوضاع، فأسند قيادة جبهة الشمال الإفريقى إلى «حسان بن النعمان» وأمده بجيش كبير من «مصر» والشام، بلغ عدده نحو أربعين ألف جندى. واستطاع «حسان» بعد جهد جهيد القضاء على الوجود البيزنطى فى الشمال الإفريقى، وأن يحطم مدينة «قرطاجنة» أكبر مركز بيزنطى، وأن يبنى محلها مدينة «تونس» الحالية، كما قضى على كل مقاومة للبربر، بعد أن حقق نصرًا هائلا على زعيمتهم الكاهنة التى آلت إليها الزعامة بعد مقتل «كسيلة»، ونعم المسلمون بأولى فترات الاستقرار فى «المغرب». ولم يكن «حسان بن النعمان» قائدًا عسكريا عظيمًا فحسب، بل كان رجل دولة وتنظيم وإدارة أيضًا، فأنشأ الدواوين، ورتَّب أمور الخراج والجزية، ووطَّد سلطان الحكم الجديد فى الثغور والنواحى، وجدد مدينة «القيروان»، وأنشأ بها المسجد الجامع، ووضع سياسات مستقبلية انتهت بأهل الشمال الإفريقى كله إلى اعتناق الإسلام. حلّ «موسى بن نصير» سنة (85هـ) محل «حسان بن النعمان» فى ولاية شمالى إفريقيا وقيادة جيوش الفتح بها، فأكمل ما بدأه سابقوه من القادة العظام، وقدِّر له أن يجنى ثمار غرسهم، ففى ولايته تم فتح «المغرب» كله، وأقبل أبناؤه على اعتناق الإسلام فى حرية تامة، بعدما أدركوا وفهموا ما يحمله من عزة وكرامة وحرية وعدل ومساواة.
الى هنا ونكتفى بهذا القدر
دمتم في امان الله ورعايته
ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة it is me ; 06-01-2010 الساعة 02:47 PM

قديم 02-01-2010, 06:03 PM   #8

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** الحلقة السابعة **






استكمالا لما سبق

ووصولا لاى قيام دولة بنى العباس نصل معكم الى زمن الرخاء والعطاء الى زمن كان فيه الخليفة هارون الرشيد يخاطب السحب ويقول ( امطرى حيث شئتي فسوف يأتينى خراجك )
العباسيون هم ثاني السلالات من الخلفاء 750-1258 م كان مقرهم في بغداد منذ 762 ،و سامراء بين 836-883 ثم 892

مقدمة

يرجع أصل العباسيين إلى العباس بن عبد المطلب (566 ـ 662) عم محمد بن عبد الله رسول الله - صلى الله عليه وآله و صحبه وسلم -. بمساعدة من أنصار الهاشميين استطاع أبو العباس السفاح (749-754) بعد معارك طويلة القضاء على الأمويين و مظاهر سلطتهم, قام هو وأخوه أبو جعفر المنصور (754-775) باتخاذ تدابير صارمة لتقوية الخلافة العباسية، في عام 762 تم إنشاء مدينة بغداد. بلغت قوة الدولة أوجها وعرفت العلوم عصر ازدهار في عهد هارون الرشيد (786-809) الذي تولت وزارته أسرة البرامكة (حتى سنة 803) ثم في عهد ابنه عبد الله المأمون (813-833) الذي جعل من بغداد مركزاً للعلوم ورفع من مكانة المذهب المعتزلي حتى جعله مذهباً رسمياً للدولة, واستمر ذلك جتى جاء الخليفة أبو الفضل جعفر المتوكل على الله فأحيا السنة وأمات البدعة جاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي: فأظهر الميل إلى السنة ونصر أهلها ورفع المحنة وكتب بذلك إلى الآفاق وذلك في سنة أربع وثلاثين واستقدم المحدثين إلى سامراء وأجزل عطاياهم وأكرمهم وأمرهم بأن يحدثوا بأحاديث الصفات والرؤية وجلس أبو بكر بن أبي شيبة في جامع الرصافة فاجتمع إليه نحو من ثلاثين ألف نفس وجلس أخوه عثمان في جامع المنصور فاجتمع إليه أيضاً نحو من ثلاثين ألف نفس وتوفر دعاء الخلق للمتوكل وبالغوا في الثناء عليه والتعظيم له حتى قال قائلهم الخلفاء ثلاثة أبو بكر الصديق رضي الله عنه في قتل أهل الردة وعمر بن عبد العزيز في رد المظالم والمتوكل في إحياء السنة وإماتة التجهم.

منذ العام 800 م بدأت عدة مناطق تعلن استقلالها عن الخلافة العباسية وتحولت إلى إمارات أو ممالك تحكمها سلالات متعددة. بعد مقتل المتوكل (847-861) بدأت قوة الدولة تتراجع، حتى أنه في النهاية وقع الخلفاء العباسيون تحت سيطرة العديد من السلالات ذات الطابع العسكري، البويهيون (945-1055)، السلاجقة (1055-1194) و شاهات خوارزم (1192-1220)، و حصرت سلطة الخلفاء رمزياً في الجانب الديني فقط. استطاع الخليفة الناصر (1180-1225) أن يعيد إلى الخلافة بعضا من سلطتها وأن يستقل بها بعض الشيء، وعادت للخليفة سلطته كحاكم حتى آخر الخلفاء المستعصم (1242-1258) الذي رفض أن ينظم إلى معاهدة السلام التي عرضها عليه المغول ، فكان أن سقط ضحية للعاصفة المغولية. قامت بعد ذلك خلافة عباسية رمزية في القاهرة 1260-1517 تحت وصاية المماليك.
تولت حكم الدولة العربية الإسلامية (750-1258). بدأت الدعوة العباسية عام 718 تحت زعامة محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ثم ابنه إبراهيم الإمام الذي أسند إلى أبي مسلم الخراساني مهمة قيادة الدعوة في خراسان. أعلن أبو مسلم الثورة على الأمويين عام 747، بعد ثلاث سنوات انتصر العباسيون وأسروا مروان بن محمد ، آخر الخلفاء الأمويين. وقعت المعركة الفاصلة بين العباسيين والأمويين في على ضفة الزاب الكبير، وكانت الغلبة للعباسيين، الذين استهلوا عهدهم بملاحقة بقايا الأمويين ، ففر منهم عبد الرحمن الداخل ليؤسس دولة أموية مستقلة في الأندلس.

كان أول خلفائهم أبو العباس (الملقب بالسفاح)، خلفه أخوه أبو جعفر المنصور، الذي بنى مدينة بغداد في العراق ، ونقل إليها عاصمة الخلافة الإسلامية من دمشق ، وأخمد الثورات التي قامت ضد العباسيين في بلاد فارس.
لم يلقب أحدا من الخلفاء العباسيين بالسفاح سوى أبو العباس عبد الله ولقب بذلك لكثرة بذله المال أي سفحه جاء في معجم لسان العرب لابن منظور:
ورجل سَفَّاحٌ، مِعْطاء والسَّفَّاح: لقب عبد الله بن محمد أَوّل خليفة من بني العباس.وساد اعتقاد لامصدر له بأنه لقب بذلك لكثرة سفكه الدماء وهو ماينافي سيرته التي جاءت في المصار التاريخية كتاريخ الإسلام للذهبي وتاريخ الخلفاء للسيوطي وسير أعلام النبلاء وتاريخ ابن خلدون وغيرها من المصادرالعلمية قال السيوطي في تاريخ الخلفاء في ترجمته للسفاح:أسد الله الغالب علي بن أبي طالب أخرج أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يقال له السفاح فيكون إعطاؤه المال حثياً".
قال الصولي: وكان السفاح أسخى الناس ما وعد عدة فأخرها عن وقتها ولا قام من مجلسه حتى يقضيه وقال له عبد الله بن حسن مرة سمعت بألف ألف درهم وما رأيتها قط فأمر بها فأحضرت وأمر بحملها معه إلى منزله.
. أحدث قيام الدولة العباسية تغيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة: إذ كان الأمويون قد اعتمدوا على دعم القبائل العربية وعملوا على ترسيخ مبادئ الإسلام في البلاد التي فتحوها وازهرت العلوم في العصر الاموي، فإن العباسيين اعتمدوا على الأعاجم (الموالي) الذين صاروا يتولون أعلى المناصب في الدولة، وصار للعناصر التركية والفارسية دور كبير في الجيش والوزارات.
بلغت الدولة العباسية أوج ازدهارها في عهد الخليفة هارون الرشيد. ففي عهده بلغت بغداد أوج عمرانها وسيطرتها على أجزاء الدولة المترامية من تونس إلى شرق أفغانستان. كما توغلت الجيوش العباسية في آسيا الصغرى واضطر الإمبراطور البيزنطي لدفع الجزية حتى عن شخصه. كانت خلافة المعتصم (842-847) نقطة تحول أخرى، فقد اعتمد بشكل كبير على العناصر التركية في الجيش، ونقل عاصمة الدولة إلى سامراء.
في نهاية القرن التاسع الميلادي، بدأ الخلفاء العباسيون يفقدون سيطرتهم على البلاد، مع تزايد نفوذ الموالي ونفوذ الولاة وحكام المدن والمناطق. وبدأت الدولة بالانهيار فانفصلت عنها عدة دويلات كالدولة الإخشيدية، والطولونية (مصر) و العبيدية (شمال أفريقيا) والطاهرية (خراسان) والصفارية والزيدية العلوية (بلاد فارس وما وراء النهر). باتت سلطات الخليفة العباسي لا تتعدى حدود بغداد تقريباً، ووصلت إلى نهايتها عندما دخلت جيوش المغول بقيادة هولاكو بغداد، فأحرقتها ودمرتها وقتلت الخليفة المستعصم عام 656-1258.
*********************
من الطبيعي ان يكون العصر العباسي الأول أنسب العصور ملائمة للنهضة الثقافية، فقد بدأ الاستقرار فيه و أنتظم ميزان الأمة الاقتصادي، و كانت النهضة العلمية في العصر الأول تتمثل في ثلاثة جوانب هي:
حركة التصنيف
تنظيم العلوم الإسلامية
الترجمة من اللغات الأجنبية

الجانب الأول: حركة التصنيف من أشهر المصنفين في هذا العصر مالك الذي ألف الموطأ، و ابن إسحاق الذي كتب السيرة، و أبو حنيفة الذي صنف الفقه و الرأي. و يرجع إلى أبي جعفر المنصور الفضل في توجيه العلماء هذا الاتجاه، و قد كان المنصور كما يقول السيوطي كامل العقل، جيد المشاركة في العلم و الأدب، فقيها تلقى العلم عن أبيه و عن عطاء بن ياسر. و تطورت العلوم في العصر العباسي الأول و انتقلت من مرحلة التلقين الشفوي إلى مرحلة التدوين والتوثيق في كتب وموسوعات.
الجانب الثاني: تنظيم العلوم الإسلامية وصلت العلوم الإسلامية درجة عالية من الدقة و التنظيم في العصر العباسي الأول:
فقد شهد هذا العصر ميلاد علم تفسير القرآن و فصله عن علم الحديث. و عاش في هذا العصر أئمة الفقه الأربعة: أبو حنيفة (150 للهجرة)، و مالك (179 للهجرة)، و الشافعي (204 للهجرة)، و ابن حنبل (241 للهجرة). وظهرت في الفقه الإسلامي مدرستان علميتان كبيرتان هما مدرسة أهل الرأي في العراق، ومدرسة أهل الحديث في المدينة المنورة. وحفل هذا العصر أيضًا بأئمة النحو وظهرت في علوم اللغة مدرستان علميتان هما: مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة، فقد عاش في هذا العصر من أئمة النحاة البصريين عيسى بن عمر الثقفي (149 للهجرة)، و أبو عمرو بن العلاء (154 للهجرة)، و الخليل بن أحمد (175 للهجرة)، و الأخفش (177 للهجرة)، و سيبويه (180 للهجرة)، و يونس بن حبيب (182 للهجرة)، و من الأئمة الكوفيين أبو جعفر الرؤاسي، و الكسائي، و الفراء (208 للهجرة). التاريخ و مولده: قويت في العصر العباسي الأول فكرة استقلال علم السيرة عن الحديث، و وجدت من ينفذها تنفيذا علميا دقيقا، و هو محمد بن إسحاق (152 للهجرة تقريبا) و كتابه في السيرة من أقدمها في هذا الموضوع، و قد وصلنا هذا الكتاب بعد أن اختصره ابن هشام (218 للهجرة) في كتابه المعروف بسيرة ابن هشام، و من أشهر من صنف في التاريخ في هذا العصر العلامة محمد بن عمر الواقدي (207 للهجرة تقريبا) فقد ألف كتاب التاريخ الكبير الذي اعتمد عليه الطبري كثيرا حتى حوادث سنة 179، أما الكتاب نفسه فلم يصح وروده لنا، و للواقدي كتاب آخر يعرف بالمغازي و هو بين أيدينا، و ليس هذا كل ما وصل لنا من علم الواقدي، فإن علمه قد جائنا عن طريق شخص آخر من مؤرخي هذا العصر أيضا و هو كاتبه محمد بن سعد (230 للهجرة) الذي كانت شهرته كاتب الواقدي، و قد خلف لنا محمد بن سعد كتابه القيم الطبقات الكبرى و هو في ثمانية أجزاء يتحدث في الجزء الأول و الثاني عن سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم و في الأجزاء الستة الباقية عن أخبار الصحابة و التابعين، و محمد بن سعد هذا هو أحد شيوخ العلامة البلاذري (279 للهجرة).
الجانب الثالث: الترجمة من اللغات الأجنبية في عام 145 للهجرة وضع المنصور حجر الأساس للعاصمة الجديدة بغداد، و جمع حوله فيها صفوة العلماء من مختلف النواحي، و شجع على ترجمة كتب العلوم و الآداب من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، و استجاب له كثير من الباحثين، من أبرزهم ابن المقفع الذي ترجم كتاب كليلة و دمنة (757 للميلاد) و الطبيب النسطوري جورجيس بن بختيشوع (771 للميلاد)، و بختيشوع بن جورجيس (801 للميلاد)، و جبريل تلميذ بختيشوع (809 للميلاد)، و الحجاج ابن يوسف بن مطر (الذي ذاع اسمه بين سنتي 786 و 863 للميلاد).
و لم يكتف المسلمون بمجرد الترجمة بل كانوا يبدعون ويضيفون إلى كل علم يترجمونه. كما لعب المسلمون بهذا دورا كبيرا في خدمة الثقافة العالمية، فقد أنقذوا هذه العلوم من فناء محقق، إذ تسلموا هذه الكتب في عصور الظلام، فبعثوا فيها الحياة، و عن طريق معاهدهم و جامعاتهم و أبحاثهم وصلت هذه الدراسات إلى أوروبا، فترجمت مجموعات كبيرة من اللغة العربية إلى اللاتينية، و قد كان ذلك أساسا لثقافة أوروبا الحديثة، و من أهم الأسباب التي أدت إلى النهضة الأوروبية.
وأنشئ في هذا العصر بيت الحكمة و هو أول مجمع علمي و معه مرصد و مكتبة جامعة و هيئة للترجمة، وصل إلى أوج نشاطه العلمي في التصنيف والترجمة في عهد المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة قيّم يدير شئونه، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات. وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين. وكان المرصد منوتعيين خط العرض وقياس طول محيط الأرض، وظل بيت الحكمة قائما حتى داهم المغول بغداد سنة 656 للهجرة الموافق 1258 للميلاد.

عوامل سقوط الدولة العباسية

انصراف الحكام المتصدين للسلطة باسم الخلافة إلى اللهو والمجون بعيدا عن كل القيم الإسلامية.
إهمال الأمور العسكرية وقلة الحزم مع المنفصلين.
ظهور الشعوبية ومحاولاتها المستمرة الخروج عن العرب والمسلمين.
نظام توريث الحكم وتولية العهد لاكثر من واحد.
ضعف الخلفاء وتهاونهم وعدم اهتمامهم باستقلال بعض الولاة لا سيما الاقاليم البعيدة.
تعرض العالم الإسلامي لخطرين: الخطر الصليبي من الغرب، والخطر المغولي (التتار) من الشرق.
العصبيات المذهبية

الى هنا وتنتهى هذه الحلقة على امل اللقاء مع حلقة اخرى قريبا ان شاء الله
دمتم في رعاية الله
ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة it is me ; 08-01-2010 الساعة 03:50 PM

قديم 02-01-2010, 06:03 PM   #9

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** الحلقة الثامنة **





استكمالا لما سبق

نلقى الضوء ايها الاخوة والاخوات في هذه الحلقة على تاريخ الاندلس منذ فتحها وحتى سقوطها
وقبل يجب ان نتكلم عن الفاتحين لهذه البقعة الغالية من تراب دولة الاسلام
مُوسَى بن نُصَير ذلك القائد المسلم البارع التقي الورع الذي ثبّت الله به أقدام الإسلام في هذه البلاد المترامية الأطراف في الشمال الإفريقي، وهو من التابعين، وقد روى عن بعض الصحابة كتميم الداري رضي الله عنه...
قال عنه ابن خلّكان: كان عاقلاً كريماً شجاعاً ورعاً تقياً لله تعالى، لم يُهزم له جيشٌ قطّ.
أما أبوه فهو نُصَير ذلك الغلام النصراني الذي أسره خالد بن الوليد رضي الله عنه في موقعة عين التمر، وكان قبلها يتعلم الإنجيل والدراسات النصرانية في الكنيسة، وفي الأَسْرِ عرف الإسلام وأُعجب به، فأسلم وهو ابن ثلاثة عشر أو أربعة عشر عامًا، وكان معه وعلى شاكلته سيرين أبو محمد بن سيرين التابعي المشهور.
وهنا وقفة لطيفة نشير إليها في معرض هذا الحديث، وهي تلك الثمرة التي هي من ثمار ومن تبعات الفتوحات الإسلامية، ومصداقا لقوله تعالى: [وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ] {فصِّلت:33}. تلك الثمرة التي منّ الله بها على نُصَير وعلى ولده من بعده، ومن ثَمّ على المسلمين أجمعين.
فانظر ماذا فعل الإسلام بنُصَير وغيره؟ وماذا كان سيكون مصير نُصير إذا ظل على ما كان عليه؟ وكيف أصبح في حسنات خالد بن الوليد رضي الله عنه وقد توفي بعده بسنوات وسنوات. وإنه لثمرة من ثمرات الجهاد الإسلامي في بلاد فارس (وهي التي أُسر فيها نُصير). وإن فتح الأندلس على يد موسى بن نصير ليشاركه فيه - بإذن الله - الأجرَ خالد بن الوليد رضي الله عن الجميع.
أما نُصير، فلما أسلم ازداد حبه للإسلام، فأخذ ينهل منه ويتعلم حتى أصبح عالِمًا، وفي ذات الوقت من الفرسان الأشداء والمجاهدين الأكفاء، وظل يترقى من حال إلى حال حتى صار في زمن الدولة الأموية قائدًا لجيوش معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وظل في هذه القيادة سنوات طويلة...
قال المقرّي في نفح الطيب عن موسى بن نصير: وكان والده نصير على جيوش معاوية، ومنزلته لديه مكينة، ولمّا خرج معاوية لصفين لم يخرج معه - أي نصير - فقال له: ما منعك من الخروج معي ولي عندك يدّ لم تكافئني عليها؟ فقال: لم يمكني أن أشكرك بكفري من هو أولى بشكري منك، فقال: من هو؟ فقال: الله عزّ وجلّ، فأطرق مليّاً ثم قال: أستغفر الله، ورضي عنه.
في هذا الوقت كان مُوسَى بن نصير يتربى في بيت الخلافة مع أولاد معاوية وأولاد الأمراء والخلفاء، فنشأ على حب الجهاد في سبيل الله ونشر الدين، حتى أصبح شابًا يافعًا يتقلد الرتب والمناصب، فتقلد قيادة جيوش الأمويين في مصر في عهد عبد العزيز بن مروان الأموي، ثم بعد ذلك واليًا على إفريقيا وذلك في سنة 85 هـ= 704 م.
كانت الفرصة مواتية لموسى بن نصير أن ينجز ما عجز السابقون عن إنجازه فتوّجه ناحية المغرب وأعاد تنظيم القوات الإسلامية، وحشد جيوشه جميعًا ووقف فيهم خطيبًا وكان مما قال: إنما أنا رجل كأحدكم، فمن رأى مني حسنة فليحمد الله، وليحضّ على مثلها ومن رأى مني سيئة فلينكرها فإني أخطئ كما تخطئون، وأصيب كما تصيبون... ومن كانت له حاجة فليرفعها إلينا وله عندنا قضاؤها على ما عزّ وهان مع المواساة إن شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال ابن خلّكان في وفيات الأعيان: وكانت البلاد في قحط شديد، فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، وخرج بهم إلى الصحراء، ومعه سائر الحيوانات، وفرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والصراخ والضجيج، وأقام على ذلك إلى منتصف النهار، ثم صلى وخطب بالناس، ولم يذكر الوليدَ بنَ عبد الملك، فقيل له: ألا تدعو لأمير المؤمنين فقال: هذا مقام لا يُدعى فيه لغير الله عزوجل، فسقوا حتى رووا.

مُوسَى بن نُصَير وتثبيت دعائم الإسلام في إفريقيا

منذ أصبح موسى بن نصير واليًا على إفريقيا أصبح كلُّ همّه لماذا يرتدّ الناس بين الحين والآخر عن الإسلام بعد أن يكونوا قد دخلوا فيه؟! بل كيف يعودون ويقاتلون المسلمين بعد أن كانوا مسلمين؟! ومن هنا فقد أراد أن يجد حلًا لهذه الأمور، ويعمل على تثبيت دعائم الإسلام في هذا الإقليم الذي كان قد فتحه عقبة بن نافع رحمه الله، والذي اغتيل في القيروان من هذا الإقليم على يد البربر وهو في طريق عودته من المغرب الأقصى.
وفي بحثه عن معرفة أسباب هذه الردّة المتكررة وجد مُوسَى بن نُصَير خطأين وقع فيهما من سبقوه.
الخطأ الأول: هو أن عقبة بن نافع ومن معه كانوا يفتحون البلاد فتحًا سريعًا، ويتوغلون داخلها طمعًا في فتح أماكن أخرى كثيرة، دون أن تتوفر الحماية لظهورهم في هذه المناطق التي فتحوها، ومن ثم كانت النتيجة أن البربر فَقِهوا هذا الأمر واستغلّوه جيدًا، فانقلبوا على عقبة وأحاطوا به وقتلوه، وحتى يتغلب على هذا الأمر بدأ مُوسَى بن نُصَير يفتح البلاد في أناةٍ شديدة، وفي هدوء وحذرٍ كحذر خالد بن الوليد رضي الله عنه، فبدأ يتقدم خطوة ثم يُأَمِّن ظهره، ثم خطوة فيأمّن ظهره، حتى أتمّ فتح هذا الإقليم في سبع أو في ست سنوات، بينما استغرق عقبة بن نافع في فتحه شهورًا معدودات.
أما الخطأ الثاني فقد وجد أن سكان هذا الإقليم لم يتعلموا الإسلام جيدًا ولم يعرفوه حق المعرفة، فبدأ بتعليمهم الإسلام؛ فكان يأتي بعلماء التابعين من منطقة الشام والحجاز ليعلمونهم الإسلام ويعرفونهم به، فأقبلوا على الإسلام وأحبّوه ودخلوا فيه أفواجًا، حتى أصبح البربر الذين يحاربون المسلمين جند الإسلام وأهله، وهكذا عمل مُوسَى بن نُصَير على تثبيت دعائم الإسلام وتوطيده في الشمال الإفريقي، وأتمّ فتح الإقليم بكامله عدا مدينة واحدة وهي مدينة "سَبْتَة" (مدينة "سَبْتَة" الآن من مدن المغرب العربي التي تحتلها إسبانيا، وتقع على مضيق جبل طارق)، فقد فتح ميناء طنجة ولم يفتح ميناء "سَبْتَة" المماثل له في الأهمية، وللموقع الاستراتيجي لمدينة "سَبْتَة" ولّى موسى بن نصير على ميناء طنجة (القريب جدًا من "سَبْتَة" والقريب في ذات الوقت من الأندلس) أمهر قواده طارق بن زياد رحمه الله، وطارق بن زياد لم يكن عربيًا، بل كان من قبائل البربر التي استوطنت الشمال الإفريقي - كما ذكرنا - والتي كان يميزها اللون الأبيض والعيون الزرقاء والشعر الأشقر، بعكس ما يُتخيل من كونهم يشبهون الزنوج، حتى إن البعض ينسبونهم إلى أصول أوروبية، وقد حمل طارق بن زياد القائد الفذّ هذه الصفات الشكلية، إضافة إلى ضخامته الجسمية ووسامته الشديدة، تلك التي لم تمنعه عن الانشغال بحب الجهاد في سبيل الله، ونشر هذا الدين.
من خلال ما سبق نرى أن موسى بن نصير رحمه الله قد تولّى أمر إفريقية وهي تضطرم نارًا، فكان أول عمل له هو تأمين قواعد انطلاقه، ثم انصرف لإخماد الفتن والقضاء على الثورات وتصفية قواعد العدوان، وبناء المجتمع الإسلامي الجديد، ووجد بعد ذلك في إفريقية طاقات ضخمة وإمكانات جبّارة فأفاد من حرية العمل المتوافرة له وانصرف إلى متابعة حشد القوات وتعبئتها وقيادتها من نصر إلى نصر، وإشراكها في شرف الفتوح وتحميلها أعباء نشر الإسلام...
كان موسى بن نصير - إذن - من أعظم رجال الحرب وافدارة المسلمين في القرن الأول للهجرة، وقد ظهرت براعته الإدارية في جميع المناضب التي تقلّدها، كما ظهرت براعته الحربية في جميع الحملات البرية والبحرية التي قادها، على أن هذه المواهب تبدو بنوع خاص في حكمه لإفريقية، حيث كانت الحكومة الإسلامية تواجه شعبًا شديد المراس يضطرم بعوامل الانتفاض والفتنة، وإذا كان موسى قد أبدى في معالجة الموقف وإخماد الفتنة كثيرًا من الحزم والشدة فقد أبدى في الوقت نفسه خبرة فائقة بنفية الشعوب وبراعة في سياستها وقيادتها، وكان موسى فوق مواهبه الإدارية والعسكرية غزير العلم والأدب، متمكنًا من الحديث والفقه، عالمًا بالفلك، مجيدًا للنثر والنظم...
*************************************************
توجه طارق بن زياد بعد فتح إشبيلية إلى مدينة "أَسْتجّة" وهي أيضا من مدن الجنوب، وفي "أَسْتجّة" قاتل المسلمون قتالًا عنيفًا، لكنه - بلا شك - أقل مما كان في وادي بَرْبَاط؛ فقد فَقَدَ النصارى معظم قواتهم في موقعة وادي بَرْبَاط، وقبل أن ينتصر المسلمون في أواخر المعركة فتح النصارى أبوابهم وقالوا قد صالحنا على الجزية.
وثمة فارق كبير جدًا بين أن يصالح النصارى على الجزية، وبين أن يفتح المسلمون المدينة فتحًا؛ لأنه لو فتح المسلمون هذه المدينة فتحًا (أي بالقتال) لكان لهم أن يأخذوا كل ما فيها، أمّا إن صالح النصارى على الجزية، فإنهم يظلّون يملكون ما يملكون ولا يدفعون إلا الجزية، والتي كانت تقدّر آنذاك بدينار واحد في العام كما وضحنا سابقًا.
ومن أَسْتجّة وبجيش لا يتعدى التسعة آلاف رجل يبدأ طارق بن زياد بإرسال السرايا لفتح المدن الجنوبية الأخرى، وينطلق هو بقوة الجيش الرئيسة في اتجاه الشمال حتى يصل إلى طُلَيْطِلَة عاصمة الأندلس في ذلك الزمن، فقد بعث بسرية إلى قُرْطُبَة، وسرية إلى غِرْنَاطَة، وسرية إلى مَالْقة، وسرية إلى مُرْسِيَه، وهذه كلها من مدن الجنوب المنتشرة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والمطلة على مضيق جبل طارق، وكان عدد الرجال في هذه السرايا لا يزيد عن سبعمائة رجل، ومع ذلك فقد فُتحت قُرْطُبَة على قوتها وعظمتها بسرية من تلك التي لا تتعدى السبعمائة رجل [وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى] {الأنفال:17}. ثم استمرّ طارق بن زياد رحمه الله في التوجه ناحية الشمال حتى وصل إلى مدينة جَيّان وهي من مدن القوت الحصينة جدًا.
***************************************
طُلَيْطِلَة: مدينة قديمة في أسبانيا تقع في وسط شبه جزيرة أيبريا على مسافة 91 ك جنوبي غربي مدريد ويحيط بها نهر (التاجو) من جهات ثلاث في واد عميق يسقي مساحات شاسعة من أراضيها.
كان موسى بن نصير رحمه الله الذي اتّسم بالحكمة والأناة قد أوصى طارق بن زياد ألّا يتجاوز مدينة "جَيّان" أو لا يتجاوز مدينة "قُرْطُبَة"، و أمره ألا يسرع في الفتح في طريقه إلى العاصمة "طُلَيْطِلَة" حتى لا يحوطه جيش القوت .
لكن طارق بن زياد وجد أن الطريق أمامه مفتوحًا، ووجد أن الطريق إلى طُلَيْطِلَة ليس فيه من الصعوبة شيء؛ فاجتهد برأيه، وعلى خلاف رأي الأمير موسى بن نصير وجد أن هذا هو الوقت المناسب لفتح "طُلَيْطِلَة" العاصمة، وكانت تُعدّ أحصن مدن النصارى على الإطلاق، فرأى أنه إن هاجمها في هذه الفترة التي يكتنف النصارى فيها الضعف الشديد الذي لا يستطيعون معه مقاومة جيش المسلمين فإنه قد يتمكن من فتحها، الأمر الذي قد يتعذر بعد ذلك فلا يستطيع فتحها.
وكان الأفضل في هذا الأمر أن يستشير طارقُ بن زياد موسى بن نصير في المغرب، وأن يرسل إليه ولو رسالة يشرح له فيها طبيعة الموقف، وأن الطريق مهيّأ أمامه لفتح "طُلَيْطِلَة"، ويستوضح رأيه ورده في ذلك.
لكنه أسرع في اتجاه طُلَيْطِلَة دون استئذان من موسى بن نصير، وكان موسى بن نصير قد علم بتقدم طارق لفتح طُلَيْطِلَة، ولكن نظرًا لطول المسافات لم يستطع أن يلحق به فيكون مددًا له.
كانت مدينة طُلَيْطِلَة من أحصن مدن الأندلس، بل هي أحصن مدينة في الأندلس؛ فقد كانت محاطة بجبال من جهة الشمال والشرق والغرب، أما الجهة المفتوحة وهي الجنوب فعليها حصن كبير جدًا.
ومع ذلك فقد فتحت أبوابها لطارق بن زياد وصالحت على الجزية.
موسى بن نصير يأمر طارقًا بالكفّ عن الفتوحات ويجهّز نفسه لمدده
تَقَدُّمُ طارق بن زياد بهذه السرعة في بلاد الأندلس لم ينل قبولًا لدى موسى بن نصير؛ إذ وجد فيه تهورًا كبيرًا لا يُؤْمن عواقبه، وكان قد عُرف عن موسى بن نصير الأناة والحكمة والصبر في كل فتوحاته في شمال أفريقيا حتى وصل إلى المغرب، ومن ثم فقد بعث برسالة شديدة اللهجة إلى طارق بن زياد يأمره فيها بالكفّ عن الفتح والانتظار حتى يصل إليه؛ وذلك خشية أن تلتف حوله الجيوش النصرانية.
وفي أثناء ذلك بدأ موسى بن نصير يُعدّ العدة لإمداد طارق بن زياد بعد أن انطلق إلى هذه الأماكن البعيدة الغائرة في وسط الأندلس، فجهّز من المسلمين ثمانية عشر ألفًا.
ولكن من أين جاءوا وقد كان جيش الفتح لا يتعدى الاثنا عشر ألفًا؟!
وذلك أن الناس من مشارق الأرض ومغاربها قد انهمروا على أرض الأندلس حين علموا أن فيها جهادًا، فقد كان جلّ الاثني عشر ألف مسلم الذين فتحوا الأندلس مع طارق بن زياد من البربر، أما هؤلاء الثمانية عشر ألفًا فهم من العرب الذين جاءوا من اليمن والشام والعراق، اجتازوا كل هذه المفاوز البعيدة حتى وصلوا إلى بلاد المغرب، ثم عبروا مع موسى بن نصير إلى بلاد الأندلس نصرةً ومددًا لطارق بن زياد.

موسى بن نصير وأعمال عظام في طريقه إلى طارق بن زياد

عبر موسى بن نصير بجيشه إلى بلاد الأندلس وكان ما توقعه؛ فقد وجد أن النصارى قد نقضوا عهدهم مع طارق في إشبيليّه، وهي المدينة الحصينة الكبيرة التي كانت قد صالحت طارقًا على الجزية، وكانوا قد جهّزوا العدة كي يأتوا طارقًا من خلفه، ولكن يُقدّر الله أن يفاجَئوا بجيش موسى بن نصير رضي الله عنه وهو قادم فيحاصر إشبيليّه.
كان موسى بن نصير قائدًا محنّكا، له نظرة واعية وبُعد نظر ثاقب، ولم يكن يومًا كما يدّعي أناس أنه عطّل طارق بن زياد عن الفتح حسدًا أن يُنسب إليه وحده فتح بلاد الأندلس، ومن ثَمّ أراد أن يُشْرَك في الأمر معه.
فإن طارق بن زياد من عمّال موسى بن نصير، وواليه على الأندلس، وحسنات طارق بن زياد تُعدّ في ميزان موسى بن نصير رحمهما الله؛ فقد دخل الإسلام على يديه، وقد كان أقصى مراد موسى بن نصير هو النصر لجيش المسلمين وعدم الهلكة له بعيدًا عن أرضه. ومن ثَمّ فقد قدم موسى بن نصير وحاصر إشبيليه حصارا شديدا غاب مداه شهورًا حتى فتحت أبوابها أخيرًا، ثم جوّزها موسى بن نصير إلى الشمال، ولم يكن يفتح المناطق التي فتحها طارق بن زياد، وإنما اتجه ناحية الشمال الغربي وهو الاتجاه الذي لم يسلكه طارق بن زياد؛ فقد أراد استكمال الفتح ومساعدة طارق بن زياد وليس أخذ النصر أو الشرف منه.
واصل موسى بن نصير سيره نحو طارق بن زياد وفي طريقه فتح الكثير من المناطق العظيمة حتى وصل إلى منطقة تسمى "مَارْدَه"، كل هذا وطارق بن زياد في "طُلَيْطِلَة" ينتظر قدومه، وكانت "ماردة" هذه من المناطق التي تجمّع فيها كثير من القوط النصارى، فحاصرها موسى بن نصير حصارًا بلغ مداه أيضًا شهورًا، كان آخرها شهر رمضان، ففي أواخره وفي عيد الفطر المبارك وبعد صبر طويل فتحت المدينة أبوابها، وصالح أهلها موسى بن نصير على الجزية، وهكذا كانت تمر الأعياد على المسلمين.
لم يكتف موسى بن نصير بذلك، بل أرسل ابنه عبد العزيز بن موسى بن نصير رضي الله عنهم والذي تربى كأبيه وجدّه على الجهاد؛ ليفتح مناطق أوسع ناحية الغرب، وقد توغّل عبد العزيز في الغرب كثيرًا، حتى إنه في فترات معدودة فتح كل غرب الأندلس والتي تسمى حاليًا دولة البرتغال، فقد وصل إلى "لَشْبُونَة" وفتحها ثم فتح البلاد الواقعة في شمالها، وبهذا يُعدّ عبد العزيز بن موسى بن نصير فاتح البرتغال.

************************************
موسى بن نصير وطارق بن زياد.. لقاء الأبطال واستكمال الفتح

لم تكن فكرة فتح الأندلس وليدة أيام موسى بن نصير، بل إنها فكرة قديمة جدًا، فمنذ أن استعصت القسطنطينية على الفتح زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه - وكانت الحملات الإسلامية قد وصلت إليها - قال قولته: إن القسطنطينية إنما تُفتح من قِبَل البحر، وأنتم إذا فتحتم الأندلس فأنتم شركاء لمن يفتح القسطنطينية في الأجر.
فكان عثمان رضي الله عنه يعني أن المسلمين سيفتحون الأندلس أولًا (غرب أوروبا) ثم يتوجهون منها صوب القسطنطينية (شرق أوروبا) فيفتحونها من قِبَل الغرب لا من قِبَل الشرق، من جهة البحر الأسود في ذلك الوقت، لكن المسلمين لم يستطيعوا أن يصلوا إلى هذه المنطقة من المغرب العربي إلا في أيام بني أمية وفي فترة حكم موسى بن نصير على الشمال الإفريقي.
*****************************
في شعبان من سنة 92 هـ= يونية 711 م تحرّك هذا الجيش المكون من سبعة آلاف فقط من جنود الإسلام، وعلى رأسه القائد طارق بن زياد...
يقول ابن الكردبوس: "وكان موسى بن نصير حين أنفذ طارقًا مكبًّا على الدعاء والبكاء والتضرّع لله تعالى والابتهال إليه في أن ينصر جيش المسلمين..."
تحرّك هذا الجيش وعبر مضيق جبل طارق، والذي ما سُمّي بهذا الاسم (مضيق جبل طارق) إلا في هذا الوقت؛ وذلك لأن طارق بن زياد حين عبر المضيق نزل عند هذا الجبل، وقد ظلّ إلى الآن حتى في اللغة الإسبانية يسمى جبل طارق ومضيق جبل طارق، ومن جبل طارق انتقل طارق بن زياد إلى منطقة واسعة تسمى الجزيرة الخضراء، وهناك قابل الجيش الجنوبي للأندلس، وهو حامية جيش النصارى في هذه المنطقة فلم تكن قوة كبيرة، وكعادة الفاتحين المسلمين فقد عرض طارق بن زياد عليهم: الدخول في الإسلام ويكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين ويتركهم وأملاكهم، أو يدفعون الجزية ويترك لهم أيضا ما في أيديهم، أو القتال، ولا يؤخرهم إلا ثلاث، لكن تلك الحامية أخذتها العزة وأبت إلا القتال، فكانت الحرب سجالًا بين الفريقين حتى انتصر عليهم طارق بن زياد، فأرسل زعيم تلك الحامية وكان اسمه ( تُدْمير ) رسالة عاجلة إلى لُذْرِيق وكان في طُلَيْطِلَة عاصمة الأندلس، يقول له فيها: أدركنا يا لُذريق؛ فإنه قد نزل علينا قوم لا ندري أهم من أهل الأرض أم من أهل السماء؟!
حقًا فهم أناس غرباء، فقد كان من المعروف عندهم أن الفاتح أو المحتلّ لبلد آخر إنما تقتصر مهمته على السلب والنهب لخيرات البلد، والذبح والقتل في كثير من الأحيان، أما أن يجدوا أناسًا يعرضون عليهم الدخول في دينهم ويتركون لهم كل شيء، أو أن يدفعوا لهم الجزية ويتركون لهم أيضا كل شيء بل ويحمونهم من الأعداء، فهذا ما لم يعهدوه من قبل في حياتهم بل ولا في تاريخهم كله، وفضلًا عن هذا فقد كانوا في قتالهم من المهرة الأكفّاء، وفي ليلهم من الرهبان المصلين، وقد أبدى قائد تلك الحميّة دهشته وعجبه الشديد من أمر هؤلاء المسلمين وتساءل في رسالته إلى لُذريق عن شأنهم: أهُم من أهل الأرض، أم هم من أهل السماء؟! وصدق وهو كذوب؛ فهم من جند الله ومن حزبه [أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ] {المجادلة:22}.
**********************************

الخلافة الأموية في قرطبة دولة إسلامية أسسها عبد الرحمن الثالث في 756، و انهت بذلك إمارة قرطبة التي اسسها عبد الرحمن الداخل. استمرت رسميا حتى 1031 ، بعد أن زالت بتفكيك الدولة الأموية إلى عدد من الطوائف. عرفت البلاد خلال هذة الفترة أوجها الثقافي و السياسي و الاقتصادي.

أسس السلالة الأموية الحاكمة في الأندلس عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام (756-708 م) من أحفاد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك أحد أهم الخلفاء الامويون في دمشق ، وكان عبد الرحمن وأحد من الناجين من المذابح التي أقامها العباسيين للأمويين (750 م) لقبة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور بصقر قريش لشجاعتة وقوقته وذكائة. فر إلي الأندلس واقام خلافة أموية في الأندلس .
عمل عبد الرحمن ثم ابنه هشام (788-796 م) ثم حفيده الحـَكم (796-822 م) على إرساء و تقوية دعائم الدولة الجديدة، قاموا بتوحيد أراضي الأندلس الإسلامية و حاربوا الممالك المسيحية في الشمال.
عاشت الدولة الاموية مجدها الأول في عهد عبد الرحمن الأوسط (822-852 م)، عرفت البلاد ازدهار حركتي الآداب والعلوم والعمارة والفن وبلغت حالة متقدمة من التمدن، كما عرف عن الأندلسيين أثناء ذلك العهد تمتعهم بثقافة وطبائع راقية. أصبحت الدولة الاموية في بلاد الأندلس مركزا حضاريا كبيرا في غرب العالم الإسلامي .
تلت هذه المرحلة مرحلة انقسمت فيها دولة الأمويين إلى أجزاء تولى كل منها حاكم مستقل. شجع حال الدولة حينذاك الممالك النصرانية في الشمال على القيام ومحاولة استعادة الأراضي التي دخلت تحت حكم الإسلام (بداية حركة الاسترداد).
لكن مع تولى عبد الرحمن الثالث (912-916 م) استعادت البلاد وحدتها السياسية وقوتها العسكرية. منذ 929 م ومع بلوغ الدولة الاموية في الاندلس أوج قوتها وضعف الخلافة العباسية وانهيارها في المشرق استرد عبد الرحمن لقب الخلافة ، و قام بشن حملات عسكرية على أطراف مملكته ليؤمن حدودها ويضعف الممالك النصرانية . واجه الفاطميين في شمال إفريقية واستطاع عن طريق أعوانه أن يضم المغرب (فاس: 923 م) وبلاد موريتانيا إلى دولته وزادت قوة دولته بالاندلس . كما قضى على دولة الأدارسة.
عرفت البلاد أوجها الثقافي في عهد ابنه الحكم (961-976 م) الذي استطاع أن يواصل سياسات أبيه واستمرار عصر ازدهار الدولة .
بعد وفاته تولى الحكم ابنه هشام (976-1013 م) والذي كان دون السن التي تؤهله القيام بأمور الحكم. وضع الأخير تحت وصاية الحاجب المنصور (978-1002 م).
بعد سنة 1009 م دخلت الأندلس مرحلة الحروب الاهلية، كثر أدعياء السلطة مع دخول بني حمود العلويين السباق.
سقط آخر الخلفاء الأمويين هشام (1027-1031م ) سنة 1031 م.
دخلت الأندس بعدها عهد ملوك الطوائف.
والى هنا تنتهى حلقتنا مع وعد بحلقة جديده في القريب العاجل
دمتم في امن الله وحفظه
ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة it is me ; 08-01-2010 الساعة 03:50 PM

قديم 02-01-2010, 06:03 PM   #10

ميسون
عضو مميز





• الانـتـسـاب » Oct 2008
• رقـم العـضـويـة » 37136
• المشـــاركـات » 716
• الـدولـة » لبنانية من الشمال اللبناني / جونيه
• الـهـوايـة » طالبة كلية الاداب الفرقة الثانية قسم تاريخ جامعة بيروت
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ميسون صـاعـد

ميسون غير متواجد حالياً



افتراضي ** الخاتمة **






نصل معكم احبتى واخوتى الى نهاية رحلتنا لنصل الى الدولة الاخيرة في سلسلة دول الاسلام الكبرى الا وهي الدولة العثمانية
الدولة العثمانية (1299 - 1924) (اسمها الرسمي الدولة العلية العثمانية) أو وِفق علماء سنة الخلافة العثمانية كانت إمبراطورية إسلامية أسسها عثمان الأول حكمت أجزاء كبيرة من آسيا الصغرى وجنوب شرق أوروبا، غربي آسيا وشمالي أفريقيا.
المقر: ياني شهير: 1280-1366، إدرنة (إدرين): 1366-1453، إسطنبول: منذ 1453.

الاصل والنشأة

ينحدر العثمانيون من قبائل (أوغوز) التركمانية، مع موجة الغارات المغولية تحولوا عن مواطنهم في منغوليا إلى ناحية الغرب. أقامو منذ 1237م إمارة حربية في بتيينيا (شمال الأناضول، و مقابل جزر القرم). تمكنوا بعدها من إزاحة السلاجقة عن منطقة الأناضول. في عهد السلطان عثمان الأول (عثمان بن ارطغل) (1280-1300 م)، و الذي حملت الأسرة اسمه، ثم خلفاءه من بعده، توسعت المملكة على حساب مملكة بيزنطة (احتلال بورصة: 1376 م، إدرين: 1361 م). سنة 1354 م وضع العثمانيون أقدامهم لأول مرة على أرض البلقان. كانت مدينة غاليبولي (في تركية) قاعدتهم الأولى. شكل العثمانيون وحدات خاصة عرفت باسم الإنكشارية (كان أكثر أعضاءها من منطقة البلقان). تمكنوا بفضل هذه القوات الجديدة من التوسع سريعا في البلقان و الأناضول معا (معركة نيكبوليس: 1389 م). إلا أنهم منوا بهزيمة أمام قوات تيمورلنك في أنقرة سنة 1402 م. تلت هذه الهزيمة فترة اضطرابات و قلاقل سياسية. استعادت الدولة توازنها و تواصلت سياسة التوسع في عهد مراد الثاني (1421-1451 م) ثم محمد الفاتح (1451-1481 م) والذي استطاع أن يدخل القسطنطينية سنة 1453 م و ينهي بذالك قرونا من التواجد البيزنطي في المنطقة.


بعد وفاة أرطغرل قام السلطان علاء الدين السلجوقي بتنصيب الأمير عثمان مكانه، وعثمان بن أرطغرل ولد عام 656 هـ/1258م وتوفي عام 726هـ/ 1326م. و هو من عشيرة قايي، من قبيلة الغزالأغوز التركية. هاجر جده سليمان شاه ، أمير عشيرة قايي، مع عشيرته من موطنه الأصلي، في آسيا الوسطى، ليستقر في الأناضول فتابع طريق التوسع بشجاعة خارقة، فكافأه السلطان علاء الدين، وكرّمه بإعطائه شارات السلاجقة، وهي الراية البيضاء والخلعة والطبل، ومنحه استقلالاً، ولقب بك، ابتداء من سنة 688 هـ/ 1289م، وسمح له بأن يسك النقود باسمه (أى يكتب عليها أسمه ) ، وبذكر اسمه بعد اسم السلطان علاء الدين من على منابر المساجد والجوامع السلجوقية ، ومنحه السلطان السلجوقي علاء الدين كيقباد الثالث جهات إسكي شهر وإينونو، عام (1289م).. وقرر منحه ما يفتحه من أرضي البيزنطيين وغيرهم ، حاصر عثمان مدينة بورصة، المعروفة في غرب الأناضول، في عام(1314م)، ولكنه لم يتمكن من الاستيلاء عليها ، وتوسعت منطقة نفوذ عثمان أو إمارته، فشملت مناطق سوغود، ودومانيج، وإينه كول، ويني شهر، وإن حصار، وقويون حصار، وكوبري حصار، ويوند حصار. وجعل في عام(1300م) ، يني شهر مركزاً لتلك الإمارة.
***************************

خيانة قائد بيزنطي ونهاية دولة السلاجقة

ونشأت صداقة بين عثمان الأول ، والقائد البيزنطي كوسه ميخائيل حاكم قلعة (خرمن قايا) الذي أسلم، وأنقذ عثمان من مؤامرة بيزنطية دُبرت له في وليمة عرس بيزنطي . وفي تلك الأثناء هاجم قازان المغولي المدن السورية، ومدينة قونية، فاحتلها سنة 699هـ/ 1299م، وأنهى دولة سلاجقة الأناضول ،, وفد على عثمان بن أرطغرل كثير من علماء الدولة السلجوقية هرباً من المغول ، وأقبل عليه أمراؤها وأعيانها وأثرياؤها ، فأثروا إمارته وأنتقلت من مجرد قبيلة وأمارة إلى أن تصبح لها مقومات الدولة وبهذا الحدث يمكن القول أن سلطنة آل عثمان بدأت بهؤلاء القادمين الهاربين من وجه المغول في عام( 708هـ/1308م)، أى عندما توفي آخر سلاطين سلاجقة الروم السلطان غياث الدين مسعود الثالث، حيث كانت الإمارة العثمانية تابعة للدولة السلجوقية قبل ذلك..

الإستيلاء على بورصة

وكان الهدف الأسمى، الذي يسعى الأمير عثمان لتحقيقه ، هو احتلال مدينة بورصة واتخاذها عاصمة للدولة العثمانية. وظل هذا هدفاً يطمح إليه الأمير عثمان حتى آخر حياته ؛ فقد أمر ، وهو على فراش الموت ، ولده أورخان بفرض الحصار عليها، والاستماتة في غزوها والإستيلاء عليها . وقد نجح أورخان في ذلك، وطارت أنباء الاستيلاء إلى الأمير عثمان وهو يجود بأنفاسه الأخيرة. ونُقل جثمانه إلى مدينة بورصة ودفن بها. في عام( 726هـ 1324/م) ، بعد أن عاش سبعين عاماً، قضى منها 27 عاماً على عرش السلطنة. وكان عثمان الأول له من الأولاد سبعة، هم: أورخان بك، وعلاء الدين بك، وجوبان بك، وحامد بك، وفاطمة خاتون، وبازارلي بك، وملك بك.

السلطان عثمان الأول وُلد في بلدة سُغُوْت (Sogüt) إحدى البلاد التابعة لمدينة (يني شهر) سنة 656 هـ/ 1258م ، وعندما مات السلطان علاء الدين السلجوقي ، أعلن سلطنته فأتاه أمراء الدولة السلجوقية ، ودخلوا تحت حمايته ، ونصبوه سلطانا على الأناضول ، فاتخذ مدينة يني شهر عاصمة له ، وأستمر في الحروب لمدة سبع سنوات، وغزا الكثير من قلاع الروم البيزنطيين، وغزا مدينة كبري حصار، وقلعة أزنيق الشهيرة، وهاجت الجيوش البيزنطة على يني شهر عاصمة العثمانيين ، فتصدى لهم السلطان عثمان على رأس جيشه بجوار قلعة قيون حصار وهزمهم ثم اقتفى أثرهم حتى موقع ديمبوز ، فقتل أمير مدينة كستل البيزنطي ، وهرب بقية الأمراء البيزنطيين نحو بورصة والقسطنطينية ، وشيد السلطان عثمان قلعتين بالقرب من مدينة بروسه سنة 717 هـ/ 1317م وأقام في إحداهما ابن أخيه آق تيمور قائداً ، وفي الأخرى بلبانجق أحد مماليكه قائداً ، وحاصر بروسه ، وترك ولده السلطان أورخان وكوسه ميخال وصالتق ألب للمحافظة على البلاد وحاصر قلعة قره ، ثم غزا السلطان عثمان قلعة لبلبنجي ، وقلعة جادرلق ، ويكينجه حصار ، وآق حصار ، وتكفور، ثم أرسل الغازي أورخان والغازي عبد الرحمن وغيرهما إلى قلعة قره جيش ، فإستولوا عليها ، وتابع السلطان غزواته نحو مدينة أزميد ، (قوجة إيلّي) وحينذا غزا الغازي عبد الرحمن مدينة أزنيق ( نيقيا). وعزم السلطان عثمان غازي على غزو بروسه سنة 726 هـ/ 1326م، وعين ابنه أورخان بك قائداً لجيوش الغزو ، واستولى على جبل أولمبة (أولو داغ) قرب بورصة (بروسة) ثم غزا بورصة، و مرض السلطان عثمان، فقام بزيارته ابنه الغازي أورخان، وتوفى السلطان عثمان الأول وهو يبلغ من العمر 70سنة ، توفي في 17 أو 20 رمضان سنة 726هـ/ 1326م، وقد غزا عثمان أراضي البيزنطيين وضمها إلى أملاكه حتى بلغت ستة عشر ألف كيلومتر غداة وفاته سنة 724 هـ/ 1324م ، ومدة سلطنته 27 سنة، ودفن في تربته الخاصة في بروسة (بورصة) وتسلطن بعده ابنه الغازي في سبيل الله أورخان فأوكل إدارة شؤون الإدارة لأخيه علاء الدين ، ووُلد لأورخان في تلك السنة ابنه مراد الأول.

و تذكر المصادر أن طغرل ساعد الأمير علاء الدين السلجوقي في إحدى حروبه فأعجب بشجاعته فأقطعه أرضا تابعة للدوله السلجوقيه فأقام فيها إمارته و كانت المنطقه بها عدة إمارات تركمانيه أخرى هربت من الغزو المغولي إلى منطقة شرقي الاناضول
****************************
توسع العثمانيين في آسيا الصغرى

وسع عثمان حدود السلطة حتى بلغ البحر الاسود . تولى الزعامة أبنه أورخان سنة 1326م الذي أسس بنية الجيش الأنكشاري.
**************************

توسّع العثمانيين في أوروبا

توفي أورخان سنة 1359م فخلفه ابنه مراد الأول الذي هاجم شبه جزيرة البلقان وأستولى على أدرنة وقد قتل بعد أن تغلب على الصرب والبلغار في معركة قوصوه (معركة كوسوفو) سنة 1389م.
تغلب بايزيد الأول على التحالف الأوروبي الصليبي في معركة نيقوبولس 1396 م ضم شرق صوفيا عاصمة بلغاريا.
فُتحت القسطنطينية بقيادة محمد الفاتح عاصمة الإمبراطورية البيزنطية في الثلاثاء 29 مايو عام 1453 ،ويكتسب هذا الانتصار أهمية خاصة للمسلمين لورود فتح القسطنطينية في حديث نبوي يُبشر بذلك ،وبدخول العثمانيين القسطنطينية انتهى الاستقلال السياسي للإمبراطورية البيزنطية التي عاشت أكثر من ألف عام.
حاولوا غزو جنوب إيطاليا سنوات 1480/1481م.

**********************************************
التراجع

بعد سنة 1566 م أصبح الملك في أيدي سلاطين عاجزين أو غير مؤهلين للحكم. ثم منذ 1656 م أصبحت السلطة بين أيدي كبير الوزراء ( الصدر الأعظم ) أو كبار القادة الإنكشاريين. بدأت مع هذه الفترة مرحلة الانحطاط السياسي و الثقافي. كان العثمانيون في صراع دائم مع الهبسبورغ، ملوك النمسا ( حصار فيينا: 1683 م ) ، إلا أن مراكز القوى تغيرت بعد معركة فيينا، منذ 1700 م تحول وضع العثمانييين من الهجوم إلى الدفاع. تم إعادة هيكلة الدولة في عهد السلطانين سليم الثالث (1789-1807 م) ثم محمود الثاني (1808-1839 م) من بعده، رغم هذا استمر وضع الدولة في الانحلال. أعلنت التنظيمات سنة 1839 م وهي إصلاحات على الطريقة الأوروبية. أنهى السلطان عبد الحميد الثاني (1876-1909 م) هذه الإصلاحات بطريقة استبدادية، نتيجة لذلك استعدى السلطان عليه كل القوى الوطنية في تركيا. سنة 1922 م تم خلع آخر السلاطين محمد السادس العثماني (1918-1922 م). وأخيرا ألغى مصطفى كمال أتاتورك الخلافة نهائيا في 1924 م.
******************************
عوامل سقوط الدولة العثمانية
العوامل الداخلية
1. ضعف السلاطين المتأخرين ويتضح من
عدم قيادتهم للجيش.
عدم ترأسهم جلسات الديوان.
ضعف قدرتهم على الإدارة.
انشغالهم بأمورهم الخاصة.
2. انحدار الإنكشارية:

أهملوا تدريباتهم.
قل ارتباطهم بثكناتهم مما أدى إلى ضعف قدراتهم القتالية و الحربية.
3. سوء نظام جباية الضرائب:

كان تحصيل وجمع الأموال العامة في الولايات يتم عن طريقة الالتزام.
العوامل الخارجية

1- الامتيازات الأجنبية لبعض الدول الأروبية أدى إلى التدخل في شؤون الدولة.
2- الأطماع الاستعمارية الأروبية في ممتلكات الدولة العثمانية.
3- ظهور روسيا القيصرية كقوة تسعى على حساب الدولة العثمانية ، وتحريض شعوب البلقان للثورة ضدها.
4- الهزائم التي ألحقتها الجيوش الأروبية بالجيش العثماني بسبب:

اختراع الأروبيين اسلحة جديدة واندماجها في الثورة الصناعية كثيرا.
تفوق اساليبهم القتالية وضعف الجيش الإنكشاري.
************************************************** *****
الى هنا احبتى نصل معكم الى ختام سلسلتنا الذهبية
نرجوا ان تكون نالت اعجابكم واستفدتم منها قدر المستطاع
الى لقاء اخر وموضوع اخر
ومساكم سكر


توقيع ميسون :
حسبى الله ونعم الوكيل

( ان الكبر من صفات المولى عز وجل فمن نازعه في صفته قصمه الله وازله شر مذله )





اعتزال نهائي

وشكرا على مشاعركم النبيله ويا ريت ما حدا يكون زعلانى منى
لكن لكل شيئ نهايه

التعديل الأخير تم بواسطة it is me ; 08-01-2010 الساعة 03:51 PM

قديم 02-01-2010, 06:15 PM   #11

StarWars
عضو فضى



الصورة الرمزية StarWars


• الانـتـسـاب » Sep 2009
• رقـم العـضـويـة » 64308
• المشـــاركـات » 3,895
• الـدولـة » ۩ )●̮●( ۩ Gladiator ۩ )●̮●( ۩
• الـهـوايـة »
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
StarWars صـاعـد

StarWars غير متواجد حالياً



افتراضي



مشكور جدا يا ميسون على الموضوع الرائع ومستنيين الحلقات
وعلى فكرة مفينفعش نشوف الكلام الجميل ده وعلى الاقل منقلش كلمة شكر
:):):)


توقيع StarWars :

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]


قديم 02-01-2010, 06:18 PM   #12

ۣۜGènèraŁ~A
عضو لامع



الصورة الرمزية ۣۜGènèraŁ~A


• الانـتـسـاب » Jun 2009
• رقـم العـضـويـة » 62351
• المشـــاركـات » 1,484
• الـدولـة » مدينة القاهرة
• الـهـوايـة » moodyy
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
ۣۜGènèraŁ~A صـاعـد

ۣۜGènèraŁ~A غير متواجد حالياً



افتراضي



شكرا


توقيع ۣۜGènèraŁ~A :


قديم 02-01-2010, 06:36 PM   #13

Lord_Of_Fear
عضو سوبر



الصورة الرمزية Lord_Of_Fear


• الانـتـسـاب » Jun 2008
• رقـم العـضـويـة » 22865
• المشـــاركـات » 2,251
• الـدولـة » --( إن شاء الله فى الجنه فى الفردوس الاعلى )--
• الـهـوايـة » كره القدم
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
Lord_Of_Fear صـاعـد

Lord_Of_Fear غير متواجد حالياً


إرسال رسالة عبر Yahoo إلى Lord_Of_Fear

افتراضي



مشكور جدا يا ميسون على الموضوع الرائع


توقيع Lord_Of_Fear :
[IMG]http://dc10.***********/i/01398/4uhz4y8td205.jpg[/IMG]
[IMG]http://dc01.***********/i/01401/ojbl2hwr5xgc.gif[/IMG]



عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]


قديم 02-01-2010, 06:40 PM   #14

up3r^Fla$h$
عضو لامع



الصورة الرمزية up3r^Fla$h$


• الانـتـسـاب » Mar 2009
• رقـم العـضـويـة » 58257
• المشـــاركـات » 1,061
• الـدولـة » Mansoura
• الـهـوايـة » Karate
• اسـم الـسـيـرفـر » Private Server
• الـجـنـس » Male
• نقـاط التقييم » 16
up3r^Fla$h$ صـاعـد

up3r^Fla$h$ غير متواجد حالياً

6  


إرسال رسالة عبر Yahoo إلى up3r^Fla$h$ إرسال رسالة عبر Skype إلى up3r^Fla$h$

افتراضي



شكراا جدا وموضيعك دايما ممميزة والله
وانا هقراءه لما ارجع من دروسى
ادعولى 3 اعدادى


توقيع up3r^Fla$h$ :
NeVer Ends

Ex-SilkroadR

Dark_Glaive
Sup3rFlash
TaYwa






قديم 02-01-2010, 07:09 PM   #15

KING_0F_DEATH
عضو سوبر



الصورة الرمزية KING_0F_DEATH


• الانـتـسـاب » Apr 2009
• رقـم العـضـويـة » 59672
• المشـــاركـات » 2,999
• الـدولـة » نسيت انا فين ..حد يفكرني
• الـهـوايـة »
• اسـم الـسـيـرفـر »
• الـجـنـس »
• نقـاط التقييم » 10
KING_0F_DEATH صـاعـد

KING_0F_DEATH غير متواجد حالياً



افتراضي



شكرا يا ميسون وطول عمرك متميزه بالمواضيع دي


توقيع KING_0F_DEATH :
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]


 


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر)
 

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
ملوك الدولة الفرعونية Neoon بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود 2 17-04-2015 06:06 PM
العمل الوظيفى فى الدولة الاسلامية .a7la-smile. القـسـم الإسـلامـى الـعـام 6 18-09-2014 01:03 AM
عريس الدولة topgogal بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود 8 03-04-2011 02:04 AM


الساعة الآن 01:14 AM.

أقسام المنتدى

الـمـنـتـدى الـعـام @ مـنـاقـشـات عـامـة حـول سيلك رود أون لايـن @ قـسـم الـتـرحـيـب و الـتـعـارف @ صـور سـيـلك رود @ فـيـديـو سـيـلك رود @ أخـبـار سـيـلك رود أون لايـن @ مـنـتـدى لـعـبـة SilkroadOnline @ الـقـسـم الـتـعـلـيـمـى @ قـسـم الاسـئـلـه و الاسـتـفـسـارات حـول الـلـعـبـة @ قـسـم الـبـرامـج الـمـسـاعـدة @ الـمـنـتـدى الادارى @ قـسـم خـاص بـالـمـشـرفـيـن @ قـسـم الـشـكـاوى والاسـتـفـسـارات @ قـسـم الاقـتـراحـات @ قسم البيع والشراء (Gold) @ منتدى البيع( Gold) @ منتدى الشراء (Gold) @ مـنـتـدى الـبـرامـج والـحـمـايــة @ طريق الحرير بالسيرفر الكورى ( Korean SilkRoad ) @ قـسـم الـ AgBot @ منتدى بيع الأكونتات ( Accounts ) @ منتدى بيع اللبس والأسلحة ( Item ) @ منتدى شراء اللبس والأسلحة ( Item ) @ مـنـتـدى الـسـيـرفـرات والـجـايـلـدات الـعـربـيـة @ Flora @ Minerva @ Feronia @ Bellona @ منتدى سـيـرفـرات وجـايـلـدات [ Silkroad Online ] @ قسم المواضيع المكررة و المخالفة @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول البوت @ مـنـتـدى الـبـوتـات والـبـرامـج اللازمـة لـتـشـغـيـل الـلـعـبـة @ قـسـم الـ PhBot @ -== قسم ال T-BOT ==- @ Ceres @ بـعـيـدآ عـن سـيـلـك رود @ سـجـل تـطـويـرات الـمـنـتـدى @ قـسـم الـسـيـرفـرات الـخـاصـة @ القـسـم الإسـلامـى الـعـام @ قـسـم الـحـمـايـة @ آرشـيـف الـمـواضـيـع الـمـمـيـزة @ قـسـم الـ StealthLite Bot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Agbot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال StealthLite @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال PHBOT @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال T-BOT @ قـسـم الـ SroKing Bot @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء [ Silkroad Online ] @ Flora @ Ceres @ Bellona @ Minerva @ Feronia @ قـسـم شـهـر رمـضـان الـمـبـارك 2020 @ اخـبـار الـتـقـنـيـة و الـتـكـنـولـوجـيـا @ قســم البــرامج العامــة @ قسم الاسئلة و الاستفسارات الخاصه بالبرامج والحماية @ ECSRO @ ECSRO(Fembria) @ ECSRO(VIP) @ SJSRO (OLD) @ SJSRO (new) @ sunworld @ قـسـم الـ IBot @ قـسـم الـريـاضـة الـعـامـة @ Vsro @ Rusro @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء [ Private-SRO ] @ ZSZC & Aurora @ قـسـم الـ Sbot @ قـسـم الـ Mbot @ V.I.P Zone @ دردشة الاعضاء VIP @ قسم الدعم الفنى والاقتراحات VIP @ قـسـم تـعـديـل [ PK2 Edit ] @ Mysro @ الــمكتبة القرانية @ قسم الصوتيات والمرئيات الإسلامية @ قسم المكتبة الإسلامية @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال IBOT @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Sbot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Mbot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Sroking @ Elite & Eroad @ DreamWorld @ قـسـم سـيـرفـرات وجـايـلـدات [ Silkroad-R ] @ Maycena @ قسم الاسئلة و الاستفسارات لعمل السيرفرات الخاصة @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء [ Silkroad-R ] @ مـنـتـدى الـسـيـرفـرات الـخـاصـة - Private SRO @ Perfection @ Ex.Silkroad R @ SroKings @ قـسـم الـتـصـامـيـم والـجـرافـيـكـس @ Other Online Games @ قـسـم S4 League @ قسم CrossFire @ قسم Conquer Online @ قـسـم بـيـع وشـراء LOL @ تـحـمـيـل ألـعـاب Pc Games @ طلبات و استفسارات و مشاكل الالعاب @ Barons Online @ (AriesOnline (Pvp @ QueenSRO Network @ مشاكل & استفسارات S4 League @ مشاكل & استفسارات CrossFire @ World's Gate @ Sun-World @ قسم Aion @ قسم Continent Of The Ninth @ قسم World Of Warcraft @ PanicSro @ الـقـسـم الاخـبـارى @ قـسـم خـاص بـمـواضـيـع الاعـتـزال والاجازات @ IceSro-R @ Kings_Silkroad @ Justice Road @ ArabianRoadOnline Network @ Devias Online @ قـسـم طـلـبـات الـفـحـص @ CrossFire Fantasy Game @ قسم هاكات CrossFire @ مشاكل & استفسارات Aion @ مشاكل & استفسارات Conquer Online @ قسم الاسئله و استفسارات للعبة League Of Legends @ legenD road @ WantedSro Online @ قسم شروحات الشخصيات والبيلدات @ قسم الشروحات و البرامج المستخدمة في عمل السيرفرات الخاصة @ Mixsro @ قـسـم الـمـسـابـقـات والألـعـاب @ قـسـم الأسـئـلـة والاسـتـفـسـارات الـمـتـعـلـقـة بـ SRO-R @ LegenD Road @ Knights War Online @ Evolution Network @ FlagSRO Network @ Perfection (PvP) Network @ قـسـم هـاكـات S4league @ منتدى المنوعات @ حــرب العصــابــات @ قــســم الادارة الــعــلــيــا @ كــأس العالــم لـلاذى @ Destructions Network @ FanTasYWorld @ مـتـجـر خـدمـات وممـيـزات الـرصـيـد الـبـنـكـي @ Smart-Sro Online @ InFusion Online @ قـسـم الأنـمـى الـعـام @ Divine Online @ قـسـم Dota @ تـقـاريـر وأخـبـار ألـعـاب الـ PC @ GameXen Network @ inferno online @ منتدى عمل السيرفرات الخاصة @ قسم الحماية والاوتوايفنت للسيرفرات الخاصه @ الأسئلة و الاستفسارات الخاصة بالـ PK2 edit @ Velestia @ Punisher Sro Online @ Atlantis Online @ ALEXNADER SRO @ Hell World Online @ ImmortalRoad @ قـسـم الـ Centerbot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال Centerbot @ Time.Sro-Online @ Revenge (PVE) Online @ مـنـتـدى Silkroad4arab || Games Online @ ركن الالعاب الاون لاين و المتصفح Online Games @ قسم دروس التصميم (مونتاج - فوتوشوب) @ قسم ادوات التصميم و ملحقاتها @ قسم المانجا @ قسم تقارير الانمي @ دورة الفوتوشوب للمبتدئين @ الشروحات العامة @ قسم طلبات التعريفات @ مـسـودة الأعـضـاء @ Creddy Online @ Alliance-sro @ Quick Road (PvP ) @ قسم الاسئله والاستفسارات لعمل الفيديو @ منتدى لعبة League Of Legends @ أخبار ومناقشات League Of Legends @ قسم بيع وشراء لعبة CrossFire @ القسم التعليمي للعبة League Of Legends @ منتدى سيرفرات [ LOL ] @ North America @ EU West @ EU Nordic & East @ صـور و فـيـديـو League Of Legends @ قسم طلبات واستفسارات البيلدات والشخصيات @ قسم تقارير المخالفات والإنذارات @ قـسـم كـشـف الـدمـج و الـتـلـغـيـم @ قسم Wolf team @ قسم Dota 2 @ قسم Dragon nest @ قسم DC Universe Online @ قسم انظمة تشغيل Windows @ Quenth Online @ Wolf team Arabic @ RealDreamSro ( PvP ) @ EmpireSRO @ Amazing Sro @ Speed-sro @ . Destructions Network @ SilkRoad E 80 China @ قـسم المــواضـيع الـشعـريه والادبـيـه @ قـسـم اخـبـار الانـمـى @ Greats-sro Online @ قـسـم الـكـومـيـكـس @ منتدى الفحص @ Srowing @ Dakupra-Online @ حرب العصابات @ قسم خاص بالاسئله والاستفسارات الخاصة بالجرافيكس @ منتدى لغات البرمجة و التطوير @ قسم شروحات لغات البرمجة و التطوير @ مناقشات لغات البرمجة و التطوير @ قسم الاسئلة و الاستفسارات الخاصه بلغات البرمجة @ استراحة البوتاتــ @ PantuSRO @ القسم التجارى الرسمي ( Vps Hosting , Diacated server,Silkroad edit ) @ Tyr Online @ RocSro @ Legend Of Silkroad @ Pioneer Gaming-Network @ Valentus - CAP 80 @ MirrorSro @ Eridanus Online Cap90 @ Fear-Sro @ Silkroad-Z Online PVE @ طـلبات الاعضـاء @ Massive-Network @ Kryptonite-Sro @ DeathRoad @ Mysro Servers @ Devils Team @ DooMSRO Network @ EROAD SRO @ Story-SRO @ Ventrue-Online @ Settlers-SRO @ Electus Online @ MarsRoad Online @ Arrow Online @ Selene @ Hermes @ OldSro Online (cap 80 ) @ Sunroad @ Eloys Online @ Sentiero-Road Online @ Steam-Sro @ Arcane Reborn Online @ Eryxonline @ Vengeance Online @ Mirage Online @ SyndiCateOnline @ Desert Sro @ NeSro Network @ قسـم الـ Android @ قســم تــطويـر المــواقع والمــنتديـــات @ قـسـمـ الـلـهــو الـخــفــي @ MegaWar Sro @ Mirror Sro @ AdvancedSRO @ OblivionSilkroad @ Arrivals_Sro @ Amphibius Online @ Royal online @ Forbidden-Sro @ vanish-sro @ Majesty Online @ Chaos Network @ قـسـم الـ srAssist Bot @ قسم الاستفسارات ومشاكل وحلول ال srAssist Bot @ Damocles Sro @ Demo Sro @ KingsRoad @ Arius 9D ch & eu @ brother sro @ DreamWorld-Online @ Poseidon-Sro @ Ph-Sro @ Jupiet-Online @ Fury Sro @ JungleSro @ Xemia Games @ invctus-sro @ Revolution Gaming Network @ DemonSro @ Aeolus @ Golden Sro @ Chaos Network @ Chaos II Online @ Fallen Soul @ Xian @ Xian @ Revira online @ قسم اللياقة البدنية @ كاس العالم للاذي 2018 @ Unix Sro @ Immortal SRO @ قـسـم الاغـانـى الـعامة [English - Arabic - Videos] @ قـسـم الـرابــ (Rap) @ أرشـيـف الـمـواضـيـع الـمـمـيـزة @ Perfection SRO @ Rev-Sro @ Egypt Sro @ قـسـم خـاص بالـ Data Base @ قـسـم PUBG Mobile @ قـسـم Fortnite @ PureSRO @ Battle-Online @ قـسـم تـحـمـيـل الأفـلام الـعـربـيـة @ قـسـم الـسـيـرفـرات الـخـاصـة الـمـجـانـى @ URBANO-SRO @ Royalty-Road Online @ Zero-Online @ Anoha 140 PVE @ Anoha 140 PVE @ Exorue 80 CH @ Pantu-SRO @ Victor SRO @ Flare Online @ Aeolian Online @ Maygen Online @ Norges Online @ Ragnis Online @ قـسـم الـ [ ST-FILTER ] @ Requer Online @ الـقـسـم الـتـجـاري لـ ISRO [خاص فقط لبيع منتجات اللعبة الاصلية] @ Dynastic online @ مـنـتـدى الـسـيـرفـيـرات الـتـركـي والـروسـي @ قـسـم سـيـرفـرات وجـايـلـدات الـسـيـرفـر الـتـركـى [TR-SRO] @ Troy @ Smyrna @ Side @ Olympos @ Teos @ Perge @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء الـسـيـرفـر الـتـركـي [ TR-SRO ] @ قـسـم سـيـرفـرات وجـايـلـدات الـسـيـرفـر الـروسـي [ RU-SRO ] @ قـسـم الـبـيـع والـشـراء الـسـيـرفـر الـروسـى [ RU-SRO ] @ Miele Online @ Old Silkroad - ZSZC @ Paranormal @ Aquarius Online @ T-SRO online @ Glory @ Serv Game @ Roxy Online @ Enfexia Online @ Aege Online CAP 110 @ Florian Online @ SroPace Online @ Elessea Online @ Dream World @ Asona Online @ Victus-R Online @ Rexall Online @ Pirate Online @ Vela Online @ Sever Games @ ZSC ONLINE @ 4TresSro Online @ Asteria Online @ Liguard Online @ Cripple Online @ Dune Online @